الفصل الأول:-الهَـــاوِيَـــة

1.5K 122 119
                                    


•آلٖجُٰـــزءٖ الأٓوَٖلٰ•

كانتْ مُجرَّدَ مُراهِقة تمشي بين الحشود، وأنغام دموعِها تتراقص على لحنِ البكاء، بينَما كان وجهها
وجَسدُها تغطيهما الكدمات.
بملابسٍِ مُمَزقَةٍ، تسير بخطُواتٍ متثاقلة، تمسحُ دموعِها كُلَ ثانيةٍ، إلى أن وصَلتْ إلى جسرٍ يَحمِلُها عن نهرٍ هاجت مياهه بسبب الرياح.

• خَرجَ هو من المصنعِ التي شَارَعتْ نيرانُ بإلتِهامه، برفقةِ توأمِه، وبعضْ الرِِجال الذينَ استطاعوا أن يصمُدوا في تلك المعركة الملحَمِية، صعدَ سيارته الهوندا ذات اللونِ الفحمي و تَبِعَهُ شقيقُه، الذي جلَس على المقعدِ قُربَ السائق وسأل
«إلى أين جايسن؟»
«لمواجهةْ العاصفة»
أجابه بصوت واثق، ليُديرَ المِقوَد،ْ ويصدح صوتُ العجلات نافِثةً الغُبارَ ورائها، بسرعةٍ فائقة، إلا أنه قلَلَ مِنها؛ ما إن رأى المدينة ينهشُها الخلاء، ليتذَكَرَ أمرَ العاصِفة التي كانت مِحوَرَ الأنباء هذا الأسبوع.
«و أخيرًا إنتهينا مِن ذاك الملعون ليحترِق بالجحيم كما احترقَ الأن و يُرِ....»
خاطبَ المدعوُ راي أخاه، إلا أنه توقفَ عن الثرثرة؛ بعد أن لمِحَ جسدًا قابِعًا على الجسر، في بلدةٍ فارغة، كُلُ أصحابِها مُقفِلين على أنفسهم، بمنازِلهم يحتَمونَ بها من العاصفة المُدمرة. أثار صمتُ ريّبَةَ توأمه، ليشيح بنظَرهِ له لثانية، ثمَ يُعيدَ تركيزَهُ على الطريق
«ما الخطب؟!»
سأل، عندما لم يعرِف شأنه، فيُجيبه
«لقد لَمحتُ لتوي أحدهم على الجِسر فقط!»
عندما لم يَعُد يفصِلُهم، إلا نِصفَ كيلومترٍ على منزلهم الأبيض الزُجاجي، الذي بدأ بالظهور.
إستغربَ جايسن وجود أحدهم على الجِسر، وربما هم الثلاثة فقط خارِج منازلهُم.
مهلاً جِسرْ، التيارُ عالي لن ينجو إن سقط في الماء. تبًا إتضَحَتْ الفِكرة أمامه، ليُديرَ السيارة عائدًا أدراجه
«أاه!...مالذي تفعله؟!»
سأل راي يستفهم ردة فِعلِ أخيه ليُردف
«كُلُكَ يقين أن العاصفة على وُشُوكِها أليسَ كذلك؟!»
لم يتلقى أيَ رَد، بلّ ركنَ توأمه السيارة بالقربِ مِنَ الجِسر؛ أينَ وَقَفتْ هيَ على حافته.
ركضَ باتجاهها؛ بينما أغمضت عينيّها. وقفَ ورأَها يُحاولُ التفكيرَ بشيءٍ يقوله لها...حينها هَوَتْ أرجُلُها بالهواء.
إندفَعَ في الوقتِ المُناسِب ليتمسكَ بيدِها.
إلتَقتْ رمادِيتيْه بخضروتيّها، لقد توَقف الوقتُ هذه اللحظة. واللعنة الوقتُ لا يمُرْ، لسببٍ ماعيناه وعيناها، ولا شيء آخَر؛ وهنا تكتفي الحياة.

رفعها إليه، ليحملها من خصرِها بذراعه، ويضعها أرضًا. حتى يعيد التواصُلَ البصري الحاصل بينَهُما. يتأمَلُ تفاصيلَ محياها، شعرٌ ذهبيّ مُشعَّث، يصِلُ لمؤخِرةِ ظهرها، عيْنَيها الذي طغى عليها الأحمر، حتى وجهها رغم أنها ذات بشرةٍ سمراء. وعنقها، عنُقها كان مليء بتلك العلامات البنفسجية.
«مااللعنة؟؟؟»
أيّقظَهُ من شرودِهِ بها. صوتُ راي المُتفاجئ، لما حصلَ للتوّ
«هل أنتِ بخير؟»
سألها جايسن عن حالها، وهي مثلهما لم تكن أقلَ دهشة، لتومِئ له مُطأطِأةً رأسها بالأسفل.
«لا وقتَ لنا للتعارف هيا بنا، لا أُريدُ الموتَ بهذه العاصفة»
تكَلَمَ راي، بِكُلِ ذرةٍ يحمِلُها من جِدِّية، بعد أن رأى السواد الذي إكتسحَ السماء؛ بمثابةِ طبلٍ لبدايةِ العاصفة. واستشعر الجميع الريح التي هبت من حولهم هي وعويلها.
ليُمسكَ جايسن يدها، ويفتح لها الباب الخلفيْ؛ بعد أن اتجه بها إلى السيَّارة. وقفت هي مترددة.
ماذا سيحصلُ لها؟ إن ذهبَت معهُما لكن هل تستطيع الوثوق بهما؟ أجل أحدهما أنقذَها للتوّ.
«ليس لديكِ خيار»
قال راي وهو مترجلٌ إلى مقعده، لتركبَ هي الثانية، بعد أن فكرتْ ماليًا، لقد تم إنقاذها للتوّ من الموت، ربما هذه إشارة لشعاعِ الأمل الذي فقدته حينها.

مُــــتـَـوَزِيـــانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن