الجزء 3

199 3 0
                                    

9

دخلت زوجة حازم التي كانت تبدو في حالة من الحزن الشديد، ترتدي ملابس حداد سوداء، وتبدو عيناها منتفختين من أثر البكاء، فبدأ معها محمود الكلام بمواساتها وتعزيتها، ثم سألها:

- الاسم والسن والمهنة؟

- هدى محمد عبد الفتاح، 30 سنة، حاصلة على بكالوريوس علوم، وأعمل مدرسة كيمياء في إحدى مدارس اللغات الخاصة، ولكني الآن في إجازة بدون مرتب.

- متى بدأت معرفتكِ بالمرحومة؟

- أعرفها منذ قدومها إلى العمارة من خمس سنوات، ولكن علاقتي لم تتوطد بها إلّا في العام الأخير، فهي منذ حضورها لم تكن تختلط بأحد، وكانت العلاقة بيننا تقتصر على تبادل التحية إذا ما التقينا مصادفة عند مدخل العمارة أو على الدرج.

لكنها في العام الأخير بدت أكثر ألفة، حتى أنها كانت صاحبة المبادرة في بداية الصداقة عندما طلبت مني رقم تليفوني، ومن وقتها أصبحنا أكثر من أختين.

وهنا اختنق صوتها وبدأت تبكي، فانتظر محمود حتى هدأت، ثم سألها:

- وهل سألتِها عن سرّ هذا التحول في شخصيتها؟

- لم أسألها، لكني أظن أنها كانت تخشى الاختلاط بنساء مصر كما اعتاد أن يُطلق علينا نساء المحافظات الأخرى، فهي عاشت طوال عمرها في طنطا، ولكن بعد أن عاشت أربع سنوات هنا، بدأت تلك الخشية تزول، بل وأصبحت تعتبر نفسها من سيدات مصر.

وبالرغم أنها بدأت تعيش على سجيتها، إلّا أنها لم تختلط بالناس بالصورة التي تتصورها، فهي لم يكن لها صديقة في العمارة سواي، بالإضافة إلى مدام رجاء، فكانت تستأنس بالجلوس معها؛ لأنها كانت تعوضها عن مشاعر الأمومة التي افتقدتها، وإلى حدٍّ ما أيضًا كانت تشعر بنفس الإحساس مع مدام سميحة.

- كيف كانت علاقتها بزوجها؟

- كانا زوجين مثاليين.

- هل كانت تحكي لكِ أسرارها؟

- أعتقد أنها كانت تحكي لي كل شيء.

- هل كان اتصالكِ بها بصورة يومية؟

- كنا نلتقي بصفة يومية بعد خروج زوجي وزوجها للعمل، ويومي الجمعة والسبت كنا نتبادل الاتصالات التليفونية.

- هل حكت لكِ قصة الرسالتين اللتين وجدهما زوجها؟

- نعم.

- هل ذكرت لكِ مضمونهما؟

- كل ما قالته، أن زوجها وجد ظرفين عليهما اسماهما من الخارج، وتملّكه الرعب بسببهما، وكانت تحكي وهي مستغرقة في الضحك من شكل زوجها المرعوب، ولم نُعطِ الموضوع أي اهتمام؛ لأننا كنا على يقين أنه تصرف سخيف لا يعني شيئًا.

بيلادونّا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن