المخاطرة

20.6K 101 3
                                    

الجزء الثامن :

الأحلام ، كلمة جميلة لكنها تبقى مجرد خيال في أغلب الأحيان ، هناك من لا يحلم فعلا و يتمنى أن يصادفه حلم في يوم من الأيام لتغيير الروتين سواء الخالي من الأحلام أو حتى ذلك المليئ بالكوابيس ! لكن بالمقابل هناك من يحلم يوميا لكن السيئ في الأمر هو اعتباره لذلك الحلم على أنه بشرى لما سيصادفه في الواقع فيبني عليه مسار يومياته و هذا هو الخطأ الجسيم فعلا ! أحلموا لكن حذاري أن تصدقوا و لو كان ما تحلمون به صادقا في أغلب الأحيان...
" إنه هو ! "إلتفت الأستاذ مستغربا مما يحصل ! سرعان ما تمالكت إيمان أعصابها و جلست مكانها معتذرة عن تصرفها وسط ضحكات الجميع اللذين اعتبروها مجنونة لوهلة ! لكن من هو؟ إنه نفسه من رأته في الحلم ! نعم إنه من نادته ب " سيدي " ، ما هاته المصادفة الغريبة؟ و هل كتب لي أن أتعلق بالأساتذة الواحد تلو الآخر و من مرحلة لأخرى؟ و كيف تشكلت صورته في حلمي و أنا لم لم يسبق لي أن رأيته من قبل؟ و لما يظهر أمامي في هذا الوقت بالذات؟ تبا سأجن و لا أعلم أي حماقة سأقدم غلى ارتكابها مجددا ، فالمواقف المحرجة قد بدأت بمجرد دخوله و رؤيتي له فما بالك بما سيحصل بعدها!...
بدأ بشرح طريقة التسجيل و ما ينتظرهم في الجامعة من تحديات وسط تركيز شديد حتى من إيمان و التي نست للحظات ذلك الحلم ، فحلم حياتها هو المسيطر الآن و طموحها بأن تصبح طبيبة هو المتحكم في الوضع ، طرح الجميع اسئلته بما فيهم إيمان وسط إجابات مقنعة من الأستاذ الذي لم تبدو عليه أي علامات للصرامة كسابقه و هو ما جعل إيمان تربط ما حصل بعامل الصدفة لا غير...
عادت إلى القرية مجددا سعيدة تزف الأخبار لأهلها و تشرح لهم ما مر بها في يومها و ما ينتظرها في الجامعة واعدة إياهم بتحقيق حلم طفولتها و حلمهم أيضا و هم اللذين علقوا آمال كبيرة على إيمان منذ طفولتها وسط فخر كبير يمكن لأي كان ملاحظته في أعين الوالدين ، فخر ممزوج ببعض الحزن لأن صغيرتهما ستغادر القرية لتقطن بالسكن الجامعي خلال مرحلة دراستها و لن يتمكنوا من رأيتها إلا على فترات متقطعة ، لكن ما باليد حيلة، هكذا هي الحياة !...
و في خلوة إيمان تذكرت ذلك الحلم مجددا و تسائلت كيف تشكلت صورة ذلك الأستاذ نفسه في حلمها رغم أنها لا تعرفه من قبل ! أغمضت عينيها متذكرة تفاصيل ذلك الحلم الجميل و مع كل ضربة تنزل على جسدها صارت تعض شفتيها و كأن ذلك يحدث لها الآن ! فتحت عينيها و أخذت نفسا عميقا و أحضرت حزاما جلديا منتزعة ملابسها ، ألقت نظرة على جسدها لم تفارقها خلالها الإبتسامة ، لتبدأ بالعزف عليه بواسطة ذلك الحزام إلى أن تحول إلى كتلة حمراء أضرت و أشبعت رغبات إيمان و لو جزئيا ، ليخطر ببالها تجريب " الخنق " كما فعل بها الأستاذ في ذلك اليوم ! بالفعل ضغطت على عنقها بواسطة يديها الإثنين و حاولت قطع أنفاسها ، أغمضت عينيها لثواني إلى أن أحست بعدم قدرتها على المواصلة ! التقطت أنفاسها تدريجيا وسط شعور بالسعادة الغامرة فما قامت به منذ قليل رائع جدا بالنسبة لها...
ماذا عن ذلك الشمع الذي قطر على جسدي ؟ نعم الشمع ، لما لا أجرب ! حسنا لا مانع من بعض التسلية فهو لم يكن سيئا أبدا في الحلم ! أحضرت إيمان شمعة و ولاعة و عادت إلى غرفتها مجدد لتغلق الباب مبعدة ثيابها عنها واضعة إياها جانبا ، تأملت الشمعة قليلا ليتملكها بعض الرعب ، الذي جعل رياح التراجع تهب بقوة لتسيطر على بحر أفكار إيمان و لو للحظات قبل أن تقرر التشجع و الإقدام على هاته الخطوة ، تأملت ذراعها و رأت أنه المكان الأقرب و الأنسب للتنفيذ...
أشعلت الشمعة و يدها ممددة لتقربها منها و تغمض عينيها منتظرة نزول أولى القطرات ! و ما هي إلا لحظات حتى نزلت تلك القطرة على ذراعها مخلفة ألما جعلها تعض على يدها لتتجنب الصراخ الذي سيكشف أمرها و هذا بعد ان أطفأت تلك الشمعة و وضعتها جانبا واضعة معها كل ذلك الحلم الجميل و الذي يبدو تحقيقه على أرض الواقع أشبه بالجحيم ! لكن شجاعة إيمان و فضولها الذي يغلب على تصرفاتها دائما جعلها تقرر المواصلة و تشعل الشمعة مجددا ، لكن القطرات هاته المرة لم تكن مؤلمة كسابقتها بالإضافة إلى الإحساس الجديد الذي تولد معها و المتمثل في لذة غريبة قريية إلى ما كانت تشعر به عندما يعاقبها أستاذها...
تواصلت تلك القطرات للحظات لتنتقل بالشمعة إلى الذراع الثاني بعد أن أزاحت آثار الشمع عن الذراع الأول ليحصل ما لم يكن في الحسبان ، تحملت إيمان ذلك الألم و كتمت صرختها بصعوبة متأملة ذراعها مزيحة الشمع لترى ما صدمها ! ذراعها هاته المرة ليست طبيعية فالأثر الناتج مخيف ! ما الحل الآن ؟ و هب سيحصل لي مكروه ! حسنا سأحاول استخدام بعض الأدوات الطبية المتواجدة في البيت ، و بالفعل بدأ العلاج بدون إدراك للعواقب أو لمدى نجاعته ! انتهى العلاج بعد أن سبب بعض الألم هو الآخر ، اطمئنت إمان و لو قليلا لظنها بأنها قد ارتاحت من هاته المشكلة العويصة...
مرت الساعات و بدأ الألم يزداد تدريجيا لتلقي نظرة على مكان الحرق فتجد أن الأمر يبدو أسوأ ! ما من خل الآن سوى التوجه صوب المستشفى ! لكن بأي طريقة؟ و كيف ستقنع أهلها ! لكنها تشجعت و صرخت بقوة لتهلع إليها أمها و هي في حالة رعب شديد :

ما الذي حصل يا إيمان !

لم ترد إيمان بل تظاهرت بأنه قد أغمي عليها !

لم تفهم والدتها ما عليها القيام به ، سوى إخبار الوالد ليتوجها بها إلى المستشفى الصغير المتواجد بقرب القرية بأقصى سرعة ممكنة ، و بمجرد وصولهم تظاهرت إيمان بأنها قد استفاقت بعد أن نجحت في التمثيل منذ انطلاقهم من البيت إلى غاية لحظة وصولهم إلى المستشفى !

إيمان ! ما بك يا ابنتي

لا أعلم يا أبي ! أين أنا ؟

نحن الآن في المستشفى

مستشفى ! لماذا ؟

لقد أغمي عليك فجأة في البيت و لم نجد من حل أمامنا سوى أن نسرع بك إلى هنا ، و فجأة تقدمت منهم إحدى الممرضات :

ما الذي حصل ؟ و من المريض هنا ؟

الفتاة هي المريضة

ما بها !

نحن لا نعلم ، لقد أغمي عليها فجأة !

حسنا ، لا تقلق سنرى ما بها حاولا البقاء في الخارج إلا أن أعود إليكم مجددا

حسنا

تنفست إيمان الصعداء فوالداها لم يعرفا ما الذي حل بها و ربما لن يعرفا ذلك أبدا ! بمجرد الدخول إلى غرفة العلاج و الإستلقاء على ذلك السرير إذ بإيمان تصدر صوتا يتضح لكل من يسمعه أنه صوت إنسانة تعاني من ألم ! عينا إيمان كشفتاها فبمرجد أن أصدرت ذلك الصوت إذ بناظريها يسقطان عل ذراعها لتقوم تلك الممرضة بكشف ذراعها لترى ذلك الأثر !

ما هذا الأثر !

في الحقيقة ، أنا لا أعلم

حسنا ، سأعود بعد لحظات

ما هي إلا لحظات و عادت تلك الدكتورة لتقوم بعملها دون النطق بأي كلمة و ما إن أنهت عملها حتى أخبرت إيمان بأن الدكتور هو من أخبرها بما عليها فعله و أنه سيأتي بعد لحظات و يخبر والديك بسبب ما حصل لك و بما عليهم فعله معك مستقبلا ! كلام أرعب إيمان فعلا و جعلها تحس بأنها على حافة السقوط إلى ما بعد الحياة و أنها فعلا آخر لحظات حياتها لتشعر هاته المرة أنه سيغمى عليها فعلا خصوصا بعد دخول والديها متبوعين بالدكتور خلفهما مباشرة و ما إن سألها والدها عن حالها الآن حتى رد عليه الدكتور من خلفه مباشرة برد جعل لون وجه إيمان ينقلب من الأبيض إلى الأصفر ، شحوب كان بعد ما قال الدكتور : "...

ترى ما الذي قاله الدكتور؟ و ما الذي سيحصل لإيمان مع والديها؟ و ما هي التحولات الجذرية التي ستحصل في حياتها؟...

سنعرف كل هذا في الجزء القادم كالعادة...

#الماستر_الغامض

#ميول_دفينة ( قصة مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن