وجع، ألم، عذاب، وفرح مستمر

34 2 2
                                    

البارت السادس...
انتهينا في البارت السابق على دق باب المنزل وقامت باروين لفتحه..
بابا؟! ..كان هذا صوت باروين أثناء دهشتها..
أحمد بحزن: أيوة يابارو مش هتسمحى ادخل هنا كمان؟!
باروين:لا طبعاً اتفضل.
دخل أحمد وطلب من باروين أن يتحدث معها ووافقت هى على مضض..
أحمد: بصي ياباروين أنا عارف إنى غلطت كتير في حقك بس سامحينى إدينى فرصة واحدة أعوضك عن كل حاجه.
باروين بإنفعال: فرصة؟! فرصة عشان تعوضنى عن إى بالضبط؟! هل هتقدر ترجعلى ١٥ سنه اللى ضاعوا من عمرى وانا بتعذب فيهم ؟ ولا هل هتعرف تشيل عنى الذكريات بتاعتك انت وماما والخناق والقرف اللى كان بيحصل ؟ عارف يابابا أنا كرهت الجواز بسببكوا ، أى لازمتها أتجوز وأجيب طفل ملهوش ذنب عشان بعد كده أول ما أطلق من باباه يعيش هو في معاناه ووجع ويتعذب طول حياته ، أى لازمتها رد عليا؟ أى لازمتها لما تجيب طفل وتحمله أخطاء اختيارك وفشلك انت ومامته وانك تعيشه في وحده وتعب نفسي ؟ رد عليا يابابا هتعوضنى عن أى؟! وهنا قد إرتفع صوت باروين في الصراخ.
أحمد : باروين أنا آسف أنا عارف والله كل ده وندمان على كل شيء بس مامتك كمان كان ليها دور في اللى احنا وصلناله ، ادينى فرصه بس ، فرصه واحده وبعد كده اعملى اللى انتى عايزاه .
باروين:خلاص يابابا أنا فاضلى سنه واحده وهمشي حضرتك جيت متأخر أوى.
أحمد: لا يابارو أنا خلاص قررت أرجع مصر هخلص كل شغلى هنا وهرجع معاكى واعوضك عن كل شئ.
باروين: تمام يابابا اللى حضرتك عايزه اعمله.
أحمد: يعنى انتى موافقه؟
باروين: والله اللى عايز يصلح غلطه مش بيستأذن هو بيعمل وبعد كده بيستنى النتيجة.
أحمد: وأنا أوعدك أنى مش هبقي السبب في زعلك مرة تانية ومش هخلى حد يزعلك تانى أبداً.
وبعد هذا الحوار وحياة باروين كانت تسير في أمريكا كحياة أى فتاة وأبيها حتى انتهت هذه السنه وتخرجت باروين وزملاءها وكانت باروين وجورى من الأوائل كما اعتدن وجاء موعد الرجوع إلى بلد الكنانة مصر..
__________________
في المطار في مصر..
أحمد:حمد الله على السلامة ياولاد.
جاسر وباروين وجورى: الله يسلمك.
وعاد كلا منهم إلى أهله أما أحمد فقد ذهب وحيداً إلى منزله ...
_________________
في منزل باروين....
آيات :اى اللى جابه معاكى ياباروين؟
باروين: ماما لو سمحتى انسي الخلافات دى بقي ، حرام انى اعيش في هدوء شويه كتير عليا يعنى ياماما؟!
آيات: انتى حرة بس بعد كده مترجعيش تزعلى تانى .
باروين: لا ياماما مش هزعل بس بالله عليكى أهدى انتى بس.
_________________
تمر أيام باروين كما هى عليه وهذا غير تقرب أبيها منها ومحاولته لكسب قلبها مرة أخرى وجاسر الذي لم يعد يعرف للعيش معنى بدون وجودها ...
وفي يوم من الأيام ذهب جاسر ووالدته(سعاد)إلى منزل آيات وطلب جاسر من خالته أن يجتمع بباروين وبها في مكان واحد لاستشارتهم في أمر مهم..
جاسر: خالتو أنا مش جاى انهارده كجاسر ابن اختك انا جاى كجاسر اللى طالب ايد باروين من حضرتك وعايز اعرف الرد حالا بدل ما ارتكب جريمة هنا.
آيات بضحك لمزاح ابن اختها: انا مش هلاقي لبارو احسن منك ياجاسر بس اهم حاجه رأيها.
آيات: باروين رأيك اى؟
باروين بخجل: تمام أنا موافقه ياماما بس اخد رأى بابا الأول.
فرح جاسر بهذا الخبر بل أنه كاد يطير من فرحته وطلب من خالته بأن ينفرد بباروين لمدة قليلة ..
جاسر: بارو أنا متأكد أن عمو أحمد هيوافق بس انتى لى قولتى كده؟
باروين: لأنه بابا ياجاسر مهما كان .
جاسر:ماشي ياقلب جاسر،تعرفي انا فرحان قد اى دلوقتى أنا مش مصدق انك وافقتى كنت خايف جدا لترفضي بس الحمد لله انك وافقتى لاما كنت هموتك واموت وراكى.
باروين: انت اهبل ياعم أرفض اى انا ماصدقت أصلاً.
جاسر بدهشة: نعم !! ده انتى واقعة بقي؟
باروين: من زمان ، بس كنت بخاف لاكسر قلبي والمرة دى مكنتش هستحمل فراق تانى فقولت ابن خالتى احسن من مفيش.
جاسر : عمرى ما اكون سبب حزنك وكسرك ابدا وثقي في ده واوعدك انى هعوضك عن كل حاجه وهكون ليكى الاب والاخ والسند وكل شئ هتحتاجيه ولو عايزانى ابقي أم ياستى معنديش مانع.
باروين: بجد شكرا ليك ياجاسر .
"عوض ربنا بيبقي مذهل بس للى بيستحمل وبيصبر ودايما بيظن في الله خير ، باروين كانت دايما واثقة أن ربنا هيعوضها بالشخص اللى هيكون كل حياتها وكانت دايما بتثق في ربنا واختياراته ليها وعشان كده ربنا عوضها بجاسر اللى هيبقي سند ليها لاخر العمر"
____________________
أخذت باروين موافقة والدها وتم تحديد الزفاف في اخر الشهر الجارى وبدأ الجميع في تجهيز كل شئ حتى جاء يوم الزفاف وكان أجمل من أن يوصف فكانت باروين ترتدى الفستان وكانت تظهر كالاميرات وكانت متوجه بحجابها ، وكان جاسر وسيما بحلته السوداء الرائعة فكان كالامير هو الآخر ، وكان هذا اليوم جميلا بكل ما تحمله الكلمه من معنى وحمدت باروين ربها أنه وهبها من امتلك قلبها منذ أن كانت فتاة صغيرة.
_____________________
بعد مرور شهر من الزواج اكتشفت باروين حملها وفرحت فرحاً شديداً وكذلك جاسر وقامت بإبلاغ امها وأبيها ففرحا بهذا النبأ السعيد وطلب منها والدها أن تلتقي معه في مكان ما غدا ً بصحبة جاسر .
في اليوم التالي ذهبت لوالدها وكانت المفاجأة حيث وجدت مشفي كبيرة جداً ومجهزة بكل شئ يمكن استخدامه فيها فوقفت منبهرة من جمالها ووجدت أمامها لوحة كبيرة تهبط من أعلى المبنى مكتوب عليها: " باروين أنا يمكن قصرت في حياتك كتير بس جه الوقت اللى أعوضك فيه ودى هدية منى ليكى ياريت تسامحينى".
بكت باروين بكاء شديد ليس حزناً بل فرحاً بما وهبها الله، بعوضه الذى لا مثيل له فقد وهبها زوجاً حنوناً ، وأبوها قد عاد لرشده وعلم خطأه الفادح في حق ابنته ،وامها كذلك بدأت تهتم بها أكثر فأكثر وأجمل هبة منه هو ابنها فلذة كبدها الذي لم يخرج للحياة بعد والذي قد عاهدت نفسها انها ستوهبه كل انواع الحب والحنان ولن تتركه وحيداً ابداً فستكون له الاخت والام والصديقة وكل شىء فلن تتركه يذيق مرارة الوحدة مثلما ذاقت ...
فمن قال أن فاقد الشئ لا يعطيه ؟! فاقد الشئ يوهبه لغيره ، فاقد الشئ أكثر من يشعر بمرارة الفقدان فيحاول منح كل ما يستطيع للغير حتى لا يشعر بهذا الفقد مثلما يشعر هو به، فاقد الشئ يعطيه ،فاقد الشئ يوهبه .
_____________________
جاء يوم افتتاح المشفي كانت باروين فرحة جداً بما حصلت عليه بعد عناء الحياة الذي انتهي حتما بعد صبرها كما كانت تعرف، وقد حضر هذا الافتتاح جميع اصدقاءها واهلها وكل من تعرفه ومن لا تعرفه حتى فكانت هذه المشفي تعتبر  من أكبر المستشفيات بين قريناتها ...
وسط الاحتفال استأذنت باروين لتلقي كلمة حيث قالت:"أحب أوجه شكر لكل اللى حضر بس عايزه اقولكوا انا وصلت هنا ازاى وبعد اى ، احب اعرفكوا بباروين مش الدكتورة باروين ، باروين البنت اللى عاشت حياتها كلها وحيدة وحزينه دايماً عشان مشكلة اتسمت الطلاق ، بس ياريتها مشكلة فعلاً دى بقت معضلة يصعب حلها في مجتمعنا الحالى .أحب أوجه كلمه لكل أم ولكل أب متبقاش السبب في وجع أولادك ، مش كل مشكلة هيبقي حلها الطلاق ممكن نتفاهم ونلاقي حلول كتير ليها بعيد عن الطلاق عشان للاسف بيكسر الحلو اللى جوا ولادكوا وإن مقدروش يبقوا قده بيضيعوا ، إن مكنتوش هتبقوا مصدر القوة ليهم فبلاش تبقوا مصدر ضعفهم ،وإن افترضنا وحصل الطلاق وخلاص مفيش تفاهم بين الطرفين متخلوش ولادكوا يدفعوا تمن حاجه معملوهاش ، مش ذنبهم انكوا فشلتوا في حياتكوا ، خرجوهم بره دايرة مشاكلكوا وخليكوا جنبهم وحسسوهم بوجودكوا مش لازم تدفعوهم تمن غلطكوا وتشيلوهم الليلة كاملة وهما أبرياء من الذنب في الأساس ، خليكوا جنبهم، ابقوا اصحابهم ، حسسوهم بالحياة الطبيعية بعيداً عن مشاكل الإنفصال ، متحاولوش تضغطوا عليهم من الطرفين لأن بيبقي صعب عليهم ، احتووا ولادكوا بعيد عن اى شئ بينكوا عشان ميبقاش فيه أمثلة لباروين كتيرة ، ولادكوا أمانه فحافظوا عليها عشان هتُسألوا يوم القيامة عن الأمانة دى"
هذه كانت قصة باروين ، باروين التى عانت من مشكلة الطلاق ، مشكلة هى السبب في ضياع آلاف من الشباب والأطفال .باروين أيضاً التى لم تستسلم وأكملت طريقها وتيقنت بخالقها أنه يفعل لها الأفضل دائما فالله لم يخلقنا في هذه الدنيا لنتألم بل خلقنا لنتعلم وليعلم مدى تحملنا وصبرنا ومعرفتنا بأن الخير كله فيما يحمله لنا ...
ولنعلم نحن أيضاً أن الحياة ماهى إلا بضعة لحظات كما قالت باروين فهى وجع، ألم، عذاب، وفرح مستمر.

هى لحظاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن