الفصل الثاني عشر

322 23 10
                                    

ما أن دخلتُ من بوابة الحديقة حيث حفل عقد القران مقام بحديقة منزل عائلة العريس حتى التفتت كل العيون باتجاهي بين منبهر وسعيد وجميعهم من الطبقات النبيلة والمخملية وأغلب الموجودين بالحفل من اقارب عائلة العريس الكبيرة والذين جاءوا من الخارج خصيصا ليحضروا حفل عقد قران قريبهم ، التقت عينيّ بعينيّ (حسام) المثبتة باتجاهي تماما وشعرتُ بنظراته تخترقني بحزن عميق ولا تريد تركي ابدا وكأنه يحاول أن يوصل لي رسالة بنظراته العميقة والذي اختفى منهما بريق الشقاوة ، لم استطع ان احرك عينيّ بعيدا عنه وأنا أشعر بالشلل بهما لأشعر بعدها بملمس يدين تمسكان بذراعي وصاحبتهما تقول بلطف
"ماذا هناك يا نادية لما تجمدتِ بمكانك ، الجميع ينظرون إليك"
انتفضت (نادية) قليلا وهي تنظر ل(جنا) المبتسمة لها بلطف لتنقل نظرها بعدها لجميع العيون المبتسمة لها بوقار وهدوء ، لتصل لعائلتها والتي أخذت مكانها من الحفل وهم ينظرون لها بريبة ، تحركت (نادية) بسرعة بخطوات خرقاء باتجاههم و(جنا) تتبعها من الخلف بهدوء ، وما أن وصلت أمام طاولتهم حتى قالت (فيروز) بحدة وببعض التسلط
"ماذا تفعلين بوقوفك هنا وعريسك يقف بعيدا مع الضيوف ، أهو عقد قرانكِ أنتِ أم أنكِ أتيت لتشاهدي عقد قرانكِ من هنا"
كانت (مياده) تجلس بجانبها لتفلت منها ضحكة صغيرة وهي تهمس بسخرية لم يسمعها أحد سوى والدتها
"اهدئي وهوني على نفسكِ سيدة فيروز فيبدو أنكِ متشوقة لعقد القران معه وكأنكِ انتِ العروس"
التفتت لها (فيروز) بحذر وهي تقول بخفوت خطير
"ماذا قلتي يا آنسة وقحة والتي تحتاج لقطع هذا اللسان"
ابعدت (مياده) نظرها عن والدتها ببرود ، ليقطع بعدها هذه اللحظات المشحونة بالتوتر صوت (عماد) القوي وهو يقول باتزان
"لا بأس يا أمي لو جلست نادية مع عائلتها قليلا فلم يبدأ الحفل بعد ولم يأتي المأذون ليعقد قرانهما حتى الآن"
تنهدت (فيروز) بيأس وهي تبعد نظرها بعيدا عنهم ، ليقول عندها (عماد) بهدوء وهو يشير ل(نادية) لتجلس معهم
"هيا أجلسي يا نادية ولا تبقي واقفة هكذا"
تنقلت (نادية) بنظرها بينهم لتصل ل(جنا) والتي كانت تبتسم لها بثقة وكأنها تمدها بالقوة لتستمر بطريقها وتظهر قوتها المخفية داخل ضعفها ، زفرت (نادية) أنفاسها بقوة قبل أن تقول بجدية
"لا يا عماد عمتي محقة ، فهذا عقد قراني والصحيح أن أذهب لأقف بجانب زوجي وعائلته ، وأيضا أريد أن أسلم على عمي فؤاد وأشكره لأنه فعل الكثير من أجلي"
رفع (عماد) حاجبيه بريبة وبعدم اقتناع من كلامها قبل أن يحرك رأسه بالإيجاب ، لتبتسم عندها (نادية) باتساع وهي تتراجع للخلف ولم تنسى أن تلقي نظرة اخيرة باتجاه (جنا) والتي ما تزال تبتسم لها بثقة وتأكيد ، لتغادر بعدها من أمامهم وهي تتنهد بارتياح قبل أن تصل لمكان وقوف (حسام) والذي كان يعطيها ظهره ويبدو يتكلم مع أحدهم على الهاتف .
زمت (نادية) شفتيها وهي تحاول استجماع شجاعتها قبل أن تضيع منها قائلة بخفوت حاد
"حسام أريد التكلم معك فهل لديك الوقت للإصغاء لي"
استدار لها (حسام) وهو ينظر لها بعدم تصديق ولصوتها والذي حرم منه لأسبوع كامل ، ليخفض الهاتف عن أذنه وهو ينهي الاتصال مع الطرف الآخر ، وما أن تقدم خطوة باتجاهها حتى تراجعت عشرات الخطوات للخلف بتوتر وهي تفرك يديها معا تحاول إرجاع الشجاعة والتي ضاعت منها بغفلة ما أن استدار باتجاهها ، ولم تكن تعلم أنها بهذه الحركة البسيطة قد أحدثت شرخا بقلبه ليزيد من شعوره بالذنب اتجاهها ، ابتلعت (نادية) ريقها بجفاف لتقول ببرود خافت
"اسمعني فما سأقوله لك مهم جدا ، لأني.."
قطعت (نادية) كلامها ما أن شعرت بملمس يده على ذراعها الأبيض العاري ، وما أن حاولت أبعاده عنه حتى شدد (حسام) بإمساكه بلحم ذراعها لتتأوه بألم ، ليخفف (حسام) بعدها من تشديده لها وهو يرفع ذراعها أمام عينيه ، ليلمح عندها ما توقعه تماما وآثار أصابعه البنفسجية منذ ليلة زفاف (عماد) ما زالت واضحة على ذراع بشرتها البيضاء الشفافة ، ابتلع (حسام) غصة بداخله قبل أن ينظر لعينيها الرمادية الضبابية والتي تنظر له بهلع يراه لأول مرة ، ليقول بعدها بلحظات بندم وبتشنج وهو يفلت ذراعها ليسقط للأسفل بهدوء
"أنا اعتذر عن فقداني للسيطرة معكِ بتلك الليلة فلم أكن أتوقع أن يحدث كل هذا ويصل تهوري لهذه الدرجة من الجنون ، ولكني حقا لم اقصد كنت أريد فقط أن انبهك واحذرك على تصرفك الخاطئ وثقتك العمياء بالناس"
كانت (نادية) تراقبه بهدوء وهي تتنفس بصعوبة قبل أن تقول بجفاء
"وانا ايضا لم أكن أتوقع أن تكون بهذه الوحشية وتؤذيني هكذا ، ولكن لما تهتم فأنا بالنهاية بنظرك مازلت تلك الطفلة والتي خدعتها بالصداقة من أجل أن تملئ وقت فراغك الطويل وبعد أن مللت منها تركتها خلفك ببساطة ، لذا لا مانع بأن تعيد الكرة مع نفس الطفلة لتتسلى بها وتؤذيها براحتك وهي بالمقابل لن تعترض لأنها طفلة بلهاء"
اتسعت عينيّ (حسام) بصدمة وهو يشعر بأنه ينظر لفتاة أخرى غير صغيرته والتي يعرفها أكثر من نفسه ، ليقول بعدها بعدم تصديق وهو يحاول التروي معها
"ما هذا الكلام الغير منطقي والذي تقولينه الآن يا نادية ، اسمعي انتِ تريدين الانتقام مني بأية طريقة ولكنه غير مجدي معك فأنتِ بريئة ولا تعرفين بأمور الانتقام ابدا ، لذا توقفي عن محاولة الخوض بالأمر أكثر فأنتِ لست كذلك"
ارتبكت (نادية) قليلا من كلامه الصحيح فهي الآن قد أصبح كل ما يهمها هو أن تظهر أمامه قوية لتسترد كرامتها الضائعة ، لتقول بعدها بسرعة وبحدة وهي تنظر له بقوة
"هذا ما تريده أنت أن أكون أمامك ضعيفة وبريئة لتستطيع فعل ما تشاء بي وتجتاحني كما تريد و.."
توقفت (نادية) عن الكلام ما أن أمسك بها (حسام) من ذراعها ليسحبها بعيدا عن مكان الحفل وتحديدا خلف المنزل قائلا بحدة وتشديد
"الأفضل أن نتكلم بعيدا من هنا قبل أن تسببي لنا بفضيحة"
قالت (نادية) برعب وهي تحاول تحرير ذراعها من قبضته لتنظر للخلف ولمكان الحفل والذي يبتعد عنها تدريجيا
"أتركني لا أريد الذهاب معك ، لما لا تفهم ما أقوله أيها المتهور الغبي"
أوقفها (حسام) أمامه قائلا بحدة مخيفة
"اصمتي ، قلت لكِ اصمتي"
صمتت (نادية) بالفعل وهي تعض على شفتيها بتوتر قبل أن يقول (حسام) بغضب يسبقها بالكلام
"عليك أن تعلمي أن كل هذا الكلام غير نابع منكِ فأنا أعرفكِ جيدا وحتى أكثر من نفسك ، وأعرف بأن بداخلك طفلة بريئة يستحيل أن تقدر على أذية أحد أو الانتقام من أي أحد فهي طبيعتك ولا تسطيعين تغييرها شئتِ أم أبيتِ ، وكل الكلام القاسي والذي قلته لك سابقا كان من أجل أن أنبهك على أن تحذري من الناس من حولك فهناك من سيحاول استغلال هذه البراءة والطيبة والتي تحملينها لكل العالم"
كان (حسام) يتنفس بقوة وبنشيج وكأنه على وشك افتراسها بأية لحظة ، لتمر لحظات عصيبة عليهما قبل أن تقطعها (نادية) بجمود بنفس جمود عينيها الرمادية
"ولما لا تكون انت أيضا من هؤلاء الناس والذين يحاولون استغلال طيبتي وبراءةِ ، فقد فعلتها من قبل وأنا مراهقة وليس بعيد عنك أن تفعلها مجددا"
بدأت أنفاس (حسام) بالثوران وهي تلفح وجهها البارد لتحرقه بسخونته ، ليقول عندها بفحيح وصبر
"نادية إياكِ وأن تحاولي تجاوز حدود الكلام معي ، فأنا لدي حدود للصبر لأتحملك واتحمل تصرفاتك الطفولية"
امتعضت ملامح (نادية) بغضب وهو ما يزال ينعت تصرفاتها بالطفولية ، لتقرر عندها أن تزيد من كلامها المهين له وقد عرفت الآن كيف تضايقه وتغضبه جيدا ، لتقول عندها بلا مبالاة وهي تنظر بعيدا عن وجهه الغاضب
"لما تضايقت من كلامي لأني قلت الحقيقة ، فكما قلت عني أني ضعيفة وبلهاء فأنت أيضا لديك عيوبك وهو انك تهوى التسلي بالناس على حساب كرامتهم وبإيذائهم كما تريد وعندما يصبح الأمر جدي تختبئ خلف والدك ليحل لك مشاكلك ، كما هربت بالماضي عندما اصبح الأمر جدي وكشف امرنا وكما أيضا استخدمت والدك لتصل إلي وتقنع عماد أن يزوجني بك ، والآن تريد استغلالي مجددا بجعلي استمع إليك باستخدام عنفك وطرائقك المهينة بحقي"
كانت ملامح (حسام) غائمة وبلا تعبير وانفاسه الغاضبة تحولت إلى مضطربة وغير منتظمة ، لتكمل بعدها (نادية) كلامها وهي تقول بلا حياة
"كل الذي أردتُ قوله لك قبل أن تقاطعني وتسحبني لهذا المكان ، بأني سأقبل بهذا الزواج فقط من أجل عمي فؤاد ولأني لا أريد أن اخذله بعد أن جهز وفعل الكثير من أجلي ، فبينما أنت تملك مثل هذا الوالد الرائع هناك آخرون كثيرون يتمنون مثله بحياتهم ولا يجدونه ابدا"
شهقت (نادية) بقوة وهي تحاول إيقاف نوبة البكاء والتي انتابتها فجأة لتبقيها بداخلها وهي تشعر بها تنهش روحها او ما تبقى منها ، انتفضت بعدها (نادية) فجأة عندما شعرت بقبضتين من حديد تمسكان بوجهها ليرفعه باتجاهه وهو يقرب وجهه منها حتى الصق جبينه بجبينها قائلا بغموض وبحدة قاتلة
"لقد قلتِ الكثير وأكثر مما ينبغي يا نادية ، لقد ظننتك مجرد طفلة ولكن يبدو أنك قد كبرتي جدا وبدون أن انتبه وأصبحت شخصا مختلفا تماما عن الذي اعرفه ، ما كان عليك أن تخرجي هذا الجانب العدواني مني يا نادية والذي لم تجربيه حتى الآن"
بدأت (نادية) بالارتجاف وهي تشعر بالقشعريرة تجتاح كل جسدها من أسفل قماش فستانها الخفيف حتى أن عينيها أصبحت تسكب الدموع لا إراديا ، لتسمع عندها صوت حنون يأتي من خلفهما وهو يقول باتزان
"توقف يا حسام واترك الفتاة وشأنها فورا"
تصلب جسد (حسام) فجأة ليخفض يديه عن وجهها بسرعة وهو يبعد وجهه عنها كذلك ، بينما كانت (نادية) تشهق بصوت خافت قبل أن تدفعه بعيدا عنها لتتجاوزه وهي تسير باتجاه والده ، وما أن وصلت أمام (فؤاد) حتى ارتمت بأحضانه لا إراديا وهي تشهق ببكاء وبارتياح لأنها وجدت الحضن و الذي تحتاجه الآن أكثر من أي وقت ، حتى أن كل كلامها والذي قالته للتو تطلب منها شجاعة كبيرة استنفذت كل طاقتها وكل مقاومتها .
ربت (فؤاد) على ظهرها بحنية وهو يقول بهدوء حاني
"لا بأس يا ابنتي كل شيء سيكون على ما يرام ، هيا بنا لنذهب للحفلة من أجل أن تنوريها بوجودك يا عروس"
كان (حسام) ينظر إليهما بغيرة تكاد تنهشه حيا وهو يشعر بنفسه دخيل بينهما ، كان (فؤاد) قد سار بعيدا عن المكان وهو يحاوط كتفيها بذراعه لتسير بجانبه بهدوء ، ولكن وقبل أن يختفيا عن أنظار (حسام) قال (فؤاد) بهدوء وبدون أن يستدير له
"عندما تصبح جاهزا ومستعدا للزواج لا تنسى ان تتبعنا من أجل أن نبدأ بمراسيم عقد قرانك"
ليختفيا بعدها خلف جدار المنزل تاركين خلفهما (حسام) وهو ما يزال يتنفس بغضب وبعدم اتزان لم يهدأ بعد ، ولم ينسى أن يخرج من جيب سترته الفاخرة السوار الذهبي الخفيف ليتهدل من قبضته بسلسلته الرقيقة وبمنتصفها زهرة بيضاء صغيرة مصنوعة من الفصوص ليلائم فستانها الرقيق مثلها ، وقد أحضره خصيصا لها ليكون هدية عقد قرانهما ولأنه يلائم رقتها ، ولكن يبدو أنه قد أخطأ بالحكم عليها وأصبحت الرقيقة شرسة مثل عائلتها المتعالية .
قبض (حسام) على السوار بقوة ليرفع قبضته عاليا قبل أن يقذفه بعيدا لمكان مجهول بزوايا الحديقة المظلمة ، ليتحرك بعدها من مكانه وهو يسير باتجاه الحفل بتصلب وبملامح محفورة بالبرود .
_________________
كانت جالسة على السرير وهي تحتضن ساقيها بيديها وعينيها السوداء الواسعة سارحة بالبعيد وتحديدا بالواقف أمام المرآة منذ ربع ساعة وهو يحاول تعديل خصلات شعره وتهذيبها ككل صباح عمل بعد أن يكون قد استيقظ إليه ، بينما هي اعتادت على هذا الروتين ومراقبته وهو يستعد للذهاب لعمله ليظهر بالنهاية  بهذه الصورة الخلابة والتي تناسب هيئة مدير الشركات المعروف .
انتهى (لؤي) من تصفيف شعره الناعم للخلف ليستدير بعدها باتجاه (سائدة) وهو يبتسم لها باتساع وبثقة ، لتبتسم له (سائدة) بالمقابل بهدوء وهي ترد له ابتسامته كما يفعلان دائما كل صباح وكأنهما بذلك يطمئنان على بعضهما بهذا التواصل الغريب ، تقدم (لؤي) باتجاهها ببطء وهو يدقق النظر على عينيها السوداء تحديدا برغبة حارقة ظاهرة على عينيه الخضراء البراقة بالمشاعر ، وما أن وصل أمامها حتى اخفض وجهه بمستوى وجهها ليقبل شفتيها المبتسمتين ليرتفع بعدها لعقدة حاجبيها وهو يقبلها بهدوء ، ليرفع وجهه بعيدا عنها وهو يبتسم لها بغموض قبل أن يقول بهدوء وهو يرفع ذراعيه جانبا
"إذاً اخبريني كيف يبدو مظهري بهذه الملابس ، وهل هي مناسبة لأحضر بها مؤتمر صحفي"
رفعت (سائدة) نظراتها لبدلته الرمادية الأنيقة وحلتها الفاخرة مع قميص ناصع البياض يعلوه سترة رمادية داكنة وهي الأجمل من بين مجموعته ، لتقول بعدها بخفوت ما أن وصلت بنظرها لوجهه
"تبدو مناسبة عليك"
رفع (لؤي) حاجبيه بتجهم من كلامها المختصر والقصير وبدون أي تفسير ، ليقول بعدها ببرود وهو يعدل من كم سترته
"رائع لقد اتحفتني بكلامك ، وعلى كل حال فهذا غير مهم فحتى لو لم تعجبكِ ملابسي فلن ابدلها فقد تعبت كثيرا حتى وجدتُ ما يناسبني وما يلائم هذا الحدث"
ابعدت (سائدة) نظرها بعيدا عنه وهي تقول بجفاء
"انت من طلبت رأيي ، وأنا أجبتك به"
تنهد (لؤي) بيأس منها قبل أن يتمتم بحنق
"باردة ومملة"
التفتت له (سائدة) بغضب ما أن سمعت تمتمته الخافتة  ، لتقول بعدها بامتعاض
"ماذا قلت عني يا سيد يا محترم ، أخبرني فأنا لدي الفضول لأعرف ماذا قلت بخصوصي"
ابتسم (لؤي) أكثر بسعادة بالغة لتحتل ابتسامته كل وجهه لتقول عندها (سائدة) بانزعاج وبنفاذ صبر
"ما سبب كل هذه السعادة ، هل قلت شيئا غريبا"
ردّ عليها (لؤي) بلا مبالاة وهو ينظر لامتعاضها بتسلية
"لا بل لأنني سعيد بامتعاضك وردة فعلك والتي تدل على أن هناك حياة تدب بداخلك بدل صورتك الباردة والمتجمدة والتي ترتدينها طيلة اليوم"
زمت (سائدة) شفتيها بانزعاج قبل أن تنظر بعيدا عنه قائلة بحنق
"هل تقول هذا الكلام لتتهرب من سؤالي لأني لن اتركك وشأنك قبل أن تجيبني عليه"
مرت لحظات صمت هادئة وما زال (لؤي) على نفس ابتسامته ليرفع يديه باتجاهها قبل أن يحاوط وجهها بكفيه ، بينما كانت (سائدة) تنظر له بحنق وببرود ، ليقول (لؤي) بعدها بهدوء خبيث
"لا تقلقي لن اتهرب منكِ وسأجيبك ، لقد قلت عنكِ بأنك باردة مثل الثلج وهو يذوب بين ذراعي وأيضا مملة بطريقة مغرية والتي تجذبني دائما لأحاول إضافة بعض المرح على هذا الملل"
كانت (سائدة) ساكنة تماما بين كفيه والتي تحيط بوجهها برقة ، بينما كان (لؤي) قد اخفض وجهه أمامها ليقبل خديها الناعمين والثلجيين لينزل بعدها لعنقها البيضاوي وهو يستمتع بنعومة بشرتها بمقابل بشرته الخشنة ، ومن بين قبلاته المجنونة والتي وصلت لنحرها النحيف كان يتمتم بانفعال
"باردة وناعمة مثل الثلج والذي اعشق إذابته بسخونة مشاعري الملتهبة"
كانت (سائدة) تبتسم براحة وهو يطرب أذنيها بهذا الغزل الغريب والذي ألهب مشاعرها لترفع أصابعها بهدوء وهي تتخلل بها شعره الناعم ، لتنتفض بعدها بدقائق ما أن بدأ بفك أزرار قميصها قائلة ببعض الارتباك
"لؤي هكذا ستتأخر على مؤتمرك والذي تعبت بتجهيز نفسك من أجله"
أفاق (لؤي) من نوبة مشاعره وهو يلهث قليلا بانفعال قبل أن يبتعد عنها بهدوء ، ليعود لتهذيب شعره بعد أن افسدته بأصابعها وهو يعيده للخلف ، لينظر لها بعدها   باتزان قائلا بابتسامة جانبية وبصوت مليء بالمشاعر
"لا بأس المهم الآن أن تنامي جيدا يا عزيزتي فسهرتنا طويلة والليل أمامنا طويل"
احمرت (سائدة) قليلا وهي تنظر جانبا أمام نظرات (لؤي) الخبيثة وهو يشعر برغبة حارقة تعود للطفو بداخله ، ولكنه حبسها بداخله قائلا وهو يتجه لباب الغرفة
"أنا سأذهب الآن ولكن لا تنسي ما قلته لكِ يا باردة"
حركت (سائدة) عينيها بعيدا عن مكان خروجه وهي تعض على شفتيها بقهر من نعته لها بالباردة والاحمرار الأحمق والذي أصبح يجتاحها مؤخرا .
بعد مرور ساعتين كانت (سائدة) تنظر بداخل الأدراج وهي تبحث بين شرائح الأدوية الكثيرة لتجد بالنهاية ما تبحث عنه وهي شريحة تحوي على حبوب لألم وصداع الرأس ، وما أن كانت على وشك أغلاق الدرج حتى لمحت هاتفها والذي لم تسأل عنه منذ ذلك اليوم والذي كانت فيه على وشك خيانة (لؤي) لتقرر عندها التراجع بآخر لحظة وإنهاء الاتفاق مع شريكها .
رفعتُ يدي باتجاه هاتفي بعد أن وضعت الشريحة جانبا لالتقطه وأنا افتحه بحذر لأصدم عندها من كم الرسائل المبعوثة لهاتفي والاتصالات الكثيرة واغلبها من رقم واحد ، ضغطتُ لاإراديا على صندوق الرسائل لأتنقل برسائله الكثيرة والتي تتضمن كلام غير مهم ومكرر بكل رسائله ، لأصل بالنهاية لآخر رسالة والمبعوثة منذ يوم وما أن فتحتها لأنظر لمضمونها حتى اتسعت عينيّ بذهول
(اسمعي سائدة انا موافق سأعطيكِ ورقة طلاقك بدون مقابل بشرط أن أراكِ عند بوابة المنزل الخارجية ، وإذا لم تأتي لرؤيتي بالخارج فسأضطر لأرسالها لزوجك لأخبره عندها بكل مخططكِ معي ولن يعجبه اكيد ما سيسمعه مني)
فغرت (سائدة) شفتيها بعدم تصديق من كلامه وبالمصيبة والتي حلت على رأسها ولا تعلم كيف تتصرف ، ولكنها مع ذلك لا تريده أن يدمر كل شيء بنته بداخلها لتتقبل حياتها بصعوبة ، فماذا ستفعل لتمنع هذا الدمار من أن يجتاح حياتها مجددا ؟
رفعت (سائدة) الهاتف لأذنها بعد أن أجرت الاتصال معه ليفتح الخط بعد ثواني ليتبعها من فوره صوته البغيض والذي لم يتغير ابدا
"مرحبا سائدة وأخيرا شرفتني باتصالك ، ولكن ما لسبب يا ترى"
تأففت (سائدة) بنفاذ صبر وهو يذكرها باستفزاز (لؤي) ولكن مع ذلك يبقى هناك فرق شاسع بينهما ، لتقول (سائدة) بعدها بلحظات بقوة وببعض الحدة
"اسمعني وبدون سخرية ، ماذا تريد مني تحديدا"
مرت لحظات صمت و(سائدة) ما تزال تستمع لأنفاسه الخافتة كفحيح الأفعى قبل أن يقطعه قائلا بابتسامة باردة وخبيثة
"أريد أن أراكِ ، ألم تقرئي رسالتي والتي جعلتك تتصلين بي بأسرع وقت"
تنهدت (سائدة) بتشنج وهي تحاول ضبط أعصابها المتعبة لتقول عندها ببرود متجمد
"ولما تصر كل هذا الإصرار على رؤيتي وإعطائي ما أريد ، ماذا ستستفيد من كل هذا"
ردّ عليها (راشد) بنفس برودها
"إذا كنتِ مصرة على معرفة السبب ، سأخبرك لأني شعرت بمعاناتك والحياة القاسية والتي تعيشينها مع ابن عمي المجنون لذا قررت منحك الحرية والتي تريدينها وبمقابل أن أراكِ لأسلمك وثيقة السلام والتي ستعطيك الحرية الأبدية"
كانت (سائدة) شاردة بكلامه بعالم آخر قبل أن تقول بسخرية مريرة
"لن تستطيع خداعي بهذا الكلام الجميل والمثير للشفقة"
ازدادت أنفاس (راشد) شراسة ليقول عندها بحدة خافتة
"لا يهمني ما تقوليه ، فالمهم عندي الآن أن أراكِ وبهذه اللحظة وألا فسأخبر لؤي بكل شيء وعندها تحملي العواقب يا سائدتي الذكية"
ردت عليه (سائدة) بصراخ غاضب
"توقف عن تهديدي بهذا الأسلوب القذر ومناداتي هكذا ، فأنت لا تخيفني ابدا"
قال (راشد) بهدوء خبيث وخطير
"وهذا ما يعجبني فيكِ يا سائدتي ، سأنتظرك عند البوابة الخارجية من القصر فلا تتأخري عليّ فهمتي"
أغلق بعدها الخط بوجهها بدون أن ينتظر ردها وهو يبتسم باستفزاز خبيث ، بينما كانت (سائدة) تصرخ بالهاتف بهستيرية
"انتظر انا لم أنهي كلامي معك"
أخفضت الهاتف عن أذنها بعنف وهي تتنفس بحدة حتى داهمها الصداع العنيف والذي يلازمها منذ الصباح ، لتلقي بعدها بالهاتف على السرير وهي تنظر له بضياع وتفكر بأن عليها أن تجد حلا لتتخلص من هذه المصيبة وبأقل الأضرار الممكنة .
________________
خرجتُ من باب المنزل وأنا أضم المعطف لصدري من الطقس البارد بهذا الشهر من السنة ، سرت بعدها باتجاه البوابة الخارجية بخطوات سريعة ، وما أن ظهر أمامي الحارس حتى قلت له بجدية
"سأذهب لمقابلة شخص مهم عند البوابة الخارجية ، لذا هلا سمحتي لي بالمرور"
نظر لها الحارس بتفكير قبل أن يقول باحترام وهو يبتعد عن طريقها
"تفضلي يا سيدتي ولكن من الأفضل ألا تتأخري من أجل ألا يغضب السيد لؤي"
حركت (سائدة) رأسها بهدوء وهي تتجاوزه لتخرج من البوابة الخارجية ، وما أن فعلت حتى بدأت توزع نظراتها بكل مكان بالشارع لتسمع عندها زامور السيارة المرتفع ، لتلتفت بعدها لمصدر الصوت والخارج من السيارة السوداء الفارهة والتي بداخلها (راشد) والذي كان يلوح لها من بعيد ، لتتقدم بسرعة باتجاه سيارته وهي تتلفت من حولها بحذر .
دخلت (سائدة) لسيارته بدون أن تغلق بابها وهي تقول على عجل
"هيا قل ما عندك فليس لدي الوقت بطوله"
ردّ عليها (راشد) بابتسامته المستفزة وبضحكة خبيثة
"لما كل هذه العجلة يا سائدتي وكأنني سأكلكِ حية"
انتفضت (سائدة) بغضب بمكانها وهي تقول بتحذير
"اسمعني أولاً إياك وأن تناديني بهذا اللقب ، وثانيا انا أتيت لمقابلتك فقط من أجل أن أنهي معك كل شيء كان بيننا"
كان (راشد) ينظر لها بغموض قبل أن يقول بتفكير وببعض السخرية
"أهذا يعني أنكِ أصبحتِ سعيدة بحياتكِ مع لؤي بعد كل ما فعله بكِ وحدث"
مرت لحظات صمت طويلة وكل منهما ينظر للآخر ببرود وكأنهما بسباق من سيستطيع تجميد الآخر بنظراته ، ليقطع بعدها الصمت الطويل صوت (سائدة) وهي تقول بجفاء
"لستُ سعيدة تماما ولكني تقبلتُ حياتي معه كما هي"
ابتسم (راشد) باتساع قائلا بثقة
"وانتِ لستِ مضطرة لتتقبليها مادام حلك موجود بين يدي"
وأتبع جملته الأخيرة بأن أخرج ورقة مطوية من جيب سترته ليفتحها أمامها ، بينما كانت (سائدة) تنظر لورقة الطلاق الفارغة برهبة قبل أن يقول (راشد) بتأكيد وهو يحرك الورقة أمام وجهها
"انظري يا سائدة لهذه الورقة والتي تحتاج فقط لتوقيعك وتوقيع لؤي ، وبعدها ستصبحين مطلقة منه رسميا"
حاولت (سائدة) الكلام أكثر من مرة لتعود لتغلق شفتيها بصمت وهي تشعر بحجر كبير قابع بصدرها يمنعها من الكلام ، لترفع بعدها يديها بحذر لتتأكد إذا كانت الورقة حقيقية أم خيالية ، وما أن كانت على وشك لمس الورقة حتى ابعدها (راشد) عن مرمى يديها وهو يرفعها عاليا قائلا ببساطة
"ليس بهذه السرعة يا سائدتي ، صحيح انكِ لم تحضري لي أوراق شركة دسولت ، ولكني مع ذلك سأسامحك بمقابل أن تسعديني"
اخفضت (سائدة) يديها وهي تعقد حاجبيها بعدم استيعاب وبارتباك من كلامه المبهم ، ليتابع بعدها كلامه بابتسامة اخبث وهو يتأملها جيدا
"أنا أقصد أن تكوني عشيقتي من الآن ، لطالما كنت أشعر بالتشابه الكبير بيننا وأنني أناسبكِ أكثر من ذلك المجنون ، وصدقيني سأجعلك اميرة وأدللك كما تريدين وليس مثل الوحش والذي.."
قطع (راشد) كلامه بسبب الصفعة القوية والتي أدارت وجهه للجانب الآخر ، بينما كانت (سائدة) تتنفس بشراسة وتعب شديدين قبل أن تنتفض خارجة من السيارة بعنف ، لتعدل بعدها من معطفها على جسدها وهي تسير ببطء بعيدا عنه ، لتصطدم بعدها بجسد صلب قبل أن ترفع نظرها لصاحبه بقوة .
اتسعت عينيّ (سائدة) بصدمة وهي تبتلع ريقها بارتباك امام نظرات (لؤي) والتي لا تعبر عن شيء ، لتسمع بعدها صوت (راشد) من خلفها وهو يقول بتسلية وببعض الحقد الأسود
"مرحبا بابن العم لقد مرّ وقت طويل ، الحقيقة كنت اتكلم مع سائدة بموضوع طلاقها منك قبل أن تأتي ، حتى أنني احضرت لها ورقة طلاقها من أجل أن تحصل على حريتها ، وإذا كنت لا تصدقني فيمكنك رؤية الورقة بعينك"
وبعد أن أنهى كلامه عرض الورقة أمامه قبل أن يلقيها له لتسقط عند قدميه بسلام ، بينما كان (لؤي) ينظر له بجمود وهدوء غريب عليه ، أما (سائدة) فقد كانت نظراتها معلقة ب(لؤي) بتجمد وهي تنتظر الدمار والذي سيحيل حياتها لجحيم ولكن حتى الآن لا يوجد أي ردة فعل تنذر بالشر ، ليتراجع بعدها (راشد) للخلف وهو يقول بصوت ساخر
"حسنا انا سأذهب الآن ، فيبدو أن عملي معكما قد انتهى"
وقبل أن يستدير وجد لكمة قوية تهبط على وجهه لتجعله يسقط ارضا وهو ينزف دما شديدا من أنفه وشفتيه ، استقام (راشد) بجلسته وهو ينظر له بشراسة وبابتسامة متشفية ساخرة ، وقبل أن يكمل عليه (لؤي) تدخل بعض الرجال من المنطقة ليبعدوه عنه وهم يساعدون (راشد) بالوقوف ليوصلوه لسيارته بأمان .
ابعد (لؤي) ايديهم عن ذراعيه بشراسة ليبتعدوا عنه من فورهم ويعود كل واحد منهم لعمله ، ليخفض بعدها (لؤي) يده للأسفل ليلتقط الورقة والتي ألقاها (راشد) عند قدميه ، ليلتفت عندها ل(سائدة) والتي كانت تنظر له بوجه شاحب ومتعرق ، ليتقدم باتجاهها بسرعة قبل أن يمسك بيدها بقسوة ليسحبها عندها من خلفه وهو يدخل بها من البوابة الخارجية .
ما أن وصل (لؤي) لغرفتهم حتى افلتها بهدوء ليتقدم لداخل الغرفة وهو يسير بعدم تركيز ، افاقت (سائدة) من صدمتها لتسير أمامه وهي تقطع عليه الطريق لتقول عندها بخفوت مجهد
"أعرف بأني قد أخطأت بتصرفي وبلقائي براشد ، لذا انا مستعدة لأي عقاب ستعاقبني به"
أغمضت (سائدة) عينيها بإنهاك قبل أن تفتحهما على مرأى عينيه الغريبتين والداكنتين بغموض ، قال (لؤي) بعدها بلحظات بجفاء ولأول مرة بعد أن قضى طول الوقت صامتا أمام (راشد)
"إذاً هل هذا كل ما يهمك أن اعاقبكِ ، وماذا عن خيانتك لي والاتفاق مع ألد أعدائي فقط من أجل أن تتخلصي مني لتنزلي لهذا المستوى المتدني"
ابعدت (سائدة) نظراتها بعيدا عنه وهي تتنفس بصعوبة قبل أن تقول بتشنج وهي تغير الموضوع
"لما عدت مبكرا للمنزل ، هل حدثت معك مشكلة"
مرت لحظات عصيبة وحزينة عليهما ليقطعها (لؤي) وهي يقول بسخرية
"لقد انتهى المؤتمر بوقت مبكر ، لذا فكرت أن اعود أليكِ لأقضي الوقت معكِ ولم أكن أعلم بموعدك المهم مع ابن عمي لتتخلصي مني"
أخفضت (سائدة) نظراتها للأسفل وهي تشعر بالدونية لتقول بعدها بكل ما تستطيع من قوة
"أنا لن أسمح لك بأن تفسر ما حدث من عقلك الغاضب والمجنون ، فكل هذا غير صحيح"
رفع (لؤي) كفه بسرعة عاليا باتجاه وجهها ، بينما أغمضت (سائدة) عينيها بارتباك وهي تتوقع الأسوأ منه وعلى الأكيد سيفترسها بعد أن ينتهي من صفعها ، ولكنه خالف توقعاتها عندما لم تشعر بأي ألم بخديها لتسمع بعدها صوته الأجش وهو يقول بخفوت منفعل
"حسنا يا سائدة افعلي ما تشائين حتى لو كنتِ تريدين مغادرة هذا المنزل فيمكنك فعلها لن أمنعك ، فيبدو أن محاولاتي معكِ قد باءت بالفشل"
شعرت (سائدة) بيده تمسك بكفها بقوة آلمتها لتضع بها ورقة مجعدة لتغلقها عليها بعنف ، لتسمع بعدها  خطواته تبتعد عنها بهدوء ، ولكن وقبل أن يغادر الغرفة ضرب بذراعه على طاولة الزينة ليؤدي هذا  لسقوط كل ما عليها من أدوات تجميل وزجاجات عطور لتصطدم بأرض الغرفة مصدرة صوتا عاليا ، لتنتفض بعدها (سائدة) بسرعة وهي تفتح عينيها بذعر على هذا المشهد والذي شوه جمال الغرفة ، ليختفي عندها (لؤي) خارج الغرفة وأمام عينيها المرعوبتين لتحولهما بعدها ليدها والممسكة بورقة الطلاق المجعدة والممزقة قليلا ، وبدون أن تشعر بدأت تمزق بالورقة بعنف ودموعها ترافقها بكل تمزيقه وكأنها تعبر عن مشاعرها المضطربة بتمزيقها لها .
توقفت يدي (سائدة) عما تفعل وهي تشعر بالصداع يعود ليداهمها بقوة أكبر ، لتترك القصاصات الممزقة تسقط على الأرض قبل أن تتجه لسريرها لترتمي عليه بعنف وبشكل طولي وقدميها ملقاتين على الأرض وهي تحتضن معطفها لجسدها المرتجف لتذهب بعدها بسبات عميق عله يخفف قليلا من الصداع ومن الألم الحارق والذي ينهش جسدها بلا رحمة وكأنه ينقصها آلام .
_________________
كان يمسك بالمقود بيد وباليد الأخرى يمسك بيدها وهو يلتفت ناحيتها كل حين ليبتسم لها بحنية وبسعادة ، بينما هي بالمقابل تبادله نفس ابتسامته وعينيها الخضراء تلمع ببريق الشوق واللهفة للقاء والدتها بعد أن غابت عنها اسبوع كامل دون أن تراها ، وهذا بعد أن قرر (عماد) بعطلة نهاية الأسبوع بأنه الوقت المناسب ليذهبوا لزيارة والدتها بالأرياف ، حتى أنهم أضاعوا عليهم مائدة الفطور مع العائلة من أجل ألا يضيعوا المزيد من الوقت بما أن المسافة للأرياف بعيدة بعض الشيء .
نظرت (جنا) من نافذتها للطريق المحفوف بالأشجار وقمم الجبال شاهقة الارتفاع والتي تصل للسحب الضبابية والتي تكاتفت مع بعضها بهذا الطقس البارد لتتحول لصورة ولا أروع ، تنهدت بعدها براحة وهي تتأمل الطريق أمامها ، ليقطع عليها تأملها صوت (عماد) الخافت والمبتسم
"تبدين بغاية الراحة والسعادة أكثر من أي مرة رأيتك بها سعيدة ، ألهذه الدرجة حياتك معي لا تجلب لكِ الراحة"
التفتت له (جنا) وهي تحرك رأسها نفيا قائلة باستنكار

أبحثُ عن الحب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن