كان ينظر أمامه بوجوم حتى ظهرت أخيرا أمام عينيه بكل جمالها الطفولي والذي سحره ذات يوم ، وقد كانت متمسكة بذراع (عماد) بقوة وهو يسير بها بهدوء باتجاه (حسام) والواقف بآخر القاعة والصخب والتصفيق ينتشر من حولهما وبكل أنحاء القاعة بفرح ، كان (حسام) ينظر ل(نادية) بتركيز وهي تتقدم باتجاهه بخطوات متعثرة ولولا وجود (عماد) بجانبها لكانت وقعت على وجهها بمنتصف الطريق وكأنها طفلة تمسك بيد والدها ليوصلها للمدرسة للمرة الأولى ، لتتجمد بعدها ابتسامة (حسام) وهو ينظر لهما بغيرة وخاصة مع تشبثها القوي بذراعه وكأنه وحش سيفترس بها .
ما أن وصل (عماد) أمامه ليقف بمقابلته حتى قال بحزم وهو ينظر له بقوة
"ها هي عروس آل مهران أمامك فحافظ عليها أو ستضطر لمواجهة غضبي وأتمنى ألا يحدث هذا"
ردّ عليه (حسام) بابتسامة باردة وهو يرفع يده لرأسه بطريقة مسرحية
"لا تقلق يا نسيبي الغالي فابنتكم بعيوني ، ولن أدع أي مشاكل تحدث معها ما دمتُ موجودا بجانبها"
حرك (عماد) عينيه بعيدا عنه بملل ، بينما كانت (نادية) تنظر لهما بتوتر وهي ما تزال متمسكة بذراع (عماد) ولا يبدو عليها الاستعداد لتركه ، لذا اختصر عليها (حسام) الأمر وهو يمد ذراعه ليمسك بيدها والمتشبثة بذراع (عماد) ليجذبها باتجاهه ببعض العنف ، لتفلت بعدها (نادية) ذراع ابن عمها لتقف بجانب زوجها والذي كان يبتسم لها بعبث ليترك عندها يدها ليحيط بها كتفيها بذراعه قائلا بتملك
"مرحبا بكِ يا زوجتي العزيزة بعالمي ، أنرتِ المكان بوجودك فيه"
غادر (عماد) من أمامهما بدون أن يصدر أي صوت وأمام نظرات (نادية) الحزينة وهي لا تصدق ان الشخص والذي أخذ مكان والدها على مدار سنوات طويلة لن يكون موجود بحياتها بعد الآن ، حتى أن وجوده بحياتها كان أهم من وجود عمها ومن والديها ومن أي شخص آخر وخاصة أنه من كان يهتم بكل صغيرة وكبيرة تخصها ، لم تشعر (نادية) بنظرات (حسام) والتي تستطيع أن تحرقها حية وهو يتصيد كل حركة صغيرة بملامحها الرقيقة والواضحة وهي تنظر لمكان ذهاب (عماد) بحسرة .
شعرت (نادية) بتشديد كف (حسام) على كتفها العاري قبل أن يهمس بخفوت عند أذنها
"توقفي عن النظر بعيدا فقد رحل ابن عمك ولم يبقى لكِ سواي ، ولا تخافي فأنا لستُ وحشاً لأفترسك"
تسمرت (نادية) بمكانها وهي تنظر أمامها بشرود وبدون أن ترد عليه بشيء ، ليشتعل (حسام) بمكانه وهو يمسك بكتفيها بقوة ليديرها باتجاهه هامسا بحنق
"نادية إذا لم تتوقفي عن النظر بعيدا هكذا فسيحدث شيء لن يعجبك ابدا ، لذا توقفي عن استفزازي اكثر"
التفتت (نادية) باتجاهه بهدوء لتنظر له بعينيها الرمادية والتي أصبحت تلمع كالفضة من أضواء القاعة القوية والمسلطة عليهما ، لتهمس بعدها بلحظات بهدوء وبجفاء بارد
"ماذا ستفعل مثلا هل ستلغي الزفاف بأكمله أم ستسبب لي الألم كما فعلت بحفلة زفاف عماد"
اطبق (حسام) على شفتيه حتى تشنج فكه وهو ينظر لها بتصلب ، ليهمس بعدها من بين شفتيه بابتسامة خبيثة
"سأريكِ الآن ما لذي سأفعله بما أنكِ مصرة على استفزازي"
ارتبكت ملامح (نادية) وهي تعقد حاجبيها بريبة لما هو قادم ، وقبل أن تعلق على كلامه سبقها (حسام) وهو يجذبها من يدها لصدره ليطوق جسدها والملتف بالحرير الأبيض بذراعيه القويتين وأمام كل الناس والذين بدأوا يصفقون لهما بحماس حتى أنها سمعت بعض التصفير منهم ، بينما اتسعت عينيّ (نادية) بصدمة وحياء وهي تشعر بنظرات الناس تخترقهما وكأنهما مشهد حي عمل على تبديد ملل الحفلة وجمودها .
انتفضت (نادية) وهي تحاول الابتعاد عنه هامسة بارتجاف شديد من فرط الإحراج والذي تشعر به بهذه اللحظة
"ابتعد عني حسام الجميع ينظرون إلينا وهذا الأمر يحرجني جدا"
ولكن (حسام) لم يستمع إليها وهو يهبط بشفتيه على أذنها هامسا بتسلية
"هذا من أجل أن تتعلمي ألا تثيري جنوني مرة أخرى وإذا حاولتِ الآن الاعتراض أو فعلتِ أي حركة خاطئة فسأتمادى أكثر أمام الناس وأريهم مدى شغفي بكِ"
سكنت (نادية) بين ذراعيه بخوف من أن يفعلها حقا فهو أحياناً يكون شخص متهور ولا يفكر بنتائج أفعاله ابدا ، لم تنظر (نادية) لابتسامته العبثية وهو ينتظر بفارغ الصبر أن تنتهي هذه الليلة على خير لتصبح ملكه بكل ما للكلمة معنى ، لتهمس بعدها (نادية) بتعب وحزن من كل هذه النظرات والتي أصبحت تحاصرها بكل مكان
"أريد أن اجلس فقد تعبت من الوقوف هكذا أمام الناس"
ابتسم (حسام) بحنية وهو يستمع لصوتها الحزين والذي اعتاد على سماعه ، ليفك حصار ذراعيه عنها قبل أن يمسك بيدها بهدوء ليسحبها لمقاعد العرسان فوق المنصة ، وما أن اجلسها بجانبه حتى وضع ذراعه خلف ظهرها بتملك ليمسك بها كتفها من الجهة الأخرى بحنية ، ليقول بعدها (حسام) بلحظات وهو يمسك بيده الأخرى كفها ليحرك سوارها الذهبي بلطف
"يبدو أن هدية عقد قرانك قد أعجبتكِ لهذا لم تنزعيها عن معصمك ، مع أنني ظننتُ بأنك ستلقينها بأقرب سلة مهملات"
ضحك (حسام) بخفوت ليرفع نظره عن السوار لوجهها البراق من المستحضرات والتي لم تستطع إخفاء ملامحها الرقيقة ، ليقول بعدها بابتسامة جانبية وبتفكير
"صحيح أذكر أيضا أنني لم احصل على الشكر والذي استحقه بمقابل هديتي"
ابعدت (نادية) وجهها بسرعة عنه قبل أن تقول بلا مبالاة مصطنعة
"ولكني أذكر أني شكرتك على هديتك أم نسيت"
أقترب (حسام) بوجهه أكثر حتى لامس صدغها وهو يتنفس عليه بهدوء هامسا بأنفاس منفعلة
"لم أنسى ولكن شكرك ذاك لم يكفيني بل كل شكر العالم لن يكفيني ألا أن تكوني ملكي"
شهقت (نادية) بدون صوت وهي تشعر بالتوتر والارتباك سيفتكان بها وخاصة أنها شعرت بالتصاق شفتيه على صدغها لتنزل لخدها المتورد بدون أن تقبله فقط تلامسه .
"مرحبا بزوجة ابني الغالية ، والتي أصبحت من الآن فرد من عائلة شوقي"
ابتعد عنها (حسام) وهو يزفر أنفاسه بعبوس من هذا التدخل ، بينما تنفست (نادية) براحة من هذا التدخل والذي انقضها بالوقت المناسب ، لتقول بعدها (نادية) بابتسامة واسعة
"مرحبا عمي فؤاد ، يشرفني ان اكون فردا من عائلتك"
تقدم (فؤاد) باتجاهها متجاهلا ابنه ليمد يده لها وهو يقول بابتسامة حانية
"تعالي معي يا ابنتي لأعرفك على اقران عائلتنا فهم متشوقون جدا ليتعرفوا على زوجة ابني الوحيد"
حادت نظرات (نادية) باتجاه (حسام) والظاهر عليه علامات الرفض واضحة قبل أن ترفع يدها لتمسك بيد (فؤاد) بابتسامة واسعة ، سحبها (فؤاد) بهدوء ليسير معها قائلا لابنه وهو يتجاوزه بعيدا
"لا تقلق على زوجتك سأصحبها معي بجولة قصيرة بعدها أعيدها إليك"
غادر (فؤاد) من أمامه و(نادية) تتبعه من الخلف بهدوء ، بينما كانت مشاعر (حسام) تضطرب بين الغيرة والغضب والحقد عليها وكله دفعة واحدة ليتحول لتمثال من الرخام يريد أن يفتك بأي أحد يقترب منه .
_________________
كانت تنظر للشقة الفاخرة من حولها والتي هي عبارة عن جناح كامل بأفضل الفنادق والتي تحوي على غرفة نوم وحمام ومطبخ وغرفة تلفاز ، وكل هذا من تحضير (حسام) وهو يحجز هذه الشقة قبل أيام من زفافهم وبدون علمها وهي التي كانت تظن أن ليلتها الأولى ستكون ببيته ومع والده ، لتفاجأ بعدها وهي تنظر للطريق والذي يبتعد عن بيت والده بكثير ليحضرها لهذا المكان الغريب والمليء بالناس من كل الأجناس والألوان وكأنها بعالم آخر لا تعرفه ولا تنتمي إليه .
مسحتُ يديّ بقماش فستاني وأنا اشعر بالتشنج والانكماش بهذا المكان الخانق والغير مريح ، لانتفض بعدها واقفة عن السرير والذي كنتُ جالسة عليه منذ ربع ساعة بل منذ مغادرة (حسام) للخارج لأمر لا أعرفه ، ليدخل بعدها (حسام) للغرفة وهو يدفع طاولة الطعام المتنقلة والأنيقة للداخل ، أخفضتُ نظري للأطباق الكثيرة والمغطية بالأواني من على الطاولة وأنا أنظر لها باستغراب ، قطع عليّ (حسام) تأملي وهو يقول بابتسامة واسعة واثقة
"لقد فكرت بأنكِ جائعة وتحتاجين للطاقة من أجل هذه الليلة الطويلة ، لذا أحضرتُ لكِ العشاء من أجل أن نتناوله معاً ويكون بداية مبشرة لزواجنا"
ابتسمت (نادية) باهتزاز وهي تنظر للطعام بعدم شهية بسبب تشنجها من المكان ومن التفكير بهذه الليلة ، لتقول بعدها بارتباك وهي تنظر بعيدا عنه
"لا شكرا ولكني لا أشعر بالجوع حقا"
كان (حسام) يزيل الأواني من فوق الأطباق بدون أن يعير كلامها أي اهتمام ، ليقول بعدها بابتسامة وهو يدفع الطاولة أمامها ليوقفها عند السرير بهدوء
"هيا بنا لنبدأ بتناول طعام العرسان لأول ليلة لنا قبل أن يبرد ويصبح بدون نكهة"
جلس (حسام) على السرير أمام الطاولة وهو يربت بيده على المكان بجانبه قائلا بخفوت
"هيا تعالي واجلسي بجانبي يا زوجتي الصغيرة من أجل أن اطعمك بنفسي"
امتعضت ملامح (نادية) قبل أن تجلس بجانبه قائلة ببرود
"توقف عن نعتي بالصغيرة فهو لا يعجبني"
التفت لها (حسام) بهدوء وهو يقول بابتسامة واسعة خبيثة
"سأتوقف إذا تناولتِ طعام العشاء معي فنحن نحتاج إليه كثيرا بهذه الفترة تحديدا"
نظرت (نادية) للطعام المكدس امامها قبل أن تقول بشرود حزين
"لن أتناول شيئاً قبل أن تخبرني لما فعلت هذا ، لما لم تخبرني بأننا سنقضي ليلة زفافنا الأولى بالفندق بدلا من منزلك"
توقف (حسام) عن تناول الطعام ليقول عندها ببرود وهو ينظر للطبق أمامه
"لأنني عرفت بأنكِ سترفضين الفكرة ما أن أخبرك بها ، وأيضا هذا حفل زفافي لذا أنا من سيقرر أين سنقضيه وأكيد ليس مع والدي او اي أحد من عائلتك بل فقط نحن انا وانتِ لا ثالث بيننا"
عبست ملامح (نادية) لتنظر له وهو يتناول طعامه بهدوء ، لتقول بعدها بلحظات بتذمر
"ولكن هذا ليس عدلا كان عليك أن تؤخذ برأيي أولاً"
ردّ عليها (حسام) بسخرية وهو ينظر لها بابتسامة جامدة
"لو أني أخذت برأيكِ لما كنا وحدنا الآن ولكنتِ وضعتي بيننا حواجز كثيرة متمثلة بكل انواع البشر والذين أشعر بأنكِ تحبينهم أكثر مني ، فقط أريد أن أفهم هل انتِ حقا ترينني وحشا يريد أن يفترسكِ"
زمت (نادية) شفتيها بارتباك هامسة بتوتر وإحراج
"لا ليس هذا ما كنت اقصده بل قصدت أنك أنت.."
قطعت (نادية) كلامها بسبب لقمة الطعام والتي ادخلها (حسام) بشفتيها على حين غرة منها لتسعل قليلا من المفاجأة قبل أن تمسك بكأس العصير لتشرب منه بهدوء ، بينما كان (حسام) ينظر إليها بابتسامة جانبية قبل أن يرفع الملعقة والتي اطعمها بها بداخل شفتيه وهو يتذوق ملمس شفتيها عليها ، ليعود بعدها للغوص بالملعقة بطبق الأرز ليرفعه عندها وهو يتناوله بشهية مفتوحة أكثر من قبل ، وأما (نادية) فقد كانت تنظر إليه باستغراب من شهيته المفتوحة أكثر من الازم ليلتفت بعدها باتجاهها فجأة ليلتقط كأس العصير من بين يديها ليقربه من شفتيه وهو يشربه برشفة واحدة أمام عينيها المصدومة .
وضع (حسام) الكأس على الطاولة مع الملعقة ليسحب بعض المناديل المعقمة والموضوعة مع أطباق الطعام ليمسح بها شفتيه ويده ، لتقول (نادية) بعدها بلحظات وهي تنظر للأطباق الكثيرة والغير ملموسة
"هل انتهيت من تناول الطعام ، ولكن ماذا عن الأطباق المتبقية"
ألقى (حسام) بالمنديل على الطاولة بإهمال وهو يقول بعدم مبالاة
"لا تقلقي فالعمال هنا سيهتمون بالأمر جيدا ، وأما نحن فلدينا أمور اهم ننشغل بها بدل أن نضيع وقتنا بتناول هذا الطعام المتعب للمعدة بينما هناك أمامنا تحلية تنتظر منا تناولها"
عقدت (نادية) حاجبيها بتفكير وقبل أن تستوعب جملته الأخيرة كان قد هجم على شفتيها وهو يقبلها بشوق جارف يحرقه منذ قبلها بجنون بحفلة زفاف (عماد) ، ليفتقد بعدها ملمس شفتيها والذي جعله يشتاق إليها كثيرا وهو ينتظر بفارغ الصبر أن يعود ليجرب تقبيلها مرة أخرى ، تعمق (حسام) بقبلته ليترك شفتيها مرتشفاً بكل ذرة من ملامح وجهها قبل أن ينتقل لعنقها وهو ينزل تدريجيا ليتعمق أكثر وأكثر ، بينما يديه العابثتين واللتان تتحركان بعدم تركيز كانت تحاول فتح فستانها من رباطه من الخلف وعندما لم تفلح اصابعه بفتحه بسبب فرط مشاعره المشتعلة قرر تمزيقه بإمساك حمالاته الرفيعة وشدّها كل واحدة بجهة ، ليصدر عندها صوت تمزيق مرتفع عن قماش الفستان الفاخر ، انتفضت (نادية) وهي تغمض عينيها بقوة محاولة تقوية نفسها بالصمود أمامه وهي تمني نفسها بأنه سينتهي قريبا .
دفعها (حسام) مستلقية على السرير لينزل معها وهو مستمر بمحاولة تمزيق ما تبقى من الفستان ، ليتوقف بعدها فجأة عما يفعله ما أن شعر بيدها تمسك بشعره بقوة تكاد تقتلع خصلاته وهي تتمتم بخفوت باكي
"أرجوك أخبرني متى ستنتهي فقد تعبت كثيرا ، هل تبقى الكثير"
اتسعت عينيّ (حسام) وهو يرفع وجهه باتجاهها ليصدم عندها بمرأى وجهها الشاحب والمغرق بالدموع والتي لم يشعر بها من فرط الاشتعال ورغبته بها والتي كان يشعر بها بهذه اللحظة ، ليسارع بعدها بإمساك جانب وجهها بحنية وهو يقترب منها ليلصق جبينه بجبينها قائلا بخشونة ومرارة
"أرجوكِ سامحيني لأنني سببتُ لكِ الألم مرة أخرى بغبائي وتهوري ناسيا بأنها تجربتك الأولى وبأنكِ أرق من أن تحتملي كل هذا ، ولكن لا تقلقي فأنا سأريحك من كل هذا العذاب"
قبلها (حسام) على شفتيها المتورمتين بهدوء ليقبلها مرة أخرى وهذه المرة على جبينها ، ليستقيم بعدها بجلوسه من على السرير قبل أن يقف ليغادر الغرفة بأكملها بهدوء وسكون ، فتحت (نادية) بعدها بلحظات عينيها والمليئة بالدموع المتحجرة لتتحرر عندها الدموع وهي تنزل على خديها بسرعة ليتبعها عدت شهقات منهارة وهي تنظر لصورة سقف الغرفة الضبابية والغير واضحة بسبب الدموع المتجمعة بمقلتيها .
انقلبت (نادية) على الوسادة من تحتها وهي تدفن كل أوجاعها بوسادتها من يتم وحزن وضعف لن يفارقها ابدا فيبدو أن زوجة عمها كانت محقة بالنهاية بأنها ستفسد كل شيء ببلاهتها المعتادة وقد يتحقق أيضا باقي كلامها ويعيدها لهم بصباح اليوم التالي بعد أن اكتشف أنها بلا فائدة .
__________________
شعرتُ بأشعة الشمس تحرق وجهي الشاحب قبل أن افتح عينيّ الحمراوين بهدوء وانا ما أزال متسمرة بالنظر للأعلى بجمود كالجثة ، لأحرك يديّ بعدها بهدوء وأنا أرفعهما لجسدي والمغطى بالقماش الأبيض والممزق ، لتنزل عندها دمعة يتيمة من طرف عيني لتسقي الوسادة من تحتي ما أن اكتشفت بأن كل ما حدث بليلة أمس لم يكن حلما بل كان حقيقة مخزية عن ضعفي وفشلي بكل شيء .
حاولتُ النهوض بهدوء من على السرير وأنا أثبت الفستان على صدري بقوة وكأنه الشيء الوحيد والذي تبقى لي من مأساة ليلة أمس ، لأنزل بعدها من على السرير وأنا أضع قدمي على أرض الغرفة ولكن ما أن وقفتُ على قدمي العاريتين حتى شعرت بالصورة تهتز من حولي قليلا لأستند عندها بخشب السرير وأنا مستمرة بالسير بعيدا باتجاه الحمام ، لأصل بنهاية الطريق للحمام الملحق والمكان الوحيد والذي سأجد به الأمان حيث لا يستطيع أحد اقتحام خصوصيات الآخرين .
خرجتُ من الحمام الملحق بعد دقائق لأتجه للخزانة من فوري لأفتحها عندها بهدوء لأختار ما ارتدي ، لأصدم بعدها بالملابس القصيرة والفاضحة والتي تحتل كل الخزانة بأكملها وأغلبها فساتين ، وبما أنني نقلتُ كل ملابسي والتي ارتديها عادة لمنزل (فؤاد) فلن أجد أي منها موجود هنا ، لأختار بالنهاية أكثرهم تسترا وهو عبارة عن فستان جينز ازرق يصل لأسفل الركبة بقليل بدون أكمام وينغلق بالأزرار من اسفله لأعلاه مع ياقة واسعة وأنيقة ، بينما تركتُ شعري المبلل والذي كان ما يزال يقطر ماءً منثورا بحرية حتى يجف من الماء .
بعد أن انتهيتُ من أغلاق أزرار الثوب أمام مرآة الخزانة اتجهت بعدها من فوري لخارج الغرفة ، تنقلتُ بنظري بغرفة التلفاز الفارغة لأنتقل بعدها للمطبخ والفارغ أيضا لألمح عندها زجاجة عصير ملقاة على الأرض ومحطمة لشظايا ولأنه لا يوجد أي سائل حولها فهذا دليل على أنه شربها قبل أن يلقيها محطما إياها .
ابتلعت (نادية) ريقها بارتجاف قبل أن تقترب ببطء منها لتنزل على ركبتيها لتحاول إمساك قطعها بحذر لتلقيها بسلة المهملات حتى أنها جرحت نفسها بقطعة زجاج مدببة وهي تلقيها بسلة المهملات ، ولكنها لم تهتم للجرج السطحي وهي مستمرة برمي باقي القطع بسلة المهملات حتى انتهت .
خرجت (نادية) من المطبخ وهي تتنهد بتعب لتنظر بعدها لباب الشقة وهي تفكر بحل لتنهي كل هذا العذاب ، لتقرر عندها بكل تهور أن تخرج من الشقة وهي تتجه لبابها لتفتحها بحذر لتخرج بعدها بسرعة وهي تغلق الباب من خلفها بهدوء ، نظرت (نادية) من حولها برهبة وللممر الطويل بتوتر ولكنها لن تتراجع الآن كالجبناء وتترك زوجها بعيدا عنها بثاني يوم لهما بعد أن خذلته وجعلته بهذه الحالة المنهارة لينفس عن غضبه بتحطيم أي شيء أمامه .
اجتازت (نادية) أروقة الممر وهي تسير بهدوء وتنظر من حولها بحذر حتى أنها من العجلة نسيت قدميها عاريتين بدون أي حذاء ، لتصل للسلم الطويل والرابط بين الشقق والممرات لتنزله عندها بهدوء متجاهلة المصعد ومن حسن حظها أن شقتهم متواجدة بطابق الثاني وهذا يعني قريبة من الطابق الأرضي للفندق .
ما أن وصلت (نادية) لبهو الفندق حتى شعرت بالرهبة أمام كل هذا الحشد من الناس وكل منهم متجه بطريق ، بينما هي تجمدت بمكانها وجميعهم يسيرون بمحاذاتها بدون أن يعيرها أحد أي اهتمام وخاصة مع قصر قامتها لتشعر عندها برغبة بالبكاء وكأنها طفلة تائهة بين مجتمع كبار وعمالقة ، لتصطدم بعدها نظراتها بمنقذها والذي لم تراه منذ ليلة أمس لتسحر عندها بطلته الوسيمة والتي عشقتها بمراهقتها وهي تنظر لوقفته الشاردة عند زاوية بعيدة ببهو الفندق وهو يرتدي سروال رجالي ممزق يعلوه قميص ابيض مفتوح الأزرار حتى المنتصف ليظهر صدره العضلي ، بينما شعره الكستنائي مبعثر بفوضة دليل أنه لم يهذبه بعد أن بعثرته بأصابعها بليلة أمس ، لتصل بالنهاية وهي تنظر بصدمة ليده والممسكة بالسيجارة والتي تراها بيده لأول مرة فهل وصل به الحال من الانهيار لأن يدخن ؟ ولكن ليس هذا ما صدمها أكثر بل الواقفة بجانبه والتي كانت تضع يدها على كتفه بكل وقاحة والظاهر أنها كانت تواسيه قبل مجيئها وقد يكون أيضا من قضا معها طول ليلة أمس بصحبتها لتواسيه حتى أنها تمتلك نفس الشعر الكستنائي الناعم والشبيه بشعر زوجها .
انتفضت (نادية) ما أن انتبهت على نظرات (حسام) والتي تحولت باتجاهها وهو يحدق بها بتركيز وكأنه يحاول التأكد من هويتها ، لتتحول نظراته بلحظة واحدة لنارية حادة وهو يتحرك من وقوفه ليبتعد عن الجدار ليتجها امامها متجاهلا الفتاة والتي كانت تحدق بأثره باستغراب ، ليصل بالنهاية إليها ليصبح مقابلا لها تماما وهو ما يزال ينظر إليها بنظراته الحادة والتي لم تفارقها ابدا والناس ماتزال تتحرك بكل مكان لتفصل بينهما .
قطع (حسام) المسافة بينهما وهو يرفع يده ليمسك بكفها الصغير بهدوء قبل أن يهمس بحدة خافتة
"اتبعيني بدون أي كلمة حفاظا على حياتك"
بعد أن أنهى (حسام) كلامه الحاد تحرك مبتعدا عن بهو الفندق وهو يسحبها خلفه ، بينما كانت (نادية) مسحورة بما رأته قبل قليل وهو يترك تلك الفتاة ليتجها إليها من فوره ليمسك بيدها بين زحام الناس لتشعر عندها بالأمان وكأنها قد وجدت طريقها الصحيح والذي سيوصلها للراحة الأبدية والتي حلمت بها طويلا .
ما أن وصل بها (حسام) للشقة ليدخلها حتى أغلق الباب من خلفه ليلقي بعدها بالسيجارة من يده على الأرض قبل أن يدوسها بحذائه بقوة ، بدأت (نادية) بالكلام قائلة بحيرة وهي تنظر لمكان قدمه
"لم أكن اعلم بأنك تدخن ، هل كنت تدخن منذ وقت طويل أم من وقت قصير"
التفت لها (حسام) بعنف قبل أن يفلت يدها ليمسك بذراعيها العاريين بقوة قائلا بشراسة مخيفة
"أنا من عليه أن يسألك لا انتِ ، كيف تجرأتِ على الخروج من الشقة وحدك وأنا غير موجود معك ، هل فقدت عقلك لتفعلي هذا"
تجمدت ملامح (نادية) لثواني قبل أن تقول ببرود وهي تنظر بعيدا عنه
"ولكني انتظرتك ولم تأتي ، لذا قررت الخروج للبحث عنك ، وانا لستُ طفلة لتخاف عليّ هكذا"
هزها (حسام) من ذراعيها بقسوة وهو يقول بعدم تصديق
"توقفي عن هذا الكلام فأنتِ بتصرفاتك هذه تثبتين حقا بأنكِ مجرد طفلة ولن تتعقل ابدا قبل أن اضربها كالأطفال لكي لا تعيدها مجددا ، ومرة أخرى لا تخرجي للبحث عني حتى لو غبت عنكِ لمدة سنة كاملة سمعتني"
زمت (نادية) شفتيها بارتباك قبل أن تقول بحنق
"لما تضايقت هكذا ، أكل هذا لأني قاطعت عليك صحبة تلك الفتاة الوقحة"
تصلبت ملامح (حسام) بشكل مخيف لترتبك (نادية) وهي تلعن لسانها والذي نطق بكل هذا بلحظة غضب منها ، ليقول (حسام) بعدها بلحظات بتصلب جامد
"هل تظنين بأنني كنتُ استمتع بصحبة تلك الفتاة الوقحة وأتسلى معها طول ليلة أمس ، إذاً انتِ لا تعرفين زوجك جيدا يا سيدة نادية"
كانت (نادية) تنظر إليه بصمت وهي لا تعرف بماذا تجيب عليه فقد تمادت كثيرا بكلامها وخاصة امامه ، ليقطع عليها شرودها صوت (حسام) وهو يقول بغضب وبأنفاس مشتعلة ناظرا لفستانها بتدقيق
"وأيضا كيف استطعتِ الخروج بهذا الفستان أمام الناس وبدون أن ترتدي حذاء ، هل جننتِ ألا تعلمين ما لذي أصابني عندما رأيتك بهذا الفستان والذي جعلك اشبه بدمية صغيرة بشعر أسود طويل"
اتسعت عينيّ (نادية) وهي تشعر بالغزل بكلامه لتقول بعدها ببرود وهي تعض على ابتسامتها بقوة
"وماذا تريد مني أن ارتدي وكل الملابس بالخزانة بنفس نوع هذا الفستان وأسوء ومن العجلة نسيت ارتداء حذائي"
عقد (حسام) حاجبيه بتفكير قبل أن يقول بانفعال وهو ينظر بعيدا عنها
"لأن كل هذه الملابس موجودة من أجل أن ترتديها أمامي وليس أمام كل الناس فأنا لم أحضرها لكِ من أجلي أن تخرجي بها يا غبية"
لم تستطع (نادية) منع نفسها من الابتسام بسعادة وهو يفكر بها بكل شيء وجهز الكثير من أجلها وكل هذا قبل حفلة زفافها لتفسد هي كل شيء بغبائها وضعفها المعتاد حتى أنها لم تستطع الرد عليه بشيء مما فعله من أجلها .
ترك (حسام) ذراعيها بهدوء وقبل أن يستدير عنها أوقفته (نادية) وهي تمسك بيده لينظر لها باستغراب ، لترفع بعدها نفسها على أطراف أصابع قدميها لتحيط بعنقه بذراعيها وهي تريح رأسها على كتفه قبل أن تهمس بخفوت شديد
"أرجوك أنسى ما حدث بليلة أمس ولنبدأ من جديد فقد كنتُ بوقتها بحالة ضياع شديدة وأنا الآن مستعدة للتجربة"
امسك (حسام) بخصرها بيديه المتشنجتين وهو يقول بضعف مرتبك
"ولكني لا أريد أن أعود لأذيتك مرة أخرى فقد جربتُ من قبل ولا أريد أن أفعلها مجددا ، فقد تكرهينني إذا حدث هذا الأمر وأنا لا احتمل كرهك لي ابدا"
شددت (نادية) بتطويق عنقه هامسة بتأكيد
"لن يحدث هذا لأنني احبك ومنذ أن كنتُ مراهقة صغيرة"
تنهد (حسام) باشتعال من هذا الاعتراف الصريح وقبل أن يعلق بشيء كانت (نادية) قد ابعدت رأسها عن كتفه لتقترب بشفتيها الصغيرتين منه لتقبل شفتيه بهدوء يناسب شخصيتها ، بينما اتسعت عينيّ (حسام) وهو يتذوق شيء جديد بقبلتها الهادئة والمغرية بعكس اشتعال مشاعره ، وما أن كانت (نادية) على وشك إبعاد شفتيها عنه حتى أعادها (حسام) وهو يمسك بمؤخرة رأسها ليعيدها لقبلته العنيفة والمجنونة وهو يتخلل خصلات شعرها المبللة بيد ويمسك بخصرها ليرفعها عن الأرض باليد الأخرى ، ليدور بها بدوامة لا نهاية لها من المشاعر حتى وصل بها للسرير وهو ما يزال يقيد شفتيها بقبلته المجنونة والتي تعبر عن كل مشاعره ورغبته بها .
ما أن استلقى معها على السرير وهو فوقها حتى فك حصار شفتيها لينتفض بعدها قائلا بحدة وهو يمسك بيدها وللجرح فيه
"ما هذا كيف أصبت بهذا الجرح"
ردت عليه (نادية) ببعض الإحراج
"أنه لأني عندما كنتُ ألقي بقطع الزجاج المحطمة بأرض المطبخ ، أنسى الأمر فهذا ليس وقته الآن"
عقد (حسام) حاجبيه وهو يقول بيأس
"ستبقين دائما بلهاء"
كانت (نادية) سترد عليه بغضب لولا أن اسكتها بقبلته النارية لينتقل بعدها ليدها المجروحة وهو يقبل راحتها وللخدش الصغير فيه ، لينزل عندها لعنقها البيضاوي وهو يقبله من ياقة فستانها الواسعة ، ليبدأ بعدها بفك أزرار فستانها الكثيرة وهو ينزل بشفتيه مع انحدار ازرارها للأسفل ، ما أن شعر بتصلب جسدها وارتجافه حتى رفع رأسه بسرعة ليعود لوجهها وهو يهمس عند أذنها بصوت خافت منفعل وبأنفاس ملتهبة
"لا تخافي يا صغيرتي فأنا لن اؤذيكِ ، فأنتِ حبيبتي والتي احببتها منذ كانت مراهقة صغيرة وما زالت"
شعرت (نادية) بكلماته كالمسكن على قلبها الملهوف للحب ، لتتعلق بعدها بعنقه بذراعيها لتدفن وجهها به وهي تتخلل بأصابعها خصلات شعره الكستنائي لتبعثره أكثر من قبل ، لتستمر مشاعرهما بالاشتعال وحبهما البريء قد أصبح يلتف من حولهما ليشكل هالة من الدفء شبيه بدفء هذا الصباح الباكر والمشرق عليهما .
__________________
كانت تضع رأسها فوق المرحاض وهي تستفرغ بكل ما بداخل معدتها الخاوية أصلا حتى أنها شعرت بروحها ستخرج معها ، لترفع بعدها رأسها بعيدا وهي تستقيم بوقوفها قبل أن تحرك رافعة المرحاض لتنظف كل ما بداخلها من مياه ملوثة ، ابتعدت باتجاه مرآة الحمام لتقف أمامها بتخاذل وهي تنظر لصورتها المريعة والتي هي عبارة عن عينين جاحظتين باحمرار وهالات سوداء كثيرة تحتهما وشفتين مزرقتين مع وجه أبيض شاحب كأنها شبح بهيئة انسان .
ابعدت (سائدة) نظرها بعيدا عن صورتها وهي تتنهد بتعب ، لتفتح بعدها صنبور الماء أمامها على أقاصاه لتقذف الماء على وجهها بقوة عله يخفف القليل من وجعها والاحتراق بأحشائها ، بعد أن انتهت أقفلت صنبور الماء لتلتقط بعدها المنشفة بجانبه لتجفف بها وجهها وهي تشعر بالقليل من التحسن .
خرجتُ من الحمام الملحق لأتجه من فوري للسرير لأجلس فوقه بهدوء وأنا أنظر للنافذة أمامي بشرود ولليل البارد من خلالها وأنا أفكر بحياتي القادمة ، لقد مرّ تقريبا أكثر من اسبوع بدون أن ألمح أي أثر ل(لؤي) فقط اسمع صوت سيارته وهي تدخل من البوابة الخارجية للقصر وبعدها يختفي كل شيء حتى أنه لم يعد يأتي لغرفته ولا لأي غرفة بالطابق الثاني وألا لكنتُ سمعتُ صوت أبواب الغرف وهي تفتح بليل ، ولكنه فضل المبيت بالطابق الأرضي من القصر بعيدا عني وكأنه يتقصد فعل كل هذا بعد فعلتي الأخيرة والتي كانت القشة الأخيرة بعلاقتنا ، ولكني لم أكن أتقصد فعل كل هذا وما آلت إليه الأمور بل كل ما أردته هو أن اصفي حسابي مع (راشد) وننهي كل ما كان بيننا لكي لا يعود لتهديدي مرة أخرى وحتى ورقة الطلاق والتي أحضرها معه لم أكن أسعى للحصول عليها فقط كنتُ أريد أن أعرف ما ينوي عليه وما لذي عليّ دفعه بالمقابل .
رفعتُ يديّ الاثنتين بهدوء لأضعهما على بطني وأنا ألامسها بحنية ، لأبتسم بعدها بشرود وأنا أفكر بالطفل والذي بدأ يتكون بداخل أحشائي وبدون أن أحاول التأكد من وجوده فقط بالغريزة وقد شعرتُ بها منذ أول يوم مرّ عليّ بالأسبوع لتتالى بعدها الأيام وأنا اشعر بوجوده يحتل المكان بأكمله ، لم اشعر عندها بالدمعة وهي تنزل على خدي بسكون ما أن تذكرت عبارة (لؤي) وهو ينعتني بأم أولاده المستقبلية لتختفي بعدها جمال العبارة وصاحبها معها ما أن تحقق الأمر .
احتضنت (سائدة) بطنها بذراعيها بقوة هامسة بهدوء ولهفة
"لو تعلم مدى شوقي لرؤيتك وخروجك لهذه الحياة لتواسي وحدتي ، أعدك بأنني سأجعلك كل شيء بالنسبة لي وسأكون انا بالمقابل كل شيء بالنسبة لك"
وقفت (سائدة) بشموخ لتتجه لنافذة غرفتها لتنظر من خلالها للسواد القاتم والذي لا يضيئه سوى مصابيح الحديقة ، لتلمح بعدها المشهد الروتيني والذي اعتادت على رؤيته منذ أيام وهي ترى سيارة (لؤي) السوداء تدخل من البوابة الخارجية للقصر ليخرج منها بعد أن سلم مفتاحها لحارسه ، ليبتعد عنه بعدها باتجاه بوابة القصر ليختفي عن نظرها تماما كالعادة .
تراجعت (سائدة) بخطواتها لتبعد يديها عن بطنها وهي تفكر بشيء مهم عليها فعله ، لتتجه بعدها باتجاه باب غرفتها وهي تسير بخطوات هادئة ، وما أن خرجت من غرفتها حتى سارت بسرعة باتجاه السلالم لتنزل درجاتها بهدوء وهي تنظر لبهو المنزل والسابح بالظلام ، لتجتاز بعدها بهو المنزل وهي تبحث عنه بنظراتها لتلتقط عينيها الضوء الخافت والمنبعث من باب غرفة المكتب المغلقة .
عقدت (سائدة) حاجبيها وهي تفكر بأنها عرفت الآن أين كان يقضي لياليه بالأيام الماضية ، نفضت (سائدة) هذه الأفكار عن رأسها وهي تسير باتجاه غرفة مكتبه ، لتزفر بعدها أنفاسها بقوة قبل أن ترفع يدها لتطرق على باب مكتبه بهدوء لتخفض بعدها يدها لتمسك بها مقبض الباب وهي تفتحه بحذر .
دخلت (سائدة) لغرفة المكتب ليطل عليها (لؤي) الجالس على مقعده وهو يسند رأسه بيديه على سطح المكتب بإنهاك ، تنحنحت (سائدة) بمكانها لتنبهه لوجودها قبل أن تقول بصرامة جادة
"أريد التكلم معك فهل تعطيني القليل من وقتك"
رفع (لؤي) رأسه بسرعة باتجاهها وهو ينظر إليها بصدمة وعدم تصديق ، ليتسمر بعدها بمكانه وهو يخفض يديه لينظر لوجهها الشاحب والبارد والذي اشتاق إليه كثيرا بل كل ما فيها اشتاق إليه بداية من أسفل قدميها الباردتين ليصل لأعلى رأسها ذات الشعر الأسود الكثيف والناعم ، تمالك (لؤي) نفسه وهو يخفض نظره لسطح المكتب قائلا ببرود جليدي
"اعتذر ليس لدي وقت لسماعك فأنا مشغول جدا"
غامت عينيّ (سائدة) بحزن وكانت على وشك الرحيل لتغير رأيها بآخر لحظة وهي تدفع الباب على اتساعه لتدخل للغرفة بهدوء وأمام عينيه المصدومة ، لتغلق بعدها الباب من خلفها لتتجه عندها لمكتبه بكل هدوء وبرود وكأنها بغرفتها ، ابعد (لؤي) عينيه عنها بلا مبالاة لينقلهما لشاشة الحاسوب أمامه ، وصلت إليه (سائدة) لتقف بجانبه وهي تشعر بالألم من تجاهله البارد لها لتقول بعدها بلحظات بحزم هادئ
"لؤي توقف عن تجاهلي هكذا فما سأقوله لك مهم جدا"
لم يعلق (لؤي) بشيء بل لم يلتفت إليها حتى وهو يعطي كل اهتمامه للحاسب أمامه ، لترفع (سائدة) عندها كفها باتجاهه لتضعها على كتفه بهدوء ، لتعود بسرعة لخفض كفها عن كتفه ما أن انتفض (لؤي) بمكانه وهو يقف عن مقعده بثوران ، قال (لؤي) بعدها بصلابة وهو يعطيها ظهره
"ألم تسمعي ما قلته لكِ انا مشغول ولا أريد من أي أحد أن يقاطعني بعملي لذا من فضلك اخرجي من مكتبي فورا"
زمت (سائدة) شفتيها بتعب وهي تحاول استجماع طاقتها أمامه ، لتهمس بعدها بلحظات بتشنج خافت
"فقط اسمعني لن أؤخذ من وقتك الكثير فأنا.."
قاطعها (لؤي) بصراخ وهو يشدد على كل كلمة
"قلت لكِ اخرجي لما لا تفهمين ما أقول ، لما تصرين على عصيان أوامري"
صمتت (سائدة) وهي تشعر بالألم يعود لينهش مقاومتها الهشة ، لتتقدم بعدها باتجاهه أكثر حتى أصبحت ملاصقة لظهره تماما قبل أن ترفع يدها لتمسك بها كتفه ، ولكن ما أن فعلت هذا حتى انفعل جسد (لؤي) أكثر وهو يفقد السيطرة على نفسه ليستدير لها بعدها بلحظات بعنف ليصدم جسدها بدون قصد منه ليؤدي عن ذلك سقوط (سائدة) على أرض الغرفة ومن حسن حظها أنها أمسكت بالمقعد أمام المكتب لكي لا تكمل سقوطها على الأرض الصلبة ، لتضع بعدها بسرعة يديها لا إراديا على بطنها وكأنها بذلك تحمي جنينها من الأذى والذي كان سيلحق به ، بينما تجمد (لؤي) بمكانه مما فعله وقد كان على وشك أن يجثو أمامها ليعود ليقوي نفسه قبل أن يقول بجفاء
"ما لذي تريدين الوصول إليه بحركاتك هذه ، لقد تركت لكِ الحرية لفعل ما تشائين وحتى يمكنك تحقيق امنيتك الوحيدة بالتخلص مني ، فماذا تريدين مني أكثر من هذا"
كانت (سائدة) تنظر إليه بجمود وهي ما تزال جاثية على الأرض أمامه وكان هو بالمقابل ينظر إليها بنظرات مشتعلة مليئة بالرغبة ، لينخفض بعدها أمامها وعينيه الخضراء تلمع بالمشاعر الفياضة ليقول عندها بخفوت حاد
"لما تفعلين كل هذا ، ألا تعلمين مقدار المجهود والذي أبذله من أجل ألا أضعف أمامك واظهر مشاعري والتي ترفضينها وكل هذا من أجل أن تحصلي على الحرية مني والتي كنتِ دائما تصرين عليها"
كانت (سائدة) تنظر لوجهه القريب منها ولعينيه والمليئة بالرغبة والتي تعرفها جيدا ، لتهمس بعدها بخفوت ضعيف
"لا داعي لأن تبذل أي مجهود بمنع نفسك عني"
اتسعت عينيّ (لؤي) بعدم تصديق لما سمعه منها ليمسك بعدها بذراعيها بقوة وهو يهزها منهما قائلا بانفعال غاضب
"ماذا تقصدين بهذا الكلام يا سائدة ، فأنا لم اعد أفهمك ابدا ، أولا تريدين الطلاق مني بعدها تتفقين مع أعدائي للتخلص مني وبعد كل هذا تأتين إلى مكتبي لتعذبيني بوجودك بعد أن قررت أن ابتعد عنكِ لأريحك من وجودي"
كانت (سائدة) تتنفس بسرعة وهي تشعر مع هزاته بالعالم يدور من حولها بقوة لترمش بعينيها عدت مرات بإعياء قبل أن تغلقهما نهائيا ، توقف (لؤي) عن هزها ما أن شعر بتخاذل جسدها ورأسها منخفض للأسفل بإنهاك ، ليقول (لؤي) بعدها بسرعة وهو يرفع رأسها ليربت على خدها بهدوء
"سائدة ما لذي أصابك ، هيا افيقي وتوقفي عن إرعابي هكذا"
وعندما لم يجد أي رد منها حملها بين ذراعيه بسرعة ليتجه بها لخارج المكتب ليسير بعدها للسلالم وأخيرا لغرفتها ، ما أن دخل لغرفتها حتى وضعها بسرعة على السرير ليتناول بعدها كأس الماء بجواره ، ليبدأ عندها برشق الماء على وجهها على شكل قطرات بيده وهو ينظر لشحوب وجهها المبالغ كالأموات .
بدأت (سائدة) بفتح عينيها ببطء وإعياء لترمش أكثر من مرة وهي تشعر بالماء يهبط على وجهها كقطرات المطر ، لتهمس بعدها بتذمر وهي ترفع يدها لتمسح الماء عن وجهها الشاحب
"توقف عن رش الماء لقد استيقظت"
توقف (لؤي) وهو ينظر إليها بتركيز ليعيد بعدها الكأس مكانها قبل أن يقترب بوجهه منها لينظر إليها جيدا وهو يجلس بجانبها على السرير ، ليقول بعدها بجدية وهو يتلمس وجهها الشاحب
"ما لذي أصابكِ حتى غبت عن الوعي هكذا ، ولما وجهك شاحب هكذا ألا تأكلين جيدا ، هيا تكلمي"
ابتلعت (سائدة) ريقها بجفاف قبل أن تهمس بإنهاك وهي تنظر له بعين واحدة
"لا تقلق انا بخير فقط هذه من آثار الحمل"
عقد (لؤي) حاجبيه وهو يقول بغباء
"حمل ، أي حمل.."
اتسعت عينيّ (لؤي) ما أن فهم مقصدها قبل أن يقول بشك خافت
"هل انتِ حقا حامل"
حركت (سائدة) رأسها بالإيجاب بصمت وهدوء ، ليقول (لؤي) بعدها بلحظات بتفكير
"وكيف عرفت هذا ، هل أجريت اختبار الحمل المنزلي"
رفعت (سائدة) يدها لبطنها وهي تتلمسها بهدوء قائلة بتأكيد وبابتسامة حانية
"بل غريزتي واحساسي هما من اخبراني بأن هناك حياة تتكون بداخل أحشائي"
رفع (لؤي) حاجبيه بصدمة من كلامها الرقيق والذي يسمعه لأول مرة ، ليبتعد بسرعة عنها وهو يجلس على السرير بوجوم ناظرا لها وهي تتلمس بطنها بسعادة ولهفة غريبة عليه ، قرر (لؤي) بعدها بلحظات الانسحاب لتوقفه (سائدة) وهي تمسك بذراعه قبل أن ينزل من على السرير قائلة بابتسامة مهتزة
"ألا تريد أن تبارك لأم أولادك المستقبلية أم أني لم اعد استحق هذه المكانة بعد الآن"
فتح (لؤي) شفتيه وهو يحاول الكلام ليعود لأغلاقهما بيأس ، ليقترب بعدها منها وهو يزحف باتجاهها على السرير حتى وصل إليها ليخفض وجهه أمام وجهها ليقبل جبينها بعمق قبلة طويلة تعبر عن كل ما كان سيقوله ، بدأت أنفاس (لؤي) بالتهدج أمام جبينها لينزل من فوره بشفتيه وهو يقبل كل أنحاء وجهها الشاحب ليصل بالنهاية لشفتيها وهو يقبلها بشراسة جائعة ، بينما تقبلت (سائدة) الأمر برحابة صدر وهي تعانق عنقه بيد وبيدها الأخرى تضعها على جنينها وكأنه يشاركهما هذه العلاقة .
__________________
شعرت بالدفء يجتاح جسدها ليخفف من البرودة الجليدية من حولها لتشعر بعدها بيد تتخلل شعرها بنعومة لتعود لرميه على وجهها بلطف ، تململت بنومها قبل أن تفتح عينيها بهدوء لتقابل عندها عينين خضراوين قويتين تنظران لها بتركيز مع ابتسامة جذابة واسعة ، ابتعد عنها (لؤي) ليجلس بجانبها على السرير قائلا بهدوء
"وأخيرا استيقظتِ أكل هذا نوم لقد اتعبتني وأنا أحاول إيقاظكِ منذ نصف ساعة"
التفتت له (سائدة) وهي تنظر له بحيرة قبل أن تستقيم بجلوسها وهي تضع يدها على جنينها لتتأكد من وجوده معها ، وما أن كانت على وشك الكلام حتى سبقها (لؤي) قائلا وهو يتناول الصينية من جانب السرير
"لقد لاحظتُ بأنكِ لم تعودي تهتمي بنفسكِ جيدا وبما أن هناك جنين يتكون بداخلك ويحتاج للغذاء فذلك الجنين هو من سيدفع ثمن إهمالك هذا ، لذا قررتُ مساعدتك بغذائك وسنبدأ الآن بالإفطار"
نظرت (سائدة) للصينية أمامها والتي وضعها (لؤي) فوق ركبتيها وإلى الأطعمة المكدسة فوقها ، لتقول بعدها بلحظات بخفوت وهي تبعد الصينية من أمامها
"لا استطيع فمعدتي تؤلمني الآن ولن تتقبل أي نوع من الطعام"
امسك (لؤي) بالصينية ليعيدها أمامها قائلا بحزم
"لا تناقشيني يا سائدة لأنكِ ستتناولين هذا الطعام ولو رغما عنكِ ، وإذا عاندتِ أكثر فأنا من سيطعمك هذا الطعام بنفسي"
كانت (سائدة) تحرك رأسها بالنفي بضعف شديد ، ولكن (لؤي) لم يعرها أي اهتمام وهو يمسك بقطعة الخبز ليدسها بعدها بفمها رغما عنها ، كانت (سائدة) تمضغ الطعام ببطء وهي تنظر له بامتعاض وتجهم ، واما (لؤي) فقد كان ما يزال مستمر بتقطيع الخبز مع الجبن ليضعها بداخل قطع الخبز على شكل لقيمات قبل أن يرفعها ليحشرها بداخل فمها بهدوء ، بينما كانت (سائدة) جامدة بمكانها وهي تتلقف لقيماته من كفه الكبيرة بهدوء وانجذاب لهذا الشخص والذي يطعمها بيديه كأنها طفلة عنيدة تصر على عدم تناول الطعام .
مرت دقائق صامتة عليهما قبل أن تقطعها (سائدة) بعد أن شعرت بالاختناق من هذا الصمت قائلة بحيرة وهي تمضغ الطعام بهدوء
"هل أنت من حضر كل هذا الطعام بنفسك أم أحضرته من الخارج"
ردّ عليها (لؤي) ببرود وهو يضع لقمة الطعام بفمها
"بل أنا الذي حضرته فإذا طلبته من الخارج سيحتاج وقتاً طويلا حتى يصل إلينا ولن يستطيع ابني أن ينتظر كل هذا الوقت ، وغير هذا أردتُ صنع إفطار صحي ومميز لأبني من أجل أن يصبح أقوى بالمستقبل"
ابتسمت (سائدة) بهدوء لتقول بعدها بتفكير
"ولكن كيف أحضرت كل هذه المكونات ولم يكن هناك اي منها متواجد بالمطبخ"
نظر (لؤي) لقطعة الخبز بعد أن غطسها بالمربى ليرفعها بعدها لشفتيها قائلا بهدوء
"هذا لأنني ارسلتُ حارسي الشخصي ليذهب للسوبر ماركت القريب من هنا ليحضر لي كل ما احتاجه لطعام الإفطار"
تلقفت (سائدة) اللقمة بشفتيها وهي تفكر بكلامه والذي يعني أنه قد بدأ بتحضير الإفطار من الصباح الباكر بينما كانت هي ما تزال نائمة ، امتعضت ملامح (سائدة) بألم وهي تبعد شفتيها عن لقمة الطعام هامسة بإنهاك
"يكفي لقد شبعت لم اعد أستطيع استقبال المزيد"
قال (لؤي) بصرامة وهو يلوح بيده ليضع لقمة الطعام بشفتيها
"هيا يا سائدة هذه آخر واحدة وبعدها يمكنك أن تستريحي"
وضعت (سائدة) يديها على شفتيها برفض لكي لا يستطيع إدخال لقمة الطعام بفمها ، بينما ارتفع حاجبي (لؤي) بصدمة قبل أن يقول بشراسة وهو يبعد يديها عن شفتيها
"توقفي عن هذا يا سائدة وابعدي يديكِ وألا والله سأرغمك على تناول كل هذا الطعام من على الصينية"
ابعدت (سائدة) يديها عن شفتيها بغضب لتسمح له بإدخال لقمة الطعام الأخيرة بفمها ، كانت (سائدة) تمضغ الطعام بوجوم وهي تنظر إليه وهو يبعد الصينية من أمامها ليضعها على الطاولة بجانب السرير ليمسح بعدها يديه بالمنديل والذي أخرجه من جيب قميصه ، ليميل بعدها (لؤي) بجسده باتجاه الطاولة بجانب السرير ليحضر هذه المرة كأس الماء قبل أن يمده باتجاهها قائلا بأمر
"خذي اشربي من الماء قبل أن تغصي بالطعام لكي لا تضعي اللوم عليّ بعدها"
رفعت (سائدة) يديها لتلتقط كأس الماء منه قبل أن تقربه من شفتيها وهي ترتشف منه بهدوء ، ليعود (لؤي) لأخذه منها بعد أن افرغته وهو يضعه بجانب السرير مع الصينية ، قالت (سائدة) بعد لحظات بخفوت وهي تنظر لظهره بغموض
"لؤي هل سامحتني بعد أن عرفت باتفاقي وخروجي مع راشد ، ولكن صدقني كل لقائي به كان من أجل أن أطلب منه أن يبتعد عني ومن أجل ألا يخبرك باتفاقي معه ولكن كل شيء تحول للأسوء"
مرت لحظات صمت عميقة قبل أن يقول (لؤي) بدون أن يستدير لها وبجفاء
"حقا وهل كنتِ تظنين بلقائك هذا ستحلين المشكلة وتقنعينه بالانسحاب من حياتك ببساطة ، اسمعي انا أعرف أبن عمي أكثر من نفسي فهو شخص لا ينسحب بسهولة ولا ييأس عند نقطة محددة ببساطة وكل شيء يقدمه يكون له مقابل ، والذي حصل معكِ أنه عندما شعر بتخليكِ عنه بدأ يهددك ويغريك بورقة الطلاق وعندما لم ينجح كل هذا استخدم الطريقة الوحيدة المتبقية له وهو أن يدمر علاقتنا ببعضنا"
كانت (سائدة) فاغرة شفاهها من هذا التحليل المنطقي حتى أنها كانت ستظن أنه كان معهم بسيارة (راشد) ، ولكن الجيد بالأمر أنه لم يعرف ماذا كان المقابل والذي طلبه (راشد) منها ثمن ورقة الطلاق ، ارتجفت (سائدة) ما أن سمعت صوته وهو يقول بحقد أسود مخيف
"ليس هذا كل ما يضايقني ويجعلني اغضب منكِ بل لأنه وضعكِ برأسه ذاك الحقير فهو عادة لا يدقق بملاحقة الآخرين والانتقام منهم هكذا ولكن يبدو أنكِ مميزة بالنسبة له"
امتعضت ملامح (سائدة) بنفور من معنى كلماته وهي ما تزال تتذكر طلبه الحقير منها وكأنه يطلب منها أمرا عاديا معتادة على فعله ، همست بعدها (سائدة) بغصة حارقة
"هذا يعني أنك لن تسامحني ابدا"
ردّ عليها (لؤي) بغموض وهو ما يزال يعطيها ظهره
"سأسامحكِ وأتقبلكِ بحياتي من أجل ابني"
شعرت (سائدة) بألم بأحشائها وكأنها قد تلقت طعنة للتو لتضع بعدها يدها على جنينها وكأنها تستمد منه القوة ، ليتابع بعدها (لؤي) كلامه وهو يستدير باتجاهها قائلا بابتسامة ساحرة
"وسأسامحكِ أيضا لأني أحبكِ واثق بكِ أكثر من أي شخص آخر أعرفه بحياتي ، ويستحيل أن تنكسر هذه الثقة"
اتسعت عينيّ (سائدة) الدامعة بذهول قبل أن تشهق ببكاء لتهجم بعدها على (لؤي) وهي تطوق عنقه بقوة لتدفن وجهها به هامسة ببحة بكاء
"سامحني انا لم اقصد فعل كل هذا ، لم اقصد ، كنتُ فقط.."
صمتت (سائدة) وهي لا تستطيع الاستمرار أكثر بالكلام فلم يعد هناك شيء تقوله فأحياناً يكون الصمت هو الحل الأفضل بمثل هذه المواقف ، بينما طوقها (لؤي) بهدوء وهو يريح شفتيه على مقدمة رأسها الناعمة براحة ، ولم يكن يعلم أي منهما أن كل هذا من تأثير الحمل عليها والذي جعلها حساسة وهشة أكثر من الازم وعلى غير طبيعتها .
________________
قبل عدت أيام كانت تتململ بوقوفها وهي تنتظر أمام بوابة القاعة المغلقة بنفاذ صبر حتى فتح بابها أخيرا ليخرج منه حشد كبير من الطلاب ، لتلتقطه عندها عينيها بين مجموعة الطلاب وهو يسير بعيدا عنهم بمفرده .
تحركتُ بسرعة باتجاهه وأنا أحاول تجاوز الطلاب من حولي ، وما أن اقتربتُ منه حتى قلت بصوت مرتفع ليسمعني
"كريم أنتظر توقف"
توقف (كريم) فجأة بعد لحظات من سماعه لصوتها وبدون أن يستدير لها ، لتدور (مياده) من حوله لتقف أمامه وهي تلهث بتعب قائلة بحنق
"لما تجاهلت ندائي بأول مرة ، أكنت تتعمد تجاهلي"
كان (كريم) ينظر إليها ببرود قبل أن يقول بسخرية
"أعذري تجاهلي بالمرة القادمة سأسمع ندائك من أول مرة ، والآن ماذا تريدين مني لأني على عجلة من امري"
ابتلعت (مياده) الإهانة بصمت وهو يعاملها بهذه الطريقة والتي تراها منه لأول مرة ، لتقول بعدها بارتباك وتركيز وهي تنظر بعيدا عنه
"كنتُ أريد أن أخبرك بخصوص ما فعلته معك ورفضي الزواج منك ورفضي لمشاعرك بدون أي مبرر وجرحي لكَ بتصرفاتي أكثر من مرة.."
صمتت (مياده) لتأخذ نفسا طويلا وهي تفكر بما عليها قوله الآن ، ليقاطعها صوت (كريم) وهو يقول بنفاذ صبر
"وماذا أيضا هيا تابعي أم لم يعد لديك المزيد من الكلام"
زمت (مياده) شفتيها بامتعاض قبل أن تقول بخفوت شديد وهي تحاول انتقاء كلماتها جيدا
"أردتُ منك ، انت تعرف اني لم اتقصد فعل كل هذا بك فأنا لم أكن أعرف بأني آذيتك لهذه الدرجة.."
قاطعها (كريم) وهو يقول بملل شديد
"ماذا تريدين مني بالضبط يا مياده فقد مللت من كل هذا الكلام الغامض"
تنهدت (مياده) بإحباط وهي تفكر كيف لم يفهم على كل إشاراتها وأنها تريد الاعتذار منه ذلك الأبله ، وما أن كانت ستتكلم حتى سبقها (كريم) وهو يتجاوزها بعيدا ، لتسارع بعدها بالصراخ قائلة بالذي كانت تريد قوله
"أنا آسفة"
عاد (كريم) للتوقف مرة أخرى ليستدير لها بهدوء وقد كانت (مياده) قد وصلت إليه لتقف أمامه قائلة بشرود وهي تنظر بعيدا بندم
"اعتذر منك على كل ما بدر مني ، لقد كنتُ طول الوقت أفكر بنفسي وبمستقبلي ولم أكن أعرف بتأثير الأمر عليك وبآمالك والتي علقتها بي ، فيبدو أنني بالغت كثيرا بغروري ووقاحتي فقد كنت محقا بقولك أني بلا مشاعر ولا أفكر بأحد سوى بنفسي ، لذا هلا قبلت اعتذاري على تصرفاتي السابقة معك"
كان (كريم) ينظر إليها بعيون متسعة بذهول وهو لا يصدق اعترافها الصريح بأخطائها أمامه ، ليقول بعدها بوجوم وهو ينظر لها بتركيز
"لا داعي لتعتذري عن أمر أصبح من الماضي ، وأيضا لم أكن أقصد ما قلته لكِ بآخر مرة فقد كنتُ بوقتها بحالة غضب منكِ"
نظرت له (مياده) بهدوء قبل أن تقول بابتسامة ساخرة
"لا بل كل ما قلته عني كان صحيح وهو الذي كنتُ أراه بعيون الناس من حولي واسمعه منهم ، فأنا أعرف جيدا تأثير شخصيتي على كل من حولي فمنهم من كان يعجب بها ومنهم من كان يشعر بالنقمة والنفور منها"
ردّ عليها (كريم) بسرعة وهو يقول بقوة وجدية
"لا يهمني نظرة الناس لشخصيتك فالمهم عندي اني أراكِ مميزة ودائما ستبقين كذلك"
ابتسمت (مياده) بانبهار وهي تشعر بالفخر من كلامه والذي يرفعها دائما للنجوم ، ليقول بعدها (كريم) بإحباط وهو ينظر لها بحزن
"ولكن أريد فقط أن أعلم لما ترفضين الزواج مني ، ألا تكنين لي ولو جزء صغير من المشاعر أم أني لستُ الزوج المناسب لكِ"
ارتبكت (مياده) من سؤاله الصريح وهي لا تعرف بماذا تجيب عليه ، لتهمس بعدها بلحظات بتشنج خافت
"الموضوع لا يتعلق بمشاعري أو بك فأنا معجبة بك منذ رأيتك لأول مرة وقررت مصادقتك لأتقرب منك أكثر ، ولكن الموضوع يتعلق بدراستي فأنا لا استطيع إيقافها من أجل أي شيء فقد عانيت كثيرا حتى وصلت لهذه المرحلة ولا أريد أن أشغل ذهني بشيء آخر عن تحقيق حلمي"
عقد (كريم) حاجبيه بتفكير ليقول بعدها ببساطة
"لا بأس يمكننا عمل خطبة وعقد قراننا بهذه الفترة حتى تنهي دراستك بالمعهد والزفاف سيكون من بعدها ، وأنا أيضا سأنتظر معك فدراستي تنتهي بهذه السنة معك ويمكننا بوقتها عمل حفلة زفافنا مع التخرج ، ما رأيك"
فغرت (مياده) شفتيها بصدمة من كل هذه المخططات والتي لم تفكر بها بحياتها ، لتهمس بعدها بشك خافت وهي تنظر له برجاء
"هل أنت متأكد من قرارك ، يعني لن تغير رأيك بعدها أو بعد عقد القران"
ابتسم (كريم) باتساع قائلا بهدوء وهو يحرك رأسه بتأكيد
"أجل متأكد لا تقلقي ، وإذا كنت لا تصدقيني فسأعدك الآن بأني لن أغير رأيي ابدا لا بعد عقد القران ولا بعد مئة سنة وانتِ اكيد تثقين بوعودي مثل ثقتي بحبي لكِ"
تنهدت (مياده) براحة قبل أن تهمس بخفوت محرج
"حسنا ، انا موافقة"
ردّ عليها (كريم) بعدم فهم
"موافقة على ماذا"
قالت (مياده) بإحراج أكثر وهي ترجع خصلاتها المجنونة لخلف أذنيها بهدوء
"موافقة على الزواج منك"
مرت لحظات صامتة قبل أن يقول (كريم) بتأكد وقلق
"حقا ، هل ما تقولينه حقيقة"
ردت عليه (مياده) بحنق وهي تعض على شفتيها بإحراج
"أجل موافقة فلم تترك لي سببا لأرفضك"
لم تشعر (مياده) بنفسها ألا وهي محمولة بين ذراعيه بلمح البصر ، لتشهق بعدها بصدمة وهي تضرب على كتفه قائلة بغضب
"ماذا تفعل ، هيا انزلني قبل أن تفضحنا أمام الناس"
ولكن (كريم) لم يستمع إليها وهو ما يزال حتى الآن لا يصدق بأنها وافقت عليه أخيرا بعد معاناة ، ليسير بعدها بأروقة الممر والتي تفصل القاعات عن بعضها وهو يصرخ بصوت جهوري منفعل
"لقد أصبحت فاتنتي ملكي ، سمعتموني ملكي"
خبئت (مياده) وجهها المشتعل بقميصه من الإحراج بعيدا عن كل الأعين المتلصصة والتي كانت بين حاسدة من الشبان لخسارتهم الفاتنة والمعجبة بعلاقتهما المثالية والناقمة من الفتيات على حصولها على مثل هذا الشريك الوسيم والفضولية لرؤية الثنائي والتي أصبحت سيرتهما على كل لسان بالمعهد والسعيدة على تبديد روتين هذا اليوم الممل .
___________________
دخل للمنزل لينظر لبهو المنزل والسابح بالظلام تماما ليتجها من فوره للسلالم وهو يصعدها بهدوء ، ليتابع بعدها سيره بأروقة الممر ليتوقف بعدها فجأة بمحاذات غرفة (نادية) والتي أصبحت فارغة بعد رحيلها ليشعر عندها بالحمل القديم والذي أرغم على تحمله قد انزاح عنه أخيرا ، صحيح أن وجودها بالمنزل منذ سنوات لم يكن يشكل فارقا بالنسبة له ولكن رحيلها قد اشعره بفراغ لم يشعر به برحيل شقيقته (سائدة) وقد يكون السبب اعتياده على وجودها بحياته واهتمامه بكل امورها الخاصة ومعلقاتها فحتى الآن ما يزال يتذكر كلام والده القاسي بعد الفضيحة والتي سببتها (نادية) بفعلتها
(اسمعني جيدا من الآن ستهتم بكل شيء يتعلق بتلك الساقطة الصغيرة فهي لم تعد تهمني بشيء ولا أريد أن ألمح لها أي أثر بهذا المنزل بعد الآن ، لذا اهتم بكل شيء يخصها بعيدا عني وإذا حدثت معها أي مشكلة فهذا لا يهمني وحتى لو رميتها للبحر فأنت من الأن ستكون مسؤول عنها وولي امرها فقد تبرأت منها نهائيا ، هل فهمت كلامي جيدا يا عماد واتمنى حقا أن تكون بقدر هذا الحمل)
تنهد (عماد) بتعب وهو ينفض رأسه من هذا الماضي السحيق فبعد كل شيء استطاع أن يوصل هذا الحمل لبر الأمان أخيرا .
وصل (عماد) لغرفته ليفتح بابها بهدوء ليطل عليه المشهد والذي اعتاد على رؤيته منذ أيام وهو ينظر لشعر (جنا) البني المموج وهي جالسة عند النافذة بسكون تعطي ظهرها لباب الغرفة وحتى بعد أغلاقه للباب لم يصدر عنها أي حركة ، ليزفر بعدها (عماد) أنفاسه بيأس وهو يشعر بتغيرها الواضح باتجاهه وهذا بعد ما حدث بينهما بمنزل والدها ليرغمها بعدها باليوم التالي على العودة لمنزله وهو يهددها إذا لم تفعل فسيبيع منزل والدها بما أنه الرجل الوحيد بعائلتها وصهرهم الوحيد فلديه الحق بالتصرف بمنزلها وخاصة بعد أن أعطته (اميرة) هذا الحق قبل زفافهم وبدون أن تعرف (جنا) بذلك ، لتتحول علاقتهم بعدها لبرود جليدي من ناحيتها مع أنها تنفذ كل طلباته بالحرف الواحد بدون أي معارضة حتى أصبح يشعر مع مرور الأيام باشتعالها والذي اعتاد عليه ينطفئ شيئا فشيئا .
ما أن كان (عماد) سيتكلم حتى سبقته (جنا) قائلة ببرود هادئ
"لقد غسلت لك قميصك الأبيض من البقعة والتي كانت عليه وهو الآن بالخزانة ويمكنك ارتدائه"
صمت (عماد) وهو ينظر إليها بغموض قبل أن يتجه للخزانة ليخرج منها القميص الأبيض والذي كانت تتكلم عنه ، ليقول بعدها بلحظات بخفوت
"شكرا"
وعندما لم يسمع منها أي رد ذهب بعدها (عماد) للحمام الملحق ليخرج منه بعد ربع ساعة وهو يرتدي القميص الأبيض مع سروال قصير مريح ، ليلتفت بعدها باتجاهها وهي ما تزال على نفس جلستها الساهمة بالبعيد لينزل عندها بنظره لفستانها الطويل بلون الكريمة ليناسب بشرتها البيضاء والتي يشوبها بعض الاحمرار .
تقدم (عماد) باتجاهها حتى وصل إليها ليقف خلفها تماما وهو يضع يديه على كتفيها بهدوء قبل أن يخفض وجهه لأذنها هامسا بهدوء
"إلى متى ستبقين شاردة هكذا بعيدا عني ، ألا تعلمين مدى اشتياق سيدك إليكِ وإلى فارسته المشتعلة"
شعر (عماد) بتصلب كتفيها بدون أي رد ليقبل عندها خدها بهدوء قبل أن يغادر بعيدا عنها ، ليستلقي بعدها على السرير بهدوء وهو ينظر لظهرها ولشعرها الطويل الجامد وكأنه يتضامن مع صاحبته .
مرت لحظات هادئة على كليهما بعكس ما بداخلهما من مشاعر مشتعلة لا تهدأ ، ليقطع (عماد) بعدها الهدوء قائلا بحزم
"ألا تريدين النوم بجانبي فأنا أريدك معي وبهذه اللحظة"
ازداد الصمت حتى أصبح خانقا قبل أن تقول (جنا) بلا تعبير
"سآتي بعد قليل"
انتفض (عماد) جالسا على السرير وهو يستمع لنبرتها الباردة والمستفزة والتي تجاوزت حدود صبره لها ، ليقول بعدها بصرامة وهو يشدد على كلامه بغضب
"ألم تسمعي ما قلته لكِ للتو ، أريدك أن تكوني معي على السرير والآن"
ولكن لا حياة لمن تنادي و(جنا) ما تزال على نفس جلستها المتصلبة ، لينهض بعدها (عماد) عن السرير وهو يتجه إليها قبل أن يحملها عن مقعدها بقوة ليتطاير فستانها حول قدميها بهدوء ، ليعود عندها (عماد) للسرير وهو يحملها بين ذراعيه لتتعلق بعنقه بسكون جامد ، ما أن وصل بها (عماد) للسرير حتى وضعها عليه بهدوء وهو يشرف عليها من فوقها ، ليقترب بعدها من وجهها قبل أن يصدم بها وهي تبعد وجهها عنه بتصلب ، قال (عماد) بانقباض وهو يمسك بفكها ليعيده أمامه
"لما تتصرفين معي هكذا يا جنا وكأنني عدوك ولست حبيبك ، وأين مشتعلتي والتي كانت معطاءة بمشاعرها معي مثل تلك الليلة والتي قضينها بمنزل والدك"
ردت عليه (جنا) بجفاء وهي تنظر بعيدا عنه
"ولما تهتم لهذه المشاعر إذا كنتُ أنفذ كل طلباتك كالزوجة المثالية والتي كنت تريدني أن أصبح عليها ، وما أن أصبحتُ كما تريد بدأت تعترض عليها"
كان (عماد) يتنفس بهدوء قبل أن يهمس بانفعال حاد
"فلتذهب المثالية للجحيم إذا كانت ستحرمني من حبيبتي المشتعلة والتي اعشق كل شيء مشتعل فيها إذا كانت وقاحتها او انطلاقتها ، كل شيء"
عضت (جنا) على شفتيها وهي تمنع دموعها من الظهور هامسة باستنكار جامد
"الآن تقول مثل هذا الكلام بعد ماذا ، بعد أن حرمتني من عمل حياتي والذي أعمل به منذ سنوات وبعد أن حرمتني من الذهاب لمنزل والدي الحبيب لتحبسني بهذا المنزل مع عائلتك والتي لا تطيق وجودي وكأني طائر سجين بقفص ، وبعد كل هذا تريدني أن أعيش معك هكذا ببساطة"
كانت (جنا) تتنفس بقوة وهي تشعر بالغصة بداخلها تكاد تفتك بها وخاصة بعد أن تحملت كل هذه الأيام الباردة عليها بين عائلته وهي تتصنع دور الزوجة المثالية أمامهم ليكون رحيل (نادية) والوحيدة والتي كانت تواسيها القشة الأخيرة بالنسبة لها ، قال بعدها (عماد) فجأة بهدوء متشنج
"لم أكن أعلم بكل ما تعانيه بحياتك بين عائلتي ، ظننتُ أنه بهذه الطريقة ستصبحين مقربة أكثر من عائلتي وستكون حياتنا أكثر مثالية مثل والديّ وجميع أقراني والذين كانوا يعيشون مثلنا بدون أن يواجهوا أي مشاكل بحياتهم"
قالت (جنا) بعد لحظات بهدوء وجدية
"ولكني لستُ أعاني من عائلتك ولا يهمني إذا كانوا يتقبلونني بينهم أم لا فالمهم عندي أنك موجود بها ، فقط كل ما طلبته منك هو ألا تطردني من عملي فهو عالمي الخاص وعالم والدي ايضا والذي تكيفت معه منذ زمن ومع ذلك طردتني منه مع أول شجار حصل بيننا واستمريت بتقيدي اكثر وانت تعلم بأن هذا ما كان يفعله وليد بي ، لما تحاول أن تغير صورتك الجميلة بذهني لما"
شهقت (جنا) بهدوء لتتحرر دموعها بهدوء كسيلان النهر بوقت الفيضان ، بينما انتفض (عماد) من فوره وهو يمسك بوجهها قائلا بحدة وهو يشتم نفسه
"أكل هذا انا فعلته بكِ ، يا لي من أحمق حقا الآن فقط اكتشفتُ بأني زوج سيء وأسوء حتى من ابن خالك الحقير"
قالت (جنا) بسرعة وهي ترفع يديها لتمسك بكفيه والمحتضنتين لخديها
"لا تقل عن نفسك هكذا ، فبعد كل ما فعلته بي فأنا ما زلتُ احبك يكفي أنك استطعت تحرير مشاعري الساكنة منذ سنوات"
فغر (عماد) شفتيه بهدوء وانشداه من هذا التصريح والذي يسمع منها لأول مرة ، ليخفض بعدها وجهه أمامها حتى أصبح لا يفصل بينهما سوى شعرة واحدة ليقول بعدها بصوت خافت منفعل أمام شفتيها
"أرجوكِ أعذري غبائي ومحاولتي للسيطرة على حياتك بكل تملك وهمجية فيبدو أن حياتي مع والديّ وأقاربي قد أثرت عليّ كثيرا فوالدي لم يعلمني كيف أعطي بحياتي بل أن أؤخذ فقط وأن المسيطر هو الرابح دائما ، ولكني لن اكون مثله ابدا فقط أريد أن أكون لكِ يا حبيبتي وعندها سأتعلم منكِ العطاء"
تنهدت (جنا) بهدوء وهي تبتسم بسعادة قبل أن يفصل (عماد) المسافة بينهما وهو يقبل شفتيها بشغف ورغبة نارية ، ليترك بعدها شفتيها هامسا بابتسامة حانية وجذابة
"اسمعي من الغد ستعودين للعمل معي بالشركة فقد اشتقت إليكِ كثيرا ووجودك بالعمل هناك سيطفئ القليل من نار اشواقي ، وأيضا الذي أخذ مكانك بالعمل فاشل جدا ولا يستطيع القيام بالعمل كمهارتكِ به ، فهل توافقين"
اتسعت عينيّ (جنا) الدامعة قبل أن تضحك بجنون وهستيرية ودموعها تنزل بانهيار على وجهها المحمر بشدة والمشع بجمال قبل أن تتعلق بعنقه بقوة وهي تهمس من بين ضحكاتها
"موافقة ، موافقة"
زفر (عماد) أنفاسه الحارقة ليلفح عنقها الناعم وهو يشعر بها قد عادت لانطلاقتها واشتعالها المعتادين ، لتنهار الحصون الجليدية بينهما والتي بنتها بينهم رغما عنهما بكل هذه الأيام ، ليبدأ بعدها بإذابة حصونها وهو يقبل وجهها المحمر والمغرق بالدموع وهو يقبل دموعها واحدة تلو الأخرى ليعودا لاشتعال مشاعرهما وهما يحرران كل حبهما المكنون بداخلهما لبعضهما البعض .
أنت تقرأ
أبحثُ عن الحب
Tiểu Thuyết Chung"طفلة تبحثُ عن الحب بين قلوب صماء وبشر لا تشعر ، جائعة بالبحث عن الحب مثل البحث عن قطعة حلوى بين أدوية لاذعة ، وتبقى تؤمن بوجود هذا الحب الذي سيفهمها ويسمعها ، لتلتقي أخيراً بالحب والذي سيعوضها عن كل ما فات ، لتتعلق به بقوة مثل تعلق الطفل بوالديه ال...