الفصل الثالث عشر

324 24 7
                                    

كانت تنظر من النافذة بهدوء جامد وهي تنتظر العاصفة القادمة بحياتها بدون أن تعيرها أي اهتمام حقيقي وكأن الحياة كلها بكل ما فيها لم تعد تعنيها ، ما زالت تذكر جيدا كلماته الجافة والخطيرة بعد أن انتهى عقد قرانها الكارثي
(عليكِ أن تعلمي يا زوجتي الصغيرة أنك من الآن أصبحتِ لي وحدي ولن يكون هناك مهرب مني بعد الآن ، يمكنك التنعم بحماية والدي وأبوته بهذه الفترة ، ولكن بعد زفافنا وبعد أن تصبحي بغرفتي لن يستطيع أحد أن يمنعك عني عندها لا عائلتك ولا والدي ولا تمردك الأحمق الجديد لا أحد)
تنفست (نادية) بحدة بأنفاس باردة كالجليد وهي تشعر بغصة عالقة بحلقها منذ سمعت كلماته والتي بعثت الرجفة بجسدها الضعيف ، لتسمع بعدها صوت تأفف غاضب صادر من الجالسة على السرير والتي اجتاحت هدوء غرفتها لتقرر المبيت عندها الليلة .
تقدمت (نادية) باتجاهها بعيدا عن نافذتها لتجلس بجانبها على السرير بهدوء وهي تنظر له بريبة ، لتقول بعدها بهدوء مرتبك
"هل أنتِ بخير ، تبدين شاحبة جدا"
أفاقت (جنا) من شرودها الغاضب لتتذكر مكان وجودها  لتلتفت لها قائلة بإحراج شديد
"لا انا بخير يا عزيزتي ، واعتذر إذا كنت ضايقتك بوجودي بغرفتك بدون سابق إنذار ، ولكن لم أعرف أين اذهب بنفسي بعد أن خرجت من غرفة عماد ، لذا هلا تحملتني هذه الليلة فقط"
ابتسمت (نادية) بلطف وهدوء قائلة بمحبة
"لا بأس يمكنك البقاء قدر ما تريدين وهذا سيكون رداً على مساعدتك لي بحفلة عقد قراني"
تنهدت (جنا) بهدوء وهي تعود للنظر بعيدا بغضب وبوجه محمر مشتعل ، قالت (نادية) بعدها باستغراب وفضول لم تستطع السيطرة عليه
"ولكن لم تخبريني حتى الآن ما هي المشكلة والتي حدثت بينك وبين عماد ، ألم تكونا ذاهبين لزيارة والدتك منذ الصباح"
حركت (جنا) رأسها بالإيجاب قائلة بشرود
"اجل لقد زرناها بالفعل ، ولكن المشكلة حدثت بعد عودتنا للمنزل"
صمتت (جنا) عن الكلام بدون أن تضيف المزيد ، لتفهم (نادية) عندها رغبتها بعدم البوح بالمشكلة ، لتحاول (نادية) بعدها التخفيف عنها وهي ترفع يدها باتجاهها لتربت على كتفها بهدوء قائلة بعفوية
"لا عليكِ فهذا ليس خطأكِ ، فأحيانا يكون عماد شخصا غامضا وغير متفهما ، ولكن الجيد بالموضوع أنه دائما ما يحاول السيطرة على نوبات غضبه بعكس والده تماما"
التفتت لها (جنا) بهدوء وهي تنظر لها بحيرة ، لتقول بعدها بلحظات بتفكير
"أهذا يعني أن والده كان سريع الغضب جدا وأكثر من عماد"
مرت لحظات صمت قصيرة قبل أن تقطعها (نادية) قائلة بابتسامة باهتة وبدون مرح
"هو لم يكن سريع الغضب فقط بل كان أحياناً يستخدم الضرب مع من يحاول مخالفة أوامره ويتجاوز حدوده معه ، حتى أنني تلقيت الكثير من التوبيخ والضرب بطفولتي بسبب المشاكل والتي كنت اسببها بغبائي"
اتسعت عينيّ (جنا) بصدمة وبعدم تصديق وهي تفكر أن هناك حقا نماذج من البشر تفكر بغرابة وأن الغضب والضرب هو الحل لكل مشاكلهم ، ليقطع عليها تفكيرها المذهول صوت (نادية) وهي تقول بسخرية خافتة
"لا داعي لكل هذا الذهول ، فكل أقاربي يتعاملون بهذا الأسلوب العنيف وحتى والدي لم يكن يختلف عن عمي بشيء ، لذا كان جميع من يسمع بعائلتنا يرتعب ليبتعد عنها مئة متر ويعمل لها ألف حساب قبل أن يفكر بالاقتراب منها"
حركت (جنا) رأسها بتعجب من هذه الاكتشافات الغريبة والتي بدأت تعرفها عن عائلة زوجها ، لتقول بعدها بتوجس خافت
"وهل عماد يفكر ويتصرف مثل عائلته وأقرانه ، أقصد يفعل مثل تصرفاتهم"
ابتسمت (نادية) بهدوء قائلة بعفوية تامة

أبحثُ عن الحب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن