الجزء 2

55 4 0
                                    

2

كان اليوم هو يوم الجمعة الرابع من شهر يونيو، والساعة تقترب من الرابعة عصرًا، عندما اصطفت أربع سيارات خارج مطار أبو ظبي، سيارة ميني باص، وسيارة ميتسوبيشي باجيرو، وسيارة تويوتا صغيرة، وسيارة BMW، ظنَّ سائقوا هذه السيارات أنهم أوقفوها في تلك الأماكن باختيارهم، ولم يُدركوا أنَّ القدر هو من رتب هذا التلاقي، كما رتب فيما بعد لقاء مَن استقلوها.

"كم توهمنا أننا نُدبر أمورنا، ولم نُدرك قط أنها تدابير القدر".

---------------

داخل مطار أبو ظبي رأى أحمد شخصًا يحمل يافطة مكتوب عليها اسمه، فذهب إليه مسرعًا، رحب الشخص به وعرَّفه بنفسه قائلًا:

- أنا حسن، وأعمل سائقًا بالمستشفى.

"حسن شاب هندى، مسلم، عمره 30 سنة، نحيف، أسمر اللون، يرتدي بنطالًا أزرقًا داكنًا، وقميصًا أزرقًا، جاء إلى الإمارات منذ 8 سنوات، انتقل بين عدة أماكن للعمل حتى استقر به المقام في المستشفى منذ 3 سنوات".

سار أحمد يدفع أمامه عربة وضع بها حقيبته إلى جوار حسن متجهين إلى السيارة، وبمجرد خروجهما من الصالة المغطاة إلى الطريق، صرخ قائلًا:

- ما هذا الجو؟ إنه حار جدًا، والهواء يكاد يحرق الوجه، فضحك حسن وقال له:

- عن أى جو حار تتكلم يا دكتور! انتظر حتى شهري يوليو وأغسطس وسترى الجو الحار عن جد.

فاندهش وأجاب قائلًا:

- ربنا يُلطف، ثم أسرع الخُطى إلى السيارة؛ حتى يتلافى هذا الجو، فوجد حسن يفتح له باب سيارة ميني باص، وضع أحمد حقيبته بالخلف، ثم ركب بجوار حسن، الذي انطلق بالسيارة متوجهًا إلى منزل أحمد. 

كان أحمد مُستغرقًا في التعرف على المدينة أثناء السير، بينما تقمص حسن دور المرشد السياحي، وأخذ يشرح له ويُعرّفه بأهم معالم المدينة، يتخلل هذا الشرح بعض الأسئلة الفضولية من نوعية (هل هي الزيارة الأولى لك للإمارات؟ وهل زرت الخليج من قبل؟ وهل أنت متزوج؟ وهل حضرت للإقامة فترة قصيرة أم أنك تُخطط للإقامة فترة طويلة؟).

على الرغم من أن الفضول كان أحد سمات حسن المُميزة، إلّا أنه كان يتمتع بشخصية مرحة، أزالت بعضًا من الوحشة التي شعر بها أحمد عندما وجد نفسه خارج مصر وبعيدًا عن أهله لأول مرة في حياته.

كان أول ما لفت انتباه أحمد بشدة شيئان، أولهما نظافة شوارع المدينة، فلم يَجد ورقةً واحدةً ملقاةً على الأرض، والشيء الثاني، هو عدم وجود أي رجل مرور في الشارع، ومع ذلك فالجميع ملتزمون بإشارات وقواعد المرور، وعلى الفور سأل السائق:

- ألا يوجد لديكم رجال مرور؟

ضحك حسن وردَّ: 

- كيف يقف رجل مرور في الشارع في مثل هذه الحرارة يا دكتور!

لقاء في الغربة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن