الجزء 4

35 5 0
                                    

4

كاد أحمد أن يفقد وعيه من الذهول بعد ما سمعه من إلهام، وقبل أن ينطق بكلمة، إذا بها تنهار في البكاء، وانسابت دموعها كالشلال الهادر.

خرجت تلك الدموع الحبيسة تندفع من بين مقلتي سجَّانها، بينما كانت حالة الارتباك التي عليها أحمد لا توصف، فأخذ يتلفت حوله، وإلهام تستند إلى سور الدَرج، مُخفيةً وجهها بين كفيها، وتبكي بصوتٍ خافت متواصل.

فجأة وجد أحمد بثينة سكرتيرة المدير التنفيذي تقف خلفه، وتسأله في انزعاج:

- ماذا حدث للدكتورة؟

ردَّ في سرعة وتلقائية أبهرته هو نفسه قائلًا:

- لقد التويت قدمها بسبب الكعب الذي ترتديه.

- لا تدعها تتحرك، وانتظراني هنا، ثم انطلقت مسرعة إلى أسفل.

همس أحمد لإلهام بأن تتمسك بما قاله عن التواء قدمها، فهزَّت له رأسها بالموافقة، وبحركة تلقائية ربت على كتفها قائلًا:

- كل شيء سيكون على مايرام، المهم لابد أن تهدئي الآن، وفي هذه اللحظة عادت بثينة ومعها أحد الممرضين يدفع أمامه كرسي عجل.

كانوا يقفون وبينهم درجات معدودات للوصول إلى الطابق الثاني، فطلبت بثينة من إلهام أن تسند بيدها على كتفها، فنزلت وهي تَعرُج قليلًا حتى تؤكد التمثيلية التي اخترعها أحمد.

ما إن وصلوا إلى الطابق الثاني، جلست إلهام على الكرسي، ودفعها الممرض أمامه إلى المصعد، ومن ورائهما مشى أحمد مع بثينة متوجهين إلى قسم الطوارئ، وهناك هرع طاقم التمريض نحو إلهام يستفسروا عن حالتها، فطمأنهم أحمد وقال:

- مجرد التواء بسيط.

جاء الدكتور بسام مُسرعًا، وفحص قدم إلهام واطمئن هو الآخر، وعرض عليها أن يطلب لها أشعة، فرفضت، وأكدت له أنها تشعر الآن بتحسن، وأنَّ الأمر لا يستدعي.

اكتفي الدكتور بسام بلف قدمها برباط ضاغط، وبعد أن اطمئن الجميع عليها، أخذوا في مداعبتها وتبادلوا معها النكات والتعليقات، وتبدَّل جو التوتر الذي ساد عند وصولها بجوٍ من البهجة.

أثناء ذلك، إذا بشخصٍ يرتدي الزي العربي الرسمي يدخل غرفة الفحص، فيلتفت إليه الجميع ويبادلوه التحية بكل أدبٍ واحترام، بينما إلهام وأحمد ينظران إلى الرجل دون أن يفهما شيئًا.

بادر الرجل بقوله وهو يبتسم:

- سلامات يا دكتورة، معقول أول يوم لكِ في المستشفى يَحدُث هذا! إنه أمرٌ مخجل لنا، سيقول لكِ الأهل ما هذا المستشفى الشؤم.

فعاجله أحمد بالردّ دون أن يعرف مَن هذا الرجل وقال:

- كلا، بل سيقولون ما حدث لكِ كان من قبيل الحسد على عملكِ الجديد في هذا المستشفى.

لقاء في الغربة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن