الفصل الثالث عشر

449 54 0
                                    

#الإيمان_والحب
.
✍رويدة الدعمي
.
الفصل الثالث عشر
.
وفي اليوم التالي من رؤية أم منتظر لملاذ قام زوجها بزيارة صاحبهِ في منزله وهناك دار بينهما هذا الحديث :
ـ أنت تعرف يا صاحبي قدرك في قلبي ..
ـ أشكرك يا كريم .
ـ الشكر لله يا أبا ملاذ ، وكُلّي أمل اليوم أن أأخذ موافقتك على أمرٍ ما .
ـ خير إن شاء الله ؟
ـ أتشرف أنا وابني وكل عائلتي أن يحصل القرب بيننا أكثر من خلال طلب يد ابنتك ملاذ لأبني منتظر .
صمت حامد وقد أحمرّت عيناه من الغيظ ، لم يتحمل هذا الكلام قام واقفاً على قدميه محاولاً إنهاء الحديث .. مدَّ يدهُ إلى صاحبه قائلاً :
ـ سأفكر بالموضوع !
تفاجأ أبو منتظر من هذا التصرف الغريب فقام ومدَّ يدهُ هو الآخر قائلاً بألم :
ـ المدّة مفتوحة أمامك ، إن كنت تريد السؤال عنّا وعن أخلاقنا وسُمعتنا يمكنك ذلك إلى أن تحصل الموافقة إن شاء الله أنا أنتظر الرد ، في أمان الله .
شعر أبو ملاذ بالخجل من سوء تصرفه .. لكن لماذا هو يفعل ذلك ؟ لماذا يُجازي هذه العائلة بهذا الجزاء السيء !؟ ألم يقفوا معهُ في تلك الأيام الصعبة ؟ ألم ينقذوا حياة ابنته الوحيدة ؟ إذاً لماذا يُسيء التصرف معهم هكذا في حين إنهم يريدون التقرب منه ليس إلاّ !
أسئلة كثيرة كان صوت الضمير يطرحها على حامد ولكن يأتي صوت الشيطان ليقول له : إنهم يريدون اختطاف ابنتك الوحيدة .. إنهم أداروا دماغها وغسلوه وجعلوها تُشعرك بعدم تربيتها تربيةً صحيحة وبأنك مقصر معها ! إنهم ...إنهم ... إنهم
صاح وقد وضع يدهُ على رأسه :
ـ لن أسمح لهم بذلك أبداً ! ليس لدي غيرها ، ليتهم لم يساعدوني ، ليتهم جعلوها تموت قبل أن أراها تبيعني هكذا ... ! كيف سأفارقها ؟ كيف سيكون البيت من دونها ... كيف ..كيف ؟؟
كان والدها يشعر بأنها ملكهُ وحدهُ ولا يمكن أن تكون لرجلٍ آخر .. لقد ربّاها وكان سعيه كلّه لأجلها .. اشترى لها أجمل الملابس وأجلسها أمام أحدث الأجهزة وأرقاها ، فلم تضجر يوماً أو تلومه أو تعتب عليه ، أما الآن فلقد تركت كل شيء .. تركت الملابس الفاخرة والأجهزة المتنوعة ، تركت تلك الحياة وصارت تعيش حياةً أخرى .. بسببهم هم ! وسيجعلونها تتركهُ هو الآخر! يا للفاجعة .. يا للهول ! ظل الشيطان يوسوس له طوال تلك الليلة ، كان أبو ملاذ ناسياً أن الروح تحتاج إلى غذاء كما أن الجسد يحتاج إلى غذاء ..
لقد نسى أن يُغذّي روح فتاته ويُربّي نفسها .. كان يظن أنهُ بتغذيتها
أحسن الغذاء وبترفيهها بتلك الأدوات الحديثة وبلبسها أفضل وأرقى الملابس فأنهُ ربّاها ! لم يعرف إن التربية هي تربية النفس والروح لا تربية الأعضاء والجسد.

                                                       

وفي الصباح كان حامد قد قرر أن لا يذهب إلى العمل لهذا اليوم لأنه يشعر بالتعب والإرهاق .. سألته ملاذ عن السبب فلم يُكلمها وأدار بوجههِ عنها .
إتجه نحو التلفاز وشغّل ذلك الجهاز وجلس يستمع لـ ( أغاني الصباح ) !
تعجبت ملاذ من تصرفهِ هذا فهو لا يعرف من ذلك الجهاز غير ( نشرة الأخبار ) !!
تركتهُ وذهبت إلى غرفتها ، لكن صوت الغناء بدأ يرتفع شيئاً فشيئاً ، شعرت بشعور غريب ! إنها قشعريرة تسري في جميع بدنها ! لقد تركت سماع الأغاني منذ شهور منذ أبلغها منتظر بأنها ( حرام ) وهي اليوم ولأول مرة بعد تلك الفترة تطرق مسامعها تلك الكلمات الشيطانية .. أحست بأنها تريد التقيء !
تساءلت مع نفسها : هل من المعقول إنني صرتُ أكره سماع الأغاني إلى هذه الدرجة ؟ أنا التي لم يكن شيء يُلهيني عنها ، أغدو اليوم كارهةً لها !!
صارت تحمدُ الله على هذه النعمة ، وهي تتذكر ما كان يقوله منتظر لها بهذا الخصوص : إنك ستكرهين الغناء يا ملاذ عندما تمنعين نفسك عن الاستماع إليها لفترةٍ ما ، لأن النفس كالطفل الصغير عندما تعودّينها على شيء ستعتاد عليه وستنقاد لكِ ولو بعد جهادٍ طويل ! وكما يقول الشاعر :
النفس كالطفل ِ إن تتركه شبّ على       حبِّ الرضاع وان تفطمه ينفطمُ !
وها هي نفسها اليوم تنقاد لإرادتها القوية وقد صارت تكره سماع تلك الكلمات .. إنها نعمة عظيمة .
لم تتحمل ملاذ سماع صوت ذلك المطرب رغم إنهُ كان المفضّل لديها ! فتحت باب غرفتها واتجهت حيث يجلس والدها ، حاولت التكلم معه لكن ما من فائدة .. اتجهت نحو التلفاز فخفضت صوته ثم قالت له :
ـ استميحك عذراً يا أبتي .. لكني أريد أن أكلمك وهذهِ الأغاني تجعلك لا تسمع صوتي ..
ـ ما الذي تريدينه أيتها الفتاة الوقِحة ؟!
ـ أبي أرجوك فقط أسمعني لحظات .. إن هناك فرق كبير بين الدار التي تسكنها الملائكة والدار التي ترتادها الشياطين!
فلقد جاء عن الرسول (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) : ((إن الدار التي يُسمع فيها الغناء لا يُستجاب فيها الدعاء ولا تدخلُها الملائكة )) .
بعد هذه الكلمات التي كانت تخرج من قلبها الصادق قام والدها من مكانه بحركةٍ سريعة مدَّ يدهُ ليضربها .. كانت صفعة قوية جعلتها تسقط أرضاً ثم قام بركلها بقدمه ، وهو يصرخ

الإيمان والحب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن