السادس عشر من أكتوبر، 22:27

22 4 0
                                    


اهلا، لا داعي للإطالة اليك المفيد.
امضيت أسبوعا اتحرى، استنطق الاطفال الصغار وأطيل الحديث مع أرباب الدكاكين، و أستخرج بضع كلمات من العجزة اللذين أساعدهم من تارة لأخرى. الأطفال ذوو مخيلة ممزقة، اعلم انه وصف غريب لكنه يوحي الى ذلك الكيس الهش الذي نفرط في تعبئته إلى أن يتمزق، ذلك تماما ما اعنيه، أما العجزة فلن تخرج من مخالطتهم بنصف معلومة، كل شيء في نظرهم لم يعد كما كان، اسأله عن دور القمر في حركتي المد و الجزر سيجيبك بأن القمر لم يعد كما كان، حتى المد لم يعد كما كان و لا الجزر كذلك، أين أنت يا أيام الشباب حين كان القمر قمرا فضيا ملهما، ليس كحالنا الآن فالبركة قد زالت من كل شيء حتى من المد و الجزر، إنه موضوع شديد الأهمية لكن أفضل العودة لحديثنا.
كنت أحاول، بتحري هذا أن أحيط علما بسكان ذلك المنزل، وقد فعلت.
عائلة تدعى... دعنا نسميهم "العائلة"، لا أريد ان اذكر أسماء درئا لكل سوء فهم قد يقع إذا كانت شكوكي خاطئة وسقطت هذه المذكرات بيد الشخص الخطأ. العائلة عبارة عن تسعة افراد او اكثر، لم ار فيهم الى الآن سوى الأب، عائلة منغلقة إلى حد فظيع على العالم، لا أحد من الجيران يعلم مهنة الأب، لا أحد يعلم لو كانت أساسا. صحيح انه مهذب إلا أنه يتجنب الدخول في حوار لا طائل منه، هو الأكثر تعاملا مع محيطه من افراد العائلة، وكل من احتك به يوما يدرك يقينا أنه مجبر على ذلك، و لو كان له الحق في اختيار ذلك لما حدث أحدا، لكنهم -على حسب اقوال الجيران- بشر، في حاجة دائمة لمستلزمات البيت من أكل و مواد تنظيف و غيرها، و بالمناسبة، يبالغ صديقنا في اقتناء هذه الأخيرة بكميات تكفي للتنظيف البيت يوميا برمته، بيت فسيح بسيط انيق، مختزل من كل إضافات بغرض التزيين، و اظن ذلك العجوز بالغ حين قال انه يصلح حلبة لركض الاحصنة.
كل الجارات عقبن على تصرف الزوجة الذي "ليس من شيم النساء الجوادات الكريمات"، فهي لم تقبل دعوتهن لشرب كأس شاي في منزل أحداهن والحديث في أعراض الآخرين رغبة في التعرف، كما انها لم تدعهن لوجبة غداء دسمة تمتلئ منها البطون، وهذا خطأ لا يغتفر، لقد صارت الآن موضوع شرب كأس شاي آخر.
يقال ان له ثلاث ابناء وثلاثة بنات، وآخر العنقود طفل لم يتجاوز التاسع عشرة من عمره مما يجعلهم سبعة أبناء، ومن يعلم ان كان هنالك المزيد، فلا أحد يجرأ على افتتاح موضوع بمثل هذه الحساسية مع احد من العائلة.
هذا ما استطعت اكتشافه لحد الآن، سأستمر بالبحث، وبالمراقبة كلما اتيحت لي فرصة، رغم أنها لم تأت بأكلها إلى حدود الساعة. اعلم انه من الغريب قول هذا لكنني اشعر بشيء من الخوف، كلما زاد اهتمامي بهذا الموضوع، تزداد اثارتي، لكنني لا أنكر أن إحساسا كريها يرمي بظلاله علي، أخشى أن أكون مصيبا.

غياهبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن