٣

1K 95 1
                                    

أششش، جاء الأستاذ.. جاء
يبدو الجميع في حالة استنفار، لهم دوي لا يهدأ، يتهامسون بإستغراب..

زينة وهي تهز يدها متضجورة:
ومن يصدق أن كتلة الفحم هذه ستتزوج وبعد مرحلة واحدة من الجامعة من قليل الذوق هذا؟

صديقتها علا تقاطعها: لا يا زينة أنت مخطئة والظاهر أنك لم تعرف بعد من تقدم لخطبتها..

_ ومن؟

_ إنه علي، الشاب المهذب، المجتهد الذي يساعد جميع الطلبة، ولا تنسي كم أعجبنا بتنسيقات
ثيابه لكننا أنا وأنت لا تحبه لأنه متدين فقط!

حقا؟!

أجل، ولنذهب لنبارك لفاطمة، فنحن مدعوون لحفل زفافهما لو تعلمين!

بعد أن باركا لفاطمة..

لم تستطع زينة إلا أن تثري فضولها:

كيف كان ذلك يا فاطمة، أعني خطبتكما، فلم تركما تتبادلان الحب، ولم تلمحكما مرة تقفان في ممرات الجامعة وحدائقها، ولم نسمع أنه يتصل بك أو تتصلين به؟ ..

إذن كيف حدث أمر الخطبة؟ ..

فاطمة تجيب بحياء في الحقيقة، إن عليا قال لي:

إن ما شدني إليك دماثة خلقك، وحياتك من زملائك، وثقافتك الدينية، وحجابك الكامل.. شدني رجاحة عقلك وسمو روحك
طأطأت بعد أن تورد خداها وأكملت:

كما أنه لم يكتف بذلك وقام بالسؤال عني و عن أحوالى وسلوكي واستقصي عن بيتنا رجاء مع أمه وأبيه وطلبا يدي من والدي..

وأنا وعائلتي أيضا تحزينا عن أخلاقه وإيمانه، وتم الأمر.

- أوه يا فاطمة، أليس من الأفضل أن تتعرفي عليه أكثر، تتواصلي معه قبل عقد القران؟!

_ بعد أن طرق بابنا، جلسنا في مكان عام وبعلم أهلينا وتحدثنا حول طموح كل واحد بشريكه،
وخطط حياته الزوجية، وكان هناك توافق كبير بالأهداف.

_ ببية، أي أهداف هذه، والحب؟

أهم شيء هو الحب.

قالت زينة ذلك وهي تنتصب متكئة.

أخذت فاطمة نفسا عميقا وأجابتها:

الحب أقدس شيء في الحياة الزوجية، وعماد لها مع عمادين آخرين هما الرحمة والسكينة
والقرآن الكريم يعبر عنه تعبيرأ راقياً (المودة)، وتعتبر الأخيرة أكبر وأعمق وأوسع من
الحب..

من السهل أن تحب شخصا وأنت تراه من بعيد، في الجامعة، أو العمل، خلال ساعات معدودة ، تتصرم فيذهب كل منكما الى بيته، لن يرى أحد الأخر وهو متعب ومتعكر المزاج بعد هذا
اليوم الحافل بالدراسة والأشغال..

بخلوات تسترقها تتصل فيها على هاتفه ليبدأ حديث لا يعلم جده من هزله، عندما يظهر لك وجهه الملائكي المثالي الذي يخشى غضبك ثم خسارتك.....
هذا الحب الذي يعيشه من هو في ما
يطلق عليه ب(العلاقة).

وهو ما تريديه أنت يا زينة وآخرين، وتظنون أن لا حب في الحياة الزوجية بدونه..

لقد غاب عنكم معنى أن تعيش مع شخص أياما وليالي وسنوات، بطباعه وحركاته وسكناته، براحته وضجره، برقدته ويقظته، بمحاسنه وعيوبه، بجماله وفوضاه، بحزنه وفرحه، بقربه
وبعده، وأنت مستعد للعيش معه أكثر وأكثر وأن تجدد معه حتى الروتين الممل..
ماذا يسمى هذا؟

أليس هذا هو الحب الحقيقي الذي تظنون أنه لن يتحقق إلا بكلمات غزل تسبق
عقد الزواج ؟!

عندما يعقد قرانكما ستجتمع الخيوط لتنسج بساط محبة، وتجتمع ذرات الحبر لتخط لفظ الحب على وجه حياتكما، وتنطلق رائحته لتمكث في أركان عشكما..

في ممر الجامعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن