١٤ والاخيرة

193 25 17
                                    

خطوات الأجنحة

الحلقة الرابعة عشر والاخيرة

تتدافع الحشود المليونيه ، حتى لتتساءل كيف تتسع الأرض لهذه الملايين ، ويغيب عنك ان اضعافها ملائكة الله تتزاحم في السماء .. الوجود بأكمله يدور حول الحسين ..

تأملت زينب التدافع الرهيب ، القلوب تسابق الخطوات .. والخطوات تحلق في سماء العشق الحسيني .. عبروا الحدود الحسينية ، بدأ التعب يتلاشى ويحل محله الحماس للوصول للحبيب ، يتعالى النداء (يا حسين) ليشق عنان النساء ، نداء القلب يهز الوجود ، بدأ مقداد يتلاشى من ذاكرة زينب التي لم تعد تسمع الا ضربات قلبها تنبض

(حسين ..حسين..حسين ..حسين) .. من بعيد لاحت الشمس .. ام هو جبل من الذهب .. امعنت زينب النظر .. وتعالى هتاف (صلوا على محمد وآل محمد) .. لاحت القبة الذهبية ، فارتج الكون بالصلوات .. انهمرت دموع زينب .. تلاشى التعب والألم .. وحل محله ذلك التوحد بمصيبة الحسين .. بدا لبصيرتها قبر الحسين وحيدا في هذه الصحراء .. تذروه الرياح ..ومن بعيد الركب الحسيني يخطو بألم .. بدت لها زينب الحسين تتهاوى على قبره تغسله بدموعها تهدهده بآهاتها .. زينب والحسين .. زينب ..

سالت دموع زينبنا .. شعرت بكف غيبي يمسح دموعها .. زينب .. اي عذوبة في الاسم تشفي الجروح .. زينب .. اليك خذيني يا زينب .. ارتفع صوت زينبنا يهتف(زينب .. زينب) .. سرى النداء بين الحشود فبدأت تهتف(زينب.. زينب) .. اقتربت الحشود من الحائر الحسيني.. ولكنها تميل لتأخذ الأذن من بطل كربلاء .. تتوقف الحشود بهيبة عند من انكسر ظهر الحسين لسقوطه ..

تقف الحشود عند ابي الفضل .. ويتعالى صوت تتبعه الأصوات المتلهفة بالزيارة لابن امير المؤمنين .. البطل الإنسان

(اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَبْدُ الصّالِحُ الْمُطِيعُ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَميرِ الْمُؤْمِنينَ وَالْحَسَنِ والْحُسَيْنِ(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ))

الجموع تسبق كلماتها دموعها .. ثم تتجه الأعين للضريح المرتقب (يا حسين ..) تهتف الحناجر .. ترتفع الاكف من بعيد وكأنها تصافح كفا مقطوعة الخنصر .. ويرتفع النداء بالزيارة

(السَّلامُ عَلَيكَ أيُّها الشَّهيدُ الصِّدّيقُ، السَّلامُ عَلَيكَ أيُّها التَّقيُّ النَّقيُّ، ..) ..

تنتهي الكلمات ويبقى الشوق لاهبا في القلوب .. تقترب ام احمد من زينب وتهمس (هيا بنا للفندق .. لترتاحي صغيرتي .. وفي المساء نعود لنزور ابا عبدالله) .. رافقت زينب ام احمد وقد استسلمت لمشيئة الله ..

بدأ مقداد يلوح بذاكرتها من جديد..محتاجة لوجوده ..  .. لصوته ..التفتت لحرم ابي عبدالله وهمست بألم  سيدي ..غدا الأربعين .. ايرضيك ان أزورك وحدي؟؟

صلت زينب العشائين وخلدت لنوم عميق ، اصرت ام احمد ان تشارك زينب غرفتها ولا تتركها وحيده ، كان قلب ام احمد يعتصر ألما لزينب ولكن ما باليد حيله .. بعد منتصف الليل بساعات .. فتحت ام احمد عينيها بإنهاك لترى زينب ترتدي ثيابها ..همست ام احمد(الى اين يا زينب؟

  بحنان اجابت زينب ( ارتاحي ام احمد .. محتاجه للزيارة) ، ارادت ام احمد ان تذهب مع زينب ولكن زينب اصرت ان تذهب لوحدها وهمست (لا خوف في كربلاء .. محتاجه ان اذهب للتل الزينبي)

انطلقت زينب للحائر الحسيني تتبعها دعوات ام احمد بالحفظ والرعاية .. ليل كربلاء .. الهدوء الذي لا يشتته الا انوار الأضرحة وهالاتها .. دخلت زينب الحرم الحسيني ..

يقال ان لكل ضريح عطره الخاص به .. لكن زينب تقول ان لكل ضريح مشاعره وفيوضاته التي لن تجدها في مكان آخر ..

في النجف تشعر بالامام علي كأب يحتويك ، تسكب عنده همومك

اما عند الحسين ، تجد في قلبك انكسارا ، تنسى همومك واحزانك وتتوحد مع مصيبته ،عندما لامست زينب ضريح ابي عبدالله ، اجهشت بالبكاء ، لمسة واحدة اعادتها لأرض كربلاء فعاشت المحنه ..قبلت الضريح بحرارة .. وهمست (استأذنك سيدي .. موعدي الآن مع زينب) ..

اندفعت زينبنا للتل الزينبي الشامخ .. ساعات الليل الأخيرة يمزقها الهواء البارد .. جلست زينب على اعتاب الحرم الحسيني قبال التل الزينبي .. الهدوء يتملك المكان.. كانت تشعر بتوحدها مع زينب بنت علي .. من يفهم الغربة والوحدة سواها .. من يفهم فقد الاحباب سواها .. لا يشعر بانكسار قلبك الا اصحاب القلوب المكسورة ..تأملت زينب خاتم الدر النجفي بأصبعها فانكسر قلبها ..
بكت زينب بألم وقد انحنت على ركبتيها.. نشيجها يقطع القلوب، وفجأة شعرت بكف يلمس كتفها .. رفعت رأسها ومن بين دموعها رأت .. مقداد.. مبتسما .. وخلفه ام احمد تبكي ..

هل تحلم زينب ..حاولت الوقوف ولكن اقدامها خانتها .. مدت ذراعيها لمقداد كأنها طفل يتوسل امه .. دموعها كالمطر المنهمر .. انعقد لسانها .. هوى اليها مقداد وضمها لصدره .. تشبثت به .. تحاول ان تتكلم ولكن الكلمات اختنقت .. فقط الدموع تعلن سطوتها .. مسح مقداد رأسها .... همس (حبيبتي اهدأي انا بخير) .. ها هي زينب تسلم قلبها بكل رضا لمقداد.. فتحت زينب عينيها فلاح لها شبح امرأه أعلى التل الزينبي ،رفع كفه كأنه يودعها وغاب ،لم تكن زينب وحدها يوم الأربعين ، الحسين و زينب احاطاها ولم يرتضيا ان ينتهي يوم الأربعين وخاطرها مكسور ..

احكمت اصابعها على مقداد وبصعوبة انتزعت الكلمات وهمست .. (الحمد لله) ♡
النهايـــة...

نسألكم الدعاء ...

للكاتبة اختكم جنـــة الفردوس

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 07, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

خطوات الاجنحةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن