بارت 8

26 6 3
                                    

كانت الأيام في الملجئ تمر بصعوبة كبير ما بين خوفٍ وجوع واضطراب وقلق مما سيحدث ،كنت كالبقية احاول التأقلم على الوضع الجديد فمن جهة الحصار الذي فرض ومن جهةٍ أخرى القصف الذي كان يطالنا فحتى الملاجئ لم تسلم من القصف فقد دمروا البنايات والدور السكنية والأبار والمصافي هاجر معظم الناس الى خارج البلاد ومنهم في المنفى والمهجر والباقين يعانون من الجوع والفاقة والخوف والحرمان في داخل العراق ...في الصباح استيقظت على صوت الأطفال الذين كانوا يتباكون من الجوع نهضت وبقيت انظر اليهم استيقظت سرى فقالت ماذا يجرى لم انم ساعة واحدة من صوت الأطفال. فقلت لها وماذا بوسعي ان افعل لكِ
قالت لقد مللت لا نوم ولا اكل ولا راحة ..فقلت اصبري ماذا نفعل ..نهضت من مكانها نحو الخارج
ذهبت الى الأطفال ابتسمت لهم قالت امهم اعتذر ياأختي فقد إيقضناكم من الصباح ..فقلت لها كلا اي كلام هذا فهم اطفال ما ذنبهم يشعرون بالجوع اعانكِ الله يا اختي ..بعدها خرجت أتت الي
فاطمة كانت معنا في الملجئ ..قالت سأسألك شيئاً لكن بالله عليكِ اخبريني بالحقيقة ،قلت لها بالتأكيد لكن ماذا حدث ؟
فقالت هل تعرفين اين هو احسان فمنذ بداية الأحداث الى الآن لم نعرف عنه شيئاً؟
قلت لها لا اعلم لكن لمَ تسأليني ،قالت كان كثير التحدث عنكِ ظننت بأنه اخبرك بمكانه فأبي يبحث عنه منذ ايام لكن من دون جدوى ،قلت لها هل سألتم أصدقاءه ..قالت هم ايضاً لا يعرفون اين ذهب هذا الفتى، ثم ذهبت واذا بسرى تأتي وتسألني نفس السؤال
قلت لها ماذا يحدث لكما وما ادراني بالمغفل اين يكون
قالت سرى في الايام الاخيرة كانت علاقتكم جيدة ظننت بأنك تعرفين
قلت لها لا اعلم ولا اعرف ولا تسأليني مرة اخرى
قالت لن اسأل لماذا غضبت هكذا ؟
قلت لها ولماذا اغضب اليس كذلك؟
فقالت وانتِ لا يستطيع الأنسان التحدث معكِ كلمتين ؟
قلت لها انتهى لا اريد الكلام الآن ...
فقالت لن اتكلم مجنونه تغضب من لا شيء
بعدها رحتُ انظر الى الاطفال يلعبون لا يعلمون شيئاً وكأنهم في عالمٍ اخر لاهم لهم سوى الأستمتاع واللعب ...اكملت طريقي فرأيت النساء متجمعات ويتكلمن معاً كل واحدة تسرد همها للأخرى ..بينما الفتيات اللاتي بعمري او أكبر او اصغر متجمعات اثنتين اوثلاثة ويتكلمن اما عن حبيب او دراستهن او احلامهن التي ضاعت في الملاجئ ...اكملت طريقي وصلت فرأيت ابو جاسم قد اتى قلت وهذا لا يفوته شيء
وصل فألقى التحية ..قلت له اهلا ...بعدها دار حديث بيننا عن الاوضاع في الملجئ واحتياجاتنا وكيف نتدبر امورنا .. ثم قال لدي بيت لا اسكن به هل تقبلين العيش واختك فيه. قلت له كلا لن اذهب ..فقال لماذا ..قلت له لا أستطيع ترك كل هؤلاء الناس واذهب ..فقال وماشأنك بالناس وهل انت من تسبب بوصولهم الى هذا الحال وما فائدة وجودكِ هنا. قلت له لم اتسبب لكن لن اغض الطرف عنهم واتركهم هنا ..فقال فكري جيداً ..قلت له لا داعي ..ثم قال صحيح نسيت اخباركِ قومي بتجهيز قائمة بأسماء الذين هنا لنعرف كمية الطعام التي سنرسلها اليكم..فقلت له حقاً ستفعل ..قال نعم سأفعل ذلك بكل تأكيد. شكرته ورحت اكتب بالأسماء ..حالما انهيت القائمة اعطيتها له ..اخذها وذهب ..عدت الى وسرى وأخبرتها فرحت كثيراً ...مرت الأيام وعاد ابو جاسم يحمل معه بسيارتهِ مجموعة صناديق بها مواد غذائية ..قمت انا وهو بتوزيعها على النساء الموجودات رأيت الفرح بعين الاطفال كانوا يصرخون بانهم سيأكلون طعاماً لذيذاً ...بعدها ذهب ابو جاسم وهكذا كان يتردد علينا بين الحين والأخر ..اما نحن اجتمعنا نحن الفتيات وقمنا بعمل مشروع وهو تدريس الأطفال اما النساء الأخريات بدأن بالخياطة والعجائز تقوم برعاية الاطفال الصغار جداً وهكذا كانت تمر الايام ..كانت تأتينا اخبار من هنا وهناك بشان العوائل التي هاجرت الى الخارج وحتى الذين كانوا معنا في الملجئ بعضهم رحل الى خارج البلاد ..كنت اخرج من الملجئ واذهب الى المنطقة التي كنا نسكن فيها فقد اصبحت خراباً وحتى البيوت التي لم تدمر تركها ساكنيها خوفاً من القصف الذي كان يطال المدينة على مدار 24 ساعة ... بعدها اعود الى الملجئ متمنيةً بأن ينتهي هذا الكابوس الذي انهكنا ...اجلس قرب الملجئ انظر الى الطيور في السماء واتمنى لو اكون طيراً احلق عالياً لأتخلص من هذه القيود ثم تأتي الي اختي فتحدثني عن احلامها وكيف اصبحت الآن ثم تتذمر بعدها تذهب الى الملجئ وتنام،،،،
اما في الجنوب كان ازلام النظام يلاحقون الثوار في الاهوار وقاموا بتجفيفها بحثاً عنهم ..تأتينا اخبار عن ازدياد الوضع سوءاً هناك بين قصف وحصار وملاحقة واعدام للثوار فقد كانوا يسمونهم بالغوغائيين ويعتقلونهم اينما وجدوهم ويمارسون اقصى انواع التعذيب عليهم ثم الأعدام اما في الشمال لم يسلم الناس هناك فقد شردوا الى الحدود وبعضهم قتل ومنهم من مات تحت التعذيب
اي في النهاية كان لكل شخصٍ نصيب من الهم والالم
ننام على امل ٍ بغدٍ افضل وننهض وأذا بالوضع يزداد سوءاً ، حل صباح يوم جديد نهضنا كعادتنا على صراخ الاطفال الجوعى الذين لا يسد رمقهم الطعام الذي كان يأتينا ..وبينما اجمع بالأطفال لأقوم بتدريسهم ..رأيت امي ركضت نحوها وعانقتها بشدة وبدأت بالبكاء بعدها جاءت سرى ..سألنا امي اين كانت قالت بانها لم تستطع المجيئ بسبب اضطراب الوضع هناك ثم قالت لقد قدمت اوراقنا سنهاجر الى فرنسا ..قلت لها تريدين الذهاب ارحلي لكنني سأبقى ..قالت ولماذا ستبقين هنا ما الذي يربطكِ هنا ..قلت لها لا استطيع ترك الناس هنا
ترين الاوضاع هؤلاء الناس ليس لهم احد النساء هنا فقدن اهاليهن ازواجهن من بقي لهم لأرحل عنهن انا ثم والدي لا اعرف عنه شيئاً ..قالت لكنني لا استطيع تركِ هنا وانا على دراية بالإحداث يستحيل ترككِ هنا ..قالت سرى بالنسبة لي اريد الذهاب لن ابقى هنا ابداً فمنذ بدأ الاحداث الى الآن وانا اعاني..قلت لها ومن لا يعاني الكل هنا يعيش في قمة المعاناة اشكري ربكِ لم تفقِدي ولم تُفقَدي. قالت سرى اتركِ كلماتكِ الرنانة لنفسك انا لا استطيع البقاء ابداً ،قالت امي ماذا سأفعل الآن ..قلت لها الامر متروكِ لكِ ..قالت ان كان بيدي كنت بقيت لكن هناك مجاميع يلاحقونني. قلت لها من ولماذا. قالت الم يكن زوجي يعمل مع الحزب فقد عذب وقتل اناس كثر فبعد قتله في الاحداث يلاحقوننا انا وعائلة لذلك سأرحل مضطرة لكن لا استطيع تركِ ،،وهنا المصيبة. قلت لها لا تخافي عليّ سأبقى هنا انتظر ابي لعلهُ يأتي الى هنا، قالت اذاً تأتين بعدنا مع والدكِ ..قلت لها سأرى ذلك
قالت اذاً اجمعي اغراضكِ سرى سنرحل ...بعدها ذهبت امي واخذت سرى كانت مؤنستي الوحيدة واخذها من الزمن عانقتها وقلت لها تتركيني اليس كذلك ..قالت لا اتركِ لكن اترك البلد ..قلت لها في امان الله اذهبي حققي احلامكِ سأدعو لكِ دوماً ..فقالت وانتِ ستأتين بعدنا اليس كذلك قلت لها سأرى ان كنت استطيع ..عانقتني امي وبدموع وبكاء رحلتا ..بقيت بفردي لا اب ولام لا اخ ولا اخت لوحدي في الملجئ مع خوف لا يفارقني من غدٍ لا اعرف ما يحمل لي من مصائب ،،،،



عناق الأفكار حيث تعيش القصص. اكتشف الآن