بارت 9

49 6 7
                                    

بصباح يومٍ جديد و بسماء مليئة بالغيوم السوداء جراء الدخان الذي يتصاعد من الحرائق الناجمة عن القصف الذي طال الآبار والمصافي والدور السكنية اي لم يتغير شيء سوى التقويم فالأيام متشابه رحت كعادتي اجمع الاطفال الذين كنت ادرسهم وبالاحرى كنت اتخلص من الفراغ الذي كاد ان يقتلني بعد انتهائي اذهب واجلس تحت الساعة اتأملها واعود الى الملجئ لأرى رحيل الناس واحداً تلو الأخر ثم يأتون غيرهم وهكذا في كل مرة كنت افقد اناس اعتدت عليهم رغم عدم معرفتي بهم لكنني كنت كثيرة النظر اليهم لذلك عدم رؤيتي لهم مرةً اخرى يصيبني بمرارة الفقد ويذكرني برحيل عائلتي عني ...وبينما كنت اطالع أحد الكتب فرأيت ظل شخص يقف فوقي انتظرت ان يذهب لكنه لا يتحرك حتى نظرت اليه واصبح ضوء الشمس في عيني لم استطع معرفته. فقلت له هلا ابتعدت عني
فقال على عيني ..تداركت نفسي نظرت واذا به احسان انتفضت من مكاني فقلت له يامغفل اين كنت متنا من القلق عليك
فقال حقاَ قلقتِ علىّ. قلت له بالتأكيد لا ..فضحك وقال اعرف بانك لم تقلقي ..قلت سألتك اين كنت ولماذا لا تظهر هل تعلم كم تتعذب عائلتك وهم يبحثون عنكَ لا يعلمون شيئاً ...فقال كنت هارباً من السلطات ..فقلت له ولماذا قال لأسباب تخصني. فقلت له اية اسباب ..فقال اشياء لا ينبغي عليك معرفتها ..قلت له ماذا تقول يامغفل لم افهم. قال هل تعلمين ان في بعض الاحيان عدم معرفة المرء خير من معرفته...قلت له تجاوز المعرفة الان هل اخبرت عائلتك. قال كلا جئت كي اراكِ واذهب ..فقلت وهل انت مجنون ياهذا ما معنى رؤيتي وتذهب وعائلتك. قال عرفت بأن سرى ذهبت مع امك فقلت بالتأكيد أنك وحيدة فاردت مواساتكِ ..فقلت له سأرمى بحجرة كبيرة من هناك على رأسك سأخبر فاطمة عنك الآن
صاح بالله عليك لا تقولي
فقلت ولماذا ..فقال هم يراقبون عائلتي فان توقف ابي عن البحث عني فهذا يعني بأنه وجدني وبذلك سيكونون في خطر لذلك اجعليني اراهم بخير من بعيد افضل من سجنهم ..فقلت له انت مجنون حقاً بأي امر قد دخلت. قال لا تسألي كما اسلفت عدم المعرفة جيد الآن...فقلت لا استطيع رؤية عائلتك تتعذب امامي واسكت فقال لابأس اتركيهم سوف يعتادون...فقلت له نسيت كم انت عديم مشاعر. فضحك وقال حقاً اشتقت لشجاركِ هذا وكلامكِ المليء بالغضب ..قلت له لن تعقل اليس كذلك ..فقال حاشا وضحك. فقلت له والآن قال سأطلب منكِ شيئاً ..فقلت له هات ماذا تريد ..فقال هناك رسائل نريد ايصالها لأصحابها فقلت له وماشأني وهل انا ساعي بريد ..فضحك وقال ليست رسائل عادية. فقلت ماذا ..قال رسائل بها معلومات سرية
قلت له وماذا بوسعي ان افعل الأ تستطيع ان توصلها انت
فقال كلا لن استطيع لأنني مطلوب والجميع يبحث عني
فقلت له والأن تريد مني اخذها وتسليمها فقط وينتهي الامر
فقال وهو كذلك
فقلت له وماذا تحوي الرسائل قال لانعرف ولايجب ان نعرف
قلت له اذاً يستحيل ان احمل رسائل لا اعرف ما تحوي
فقال معلومات تخص الثوار والثورة ..فقلت له هل جننت وماذا سأفعل ان اعتقلوني فقال كلا لم يفعلوا
فقلت له وماهو ظمانكَ ..فقال اعرف فلو كان بالأمر خطر ما ادخلتكِ فيه. فقلت له سأفعل ..وهكذا كنت اخذ الرسائل من احسان وارسلها الى الأشخاص الذي يذكرهم لي كان كل شيء على مايرام لم اكن ارى احسان الأ في اوقات التسليم ثم اعود للملجئ ادرس الاطفال ،ثم تطور الامر وكنت اقوم بأخذ الطعام والاموال من الثوار الهاربين ويرسلونها مع احسان واعطيها انا لعوائلهم وعوائل بعض الشهداء وهكذا كنت اسير ايامي ..كان الكثير من الناس يهاجرون وهذه المرة كانت عائلة احسان رغم عدم معرفتهم بمصيره لذلك بلغوا من اليأس مبلغ فقرروا المغادرة الى خارج البلاد ..كان احسان حزيناً لمغادرة عائلته فكنا نواسي بعضنا فقد اصبحنا وحيدين برحيل عوائلنا ...كنا نستمر بنقل الرسائل والمواد وفي يومٍ من الأيام وبينما كنت اقوم بتوصيل رسالة لأحد الاماكن طرقت الباب فلم يفتح احد طرقت مرة اخرى
ففتح الباب واذا بي ارى احد ازلام صدام بزيه الزيتوني يفتح الباب حاولت الهرب وأذا بأحد اخر خلفي وهنا ادركت بانهم قد قاموا بعمل فخ لي وهنا اعتقلوني وكانت هنا نهاية قصة التوصيل وبدأ قصة التعذيب والسجن ...اخذوني جراً من شعري الى السيارة وهو يقول (بنت الكلب تشتغل وي ذولي الغوغائيين بدل ماتخبر عنهم تشتغل وياهم ) بعد ذلك اصعدوني السيارة عنوةً ضربني بنهاية سلاحه ضربةً افقدتني وعيي ،،،استيقظت في السجن بعد ان قاموا بصب ماء بارد عليّ وهو يصرخ ويقول ايقظوها تنام بعمق السيدة لا تعرف ما يصيبها الآن ...فتحت عيني لا اكاد اصدق اين انا صفعني صفعةً فقدت على اثرها السمع مؤقتاً وكان يقول هذه ليست سوى بداية يابنت الكلب وراح يسب ويشتم بي استمر بتعذيبه لي وهو يقول من كان يرسل هذه الرسائل والطعام والاموال وكم عدد الذين يعملون معك ..لكنني كنت على صمتي لا اجيب ويستمر هو بالضرب والشتم مرة ساعات على هذا الحال حتى تخدر كل جسمي فما عاد ضربه لي يوجعني بعدها اخذ المقص وقص شعري كان هناك شخص اخر معه كنت اسمعه يقول مؤسف عليها تذهب هكذا اترك شعرها على الاقل ..قال له لتعرف باي امر دخلت ثم احضر مثقب وبدأ بثقب يديَ وثم قدماي كنت اصرخ من الالم وهو يستمتع بالتعذيب وكانه حيوان بعدها قام بقلع أظافري وهنا فقدت الوعي نهائياً ..مر اسبوع كامل وانا فاقدة للوعي ظنوا باني لن اعيش ...اما احسان جن جنونه لاعتقالي وترك العمل معهم وحاول بشتى الطرق معرفت اخباري لكن من دون جدوى كنت في سجن سري ..بعدها قرر الذهاب لأبو جاسم ..عندما رآه اخبر لكل شيء ..فقال ابو جاسم لعنك الله لقد ذهبت الفتاة المسكينة منذ اسبوع وانا ابحث عنها لكن لم اعثر عليها ..استيقظت فرأيت الكثير من الناس الذين قضوا تحت التعذيب
لم اكن استطيع التحرك بعدها جاءني الطبيب وكانت المفاجئة بان الطبيب والدي ..حين رآني قد استيقظت جرت دموعه فقد كان منذ اسبوع يهتم بي فرح كثيراً لاستيقاظي اخبرني بعد ذهاب الحراس بان سيحاول اخراجي من هنا ...بعدها علم ابو جاسم بمكان السجن بعد اتصاله بالكثير من معارفة قرروا نقلي الى السجن وانتهاء التعذيب وبعدها اصدروا علي حكم المؤبد ..
كان السجن ضيق مليء بالنساء ..حين وصولي تعرفت على فتيات كثر وحتى نساء كبيرات في العمر ..كان ابي يراني في وقت الزيارة يحاول اعطائي الامل لكن من دون جدوى فانا اعرف بانني محكومة بالمؤبد وكلامه لايقدم ولا يأخر لكن يواسيني في وحدتي فقط..
وفي يوم من الايام وبازدياد وضع السجن سوءاً بسبب الاعتقالات العشوائية قامت النساء بإضراب ..تدخلوا حينها بالضرب ضربوني بشدة كنت اهتف ضدهم بصوتٍ عالي ليسقط حكم الظالم ...اصبحت في السجن نحيلة وبلا شعر وعيون غائرة اشبه الأشباح اكثر من البشر...في يوم من الايام قالوا بان احد السؤولين جاء لزيارة السجن فرحت اهتف ضدهم ..فاصدروا امراً باعدامي. لا ادري حين سمعت الخبر فرحت كثيراً بأنني سأتخلص من السجن ومن هذه الحياة البائسة. كانت معنا حاجه كبيرة قالت تبدلت ملامح الحزن فيكِ الى فرح هل تفرحين بالموت يا صغيرة. قلت لها ليس كأي موت هذا خلاص هذا برهان بأن صراعنا مع الظالم سوف ينتهي لصالحنا ودماء الأبرياء لن تذهب سدى ..ضحكت وقالت بالخير ان شاء الله ..بعدها حددوا موعد الاعدام بعد اسبوع ..كنت انتظر على احر من الجمر اصبحت اعد الساعات لذلك ..كنت اقرا الكتب سألتني الحاجة لماذا لا اقرا القرآن اخبرتها بأنني لم اجرب ذلك. فأعطتني القران وبعض الادعية رحت اقرأها كل يوم وهكذا مر الاسبوع في عشية يوم الاعدام نمت نوم ً هنيئاً لم انم مثله من قبل استيقظت بعدها عند آذان الفجر صليت وقرات القران ثم حل الصباح اغتسلت ثم لبست ملابس بيضاء اهدتها الي احدى الموجودات في السجن ثم نظرت للسماء وقلت لم يبقى سوى القليل انني قادمة الى حيث انتمائي. جاءت حارسات السجن قامتا بتقيد يديّ وبعدها اخذوني لمنصة الاعدام
كان هنالك فتيات اخريات وعدد من الشرطة الذين كانوا يمسكون بالبنادق لكي يقوموا بالرمي على المحكومات ، كانوا بائسين اكثر منا . كان هنالك بعض اهالي المحكومات ..شكرت الله بأن عائلتي غير موجودة لكنت حزنت كثيراً لرؤيتهم اياي اعدم...حانت الساعة التي سأرحل فيها للسماء هتفت بصوتي الا لعنة الله على الظالمين فليسقط عرش الظالم ...بعدها وضعوني على المنصة وهم يسبون ويشتمون وانا اردد كلماتي تلك
اطلقوا علينا الرصاص اتت الي رصاصتي وعانقتني لا ادري اكان بها خلاصي ام كان بي خلاصها وارتحلت على اثرها الى السماء بملابس بيضاء وروح بريئة كان جل ما تريده هو حرية ووطن في سلام ...امتزجت الافكار وتعانقت في السماء لتصبح سراجاً ينير درب الاحرار ،،،،،،،،،النهاية



🎉 لقد انتهيت من قراءة عناق الأفكار 🎉
عناق الأفكار حيث تعيش القصص. اكتشف الآن