"١٨. حسرَة."

302 32 2
                                    

بعد مرور 8 شهور ..

كنت حاليًا واقفة في أوضتي، مع جوزي، اللي بقى غريب عليا تمامًا، كأنه ميعرفنيش .. كأني معرفوش، عايشين أغراب سوا مش أكتر ..

من يوم ما كنت عندهم في البيت، من 8 شهور، زين سمع كل حاجة وأصر يعرف كل حاجة، الأول لما حكيت له مكنش مصدق، بس بعدين دماغه بدأ الصداع يداهمه تاني والدكتور كان قال له لو جاله يبقى الأحداث المُبهمة دي حصلت فعلًا ..

كل الأدلة، كل حاجة كانت معايا ساعتها مسابتش مكان للشك، زين اتأكد فعلًا إني مراته وإنه أبو ابني اللي هيشرف ده ..

وافق يسيب داليا، اللي حاولت بشتى الطرق تقنعه يفضل معاها ويسيبني، لكن زين اللي منعه حاجة واحدة ..

إنه نشأ في بيئة مُفككَة، معندوش أب ودايمًا بيكره باباه، ومش عايز ده لابنه، اللي لأول مرة هيحس معاه كل ده وهو نفسه يحس بكل ده فعلًا ..

رجعنا البيت يومها، الأول، أول إسبوع .. زين كان لطيف جدًا، مُعاملته فوق الرائعة بكتير، مُتفهم، بيساعد، بيضحك، بيهزر .. كان بيحاول يشيل الفجوة اللي الحادثة صنعتها بينا ..

وأنا كنت بحاول، لكن مقدرتش .. زين اللي قدامي كان في قلبه واحدة تانية، مش أنا .. لو أنا كنت هصدق كل ده، لكن داليا اللي رجعت فعلا تحتل قلبه من جديد وده وجعني ساعتها ولسه بيوجعني لدلوقتي ..

نفسيتي زي الزفت من يومها، بستفرغ كتير، أغلب الإسبوع عند الدكتورة، حالة البيبي مُستقرة مرة آه وعشرة لاء، بآخد ڤيتامينات ومحاليل كتير لحد ما جسمي باظ من كتر الحقن والمحاليل ..

حرفيًا الحمل دي أصعب مرحلة عدت عليا، زين مُتفهم، بيستحملني وبيستحمل تقلباتي المزاجية، أغلب وقتي قاعدة بعيط، مبيسألش ليه وده أحسن حاجة، بيسبني أعيط لحد ما مبحسش بنفسي غير وأنا تاني يوم على صدره ع نفس الكنبة اللي بعيط عليها ..

مبآكلش غير بالعافية، والمفروض أغلب الحوامل بيزيدوا في الوزن، لكن على العكس .. أنا بخس، بخس كتير أوي ..

حاليًا أنا في أواخر التامن، حاسة بروحي بتطلع مني مع كم الألم اللي بيزيد جوايا، من يومين الدكتورة عطتني أدوية كتير، حالة البيبي مش مستقرة جوا عشان الولادة اللي ممكن تحصل كمان كم يوم ..

لما بآخدها بحس بألم أكتر وبروح لها بتقول لي إن حالته زي ماهي، ومش عارفة تحدد ميعاد للولادة بسبب كده، حالته جوا ووضعه ميسمحوش إنه يتولد دلوقتي ..

زين كل يوم في توتر وقلق معايا، حاسة بقلقه عليا وعلى ابنه، ابنه اللي بقى روحه فيه، عايزه ييجي النهارده قبل بكره، بس مش بإيدي ..

رُحنا النهارده وأخيرًا وضعه اتعدل، الدكتورة حددت المعاد، بعد يومين من دلوقتي ..

عدا اليومين، جهزت فيهم كل حاجة، عرفت ماما وإخواتي وزين وإخواته، حتى داليا .. جت!
عشان زين بس!

رحت يوم الولادة، والدكتورة جهزتني، وخدروني .. وفقدت الإحساس بالوقت وبالحياة لفترة، صحيت بعدها بخدل رهيب، جسمي كله مكسر ودماغي تقيلة أوي ..

"ابني فين؟" قُلت وأنا بحط إيديا على بطني مطرحه، قلبي بيوجعني .. بيوجعني أوي!

زين مسك إيدي بحنان وبص لي "ابننا في الحضانة يا ورد، الدكتورة قالت إنه نازل وزنه قليل جدًا ومكنش قادر يتنفس تقريبًا ومطلعش صوت على طول غير بالعافية، هو هناك دلوقتي وهي طمنتنا إنه إن شاء الله هيبقى كويس"

خلص كلامه وأنا قلقي بيزيد ووجعي النفسي والداخلي بيجتمعوا عليا بيوجعوني أكتر، لما خرج مني .. حسيتهم بيسحبوا روحي مني، ومش هيرجعوها ..

وده اللي حصل فعلًا بعد أسبوع من النهارده، كنت عند باسل في الحضانة، ابننا .. زي كل يوم، بشوفه من ورا الإزاز وهو متوصل بكل الأسلاك دي ولا حول له ولا قوة، جه عليه تقريبًا 20 بيبي زيه لحد دلوقتي مش بيكملوا نص يوم جوا وبيخرجوا، الدكتورة دي مقلتش حاجة عن حالته وسايبانا لشياطينا وحرقة قلوبنا عليه ..

مش سهل أول ما ينزل أشوفه بالمنظر ده، أنا حتى محضنتوش، مشمتش ريحته ولا حسيته!

زين سنّدني لحد ما وصلنا للأوضة بتاعتها وهو مُصر النهارده ياخد رد، ابننا هيمشي ولا لاء!

" كنت لسه جاية لكم" قالت الدكتورة بملامح وش جامدة، متبشرش أبدًا ..

" خير؟" زين قال بصوت ثابت نوعًا ما عني، وأنا مسكت في كتفه جامد، وقلبي حسيته بيتقبض قبضة شديدة وجعتني، وجعتني أوي .. من وجعها صرخت ولقيته بيهديني ..

" مالك؟، فيكِ إيه؟" قال بخوف حقيقي وهو بيحاول يرفع وشي له ..

" قلبي .. قلبي بيوجعني أوي يا زين" قلت بوجع شديد ولقيت الدكتورة بترفع سماعة تلفونها ووشها اتحول للون الأصفر وهي بتقفل بأسف ..

" في ايه؟، ده له علاقة بابني صح؟" قلت وأنا بسند ع زين لحد ما وقفني ووقفت قصادها ..

سلمتني تحاليل، تحاليل بقيت بخاف منها، ارتبط بيها كل شيء سيئ حصل لي ..

يارب مش هستحمل ..

"ابنكم .. البقاء لله" فضلت ساكتة شوية، شوية كتيرة قبل الجملة الأخيرة، الجملة الأخيرة اللي قعدت أستوعبها شوية ..

حسيت بالغباء، بعدم الاستيعاب، بكل حاجة .. ومفهمتش!

" يعني .. ابـ .. ابني!، باسل!، ابـ ابني أنا، باسل!، مـ .. مات!"

قلت بعدم تصديق، بتلعثم كبير، بكل وجع الدنيا وصوتي بيختفي تدريجيًا، ومحسيتش بحاجة تانية غير بسواد .. سواد اتمنيت يبلعني للأبد ..

_______
الفصل الجاي هو الأخير.

متنسوش الڤوت💙

سي يو💙

كـرامـيـل ..🌻

«لـــو!»✔️⁩حيث تعيش القصص. اكتشف الآن