اعلن النهار بدايته مع تسلل أول خيوط الشمس الذهبية وهو لايزال واقفا في شرفه جناحه المطلة على ذلك النيل الذي اخذ يتأمله بشرود فهاقد مر 5 اشهر منذ ذهابها ،فبعد ان ظهرت في حياته فجأة وفعلت مافعلت هاهي ذا اختفت فجأة أيضا وقد علم منذ يومان انها بدأت بالعمل في احدى شركات الترجمة لكن لم يملك الجرأة الكافية للذهاب اليها فماذا سيقول !!!؟
اغمض فضيتاه يتذكر ذلك اللقاء الذي كان الاول بينهم وتلك الاسابيع القليلة التي قصاها برفقتها والتي قلبت كيانه....ووجدانه....
منذ 6 اشهر
في إحدى المستشفيات الاكبر في العاصمة مع ساعات الصباح الاولى يجلس هو "فريد الجنيدي"مدير هذه المستشفى والتي اشتهرت بإنها تعالج مرضاها الاطفال بالمجان خلف مكتبه على كرسيه الاسود الوثير وهو منهمك بتلك الاوراق التي امامه ، سمع طرقات خفيفة على الباب فرفع فضيتاه الحادة ينظر بهدوء ثم سمح للطارق بالدخول لتدلف فتاة قصيرة القامة يبدو انها في منتصف عقدها الاول من العمر بفستانها الازرق المحتشم وحجابها الابيض البسيط ، رفعت عيناها التي تشبه حبات الزيتون في لونها تنظر له ببعض التوتر فلو قالت انها لم ترتجف ببعض الخوف والارتباك فهي كاذبة فيكي شكله المهيب بقميصه الاسود الذي ابرز عضلاته العريضة بوضوح مشمرا عن ساعديه الاسمران القويان بربطه عنق محلولة قليلا ، انتفضت بخفة عندما استمعت الى صوته الاجش يناديها بحدة قائلا : يا آنسة
تنحنحت بهدوء تحاول التحلي بالشجاعة ثم جلست على الكرسي المقابل له تحت انظاره المستنكرة والمترقبة ثم وبدون مقدمات قالت بهدوء : وليد عز الدين
عقد حاجبيه باستغراب وبعض الحدة فماذا تريد تلك الغريبة ومن أين لها ان تعرف ذلك العدو اللدود فأكملت هي بنفس الهدوء وكأنها تقرأ افكاره : صراحة معرفش ايه طبيعة العلاقة بينكو بس هو باعتني اتجسس عليك
حسنا هو لم يندهش فهو يتوقع ذلك من شخص كوليد فقال بوجه جامد وبرود : مقابل ؟
اخرجت من حقيبتها ورقة صغيرة عبارة عن شيك بمبلغ 5 ملايين جنيها مصرياً ثم وضعته امامه على المكتب وهي تتشدق بسخرية فألقى نظرة سريعة على تلك الورقة ثم شبك كفاه معا وهو يستقيم بجلسته قائلا بتهكم : وانا إيه اللي يخليني اصدق مش يمكن متفقين مع بعض
شبكت زيتونتاها برماديتاه وهي تقول بثبات : بابا مريض قلب وحالته بتدهور وانا يادوب قادرة اجبلو الدوا و وليد طلب مني اعالجو هنا واداني الشيك ده والمقابل اني اقرب منك واجبلوا معلومات عن المستشفى
لاحظ هو ثبات حدقتاها وعدم توترها او ارتجاف صوتها وهذا يثبت صدقها...حسنا هو ليس باحمق كي لا يفرق بين الكاذب والصادق
تنهد بهدوء سائلا اياها : اتقابلتوا ازاي؟
اعتدلت بجلستها تسرد عليه ماحدث معها منذ يوم واحد فقط....
خرجت من ذلك المتجر باحباط بعد رفضها للمرة الخامسة في هذا اليوم من اجل العمل ثم توجهت تقف امام النيل تتأمل ذلك الهلال الذي بدأ بالارتقاء الى صفحة السماء فأغمضت عيناها تدعو الله ان يفرج همها لتستمع فجأة الى صوت رجولي بجانبها يقول بهدوء : محتاجة مساعدة يا آنسة
انتفضت بخفة وهي تعدل من حجابها لتجده رجل قوي البنية يرتدي بذلة رسمية فقالت بحدة : افندم
تنحنح بهدوء قائلا وهو يمد يده للمصافحة : وليد عز الدين صاحب مصنع الفا للادوية
نظرت لكفه الممدود فعقدت ساعديها اسفل صدرها تقول ببرود : وانا مالي
سحب كفه قائلا بمكر : انا كنت في المحل الي عرضتي عليه انك تشتغلي وانا عندي شغل مناسب ليكي
انفرجت اساريرها بعد كلامه وهي تقول بعدم تصديق : انت بتتكلم جد شغل ليا انا
ومن فرط سعادتها لم تنتبه لابتسامته الخبيثة تلك عندما قال : بس انا عاوز اعرف سبب الشغل الاول
اجابته فورا باندفاع وكل همها الحصول على ذلك العمل : بابا مريض قلب وهو محتاج عمليه بسرعة عشان حالته متدهورة
اخرج شيكا بقيمة 5 ملايين جنيها ثم اخرج قلما من جيب سترته ليقوم بالتوقيع عليه واعطاها اياه لتنظر اليه بذهول تام ولكن ما جعل عيناها تتسع بصدمة واندهاش اكبر عندما قال بغموض : هتاخديه مستشفى الجنيدي وتعالجيه هناك بالفلوس دي والمقابل انا عاوز معلومات عن مدير المستشفى....يعني من الاخر...تشتغلي جاسوسة عندي.
ظلت على صدمتها لدقائق وهي تحاول استيعاب كلامه احقا ماقاله يريدها جاسوسة اذا ذلك الدنيء ...لكن مهلا اقال مستشفى الجنيدي...اليست تلك التي تعالج الاطفال بالمجان فهي تذكر ان احدى صديقاتها قد عالجت طفلتها هناك...حسنا هي بدأت بفهم نوايا ذلك الحقير ولن تسمح له بأن يمس تلك المستشفى بسوء لذلك....قالت بهدوء : وانا موافقة
ابتسم بخبث ليأخذ رقم هاتفها سريعا ويعطيها رقم هاتفه ثم تركها على وعد بأن يتواصل معها ليخبرها بخطوتها القادمة ، وعند ذهابه اتجهت سريعا الى منزلها ثم دخلت تطمئن على والدها الذي نام فقد كان الوقت ليلا لتتجه بعدها الى غرفتها تنزع حجابها وتحرر خصلاتها الفحمية التي تصل الى اخر خصرها برونقة ثم ابدلت ملابسها ببجامة وردية تتناسب مع قصر قامتها وجسدها المتناسق بجاذبية وانوثة ثم جلست على سريرها تفكر بماحدث معها وقد قررت الذهاب الى ذلك المدير علّه يساعدها فغلبها النوم من كثرة التفكير ، ومع انتشار صوت اذان الفجر استيقظت تتوضأ سريعا وتصلي فرضها ثم ذهبت الى والدها لتجده قد انتهى من توه من الصلاة لتقبل رأسه بحب وتلقي عليه تحية الصباح وتخبره انها ذاهبة الى الخارج قليلا وعندما سألها عن وجهتها وعدته بان تخبره عند عودتها لتخرج بعدها سريعا مع اول بزوغ لخيوط الشمس .
انتهت من سردها للاحداث وهي تنظر الى فضيتاه اللتان تشعان بعدم تصديق لذلك ابتسمت بهدوء ثم اخذت احدى اوراق المكتب الصغيرة تدون اسمها ورقم هاتفها وتقف بعدها قائلة : انا قولت اللي واللي يهمني صحة بابا ولو قررت انك تصدقتي نمرتي عندك تقدر تكلمني
ثم اخذت تمشي باتجاه الباب لتسمع صوته يناديها قائلا : والشيك؟
التفتت اليه لتجده يرفع تلك الورقة بيده فتشدقت تقول بسخرية لاذعة : هتبرع فيه لحساب المستشفى
لتخرج بعدها وتغلق الباب خلفها تستند عليه بتعب تدعو الله بان يصدقها اما هو فبعد خروجها اخذ الورقة ينظر اليها بشرود وهو يهمس ببطء : وجدان....الابراهيمي
...................يتبع
أنت تقرأ
نوفيلا وجداني (بقلمي سارا محمد)
Romansaقد يكون هناك احيانا اشخاص في حياتنا نعجز عن وصف مشاعرنا نحوهم بمجرد الاعتياد عليهم أهو تعلق...اعتياد...إعجاب....أم حب ولن نستطيع وصف او تحديد تلك المشاعر إللا عندما... نصحو يوما لنجد انهم قد رحلوا عنا.....!!