مرتديًا حلـة من اللون السكـري الفاتح أسفلها قميص من اللون الأبيض ، عقد " سيـف" ساعديـه أمام صدره ، و استند بـ كتفـه على اطار الباب الخشبي المتهالك و هـو ينظر لـ تعبيراتهـا مليًا :
_ ازيـك يا أيـار ؟
فـ تجاهلت سؤالـه لـ تردد بـ ذهـول :
- عرفت مكانى ازاى ؟
فقـال غامزًا :
_ ليا طرقـى !
ازدردت ريقهـا بتوتر جلي على ملامحهـا ، فـ ردد بنبرة جـادة و هـو ينتصب بـ وقفته و يرفع ساعده لينظر بـ ساعـة يده الفضيـة :
- امممم ، خمس دقايق كويس ؟
فـ قبضت على شفتيهـا و ضيقت عينيهـا مرددة بـ عدم فهـم :
_ خمـس دقايق ايـه ؟
فـ رفع نظراته لهـا مرددًا بنبرة حاسمـة :
_ عشـر دقايق !
تنغض جبينهـا و :
_ عشـر دقايق ايـه ؟ مش فاهمـة !
فـ دس كفيـه بـ جيبـى بنطاله مرددًا بـ حـزم :
_ هستنـاكـى تحت عشـر دقايق تغيرى هدومك و تيجـى معايا ، لو الدقيقـة الحداشـر منزلتيش هطلع آخـدك بهدومك دى عادى !
اتسعت عيناهـا بـ عـدم تصديق و رددت بتلعثـم :
_ نعـم ! آجـى معاك فيـن !
أشـار لهـا بـ سبابته و هـو يستدير بـ جسده متجاهلًا سؤالها :
_ عشـرة بس تمام ؟ متنسيش !
ثـم هبط الدرجـات للأسفـل تاركًا لهـا بـ حالة يُرثـى لهـا ، ظلت متجمدة في مكانهـا تتابع اختفائه من أمامهـا بـ ذهـول ، رمشت بـ عينيهـا عدة مرات غير مستوعبـة أنـه كان هنـا منذ ثوانٍ فقط ، أوصدت الباب و قـد عقـدت العزم ألا تستمع الى هـرائـه ، و لكنهـا أخفضت نظراتهـا لتشمـل ملابسهـا السوداء بنظرة خاطفـة ، و رفعت نظراتهـا لتنظر الى ساعـة الحائط ، فـ زفـرت بـ ضيق و غمغمت بـ كلمـات غير مفهـومـة و هـي تدلف لداخـل حجرتهـا ، التقطت كنزة سوداء اللون و بنطال من نفس اللون و ارتدتهـم على عجـل ، ثـم معطفهـا الأسود و ارتدته فوقهـم ، وقفت أمام المرآة التى تظهـر صورتهـا بها غير نقيـة مُطلقًا ، و طوقت عنقهـا بـ وشـاح صوفـي و عقدته لتدفئ بـه عنقهـا ، تطلعت الى هيئتهـا بالمرآة ثـم زفرت بـ قنوط و تهـدل كتفيهـا بيأس ، التقطت حقيبتهـا و علقتهـا على كتفهـا ، و تحركت نحو الخارج ..
………………………………………………………………………………
كـان يجلس خلف المقـود بـ سيارتـه الفارهـة الرمـاديـة اللون ، ممسكًا بـ هاتفـه يكـاد يهشمه بـ قبضـته و هـو يتطلع الى ملامح ذلك الحقير بتلك الصـورة عـاد بـذاكرتـه للخلف قليلًا متذكرًا محادثته مع "باسـل" عندمـا تمكـن من جمع معلومـات لا بأس بهـا عنـه ..
<< _ متجـوز !
رددهـا " سيف" بـ حنق و هـو يكـز على أسنانه يكـاد يهشمهـا ، فـ ردد "باسـل" بتأكيـد :
_ أبـوهـا رجـل أعمـال معروف ، مفهـومـة ان متجوزهـا عشـان الفلوس !
أطلق سبة خافتـة من بين شفتيـه و قـد امتعضت ملامحـه ، فـ عاد " باسـل" يردد بـ نبرة شبه مرتبكـة :
_ و مـش بس كـده ، الراجـل ده يـعنـى ..آآ..
تنغض جبينه مرددًا بنفاذ صبر :
_ ما تقـول على طـول يا بـاسل ! مـاله الزفـت ؟
فـ ردد "باسـل" بنبرة مزدريـة :
_ بص يا دكتور ، من الآخـر هـو بتاع نسـوان !
رفع حاجبيه للأعلـى مرددًا بازدراء و قد احتل التأفف قسمات وجهه :
_ كمــان !
_ أه
فـ دس احـدى كفيـه بـ جيبه و ردد بنبرة جـافـة و هـو يلوى شفتيـه ببسمـة ماكرة :
_ ده انت كـده نهـايتك معايا يا..يا مراد بيه !
………………………………………………………………………………..
ظهـر النفـور على وجهه و هـو يرى صورتـه بإحـدى الملاهـي الليليـة بـ رفقـة فتاة عابثـة تجاوره جلسته و هـو مطوقًا لكتفيهـا ، أخفض نافـذة السيـارة المجـاورة له ، و بصق على الأرضيـة ، أدرك أن الله قـد رحمهـا بابتعـاده عنهـا ، و بأنهـا لم تسقط في براثنـه ، لـقـد كان هناك خيرًا في ما حدث معها ، بالرغـم من عـدم ظهـور ذلك ، و لكـن الله يخفـى الخيـر خلف كـل المصائب لا يعلمـه الا هـو ، عـاد ينظر للصـورة بتأفف و هـو يـضغط على زر الإرسـال ، ثـم اغلق الهاتف و ألقـاه على التابلـوه و رفع نظراته لـ يردد بنبرة قاتمـة :
_ ان ما وريتك يا مراد الزفـت مبقاش أنـا سيف النصار
رفع ساعده لينظر لساعـة يده مرددًا بـ تذمـر :
_ هـى قدامهـا كتيـر و لا ايـه ؟
ثـم عاد يستند بساعده على النافذة المفتوحـة بـجواره ، و سلط نظراتـه على المدخـل ، و مـا هـي إلا ثـوانٍ و رآهـا تخرج منـه ، مرر نظراته على ملابسهـا السوداء التى لا تُظهـر منهـا شيئًا ، ثـم ثبتهـا على وجههـا لتنفرج شفتاه ببسمـة واسعـة تلقائيًا متناسيًا ما عكـر صفـوه منذ قليل ، تسمرت في مكانهـا و هـي مثبتـة لنظراتهـا على سيارته ، و ضمت طرفي المعطف بتوتر و هـي تتحرك نحوه ، فـ ترجـل من السيارة و هـو يدور حولهـا لـ يفتح لها باب المقعـد المجـاور له ، فـ وقفت أمامه مُطرقـة الرأس متمتمة بـ صوت خافت مرتبك :
_ ممكن تقولى واخـدنى على فيـن ؟
فـ رد بنبرة هـادئة :
_ انتي مش واثقة فيا ؟
رفعت نظراتهـا المليئـة بالحسرة اليه لتتلاشـى بسمته ، و خفق قلبه بـ عنف في صدره ، نقلت بصرهـا بين عينيه الرماديتين ، فـ ردد بنبرة جادة و هـو يشير بكفـه :
_ متقلقيش مش هخطفـك ، عايزك تقابلى حـد هتحبيه أوى !
تنغض جبينهـا مرددة بدهشـة :
_ ميـن ؟
فـ افترّ ثغره ببسمـة صغيرة و ردد بـ غموض:
_ هتعرفـى
فـ تنهـدت بـ ضيق و هي تنحنى بـ جسدهـا لتستقـل السيارة ، فـ أوصـد الباب خلفهـا برفق ، ثـم دار حـول مقدمتهـا ، و استقلهـا خلف المقـود ، أدار المحرك و هـو ينظر لهـا ، ثـم ضغط على دواسـة البنزيـن ، و انطلق بالسيـارة ، طـوال الطريق شاردة و هـي تنظر للنافذة المجاورة لهـا ، بينمـا كان يختلس النظرات نحوهـا يتابعهـا بـ شغف انعكـس في مقلتيـه ، و بعـد بعض الوقت أصـدر أبوقًا من السيارة ليستمع حارس البوابـة اليهـا ، فـ سارع بـ فتح البوابـة الالكترونيـة ليلج بالسيـارة للداخـل فوق الممر الذى يتوسط حـديقة صغيرة على جانبيه حشائش خضراء و أزهـار بألوانهـا المختلفـة انتشـر عبقهـا في الأجـواء ، فـ رددت و قد تنغض جبينهـا و هـي تنظر من نافذتهـا :
_ احنـا فيـن ؟
أوقف السيارة و ترجـل منهـا ، و دار حـول مقدمتهـا لـ يفتح بابهـا ، فـ نظرت لـه بـ قنوط و هـى تترجـل من السيـارة ، و لكنهـا تعثرت رُغمًا عنهـا فـ قبض على مرفقهـا و هـو يردد بـ قلق جلي :
_ حاسبي !
استندت بـ كفهـا بلا انتبـاه منهـا على صدره ، فـ تابع تعبيراتهـا المذعـورة بأعيـن شغوفـة عـن كثب ، بينما استشعرت هي دقات قلبه المتسارعـة ، فـ تلاحقت انفاسهـا المتوترة و هـي ترفع نظراتهـا المرتبكـة اليه ، و سحبت كفهـا لتردد بـ اضطراب :
_ آسفـة مقصدش
فـ ترك مرفقهـا و قد تزيـن ثغره ببسمـة واسعـة ، و أوصد الباب مرددًا بنبرة هـادئة :
_ حصل خير ، انتى كويسة ؟
فـ هـزت رأسهـا بإيمـاءة بسيطـة ، فـ ردد مشيرًا بـ كفـه و هـو يبتعد عنهـا مسافـة معقـولة :
_ اتفضـلى !
ازدردت ريقهـا بتوتر ، و تسربت حمرة الخجـل الى وجنتيهـا ، فـ تقدمهـا هـو لـ تسير بـ خطوات مرتبكـة خلفه ، و هـي تنظر عـند موضع قدميهـا ، فتح "سيف" باب الفيلا الصغيـرة ، ثـم دفعـه و هـو يلج للداخـل ، فـ تسمرت أمام الباب و هـي تنظر بـ ذعـر للداخـل ، فـ بـحث بـ عينيه عـن والدته و هو ينظر لهـا من طرف عيـن مرددًا بداخله :
_ على الله بس اللى بفكـر فيـه يفيدك!
تهللت أسـاريره و هـو يرى " نيروز" تتحرك نحوهمـا ، فـ ردد مشيرًا للداخـل بـ كفـه :
_ تعالى متخافيش
فـ رددت بـ ذعـر انعكس على ملامحهـا :
_ انت جايبنى ليه هنـا ؟
فـ هدأهـا بنظراته و :
_ قولتلك عايزك تقابلي حـد هتحبيـه !
و قبـل أن تتسائل كانت تلك السيدة التي لا يظهـر عليهـا سنهـا مُطلقًا تقف بـ جواره ، كانت ملامحهـا تشبـه الى حـد كبير ملامحه ، فـكلاهمـا يملكـان عينين رماديتين و شعـر أسـود عدا أن " نيروز" تملك بشرة بيضاء مثلها بينما كانت بشرته قمحية ، كلاهمـا لديـه تلك الملامح البشوشة التي تحب التطلع اليها ، التفتت "نيروز " لتنظر لابنهـا مرددة بدهشـة :
_ هـى دى ؟
فـ انفرجت شفتاه ببسمـة و هـو يلتفت لهـا:
_ اه
وزعت النظرات المشدوهة بين كلاهمـا و مازالت متسمرة في مكانهـا ، فـ افتر ثغر " نيروز" ببسمـة واسعـة ، و هـي تتأمـل ملامحهـا :
_ ما شاء الله ، ايـه القمر ده ؟
ازدردت ريقهـا بارتباك جلي و هـي تنظر نحوه بتساؤل ، فـ ردد مشيرًا لـ والدته :
_ مـامـا
فـ أومـأت برأسهـا بتفهم مزدردة ريقها و هي تنظر لهـا ، فـ أمسكت "نيروز" بمرفقهـا و جـذبتهـا للداخل مرددة بود :
_ تعالى يا حبيبتى واقفـة عندك ليه ؟
فـ رددت بتلعثـم و هـي تنظر نحوه بتوتر :
_ أنـا ..
فـ رددت " نيروز " بـ ابتهـاج :
_ انتى اسمـك ايه ؟
فـ رددت و هـى تخفض نظراتهـا بارتباك مضاعف :
- أيـار
فـ رددت " نيروز" بـ اشـراق :
_ اسمـك رقيق شبهـك بالظبط
فركت كفيهـا مرددة بـ خفوت :
_ شكرًا
ربتت على كتفهـا و هـي تردد بـ ابتهـاج :
_ و أنـا نيروز
أومـأت برأسهـا بدون أن تُعقب ، فـ التفتت "نيروز" لـتنظر لـ "سيف" فـ ردد ببسمـة واسعـة و هـو يرى استقبـال والدته لهـا :
_ خلى بالك منهـا يا ماما ، دي أمـانة !
فـ التفتت اليه لتنظر لـه بدهشـة فـ بادلهـا ببسمـة عريضـة متأملًا لهـا بـ شغف ، فـ رددت " نيروز" :
_ متخافش دى في عينيا
فـ أومـأ "سيف" برأسـه و هـو ينظر لهـا بنظرة مُطمئنـة هادئـة ، ثـم ردد بـ صوت هادئ :
_ مع السلامـة
أومـأت برأسهـا بدون ان تعقب ، فـ استدار هـو بـ جسده ليدلف للخارج موصدُا الباب خلفه ، و انفرجت شفتاه ببسمـة ساخرة و هـو يتنفس الصعداء حيـن تذكـر حديثـه مع والدته بالأمـس
<< تلوت بـ شفتيهـا مرددة بتأفف :
_ عايـز تجيبلى مجنونـة في البيت !
فـ اغتاظ "سيف" من وصف والدته مرددًا باحتجاج :
_ مـن امتى المرضـى النفسيين اسمهـم مجانيـن يا ماما ؟
فـ هبت واقفـة و عقدت ساعديهـا أمام صدرهـا مرددة بتعنـد :
_ لأ و ألف لأ ! انت عايز تجننى !
فـ ضرب كفًا بـ كف مرددًا :
_ لا حـول و لا قوة الا بالله ، يا ماما و الله البنت حالتهـا النفسيـة وحشـة مش أكـتر ، انتى لما تشوفيهـا هتحبيهـا !
فـ رددت بـ فتور :
_ مش هيحصـل !
فـ لجـأ الى أسلوبه الهـادئ قائلًا بـ عتاب :
_ يا ماما ، يعنى أنـا غلطـان انى بطلب منك مساعدة بسيطة في شغلى ، ترفضي طلبى بالشكـل ده !
فـ زفرت بـ غيظ و :
_ انت عارف انى مش بقدر أزعلك بس كلوا الا كـده ، أنـا أخاف منهـا أصلًا !
فـ انفرجت شفتاه ببسمـة زائفـة محاولًا ألا تنفلت أعصابه منـه :
_ يا حبيبتى تخافى منهـا ايه بس ؟ هـي هتعضك ؟ دى .. دى هادية جدًا و ..
فـ قاطعته " نيـروز" بـ امتعـاض :
_ يـــوه يا سيف ، مش عايزة ، الله !
فـ تبدلت ملامحـه بالكـامل للصرامـة ، و نظر لهـا من زاويـة عين مرددًا و هـو ينتصب بـ وقفته :
_ خلاص يا ماما ، أنـا غلطـان ، متزعليش !
ثـم استدار بـ جسده و كـاد يصعـد الدرجـات لـ غرفته ، فـ تابعته بنظرات قانطـة و هي تفرك كفيهـا بارتباك ، بينما تعمـد هـو التباطؤ من خطواتـه و هـو يعلـم أنهـا ستحـن حتمًا ، و بالفعـل ما هـي الا دقائق كان صعد فيهـا ثلاث درجـات و استمع الى ندائهـا :
_ سيــــف
فـ أخفـى ابتسامته و جمد تعبيراته و هـو يستدير لهـا مرددًا بـ جديـة :
_ نعـم ؟
فـ رددت على مضض :
_ خلاص متزعلش ، أنـا موافقـة
انفرج ثغره ببسمـة واسعـة و هـو يعـود اليه ، و ألصق شفاهه بـ جبينهـا يقبلهـا مرددًا بنبرة ممتنة :
_ حبيبتى يا ماما ، ربنا يخليكـى ليا >>
…………………………………………………………………………………..
تجمدت تعبيراته و أطلقت عيناه شررًا و هـو يخرج هاتفه من جيب سترته ليجد رقمها محتلًا شاشته ، فـ تحرك ناحيـة سيارته و استقلهـا خلف المقود ، و نقر على زر الإجابـة و هـو يدير المحـرك ثانيـة ، فـ استمع الى صوتهـا المهتـاج و هي تصيح :
_ ايــه الصـور دى ؟ انت ميـــن ؟
فـ ردد بنبرة جامدة و هـو يضغط على دواسـة البنزيـن منطلقًا بسيارته :
_ فـاعل خيـر !
فـ اغتاظت أكثر و هـي تصيح به بـ نبرة مشتعلـة :
_ الصـور دي fake " مـزيفة"
فـ ردد بنبرة قاسيـة و عيناه تطلقان شررًا :
_ تــؤ ، الصور حقيقيـة ، جــوزك خـايــن
فـ قاطعتـه بـ احتــــدام :
_ shut up " اخرس" ، مسحملكـش
فـ زفـر بـ حنق و كـاد أن يرد عليها ، و لكن اهتز الهاتف في كفه ليعلـن وصـول رسالة جديـدة ، فـ أزاحـه عـن أذنـه و هـو يقرأ فـحواهـا ، فـ التوى ثغره ببسمـة قاسية و هـو يعـاود وضعـه على أذنه مرددًا بنبرة جـامدة :
_ ليه متتأكديش بنفسـك ، هـو موجـود دلـوقتى في كافيـه ".........."
فـ رددت بـ استهجــان و هـو تكـز على أسنانهـا :
_ I trust him " أنا أثق به " ، مستحيــل أصدق ده !
فـ ردد بنبرة قاتمـة و هـو يحك طرف أنفـه بـ سبابـته :
_ و الله أنا كان غرضـي أوريلك حقيقـة جوزك ، تقتنعـى متقتنعيش ، انـا كده عملت اللى عليا
ثـم أزاح الهاتف عـن اذنـه و هـو يغلق المكالمـة و ألقـاه بلا اكتراث على المقعـد المجـاور لـه ، و التوى ثغره ببسمـة منتشيـة متأكدًا أنهـا لـن تترك الأمـر يمـر مرور الكرام …
…………………………………………………………………………………..
_ بحبك !
قالهـا " مراد " و نظراته الخبيثـة مسلطـة على فريستـه الجديدة ، فـ أخفضت نظراتهـا مرددة بـ خجـل :
_ مـراد !
_ عيــون مراد !
_ هــا ؟ و ايــه كمــان ؟
قالتها " لوريـن" بـ نبرة متهكمـة و هـي تسحب المقعـد المجاور له لتجلس فوقـه ، فـ شخصت أبصاره نحوهـا مرددًا بـ عدم تصديق :
_ لـورين !
فـ أشـارت لـه بـ كفهـا مرددة بـ سخريـة :
- كمـل كمـل يا مراد بيه ، please متقولش اني جيت في وقت مش مناسب !
ازدرد ريقـه و هـو ينظر لهـا بتوجـس ، فـ رددت الفتـاة و هـي تضيق عينيهـا :
_ انتى ميــن ؟
فـ التفتت لهـا مستندة بـ مرفقيهـا على الطاولة و :
_ مـرات البيـه !
اتسعت عيناها و خفق قلبهـا بـ عنف في صدرهـا ، فغرت شفتيهـا و هـي تنظر لـه قبل أن تردد بـ استنكـار :
_ انت .. انت متجوز ؟
ازدرد ريقـه و لـم يُعقب ، فـ رددت باختنـاق و الدمـوع تتسابق للهبوط من عينيهـا :
_ انت واحــد حقيـر و زبالة
ثـم هبت واقفـة و سحبت حقيبتهـا بـ عنف معلقـة لهـا على كتفهـا ، و أوفضت للخارج و هـي تكتم شهقاتهـا بـ كفهـا ، فـ هب واقفًا مرددًا بـ :
_ نورهـان ، استنى بس ، هفهمـك !
فـ هبت هي الأخـرى واقفـة تسد عليه الطريق ، و رددت بـ احتـدام و هي تشعر بالنيران تضطرم بـ داخلهـا :
_ تفهمهـا ايـــه يا حقيــر ؟
فـ ردد بنبرة متوجسـة :
_ لـوريــن اسمعـ…
فقاطعته بـ ازدراء و هي تلتقط حقيبتها معلقـة لهـا على كتفهـا :
_ افتكـر انك كنت beggar "شحـاذ" مفيش معاك حاجة ، أنا اللى شغلتك عنـد dady و رفعتك للسما ، و بإيدي أوقعك تاني يا مراد
هـز رأسه نفيًا و هـو يـ ردد بـ ذعـرٍ :
_ لوريـن يا حبيبتى انتى بتقـولـ...
فـ قاطعته بـ شـراسـة :
shut up _ " اخرس" ورقـة طلاقـي توصلنى ، ســامع !
اتسعت عيناه مرددًا بـ عـدم تصديق :
_ لوريــن ، انتى .. انتى فاهمـة غلط ، طلاق ايـه بس!
فـ رددت بنبرة جـافـة :
_ ششششش ، مش عايزة أسمع حاجــة ، بس متنســاش أنـا أبقى بنت ميـن ، مش " لوريــن السويدي" اللى يتعمـل كـده فيـها !
ثـم استدارت بـ جسدهـا مغادرة بينما تهالك جسده على المقعـد و هـو يرى اختفائهـا من أمامـه بنظرات متحسرة ، فهـي بـ مثابـة كنـز كان يملكـه بأمولهـا الطائلـة التي تملكهـا ، و هـا قد ضاعت من يديـه .
…………………………………………………………………………………...
كـان جلوسهـا مع تلك السيدة بـمثابـة تجربـة جديدة ، كـانت "نيروز" تتحدث معهـا بأريحيـة و كأنهـا تعرفهـا منذ سنون و ليست منذ دقائق فقط ، تطرقت الى الكثير من المواضيع و هـي تحكـى لهـا عـن "سيـف" ، اصطحبتهـا الى الحديقـة فـ جلستـا على المقـاعد بهـا تنفسـت " أيـار" عبيق الزهـور فـ التوى ثغرهـا بشبح ابتسامة ، التفتت الى " نيـروز" التى تابعـت بـ ود :
_ سيف ده نعمـة من ربنـا بعتهـالى ، هـو اللى باقـى ليـا في الدنيـا دى
فـ تنغض جبينهـا لتردد بـ خفوت :
_ هـو حضرتك مش عندك غيره ؟
فـ عبست ملامح " نيروز" و هـى تتمتم بـ قنوط :
_ الله يرحمهـم !
ازدردت " أيـار" ريقها و هـى تنظر لهـا بآسـى ، فـ لـم تتمكـن " نيروز" من التحكـم بدموعهـا التى سالت على وجنتيهـا و هـى تتابع باختنـاق :
_ ربنـا بعتلى أمـانـة .. ولد و بنتيـن ، كـانـ ..كانوا مسافريـن ايطاليا في اجـازة مع أبوهـم و ..و الطيارة وقعت بيهـم ، ماتوا كلهـم في يــوم واحـد ، مرة واحـدة لاقيـت نفسـى وحيـدة ، خسرت روحـي مش ولادى و ..ربنا استرد أمانته !
اختنقت نبرتهـا أكثـر و تعالت شهقاتهـا رُغمًت عنهـا ، فـ نظرت لهـا" أيـار " مليًا بـ عمق ، حينهـا أدركت لمَ أراد منهـا "سيف" أن تأتى هنـا ، كان يعلـم أن والدته ستحكـى لهـا عـن معاناتهـا حتمًا ، لتعلـم أنهـا ليست وحـدهـا من عانت بفقدان أقربائهـا ، من ظلت وحيـدة كـ مدينـة مهجـورة رفض أحـدهـم أن يطأهـا بـ قدميـه ، تمعنـت النظر في ملامحهـا و تنهـدت باختناق و قد شعرت برغبـة عارمـة بالبكـاء ، أمسكـت بـ كفهـا بـ حذر مرددة بـ خفوت مرتبك :
_ أنـا آسفـة ، مقصدش
فـ ربتت على كفهـا مرددة بـ اختنـاق :
_ متتأسفيش ، انتى ملكيش ذنب !
فـ همسـت لنفسهـا بصوت غير مسموع :
_ لأ ليـا ! أنـا قتلتهـم !
عادت " نيـروز" تنظر أمامهـا لتردد بـرضـا ببسمـة عـذبـة و هـي تمسح دموعهـا :
_ الحمـد لله على كـل حال ، الحمد لله ان "سيف" مكنش معاهـم !
فـ نظرت لهـا مليًا لـ تتابع " نيروز " و هـي تبتلع غصة عالقة بحلقها :
_ سيـف ده هـو اللى عـوضنـى ، بالرغـم من ان جرحـه كان كبيـر ، بس هـو كـان بيصبر و يدارى حـزنه قدامـى
فـ أحنت بصرها و رددت على استحياء :
_ ربنـا يخليهـولك
فـ أمسكت " نيروز" بـ كفهـا مرردة بنبرة قانطـة :
_ و انتى همـك ايـه يا بنتى ؟ احكيلي يمكـن أخفف عنـك ؟
فـ ازدردت ريقهـا مرددة بنبرة مرتعشـة :
_ هـو .. هـو دكتور سيف مش قالك ؟
فتلوت بـ شفتيهـا مرددة بـ حنق :
_ لأ ، قـالي ان دي أسرار بين الدكتور و مريضـه و مش عارف ايه و مرضـاش يحكيلي حاجـة عنـك !
فـتنفست الصعـداء لـ تردد بداخلهـا بارتيـاح :
_ الحمد لله
فـ رددت " نيروز" :
_ مش عايـزة تحكـى حاجـة ؟
فـ هـزت رأسهـا نفيًا و قد اختنـق صدرهـا و أخفضت رأسهـا و هـي تسحب كفهـا متمتمة :
_ لأ ، يا ريت نغير الموضـوع
فـ ربتت " نيـروز" على كتفهـا بـ حنو و تفهمـت رغبتهـا و قتلت فضولهـا بصعوبـة و هـى تمسك بـ كفيهـا ، ثـم وقفت و طوقت كتفيهـا و هـي تردد بـ حماس لتخرجهـا من حالتهـا :
_ أقـولك على حاجـة ، احنـا عندنـا طبـاخ بس أنا حبيتك فـهطبخلك أنـا !
فـ رددت على استحيـاء و هـى تتحرك معهـا للداخـل :
_ لأ شكرًا أنـا مش جعانـة !
فـ رددت " نيروز" بـ مرح :
_ مش جعانـة ؟ اوعـى تكونـى خايفـة من أكلى ، ده سيـف ساعات مش بيرضى ياكل غير من ايدي !
فـ نفت رأسهـا متمتمة بـ ارتباك :
_ لأ ، بـس.. بس أنـا مـش جعـانـة !
فـرددت "نيروز" بـ اصـرار :
_ ﻷ أبـدًا ، لازم أدوقـك حاجـة من ايدي !
………………………………………………………………………………
_ و الله احنـا هناخـد ثواب و احنا بننضف الدنيا من القرف اللي فيهـا ده !
قالهـا "باسـل" و هـو يستقل السيارة بـ جواره ، فـ ردد " سيف" بـ توعـد شَرِس و هـو يراقب الحرس الذيـن سارعـوا بـ فتح باب السيارة لتستقلهـا "لـوريـن" و هـو يضغط على دواسـة البنزيـن منطلقًا بالسيـارة :
_ لســه ، و لســه يا باسـل !
فـ ردد "باسـل" و قد تنغض جبينه :
_ بس هـو كده رجع على الحديدة تانى ! و أكيد أبوها هيطرده من شغله ، مفيش أحسـن من كده
فـ ردد الأخيـر بنبرة قاسيـة :
_ تــؤ مش كفايـة ، أنـا هنهيـه بطريقتـى
……………………………………………………………………………………
أنت تقرأ
في طَي النسيان
Romanceنـوفيلا " في طَي النسيـان " "مُـقـدمة" تعهـد بداخله بأن يكـون شفاؤها على يـده.. هـو فقط مـن سـ يُضمد جـراح روحها و مـن سـ يرمم شـروخ قلبها ، مـن سـ يُخمد تلك النيران المضطرمـة بـ قلبها ، هـو فقط و لا أحـد غيـره