الفصل 5: فاقد الشيء يعطيه

742 72 9
                                    

لطالما سمعنا مقولة "فاقد الشيء لا يعطيه" و كبرت و أنا أحاول فهم معناها.. لكن في نهاية المطاف و بعد تجارب عدة اكتشفت أن هذه المقولة غير صحيحة و أن فاقد الشيء يعطيه.

فقط لأنك لم تحظى بالسعادة لا يعني أنك لن تستطيع منحها.

هذه قصة حقيقية لسيدة أعرفها. عانت هذه السيدة من طفولة سيئة، تمييز و تفضيل بين الإخوة، احتقار، عنف منزلي، ديكتاتورية و غيرها المزيد.. كبرت و هي تكابد الشعور بالظلم و الإكتئاب. لكن هل تعتقدون فقط لأنها افتقدت الحب و الحنان الأسري و لأنها لم تحظى بالسعادة و المساواة في طفولتها ستكون شخصا قاسيا جافا صعب المعشر؟

بالطبع لا.

لقد أصبحت أما رائعة أغدقت أبنائها برعاية و حب و حنان لا مثيل لهم. كانت شديدة الحرص على العدل بين أبنائها كي لا يشعر أحدهم بما شعرت به هي من قبل. لدرجة أنها تشتري زوجا من كل شيء حتى في أبسط الأشياء كالسكاكر و الحلوى.. حتى و إن كان أحد أبنائها غائبا فإن نصيبه يبقى في الحفظ و الصون إلى حين عودته. كان ما تفعله يبدو بسيطا جدا للآخرين و هناك من يقول "إنهم مجرد أطفال صغار لا يفقهون شيئا و لن يتذكروا ما حدث في طفولتهم"
"سينسون حين يكبرون" هذا ما ردده الكثيرون.

لكنها كانت تعلم أن هذا غير صحيح.. و أن أكثر ما يترك بصمة أو ندبة دائمة في حياة الإنسان هي طفولته. هي تذكرت كل من أساء معاملتها و تذكرت جميع الكلمات القاسية التي اعتبرها البعض مزاحا سينساه الطفل لاحقا .. لكن الواقع أن تلك الكلمات تخلف ندبا عميقة لا تشفى أبدا إلا إن شاء الله.

نحن نصبح نسخا أفضل من أنفسنا كل يوم، أو على الأقل نحاول ذلك.

حين سخر الآخرون من أحلامي و وقف المجتمع في طريق تحقيقها، عاهدت نفسي أني سأدعم من حولي لتحقيق أحلامهم. 

كلما كان الناس، غرباء كانوا أم أقرباء، قساة في كلامهم و أفعالهم، كلما حاولت التعامل بلطف أكبر و تفهم أكثر. كلنا نعاني من القسوة الإحباط في حياتنا و أحيانا نفقد الأمل في العالم لشدة شناعة ما يحدث من حولنا.. لكن الحقيقة أن لنا حرية اختيار ما نحن عليه.

فقط لأنك لم تحظى بالحب و الحنان لا يعني أنك غير قابل على منحهما. و حتى لو كان من حولك متهكمون غاضبون و عصبيون لا يعني ذلك أنك نسخة منهم. أنت أنت و هم هم.

لأن فاقد الشيء يعطيه و لأنه حتى لو فسد العالم و خذلنا أقرب الناس، لنا الله الذي سيظل سندنا الدائم و الذي يعلم ما في قلوبنا صغيرها و كبيرها.

-----------------

شكرا جزيلا لدعمكم هذا الكتاب و أنا سعيدة للغاية لأن هناك من يستفيد من ما أكتب. إن شاء الله سأحاول إضافة فصول جديدة كلما سنحت الفرصة.

***missdreamer15***

لنتغير إلى الأفضلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن