الفصل السادس
دخلت مقر التدريب تحاول أن تجد سبباً لرؤيته إذ أنّه يتحاشى اللقاء بها منذ رأته آخر مرّة في الزنزانة ، و بحسب ما علمت أنّه قد تم إطلاق سراحه بعد وعده بعدم تعريض نفسه للخطر من جديد ، ومن ناحية أخرى جايدن يحاول جاهداً أن يجد دليلاً ما يقوده الى مقر السيرانة بالجزيرة ، دائمَ السؤال عن تلك الذكرى علّها تتذكر شيئاً آخر يفضح مكانهم و دائماً ينتهي بها الأمر منهارةً و يائسة ، تشعر بالعجز و الغضب من نفسها لعدم تمكّنها من تذكر أي شيء مفيد لتلك القضية .
لمحت راكان عند ركن الأسلحة يبرد سيفه فذهبت إليه علّه يخبرها عن مكان إسايا .
« لا يريد رؤيتكِ ! » استقبلها بذلك الخبر .
« أعلم ، و بالرغم من ذلك أريد رؤيته . » أجابته بفتور تحاول أن تجد فيه سبباً واحداً كي لا تكرهه .
« على فكرة ، شكراً لك ، أقدّر جداً ما فعلتِه معه . »
أخبرها منكبّاً على عمله الدقيق يصدر سيفه صوتاً رنّاناً يبعثر شراراً نارياً مع كل اصطدام له بشفرة المِبرد .
كتفت ذراعيها فوق صدرها تدعي عدم تأثرها بقوله تحاول احتواء تبعثر مشاعرها : « أحتاج حقاً لرؤيته ، أنا حقاً أهتم لأمره ، أُحبّه و كثيراً ، لن أسمح له بالانسحاب من حياتي بهذه الطريقة . »
« إذا كنتِ حقاً تهتمين لأمره انتبهي لطريقة كلامك عنه ، وخاصّة أمام جايدن . »
قذفها بنظرة صارمة يتأكد بأنّها سمعت كلامه و فهمته،
فهربت من نظرته الحازمة تلك تعلق بتهكّم : « آه ، كأنّك تخبرني أن جايدن ذاك يملك قلباً و مشاعراً سأتسبّب بأذيّتهما إذا عبّرتُ عن مشاعري تجاه إسايا أمامه . »
و بهدوءٍ تام ، أطفأ آلة البرد ، وضع سيفه جانباً و وقف قبالتها يوليها كامل اهتمامه ، بشرته ذهبية من حرارة ما كان يفعل ، ذرّات العرق تنساب من جانبي وجهه ، و شعره الأشقر معقود بإتقان خلف رأسه .
« ذلك الذي تتّهمينه بعديم القلب و المشاعر، هو السبب الأوّل والرئيسي لوجودك هنا على قيد الحياة و ليس طعاماً للسيرانة .» أنّبها يثير شعور الذنب فيها، ارتبكت ملامحها تتململ بوقفتها، تشعر بالصغر وهو أردف حين تأكد من أن كلامه ضرب الهدف بعنفوانٍ شعرت به بكل حرف خرج من بين شفتيه :
« و هو السبب الأوّل و الرئيسي لوجودنا
هنا ، أحراراً في هذا المكان ، على قيد الحياة ، هو الذي أنقذ حياة كل واحد منّا ، حرّرنا من جحيم هاردين الذي عانينا فيه لمئات السنين، عبودية مهما وصفتها لك لن تستطيعي أن تتصوري أو تتخيّلي قدر المعاناة التي مرّ بها كل فرد من أفراد أهل هذه الجزيرة، اخرجي . » أشار لها نحو المدخل مردفاً : «اخرجي و انظري حولك ، انظري إلينا ، إلى حياتنا ، عائلاتنا ، أهلنا ، أولادنا ، لولاه لما كان هذا المكان و لما كان إسايا أو أحداً من زوجاتنا أو أولادنا لأننا كنّا سنكون و سنبقى عبيد هاردين ونموت عبيد هاردين . »
نبرة صوته الممزقة أحرقت وجدانها ، تتذكر القصة التي قصّها عليها إسايا ، تتذكر الألم الذي استيقظت على إثره و وجدته يخص جايدن ، تتذكر آثار طعن الخنجر على صدره ، و تلك الندبة بوجنته ، و احترام الجميع له ، نظرة الفخر و الامتنان التي يكنّها شعبه له، لربما جايدن ليس كما تتهمه و لكنّه يبقى غامضاً بالنسبة لها ، غامضاً تخاف سبر أعماقه ، تخاف من أطيافه ، تخاف من الظلمة التي تحيط به ، تخاف من أن تقع أسيرة أطياف جحيمه فتعجز عن إيجاد سبيل التحرر منه .
أنت تقرأ
أطياف الجحيم ، الجزء الرابع من سلسلة دماء الشمس
Vampireأطياف الجحيم ، الجزء الرابع من سلسلة دماء الشمس