الفصل الواحد والعشرون

3.2K 176 12
                                    

الفصل الواحد و العشرون

غادر لوغان و مرافِقوه الحجرة تاركين لينا تنزف على الأرض و إسايا فقد صوابه كلياً يحاول التحرر و الوصول إليها ، وما هي إلّا لحظات حتّى وجد أصفاده تُفكّ بطريقة آلية فأسرع إليها ، جثا قبالتها خائفاً من الاقتراب منها ، لا يعرف ماذا عليه أن يفعل أو كيف يتصرّف .
« الرحمة! ماذا عليّ أن أفعل ؟ أرجوك لا تموتي ، أرجوكِ ! »
و هي تكوّرت حول نفسها تشعر بالبرد يغزو أوصالها على وشك الانهيار .
و بتلقائية و دون تفكير ، مزّق قميصها يتفحّص جرحها البليغ ، نزل لمستواه يلعقه بلسانه بهستيرية ، علّه يتمكن من إيقاف النزيف دون جدوى ، إذ لعابه يقوم بالواجب مع الجروح السطحية و ليس جرحٌ عميقٌ كهذا .
« دماؤك ، أعطِني ، من دمائك . » تمتمت لينا من بين شفتيها المرتعشتين ، تتذكر أحداث روايتها الشيّقة التي تعيشها الآن بكل تفاصيلها ككابوس ، عندما إلينا شربت دماء دايمن فشُفيت من جراحها .
« ماذا ؟ » سألها لا يفهم مقصدها .
« ه،،أعطني ، من ، د، د ، دمائك . »
« أتعتقدين ؟! » سألها فأومأت تستكين لدموعها ، و هو لم يتردد للحظة في شق رسغه بأنيابه و ضغطه بين شفتيها يهبها من دمائه ، أعطاها كفايتها يراقب الجرح بجزعٍ يشعر باللحظات التي تمرُّ تحت ضغط الانتظار كأنّها ساعات طوال ،  وعندما دبّ به اليأس صاح بعجز و غضب :
« ساعدونا ، لا تتركوها تموت ، أيّها الوحوش ! » صاح بهم يفتّش عنهم ، إذ اختفوا نهائياً غافلاً عن أنّهم يراقبون كل تحرّكاتهما من خلف زجاج ذي جهةٍ واحدة .
عاد إليها يذرف فوق بشرتها دموعاً سخية يتوسّلها الغفران
: « اغفري لي أرجوكِ ، أنا السبب بكلِّ ما يحصل لكِ . »
و هي دفنت وجهها بحضنه لا تعلم كيف تواسي حرقته ،
و ما هي إلّا لحظات حتّى بدأ يلاحظ توقّف النزيف تدريجياً ، فانقشعت ابتسامته التي امتزجت بدموعه العاجزة فرحاً بنجاح دمائه بإنقاذها ، لقد توقّف النزيف و بدأ جرحها يتماثل للشفاء .
رفع بصره إليها جاذباً جسدها إليه ، ضمّها إلى صدره يبكي و يشهق كالأطفال متمتماً : « سامحيني ، سامحيني »
« ليس ذنبك إسايا . » همست مقابل صدره تردف بانهاك:
«بل ذنب أهل جنسي الذين لا يتمتعون بذرّة إنسانية . »
رفع أنامله الدامية إلى وجنتها و هي قبضت على كفّه تلك بأناملها المغمّسة بالدماء تسأله : « ماذا سنفعل الآن ؟ »
و قبل أن يجيب عن سؤالها عبقت الغرفة بغازٍ كثيفٍ أثار جزع الزوج ، تلفّت إسايا حوله بتساؤل يدرك سبب تلك المجزرة التي شهد عليها للتو ، لقد قاموا بتلك المهزلة فقط لاختبار ردّ فعله ، و رؤية كيف سيقوم بإنقاذها .
ملعونون ، شتم بغيظٍ يلقي جسد لينا الفاقد للوعي بتأنّي على البلاط ومن ثمّ انتفض من مكانه مسرعاً نحو الزجاج يلكمه بوهنٍ يصارع عدم الوقوع تحت تأثير المخدّر ، و لكنّه في نهاية المطاف استسلم لمفعوله يفقد وعيه هو الآخر .

أطياف الجحيم ، الجزء الرابع من سلسلة دماء الشمس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن