الجزء 14

404 8 0
                                    

هارون.....
سبتهم كلهم أمس سهرانين...ونمت أنا بدري...اليوم عندي مشوار...كان لازم أسويه...أول ماطلعت من السجن...
زي ما طيف ملاكي ملازمني...هو كمان كلامه ملازمني...ولاصق في بالي...إمكن كان عنيف معي... أمكن كان حاقد عليا...لكن ...ما أقدر أنسى إن لكلامه الأثر الكبير...في إني أصحى...وأفوق...وأرجع لنفسي...
قليل من الناس إلي تعيش معه ساعات والأثر إلي يبقى في نفسك منهم ...يعيش معاك لشهور...وإمكن يستمر طول العمر ...وسعد يعتبر من القلائل هذولا...وعشان كذا قررت إني أزوره اليوم....
أنا عارف إنه راح يرفض إنه يقابلني....لكن ...ما راح أيأس...راح أستمر في زيارتهم...
للأسف سعد الرجال الصح في الزمان الغلط والضروف الغلط...
: أخ هارون....تفضل معي
هذا كان صوت الضابط....رحت معاه ووصلني لغرفة صغيرة ...مافيها غير شباك صغير نوعا ما...عليه قضبان حديدية....رحت ووقفت ورى الشباك...
جاني بعد شوية ...خالد أخو سعد...كان يتقدم ببطء ويطل عليا بنظرات بارده...كان كل ما تقدم...أحس ببروده نظراته أكثر...لغاية ما وقف وصار مقابل لي...وما يفصل بينا غير القضبان الحديدية....
كنت أنا أول من بادر بالكلام...قتله : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رد عليا السلام ببطء: وعليكم السلام...
قتله: كيف أحوالكم...عساكم بخير!!
رد:الحين جاي عشان تسأل عن أحوالنا !!
إيش عليك بأحوالنا !!...إخلص إيش تبغى!!
كنت متوقف هذا الرد...عشان كذا...فضلت على هدوئي وقتله: ما ابغى غير سلامتكم...وما جيت غير أشوفكم وأسلم عليكم ....وبس!!
قلي بشك: تطمن...إحنا في أحسن ما يكون...ورجاء...لا عد تعيد الزيارة وتتعب نفسك...لانه المرة الثانية...ما راح نقابلك...
قتله: لكم حق...يكون هذا موقفكم مني...وما لومكم ...لو نظرتولي بنفس النظرة إلي كنتو تنظروها لناصر!!...أنا ما أنكر إني في فترة من الفترات...كنت زيه...وإمكن أفضع منه...لكني تبت إلى الله...واعترفت بذنبي...ومازلت ليل وأنهار...أبكي ندم..على كل لحظة قضيتها في معصية الله..
شفته كان ساكت ويطالعني بتأمل فيه نوع من التشكيك بكلامي...
كملت: دايما الناس تقول...إن الإنسان في السجن...ما يتعرف غير على المجرمين...حتى لو كان بريء او مظلوم...راح يطلع من السجن مجرم وجبار...
لكن أنا حصل معايا العكس...في هذا السجن...تعرفت على ثلاثة الشبان...كانو أحد الأسباب...في تحويل حياتي...من الأسوء للأحسن...
كلام أخوك سعد...أثر فيا كثير...وغيرني...إمكن إنتو كرهتوني...لكن...انا حبيتكم.... في وجه الله...وعلى هذا الأساس أنا جيتكم اليوم...وكنت أتمنى أشوف سعد...وأسلم عليه...لكن إن شاء الله أشوفه في المرة الجاية..واسلم عليه ...على العموم..إنت وصله ووصل لفيصل سلامي....
إختفت نظره البرود إلي كنت أشوفها في عيونه ..وقلي : الله يسلمك...يوصل...
قتله: توصيني على شي قبل ما أمشي!!
سكت شوية...حسيته يبغى يقول شي لكنه كان متردد....قتله:خالد!!...قول إلي عندك...انا تحت أمرك....
قلي: كنت أبغى ......كنت أبغى أطمن على الوالد....كان يزورنا فتره وبعدين قطع عنا...وماندري إيش إلي حصل!!...فإذا كنت تقـــ....
ما خليته يكمل...وقتله بسرعة: عطني العنوان...وإن شاء الله...بكره يكون عندكم الخبر...وربي يطمنكم عليه....
حسيت بإحراج في صوته....: الله يجزيك خير...
قتله: يجزيني وياك....
أخذت منه العنوان...وسلمت عليه...وطلعت من السجن...وتوجهت على طول على العنوان إلي وصفه لي....
الحي إلي كانو ساكنين فيه...كان حي متوسط...أغلبه بيوت شعبية...وسألت على بيت أبو سعد...ودلوني على بيت شعبي...قديم شوية....دقيت الباب...وبعد شوية جاني صوت كان باين عليه...إنه صوت حرمة كبيرة في السن: مين!!
قتلها بصوت عالي شوية: السلام عليكم...هذا بيت العم أبو سعد!!
ردت: وعليكم السلام....إي نعم هذا بيته...مين يبغاه!!
جاوبتها: أنا من طرف سعد....وأرسلني عشان..أطمن عليكم...وأشوف إذا محتاجين شي!!
ماجاني منها رد...وبعد شوية أنفتح الباب ...وقالت: حياك يا ولدي...تفضل!!...المجلس على يدك اليمين
وقفت عند الباب شوية...وبعدين دخلت...ورحت للمجلس....
كان عبارة عن مجلس أرضي...بسيط جدا...دخلت وجلست فيه...وبعد شوية ...دخل عليا ولد...تقريبا عمره 10 سنة او أقل...وكان ماسك دلة قهوه...ووراه حرمة عجوز وجها مغطى...سلمو ورديت عليهم السلام...
وقرب مني الولد..وصبلي قهوة وناولني : سم
مديت يدي وأخذتها : سم الله عدوك...وجلس في الجهة الثانية مقابلي...
كانت ملامح الولد حادة...لكن فيه وسامة.... يشبه كثير سعد...كان يطل عليا بنظرات ثاقبة كأني شايف سعد قدامي ....وبعد شوية سألني: تعرف أخوي سعد !!
جاوبته: أيه ...أنا صديقه....أرسلني...عشان أطمن على الوالد...يقول له فترة ما يزوره!!
شفت الولد سكت وطل على الحرمة العجوز...إلي جاني صوتها: إي والله يا ولدي...أبو سعد له أكثر من أسبوعين منوم في المستشفى...
لاحول ولا قوة إلي بالله...وسألتها: سلامات ...خير إن شاء الله!!
ردت عليا بصوت حزين: الحمد لله......طاح علينا...ووديناه المستشفى...وقالو إن عنده جلطة
قتلها بحزن: طهور إن شاء الله...وإن شاء الله يقوم بالسلامة...
ردت: الله يسمع منك ياولدي...الله العالم إنه مابقى لنا سند في هذه الدنيا غيره بعد الله....وانت اعلم بالحال!!
وأي حال!!...شباب زي الورد...ضاع مستقبلهم وخسرو حياتهم...عشان حقارة حيوان وضيع زي ناصر...الله واعلم كيف أستدرج بنتهم...وأي وسيلة حقيرة أستخدمها معاها...ورجال عاجز...أنكسر ظهره...بعد ما ضاع شرفه و هيبته...وخسر سنده في هذه الدنيا ....وحرمة عجوز...ضعيفة الحال...ضايعة بين قهرها على بنتها إلي ضاعت من بين يدها...وقهرها على زوجها ....وحزنا على عيالها...قوتها..وعكازها في هذه الدنيا... والله إنه هم يهد جبال....
قتلها: العم أبو سعد في أي مستشفى!!
أعطتني إسم المستشفى...والقسم ورقم الغرفة إلي منوم فيها....
وجلست شوية...وبعدين طلعت من جيبي كل المبلغ إلي كان معايا ....ما أعرف حتى هو كام بالضبط...وحطيته على المسند إلي جنبي...
وقبل ما ارفع يدي عن المسند جاني صوت العجوز....وكان فيه نوع من الحدة: وش ذا يا ولدي!!
قتلها: هذا يا خالة مبلغ كنت مستلفه من سعد...ورحت لعنده اليوم عشان ارجعها له...قلي وصله لامي....وهذه هي الأمانة وصلتك...والحين أنا أستأذن...وأمانة يا خالة إذا محتاجة شي أو قاصر عليك شي...إنك تتصلي عليا...وطلعت من جيبي كرت مكتوب عليه كل أرقامي...وحطيته فوق الفلوس....
جاني صوت العجوز: جزاك الله خير يا ولدي....وكثر من أمثالك..

نصف عذراء في أحضان المجهولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن