بانجو - 15

2.7K 160 33
                                    

رشّ عطره الجذّاب, اكتملَ في كماليته, و كيف له ألّا يعجزَ الناظر عن إزاحة نظره؟ وهو يتربع بين ساحات الحسن, قامته مشرقة الهلّة, لا تخبو الجلالة عن إحاطته, و في كل نفسٍ يأخذه, يزفر شذا صدره الرحب, عدّل سترته السّوداء, خصلاته الفحميّة, و اكتفى بترك ملاحته تفتعل ما بيدها من مراوغة, و بقربه كان جين الذي فارقت عيناه تواً الوسن لارتشافه كوباً من القهوة المرة..

"أجلبت الهويات المزورة؟" سأل جونغكوك ليومئ جين له و يرفع يده التي تحمل الهويتان..

"أنت تاجر مخدرات, و أنا مختص ببيع البانجو" ذكّره جونغكوك بالعناوين الأساسية لرحلتهم الطويلة, و التي قد تنحرف نحو المناحي الخلبية, هم يقفون بقرب من ذروة العاصفة, ولا يمانعون الانخراط بها إذ ينجزون فيها ما ينجي غيرهم من اشتدادها.

"سنخرج من النفق نحو البوابة الرئيسية للحي, هناك سيعلم نامجون أن هناك زوّاراً جدد, سندخل مكتبه و نتفحصه بدقة, مكان المخزن و الاستمارات القديمة, سأتكفل أنا بالحديث معه عن رغبتنا بالشراء, و أنت ستراقب ما يحدث خلف رؤيانا بوضوح, قال تايهيونغ أن استمارات الطلب تفرغ في وقت مبكر من النهار كالذي نحن فيه, و كما اتفقنا جين, حين تصل سيارة مكب النفايات, ستخرج لتحرر الكيس الجامع لأوراق الاستمارات, و تخفيها ريثما نعود, اتفقنا؟" طرح جونغكوك على جين بنود الخطة الرئيسية, جين يعلم تماماً مقدار الخطر الذي يدنو منهم شيئاً فشيئاً, في طاولة المقامرة مع من هم يحترفون لعبه, هم ليسوا إلا مبتدئين في مبادئ الجريمة, ليسوا إلا أنصار السلام السالمين من بدع المخاتلة.

"أنا جاهز تماماً سيدي" قال جين بعدما حزما الرحيل, لكن دخول تايهيونغ الغرفة قاطعهما, كان يحمل في يديه لفافتي خبز, و حكت عيناه قصة طيبته لهم, اقترب منهم و ناول كل شخص لفافته, ثم أمعن جونغكوك بمعاتبة..

"أكاد أظن أنك لا تأكل أبداً, ما هذا الإهمال؟" قرأ في عينيه عتاباً جمّاً, ملامةً خصبة, جعله في غفلة عن الإجابة المنطقية, انشغال جونغكوك يجعله ناسياً لوجبات طعامه, فلطالما تغيّب عن موعد الغداء أو العشاء لأنه في عمله ..

لكن ليسا لم تجلب له يوماً تدللاً بأكياس الغداء, ولم تسأله عن سبب تغيبه..

كان تايهيونغ جديداً عليه في كل هذا, كانت تلك العناية تصيبه بوخزات ألم متشكّر لاهتمامه, كان يخاف على جونغكوك من الجوع و المرض, يخاف عليه من نحوله المبالغ..

"و كأنما تلك ليسا الأنانية لا تطعمك, لا يعجبني نحولك أنت على أعقاب مرض ولا تبالي!" يعود ليلومه ودقاً, حباً, غضباً ..

يناظر جين الفتيين و يبتسم في قرارة نفسه الهادئة, هو يعلم منبع الحب بأن يكون بالاهتمام, و من ثم تكاثر المشاعر يولّد عشقاً لا رجعة فيه..

Cannabis | بَانجو TK ✔حيث تعيش القصص. اكتشف الآن