سألني: هل جربت يومًا أن تواري الحزن؟.
أجبته: إنَّ الحُـزنَ لا يُخَـبَّأُ يا صديـقي. إنَّـه يَتسـرَّبُ من منابِــع قلبِك إلى شـلَّالاتِ عَينَيـك؛ فيَسـرِقُ عَبْــرَةً مِن ساحاتِ شُعـورِكَ إلى أزِقَّـةِ حَلقِـكَ تاركًا غَصَّةً فِيـهِ. الحُـزنُ مُرشِـدٌ سِياحِـيٌّ ماكِـر؛ يَطـوفُ بـك ليـلًا فـي فنـادِق الذِّكريـات، يُبحِـرُ معكَ فـي مُحيطاتِ الوَجـع، يَختَـلسُ مِنـكَ عُمـلةَ النَّـوم، يُهـدِيكَ ليـالِـي السَّـهَر؛ فَيَنْـحَـتُ علـى جُفـونِ عَيـنَيـكَ خـرائِـطَ سـودَاء. لن تستطيـعَ مُـوارَاةَ الحُـزنِ يا صديقي. أخبرنـي؛ كيـفَ للمـرءِ أن يُضـمِرَ شُـرودَ ذِهـنِهِ الـدَّائـم، وَجْـهَهُ العبُـوس، صـمتَهُ المُـوحِـش، لَامُبَـالاَتَـهُ المُـخِيفة، حـرارَة جِـسمِهِ المُـرتفعة، اِنعِـزَالَهُ الطَّـويـل، واِنطِـفَاءُ عَيـنيهِ الـذي يَـشِي بكُـلِّ شـيء.