-كُسر بالعمود الفقريّ وَتمزقٌ بالعصب هذا لا بأس به، لكن المشكلة تكمن هنا في النخاع الشوكيّ، لن نستطيع إعادة الفقرات لمكانها دون أن يحدث تمزّقٌ له. نسبة نجاح العملية واحدٌ في المائة، وفي حين فشلت فإما أنكِ ستصابين بشلل رباعيّ أو.. الموت.
-أيها الطبيب، أتمنى بعدما تُغادر وتغلق الباب خلفك أن تفهم معنى رقم هذه الغرفة جيّدًا:".467" حذاري أن تنسى.
هتفت مناديةً إيّاه في اللحظة التي أمسك بها مقبض الباب بعدما ألقي جملته ببرودٍ قاتلٍ وهمّ بالرحيل، كان ثمة شيءٌ في عينيها لم يفهمه.
-ما الذي حلّ بشمس المدينة؟
همس الشخص الوحيد المتبقي في الغرفة معها بعد تقرير الطبيب الذي ألقاه بلا مُبالاةٍ تُذكر، غير عابئ بتلك الأنفس التي وئدها حديثه ولم يهتمّ.
شعر أمامها بالعجز، أيّ حروفٍ تلك التي ستروي الزهر بعدما مات وتعيد للظلام ضياءه، أيّ كلماتٍ تلك التي سترمم خراب اليأس وتُصمت نعيقه؟
فنظرت لعينه المُغروقة بالدمع، ما كان يليق بكستنائيتيه البكاء، وما كانت ملامحه لتنهزم قبلها قطّ، ليس أخاها على الأقل، سرعان ما ابتسمت رغم التماع مقلتيها بحزنٍ آثمٍ لتهمس بصوتٍ مبحوحٍ تُقاوم انكسار الروح:
-ستشفع ليّ الأشياء ذاتها، صلوات أمي التي لم تنسني بها وَضحكاتك الصاخبة، ابتسامة أرواحهم، حديثي المستمرّ مع الله ودعوةٌ احتوني في ظهر الغيب.. سينقذني الله.
_____﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80)﴾