دعا الله وما علم للحظةٍ أن الله سيستجيب، نسي قوله تعالى ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾، وَنسي أيضًا قوله في حديثٍ قدسيّ:[ أنا عند ظنّ عبدي بيّ.]
فتحت عيناها ببطءٍ شديدٍ لتلقي ذابلتاها بناعستيه المرهقة فيشهق بغير تصديق. توسعت عيناه بشكلٍ لطيفٍ هامًا بقول شيءٍ فقاطعة الطبيب طالبًا منه الابتعاد ريثما يتفقد الملفات بين يديه، ثمّ ضغط بالقلم على باطن قدمها فأصدرت أنينًا خفيفًا..
صُعق الطبيب وارتعدت يده، يُعيد الحركة مُجددًا وَمُجددًا وَذات الأنين يخرج من فيّها؛ ليزمجر بغضبٍ على إحدى المُمرضات آمرًا أن تُغلق لها عينيها، ثمّ أعاد الضغط بالقلم على ظهرها فهسهست بألمٍ امتزج مع أنفاسها المُضحلة بتعب:
-ظهري..
هي تشعر، تشعر بكامل جسدها. جُنّ الطبيب عند هذه النقطة وشدّ شعره للخالف مُجلجلًا:
-أخبروها ألا تكذب، هذا مُستحيل، مُستحيل.. قفي، هيّا قفي والآن!
أمر غير مكترثٍ ببقيّة الأطباء الذين يُشيرون لكونه خطرًا، غير عابئٍ بجسدها الذي خرج من غرفة العمليات قبل سويعاتٍ معدودة.. أراد إرضاء غروره لا أكثر.
أخذت نفسًا عميقًا تحت أنظار شقيقها الذي أغشي عليه من شدّة الصدمة لمّا تحاملت كلّ وصبها ونهضت بمساعدة الممرضات..
-دعوها!
أرعد لتُترك حتى تقف وحدها، ورغم اختلال توازنها هي وقفت، وقفت على قدميها مجددًا لثانيتين قبل أن يتهاوى جسدها للأرض، وقفت رغم تقاريرهم التي أقسمت على فشلها.. وقفت بقدرة الله!
-الله أكبر، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله!
كبّر الحاضرون وصاح هو من بينهم موحدًا، يضع كفّيه على رأسه يستوعب المعجزة التي يراها أمامه.. ونسي أن قدرة الله كانت فوق كلّ شيء.
لربما كان الأمر مُستحيلًا، لكن ثمة ربٌّ يقول لشيء كنّ فيكون، ربٌّ لا يُعجزه شيء.
_____﴿كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ(21)﴾