دافئةٌ كالشِّتاء| ٠٦

6.3K 586 371
                                    

البَشر حقولٌ من الألغام توحي طلائِعها الرَّبيعيّة أنَّها سهولٌ يانِعة في الإخلاص، تداعب نسمات الأمانَة حشائِشها المتراقِصة بوديَّة، إلى أن تحطَّ أقدامنا على الرُّقعة الخاطئة، رغم أنَّ الحياة ما علَّقت عليها لافتة المحظور لحِمايتنا مسبقًا، كأنَّها ...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

البَشر حقولٌ من الألغام توحي طلائِعها الرَّبيعيّة أنَّها سهولٌ يانِعة في الإخلاص، تداعب نسمات الأمانَة حشائِشها المتراقِصة بوديَّة، إلى أن تحطَّ أقدامنا على الرُّقعة الخاطئة، رغم أنَّ الحياة ما علَّقت عليها لافتة المحظور لحِمايتنا مسبقًا، كأنَّها تعمَّدت جعلنا نرتطم بالخيبة في مرحلةٍ ما من كلِّ علاقة، ونتمزَّق إلى أشلاء من الحسرة، لأنَّا علِقنا فيها بالفعل، وما عاد الرُّجوع خيارًا مُتاحًا.

ذلك ما تدفَّق في فكري، بينَما أسري نحوَ المنزل تحتَ مظلَّةٍ سماويَّة مرصَّعة بالنُّجوم، يحاكي بريقها بريق العبرات في مقلتيّ، والَّتي دحضتها بكبرٍ لئلَّا تعلن عن قدر ما بلغَه من أهميَّة في فؤادي، أقسَمت مُذ علمت بأنِّي لقيطةُ رجلٍ خاسِئ، تلاعبَ بمشاعر والدتي أنِّي لن أرفَع على عرشِي رجُلًا، وبيكهيون ليسَ استثناءً، من هو على أيَّة حال؟ مجرَّد محطَّة ارتأت خفقاتي أن تنزِل عندها، وأدعو أن تستقلَّ قطارًا آخر مِن بَعدِه.

وصلتُ إلى الحيِّ برأسٍ متصدع لفرطِ ما لطَمته تناقُضاتي الدَّاخلية، بينَ أصواتٍ رشَّحت انتزاعَه من حياتنا، قبل أن يتجذَّر بحيث يعيث فسادَه حولنا، وبينَ صوتٍ آخر حثَّني على كتمانِ الأمر من أجل سعادة أمِّي، وبينَ رغبةٍ طفيفَة في مطالبته بتفسيرٍ منطقيّ، ما لن يحدُث.

ما إن احتَوت أرضيَّة موطني قدميّ حتَّى اختَطفتُ من علبةِ المسكِّن قرصًا ونهلته لعلَّه يشفي ألَمي الفتَّاك، ثمَّ استلقيت على فراشي في ثيابِ نومٍ ورديَّة. نسيت بالكامِل أنِّي خلَّفت صديقَتي جوان في الصَّالة الخفيَّة، دونَ أن أتكبد مشقة إخبارها عن انسِحابي، الصَّدمة أفقدتني رُشدي كليًّا، حينما التَقطت الهاتِف بغية مراسَلتها شقَّت رسالة منها بصري.

«فال هو بيكهيون، كلِّي مُلجم، لاشكّ وأنّك صدمت».

قبلَ أن أنقُش لها ردًّا، قفَزت رِسالةٌ أُخرى على الشَّاشَة.

«ما الَّذي تحدّثتُما عنه بالخارِج؟ لم يكن في حالةٍ جيِّدة عِندما عاد إلى الحلبة، وقفَ هناك بثبات، بينما غريمه يلكمه حتَّى الموت دونما شفقَة، أقسم أنِّي رأيته يبتسم رغمَ وابل الألم الَّذي انهالَ عليه، أراهن أنَّ جسده قد تحطَّم».

شهِيَّة| Chefs Kiss  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن