اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
لكَم هِي عجيبةٌ تضاريسُ الحبّ، حُرِّمت على الاستِنساخ، فما تشابَهت بينَ القلب والقلب، حتَّى من أهدَر شبابَه في تلقُّنِ جغرافيَّتها، يُخفِق في تكهُّن تكويناتها أحيانًا، ولكلٍّ امرؤٍ ما يبرَع في عُبوره، وما ينهار فيه عند أوَّل عثرة؛ من ألِف وِديان الاهتِمام، لن يتأقلَم في صحراءٍ قاسِيةٍ من الجُحود والكبرياء، ومَن استَطابَ سُهول الخُضوع، لن ينجُوَ في قلبٍ جبليّ، تراكَمت فيه جلاميد الحسرة على مرٍّ الزَّمن، فهدَّدت كُلَّ من سلَكه بالتحطُّم.
كثيرًا ما قارنت نفسي بنايون، هِي مُتفوِّقةٌ عليَّ في الأنوثَة، حواسها كاملةٌ غير متآكلة، جسدُها كصيفٍ حارّ، وطباعُها ربيعيَّة ودودَة، تخطف انتباه الجميع، وتعدِم وجودِي؛ من الطَّبيعيّ أن أستَغرب تفضيلَه لي على حِسابِها. عقب فاصلٍ من التَّفكير، ببساطةٍ أيقَنت أنِّي خُلقت لأجتازَ تضاريسَه الوعرة إلى قريةِ الهَوى الكامنة في لبِّه، ربَّما لأنِّي ألِفت المنحدَرات المُظلِمة، وربَّما لأنِّي مفصَّلة على ذوقِه شرَّع لي أبوابه واحتَفى بي.
لم أندِّد به رغمَ أنَّه تأصَّل في قلبي، لكنَّ الحياةَ عثرت على طريقةٍ لتجمَعنا، وكما أعلَم أنَّه لن يغادِرني رغمَ صعوبةِ شعُبي، أعلَم أنِّي لن أتوفَّى بسقطةِ خيبةٍ من أعاليه مهما كانَ مُختلفًا عنِّي.
أمضينا طورَ السَّمر في مطعمٍ فرنسيّ، ذكَّرني بالقُبلات الَّتي يصبُّها على ثغري حدَّ الطوفان كُلَّما اختَلينا بأحدِنا الآخر، كلانا ينتهز غياب يون، فعودتها ستنسف الهناء الَّذي تغمدنا بعد عناء. بعد العَشاء تجوَّلنا في شوارِع سول، وتناولنا غزلَ البنات، أجبَرني على إطعامِه أمام الملأ وما ارتأيت حلًّا بديلا، خشيت أن يلثّمني بقذارةٍ لو أبيت، فبيكهيون يحصل على كلِّ ما يريده بغضّ النظر عن رأي الطَّرف الآخر، له جانبٌ داجٍ.
كانت محطَّتنا الأخيرةُ مُتنزَه نامسان، كِلانا يتَّكِئ إلى السّور الثَّخين المُطلِّ على البُرجِ الوهَّاج مِثل منارة في صدرِ ميناء، بينَما نراقب النُّجوم، الأصحُّ أنِّي الوحيدة الَّتي سهت إلى السَّماء، إذ كنت فريسةً لنظراتِه الحادَّة، لم أكتشِف أمرَه إلَّا عِندما نقرَ سؤالٌ ما دماغي، وقادِني إليه، حيثُ ساهَم الصَّقيع والخجل في كيِّ وجنتيّ.
