بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الانبياء والمرسلين.
حديث "إنما الأعمال بالنيات" هو أول حديث من الأربعين النووية للإمام النووي رحمه الله.
عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( إنما الأعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) رواه البخاري ومسلم.
*إنما الأعمال بالنيات: المراد بالأعمال هي الأعمال الشرعية كالوضوء، الغسل، التيمم، الصلاة، الصوم، الإعتكاف... وسائر العبادات، وما من عمل إلا وله نية، فالإنسان المكلف لا يمكنه أن يعمل عملاً باختياره، ويكون هذا العمل من غير نيّة، لهذا نحتاج إلى نية صادقة من القلب لتكون الأعمال صحيحة وكاملة.
*وإنما لكل امرئ ما نوى: وجوب الإخلاص لله تعالى في جميع الأعمال؛ لأنه أخبر أنه لا يخلُصُ للعبد من عمله إلا ما نوى، فإن نوى في عمله الله والدار الآخرة، كتب الله له ثواب عمله، وأجزل له العطاء، وإن أراد به السمعة والرياء، فقد حبط عمله، وكتب عليه وزره.
*فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه: الهجرة هي الترك، والهجرةُ إلى الشيء هو الانتقال إليه عن غيره، وفي الشرع تركُ ما نهى الله عنه.
قال النووي: معناه: من قصد بهجرته وجه الله، وقع أجره على الله، ومن قصد دنيَا أو امرأة فهي حظه، ولا نصيب له في الآخرة بسبب هذه الهجرة.
من العبر والقيم المستفادة من هذا الحديث:
_إخلاص النية وجعلها صادقة في كل عمل وعبادة.
_الإنسان يُعطى على نيته ما لا يُعطى على عمله.
_الفرق بين العبادة والعادة هي النية.
_النية دليل على الإيمان...غريب الحديث:
◙ ((إنما)) تفيد الحصر، وهو إثبات حكم الأعمال بالنيات.
◙ النية لغةً: القصد.
شرعًا: هي اعتقاد القلب فعل شيء، وعزمه عليه من غير تردد[7].
شرح الحديث:
((إنما الأعمال بالنيات))؛ أي: إنما صحةُ الأعمال بالنيات، أو لا صحة لعمل إلا بنية، قال الخطابي: معناه أن صحة الأعمال ووجوب أحكامها إنما يكون بالنية؛ فإن النية هي المصرفة لها إلى جهاتها، وقال الحافظ العراقي: المراد بالأعمال هنا أعمال الجوارح كلها حتى تدخل في ذلك الأقوال؛ فإنها عمل اللسان، وهو من الجوارح[8].
قال ابن هبيرة - رحمه الله -: لا يقبل الله عملًا إلا بنية، حتى إن المسلم يضاعف له الثواب على أكله وشربه، وقيامه وقعوده ونومه ويقظته، على حسَب نيته في ذلك، وربما يجمع الشيء الواحد عدة وجوه من العبادات بالنية[9].
وقال ابن القيم - رحمه الله -: تداخل العبادات في العبادة الواحدة هو باب عزيزٌ شريف، لا يعرفه إلا صادق، حاذق الطلب، متضلع من العلم، عالي الهمة، بحيث يدخل في عبادة يظفر فيها بعبادات شتى، وذلك فضلُ الله يؤتيه من يشاء[10].
وقال ابن رجب - رحمه الله -: وأما النية بالمعنى الذي ذكره الفقهاء، وهو تمييز العبادات عن العادات، وتمييز العبادات بعضها عن بعض، فإن الإمساك عن الأكل والشرب يقع تارة حمية، وتارة لعدم القدرة، وتارة تركًا للشهوات لله عز وجل، فيحتاج في الصيام إلى النية.
وكذلك العبادات: كالصلاة والصيام، منها نفل، ومنها فرض.
وكذلك الصدقة: تكون نفلًا، وتكون فرضًا[11].
((وإنما لكل امرئ))؛ أي: إنسان ((ما نوى))؛ أي: جزاء ما نواه في عمله، من خير أو شر.
((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأةٍ ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) الهجرة: الترك، والهجرةُ إلى الشيء: الانتقال إليه عن غيره، وفي الشرع: تركُ ما نهى الله عنه[12].
قال النووي: معناه: من قصد بهجرته وجه الله، وقع أجره على الله، ومن قصد دنيَا أو امرأة فهي حظه، ولا نصيب له في الآخرة بسبب هذه الهجرة[13].
سبب ورود الحديث:
قيل: إن الحديث سِيق بسبب رجل أراد التزوج من امرأة يقال لها: أم قيس، فهاجر من أجل ذلك، واستدل بالآتي:
روي عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: (من هاجر يبتغي شيئًا فإنما له ذلك، هاجر رجل ليتزوج امرأة يقال لها: أم قيس، فكان يقال له: مهاجر أم قيس)[14].
قلت: قد أنكر ذلك الحافظ ابن رجب رحمه الله وغيره من العلماء، فقال: وقد اشتهر أن قصة (مهاجر أم قيس) كانت سبب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأةٍ ينكحها))، وذكر ذلك كثير من المتأخرين في كتبهم، ولم نرَ لذلك أصلًا يصح.
وقال ابن حجر - رحمه الله -: ليس فيه أن حديث الأعمال سيق بسبب ذلك، ولم أرَ في شيء من الطرق ما يقتضي التصريح بذلك، والله أعلم[15]؛ اهـ.
الفوائد من الحديث:1- النية محلها القلب، واللفظ بها بدعة.
2- أن مدار الأعمال على النيات؛ صحة وفسادًا، وكمالًا ونقصًا.
3- في الحديث إشارة إلى أن من أراد الغنيمة صحح العزيمة، ومن أراد المواهب السَّنِية أخلص النية.
4- أن الأمور بمقاصدها.
5- الفرق بين العبادة والعادة هو النية.
6- أن نية المؤمن تبلغ إلى حيث يبلغ عمله.
7- أن الإنسان يعطى على نيته ما لا يعطى على عمله.
#بتصرف
من كتاب: شرح الأربعين النووية
موقع إسلام ويب
موقع شبكة الألوكة
أنت تقرأ
💕🌺 على نهج الصحابيات 🌺💕
Ngẫu nhiênإليك أختي الطيبة🌸، أنشأت هذا الكتاب الديني... لعل محتواه يمس شغاف قلبك... ولعل مواضيعه تكون سببا في هدايتك... أنت لؤلؤة ثمينة وكوكب دري.. باتباعك خطوات أمهات المؤمنين الطاهرات والصحابيات الجليلات رضي الله عنهن وأرضاهن... ستكونين قدوة مثلهن.. إليك...