Episode 5 "! يَزْنَ"

7K 65 8
                                    

قَبلَ ان تبدأ اضغط هنا "تَابعنِي"👈SaFwAnALB

لَا يُوجَدُ أَسْوَأُ مِنْ أَنْ تُدْفَنَ مَنْ تُحِبُّ تَحْتَ التُّرَابِ وَ الْبَاقِي تُرِهَاتٌ تَافِهَةٌ .

كَيْفَ سَأُكْمِلُ حَيَاتِي دُونَ ابْتِسَامَةِ وَالِدِي ؟ مَنْ سَيَحْجُبُ الْحَلْوَى خَلْفَ ظَهْرِهِ وَ يَدْخُلُ عَلَيَّ ؟ مَنْ سَيُحَادِثُنِي عَنْ فِلَسْطِينَ الْأَنِّ ؟! أَ هَكَذَا تَرْحَلُ يَا حَبِيبِي ؟
هُنَا أَدْرَكْتُ إِنَّنِي دَفَنْتُ قِطْعَةَ مِنّي مَعَ وَالِدِي وَ لَنْ أَعُودَ كَامِلًاً مَهْمَا حَدَثَ .

هَا أَنَا أَمْشِي بِجَانِبِ " بِتَوَلٍّ" بَعْدَ مَا غَادَرْنَا الْمَقْبَرَةَ الَّتِي احْتَوَتْ وَالِدِي وَ بَاقِي الشُّهَدَاءِ مِنْ مُقَاتِلِينَ وَ أَطْفَالٍ وَ نِسَاءٍ ، كُلَّمَا ابْتَعَدَتُ عَنْ "مَقْبَرَةِ الشُّهَدَاءِ" يَتَلَاشَى الشُّعُورُ بِالْأَمَانِ "سَأَظَلُّ أُحِبُّكَ إِلَى الْأَبَدِ يَا ابْي" .

لِأَعُودَ إِلَى الْمَنْزِلِ حَامِلًاً فِي صَدْرِيِ الصَّغِيرِ مَا لَا تَحْمِلُهُ جِبَالٌ ، دَخَلْتُ إِلَى غُرْفَتِي وَ جَلَسْتُ عَلَى سَرِيرِي وَ تَجْلِسُ بِجَانِبِي بِتَولَ وَهِيَ تُحَاوِلُ مُوَاسَاتِي وَ فِي مُنْتَصَفِ الْمَنْزِلِ وَالِدَتِي وَ الْأَقَارِبُ يَقْبَلْنّ التَّعَازِيَ ، وَ يُقَدِّمْنَ الْقَهْوَةَ الْمَرّةَ كَضِيَافَةً وَ يَقْرَأْنَ الْقُرْآنِ .

الصَّمْتُ عَمّا فِي غُرْفَتِي لَا شَيْءَ يُسْمَعُ سِوَى صَوْتِ أَنْفَاسِنَا الْحَارَّةِ ، عِنْدَمَا كُنْتُ وَاضِعًاً رَأْسِي إِلَى الْأَسْفَلِ وَ أَنَا مُتَشَبِّثًاً بِكِلْتَا رُكْبَتَايَ ، شَعَرْتُ بِيَد " بِتُوَلِ" الصَّغِيرَةِ عِنْدَمَا لَامَسْتُ مِرْفَقَ يَدِي ، رَفَعْتُ رَأْسِي وَ نَظَرْتُ إِلَيْهَا بِعُيُونِي الَّتِي تَوَرَّمَتْ مِنْ كَثْرَةِ الْبُكَاءِ ، رَأَيْتُهَا تَبْتَسِمُ وَ كَأَنَّهَا تُرِيدُ أَنْ تَهُونّ عَنِّي قَلِيلًاً وَ قَالَتْ بِصَوْتٍ حَزِينٍ : غَيْثٌ يَكْفِي هَذَا ! أَلَمْ تَقُلْ انْكَ قَوِيٌّ ! الْأَقْوِيَاءُ يَظْهَرُونَ فِي الْمَصَاعِبِ ! ..

فَأَجَبْتُهَا بِنَبْرَةٍ حَزِينَةٍ وَ أَنَا ابْكِ مَعَ شَهْقَةً فِي الْكَلَامِ: لَا اُرِيدُ أَنْ اكُونَ قَوِيًّاً إِنْ كَانَ الثَّمَنُ ابْي يَا بِتُوَلٌ !.

رَأَيْتُ تِلْكَ الدُّمُوعَ الَّتِي تَجَمَّعَتْ فِي عُيُونِهَا بَعْدَ مَا سَمِعْتُ إِجَابَتِي هَذِهِ وَ انْزِلَتْ رَأْسُهَا الَى الْأَسْفَلِ بِبُطْءٍ ، قَبْلَ أَنْ تَرْفَعَهُ مُجَدّدًاً وَ قَالَتْ مُتَعَجِّلَةُ النُّطْقِ وَ كَأَنَّهَا تَذَكَّرَتْ شَيْئًاً : سَأَعُودُ بِسُرْعَةٍ ! ..

لِتَنْهَضَ وَ تَذْهَبَ نَاحِيَةُ بَابِ الْغُرْفَةِ رَاكِضَةً بِفُسْتَانِهَا الْأَسْوَدِ ، لَا أَمْلِكُ طَاقَةً لِلْكَلَامِ حَتَّى اسْأَلَهَا بِمَ تُفَكِّرُ ! لِذَا تَرَكْتُهَا تَفْعَلُ مَا يَحِلُّوا لَهَا ، وَ اكْتَفَيْتُ بِنَظَرَاتِ فَقَطْ ! ، لِأَبْقَى وَحِيدًاً مَعَ حُزْنِي ذَاكَ ، وَالِدِي لَا يُرِيدُ مُفَارَقَةَ مُخَيِّلَتِي ، أُرَاهُ فِي الْحَائِطِ وَ فِي السَّقْفِ وَ فِي الْمِرْأَةِ وَ حَتَّى عِنْدَمَا اغْمَضْ عَيْنَايَ ارَاهُ ! ، اهً يَا وَالِدَي اهْ .

جِنِينْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن