الفصل 1

10K 202 7
                                    

فتحت "لين" البالغة من العمر ثماني سنوات عينيها ... وراقبت سقف الغرفة التي تتشاركها مع بقية فتيات الميتم...كانت ليلة شتاء ممطرة ولم تستطع النوم لأنها تخاف صوت الرعد... دوى صوت الرعد مجددا..فغطت أذنيها بيديها... تأملت وجه صديقتها "تشيلا" التي تكبرها بسنتين...واستغربت كيف تستطيع النوم بهدوء... مع كل هذه الأصوات...

ارتعشت مجددا وهي تصغي للأمطار المتهاطلة....

سحبت غطائها ولفته حول نفسها ثم خرجت من الغرفة...في مثل هذه الليالي...اعتادت لين الذهاب إلى غرفة المربية "آنا"...لكنها الليلة ليست موجودة فقد أخذت إجازة...سارت في الرواق المظلم بضع خطوات...ثم تأملت الدرج ولاحظت نورا خافتا في أعلاه... صعدت بخطوات ثابتة... لتجد "جان" جالسا هناك يقرأ كتابا على ضوء شمعة... ابتسم لها وهمس: أليس من المفترض أن تكوني نائمة في هذا الوقت ؟

عبست ملامحها ودون أن تقول شيئا...أدرك أنها خائفة...ربت على كتفها بهدوء ودعاها للجلوس بجانبه...نظرت إليه "لين" بامتنان، فهي تعتبره أخا لها والبطل الذي يهب لنجدتها عندما تحتاجه...

كان "جان"في الثالثة عشر من عمره...فقد والديه قبل سنتين بسبب وباء الكوليرا...وانتهى به الأمر في هذا الميتم مع شقيقه الأصغر "ويل"...ما جعله مختلفا عن الآخرين...فهو يعلم جيدا.. معنى العائلة ويعرف شعور أن يكون للمرء أشخاصا يهتمون لأمره...على خلافها هي...فقد أخبرتها المربية أنها كانت رضيعة عندما وجدتها أمام باب الميتم...

تنحنحت ثم قالت: لاشك أن الأمر كان صعبا عليك....

لم يفهم قصدها فأضافت: أن تفقد عائلتك...

شعر بحزن عميق ثم ابتسم بمرح وقال: لقد مرت سنتان بالفعل... ومع ذلك مازلت أتذكرهما جيدا... أمي كانت امرأة لطيفة وحنون...ووالدي كان شخصا رائعا أيضا...كنت متعلقا به كثيرا... كان بالنسبة لي أبا وصديقا....كان مولعا بقراءة الكتب...

ثم أشار إلى الكتاب الذي يحمله وأضاف: هذا كان كتابه المفضل... إنه آخر ما بقي لي منه....

ابتسمت له وقالت: هذا جميل...أعتقد أنك أيضا مولع بالقراءة مثل والدك...

-أجل...أنا أحب القراءة كثيرا...

فكرت لين في كلامه ثم ربت على رأسها وقال مبتسما: لا أعتقد أن صغيرة مثلك يمكن أن تفهم هذا...لَمْ تخبريني...مما أنت خائفة؟

أحنت رأسها وأجابت بصوت خافت: أنا أخشى صوت الرعد...والليالي الممطرة....ألا يخيفك ذلك؟

ابتسم وأجاب: لا...إنها مسألة اعتياد فحسب...أقصد بما أن هناك عاصفة في الخارج...من الطبيعي أن نسمع دويّ الرعد...لذا لا داعي للخوف..ربما إن أقنعت نفسك بهذا...سيزول خوفك تدريجيا...

حدقت فيه بصمت ثم قالت: أنا لا أفهم أيا من كلامك...ومع ذلك التحدث معك يمنحني شعورا بالأمان...

أنت قدري حيث تعيش القصص. اكتشف الآن