«أنتَ مرآتك»

158 42 89
                                    

ها قد وصلنا إلى نهاية الكتابِ، وبُكلِ الأسفِ والحُزنِ، أخبرُكم أنَّ جميعَ المواقف في الفصولِ السابقةِ حدثت بالفعلِ باختلافِ الأسماءِ والبلادِ.

مَنْ مِنّا لَم يتنمرْ على أحدِهم على سبيلِ المُزاحِ؟

ومَنْ مِنّا لَمْ يَكُنْ عُرضةً للتنمُرِ في يومٍ ما؟
سأتحدثُ بشكلٍ شخصيٍ في البدايةِ..
كنتُ طفلةً بائسةً داخليًا مولعةً بمساحيقِ التجميلِ والصبغاتِ، أمقتُ مظهري حينما أنظرُ إلى المرآة، أكرهُ مظهرَ شعري الأسود المُجعد، بشرتي القمحية، عيناي العسليتين..
كنتُ أبكي ليلًا ونهارًا إذا رأيتُ صورةً التقطت لي في حفلةٍ مدرسيةٍ، أو نزهة حتى؛ لأنني لم أكنْ أرى نفسي جميلةً كسائرِ الفتياتِ!
ولكن كان ذلكَ له عدةُ مُبرراتٍ..

-أولهم: هذه السُخرية التي كنتُ أتعرض إليها حينما كنتُ في الصفوفِ الأولى من الابتدائيةِ؛(نظرًا لأن تصفيف الشعرِ وقتها بشكلٍ مُجعدٍ لَم يكن سائرًا).

-عدم إدراكي وقتها.. كيف أردُعهم؟ أو ما الوسيلة التي أتخذُها حتى يتوقفوا؟!

-ثانيهم: رُسِخَ في ذهني كطفلةٍ حمقاءٍ أنَّ الجمالَ قد حُصِرَ في نطاقِ الشُقرِ فقط، ذوي البشرة البيضاء كالثلچ، والشعر الأشقر، والعيون المُلوَّنة.

لكنني ممتنةٌ لكُلِ ذلكَ رغم كونه مؤلم؛ لأنه ساهم في إعادة تهيئةِ تفكيري، ووضعِ هيكلٍ صلبٍ لتكوينِ إنسانةٍ سويةٍ قادرةٍ على تقبُلِ عدةِ أشياءٍ؛ جعلت حياتها أفضل.

-جميعُنا جميلون بطريقةِ ما، إناثٌ كُنّ أو ذكورٌ.
كلٌ منّا يتميز عن غيره.
عليكَ تقبُل ذاتك يا عزيزي، تُحبها، وتدرك أنَّها أهمُ شخصٍ في حياتِك.
يجب أن تُحِب جميعَ تفاصيلِك وحتى ما تراه قبيحًا منها، عليكَ أن تقع في غرامِ هالاتك السوداء، شعرِك المُبعثر، وجهك الملئ بالندوب، جسدِك ذو الوزن الزائد الذي تمقته، مظهرِك لحظةِ استيقاظِك مِن النوم.. أي أنكَ عليكَ تأملُ تفاصيلِك وحُب جميعها، وتذكر دائمًا أن هُناكَ فرقٌ بين حُبِ الذاتِ، النرجسية أو الغرور!

لقد خلقنا اللَّه في أحسنِ تقويمٍ، لذا فتفاصيل مظهرنا ليست قابلةً للنقدِ، التعديل، وتبادل الآراء!

لِمَ نحصُر أنفسُنا في نطاق التعاسةِ؛ لمُجردِ أننا لا نستطيع الوصولَ أو تطبيق الصورةِ النمطية للشخصِ المثالي؟
على الرغم من أننا جميعًا نعلمُ أن المثاليةَ ليس لها وجود، أي كُلُنا بنا عيوبٌ شخصيةٌ أو شكليةٌ، المثالية والكمال للَّه وحده.

- لديك حقٌ كاملٌ في أنْ تبتعد عن كلِ ما يؤذيك، وأن تردعهم وتوقفهم عند تلكَ الحدودِ التي وضعتها لهم.

- لا تتهاون في حقِ نفسِك، لا تقبل الإهانةَ على نفسِك، خذ موقفًا وضع حدًا لكلِ ما هو سامٌ لروحِك، لقد منحنا اللَّه هذا الجسد، هذه الروح، وذاك القلب؛ كي تُحافظ عليهم، وليس كي تستمر في إيذائهم، وبث السموم في عقلِك تجاه ذاتك.

-لكَ كاملُ الحريةُ  في أن تمسك الفُرشاةَ وترسم حياتك بالطريقةِ التي تُعجبك وتُريحك، وليس مِن حقِ أي أحدٍ أن يتدخل في تفاصيلها إلا إذا سمحت له بذلكَ؛ لأنك في النهاية مَن سيتحمل نتيجةَ اختياراتك؛ لذا فلتكن حياتك نابعة من أعماقِ إرادتك الحُرة.

-افتخر بأصلك، عائلتك، مدرستك، مكان إقامتك، لهجة بلدتك، أصدقائك، عملك مهما كان  بسيطًا، وتذكر:
«أنك مَن تعطي قيمةً للمكانِ، وليس المكانُ هو ما يمنحُك القيمةَ».

أيَّا جميلي، وأيَّا جميلتي في شتى بِقاعِ الأرضِ..
أنتم جميلون بعيوبكم المميزة.

جميعُنا نستحقُ الحُب والتقدير.
جميعُنا نستحق أن نحيا بأمان.
جميعُنا نستحق أن نعيش حياتَنا بطريقة تُريحنا نحنُ.

«هُنالك شخصٌ على وجه الأرض يحلم بامتلاك تفاصيلك التي لست راضيًا عنها؛ لذلكَ ثِق في نفسك».

أنتَ مرآتك يا عزيزي، أي أنك مَن تتحكم في ماهية المشاعرِ المُنعكسة إلى قلبِك، إن كانت سلبيةً، إيجابيةً، أو مُفعمةً بالحُبِ.

🎉 لقد انتهيت من قراءة أنتَ مرآتك✓ 🎉
أنتَ مرآتك✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن