«٨»

151 39 76
                                    

في إحدى بقاعِ العالمِ الأوروبية..
تلكَ البُقعة التي تشتهر بالحانات خاصةً متجر (چينس)، والمقاهي ذوات الماضي والذكريات العديدة التي تتبروز في أذهانِ أفرادِ شعبها..
تلكَ البلدة التي بها أُناس تعلم كيف تُنظِم مهرجانًا رائعًا يضُج بالكثير مِن التفاصيل المُثيرة..
كـ مهرجان (مسرح دوبلن) الذي يشملُ العديدَ مِن الأعمالِ الفنية لـفنانين مشهورين مِن شتى مجالاتِ وصورِ الفَن المسرحي.
ومهرجان (جالوي) للفنون والذي يُقام بشكلٍ دوريٍ؛ لينضم إليه كُتّابٌ، فنانون، موسيقيون؛ كي يُظهِروا إبداعَهم لحاضري المهرجانِ.

أثناء انشغالِ الجميعِ في منتصفِ النهارِ وامتزاجِ ألوانِ الغروبِ الساحرةِ، بمظهرِ تحليقِ أجنحةِ الطيورِ في السماءِ والذي يأسرُ قلوبَ الناظرين..
كان هذان العاشقان اللطيفان «بيركيتا»، «ليوناردو»، اللذان تستطيع تمييزهم عن طريقِ تلكَ الهالةِ الورديةِ المُشعةِ بالُحبِ والولهِ التي تُحيطهم في نعومةٍ.
وصلا إلى (١٠ شارع هنري) في المدينة الشمالية بـ(دوبلن) عاصمةِ (آيرالندا) سيرًا وسط ضحكاتِهم الصافيةِ الدافئةِ  التي تُبعث الراحةُ في كُلِ مَن يراهما..
وصلا إلى وجهتهما أخيرًا «مقهى دوبلن للفنونِ»؛ حتى يحصُلا على جلسةِ من الكافيين الذي سيُزين أحاديثَهما اللانهائيةِ..

«قهوةٌ آيرلندية بدون سُكر كالعادة حبيبتي.. أليس كذلك؟».
نبس «ليوناردو» بهذه العبارةِ مُبتَسِمًا بإتساعٍ، حينما كانا أمامَ عاملِ الاستقبالِ الذي يُدوِّن جميع الطلباتِ على ذلكَ الحاسوب أمامه.

«نعم.. وأنتَ موكا بدون سكر؟».
قالتها «بيركيتا» بابتسامةٍ مُشرقةٍ، ناظرةً إليه وكأنه أعظمُ انتصراتِها..
ابتسم العاملُ بدورهِ على هذا الكَم مِن اللُطفِ الذي يراه أمامه، ثُمَّ أخبرهم أنَّ قهوتهما ستكون جاهزةً خلال دقائقِ، بينما كانَ هُناكَ زبونٌ آخرٌ بجانبهم..

نظر لهما بطرفِ عينيه للحظاتٍ.. ثُمَّ التفتَّ إليهما وظلَّ يتأملهما للحظاتٍ، حتى توقفا عن التحدُثِ وشعُرا بغرابةِ الموقفِ..

«أهذه فتاتُك؟».
سألَ ذلكَ الرجل «ليوناردو» في تعبيرٍ بوهيمي، لم يستطع أحدهم تفسيره.

«نعم هي كذلكَ، هي خطيبتي وزفافُنا بعد شهرٍ، ربما سندعوك.. يا سيد؟».
أومأ «ليوناردو» نابسًا بهذه العبارةِ في استغرابٍ.

ابتسمَ الرجلُ بسخريةٍ، ورمقَه بنظرةِ استهزاءٍ، وجه نظرَه لـ«بيركيتا» ثُمَّ:
«اسمي ماثيو.. لكن ما الذي يُجبرِكِ على الارتباطِ بهذا؟ فتاةُ بجمالِك.. لِمَ تخوض في علاقةِ مع شبهِ رجُلٍ كـهذا؟ إنه أملسٌ!! كيف تنظرين له كـرجُلٍ؟».

التعابيرُ التي سيطرت على ملامحِ «ليوناردو» أقلُ ما تقوله أنه شعرَ ببرقٍ يُصيب كيانَه، ورعدٍ يتردد صداه في عقله!
كادَ أن يلكمَه، لكن إمساكَ «بيركيتا» لذراعِه وتمريرها لأناملِها في شعرِه بهدوءٍ للحظةِ.. جعله يتراجع، طالما كانت تُهدئه هكذا.

عقدت «بيركيتا» ساعديها أمام صدرِها ورفعت إحدى حاجبيها:
«أولًا: يا سيد ماثيو أنا مَن أرتبطُ بِه وليس أنتَ كي تُبدي اعتراضك، ثانيًا: لَم أسألْك عن رأيِكَ الغير مُهمٍ في حبيبي، ثالثًا: هذه الشُعيرات سواء في الذقن أو أي مكانٍ آخرٍ ليس لها أي علاقةِ بالشخصيةِ أو الرجولةِ هي ليست إلا مُجردَ شكلٍ، والدليلُ على ذلكَ وجودُ ذقنٍ في وجهِكَ على الرغمِ من عدم تواجد ذرةِ أخلاقٍ أو رجولةٍ في روحِكَ.. أنتَ فارغٌ مِن الداخل يا سيد ماثيو، كما أنني أرى حبيبي أفضلَ رُجلٍ في هذا العالمِ الواسع، وأحبُه بجميعِ تفاصيله، فلا شأن لكَ واهتم قليلًا بتفاصيلِ حياتِك أنت.».

وشابكت يدها مع يد «ليوناردو» وجذبته برفقٍ؛ كي يستلما قهوتهما التي ستشهد جُرعاتٍ مِن الصدقِ، الحُبِ والكثيرِ مِنْ الدفئ.

أنتَ مرآتك✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن