عاد الغائب

240 26 26
                                    

و تمر السنين ، سنة وأخرى و أخرى و هم على هذا الحال الحزين ، 

نوعا ما قد تحسنت العلاقة بشكل طفيف بين جواد و فارس ، أما بالنسبة لياسين فقد بحث عن عمل في تلك البلدة من أجل أن يوفر

 طعامه و شرابه ، و يشتري بعض الملابس لأن الجو بارد وهو في أغلب لياليه يرتعد بردا ، تغير ياسين كثيرا في تلك الفترة ،

 أصبح الصمت رفيقه لا يتحدث إلا بشكل مقتضب و بعملية تامة و ابتسامته فارقت وجهه الذابل ، أما بالنسبة لجسمه فقد خسر الكثير 

من وزنه نتيجة لأنه في أكثر من يوم لم يكن يجد شيئا ليأكله لم يكن يمتلك مالا .

مرت خمس سنوات ، 

غيرت الجميع و كبر فيها الجميع ، لكن شيء وحيد لم يتغير و هو ذلك الحزن على يامن والحزن على فراق ياسين و اشتياقهم لهم ....

في يوم من الأيام ....

عند مدخل القصر ...

الخادم : أهلا وسهلا بك سيدي ، سأبلغهم بوصولك حالاً.

بقي ياسين واقفا في منتصف الصالة معطيا ظهره للدرج ، أخذ يجول بنظره في أنحاء القصر نظرة شوق وحنين ،

 و سرعان ما كسته غمامة حزن و نظرة مكسورة حين تذكر سبب بعده و انتشاله من وسط عائلته وبيته و أصدقائه ،

 وتلك الذكريات المؤلمة التي تحزن قلبه ، سؤال واحد كان يخطر على باله هل سيتعاملا معه بشكل جيد أم أن الخصام لازال قائما ،

قطع تفكيرها صوت أخته لمياء و هي تصرخ بسعادة : ياسين .

تبدلت ملامحه بسرعة حين استمع لصوتها و أخفى نظرة حزنه و ألمه و رسم ابتسامة مشرقة و التفت لها فاتحا ذراعيه لاستقبالها

 فما كان منها إلا أن ركضت باتجاهه مسرعة و الدموع تنهمر من عينيها بغزارة ...

ياسين و هو يربت على ظهرها قال بحنان : لم البكاء الآن يا لمياء ؟

لمياء من بين شهقاتها : لقد اشتقت لك كثيرا يا أخي ، كثيرا .

ياسين : أنا أيضا اشتقت لكم كثيرا .

لمياء : ليتك ليتك لم تبتعد عنا كل هذه المدة ، لقد كنت أفتقدك دائما .

ياسين و هو يحاول جاهدا ألا يظهر حزنه : تعلمين أن البعد لم يكن بيدي ....

قبل أن يكمل كلامه كان يتقدم منهم فارس أخوهم الأصغر و هو يقول بسعادة : و أخيرا وسيم العائلة قد عاد .

تقدم منه و أبعد أخته برفق قائلا بمزاح : ابتعدي من هنا أيتها الطفلة البكّاءة ، هو أخي أيضا ليس حكرا عليك .

ضحك ياسين بخفة و احتضن فارس وقال : لا تزال كما أنت يا فارس .

فارس و هو يحتضن أخيه و نبرته المرحة قد تحولت لحزن : افتقدتك بشدة يا أخي .

الجرح في القلب1 ( صراع الأمراء )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن