سقوط الأسود 2 : عهد التسعة

43.1K 3.3K 3K
                                    


يتبع..

"فقط توقفي عن الحراك و سأعلمك لي  آن ..."

قهقهت كارما كفتاة صغيرة لا تكف عن الحركة في حضن والدها بينما هو يطلب منها ألا تفعل ...و الحقيقة كانت أنها لا تجلس في حضنه الآن...بل كانت تنحني أرضا وسط أرض رملية و هو خلفها منحني على ركبة واحدة أيضا و يبدو كأنه يحتضنها من الخلف بينما هو يمد ذراعيه يمسك خاصتها ...

لا أحد منهما ذكر القبلة الحميمية المليئة بالشغف و الرغبة التي مارساها قبل ساعات و لم يتجاوزا فيها الحد الفاصل بين الغرباء و الأحباء ... كان اتفاقا سريا بين أعينهما أن يحتفظا بتلك الطقوس بينهما سرا و يجعلا ذكراها مخلدة على أجسادهما أين مرر هو أيديه و مررت هي شفاهها ..

أحبت كارما لي آن شخصيته و تفهمه و توافقه معها.. تماما كحبها لنظراته و لمسته ...كأنه بمجرد النظر لأعينها ينفذ تماما ما تطلبه منه...و هذا يذكرها بكلماته التي جعلت قلبها يرفرف و هو يخبرها أن حديث أعينها يرن أعلى من سمفونية الأرض و السماء بشاعرية مذيبة كهذه...

أخذها بعد اللحظات الشغوفة بينهما لأجمل الأماكن في أريزونا...و طوال الطريق و كل مرة ينفردان في السيارة يسألها أن تتحدث هي بدل الموسيقى في السيارة...تعلمون كم من الجميل سماع ذلك ؟...في أنه يفضل صوتها و ثرثرتها على الموسيقى و أنه يعتبر حديثها فنا وحيدا خاصا به...؟..

ففعلت هي...حدثته عن الكثير بحماقتها و عفويتها دون أن تفكر في الأمر كثيرا تحاول تجاهل أفكارها التي تحرضها على النظر له طويلا و كيف يجلس بجانبها و يضع إصبعه على شفاهه اللذيذة التي تذوقتها هي و باتت تعتقد أنها ألذ من الخمر العتيق الذي تذوقته في فرنسا عند أفضل صانعي الخمور...

حدثته عن أنها ترسم...أنها تهرب من دولة لدولة تبحث عن الفن و نفسها..تصنع الأصدقاء كثيرا و تتركهم كذكرى معلقة فقط أو تحشرهم في زوايا صور يرافقونها أحيانا...حدثته أيضا عن حبها للصحراء و للقسوة و الموت فيها و كيف أنها تراه الحياة الحقيقية و الحقيقة الوحيدة...

لم تنس في حديثها أيضا ذكر بعض من مغامراتها الخرقاء مع الكثير من الأشخاص و كيف دوما تقع في مشاكل يراها البقية ممتعة...كل هذا و هو يستمع لها بتركيز كمن يتم تلاوة عهود عليه أن يرسخها في روحه قبل ذهنه...كان مهتما بكل كلمة تقولها و هو الأمر الذي جعلها تبتسم من حين لآخر و هي تراقبه وسط أحاديثها في السيارة...

لا تعلم لما...لكنها اليوم كانت سعيدة جدا...كل لحظة معه كانت أجمل من سنة سابقة...الأمر أشبه بقضاء يوم مع شخص تحبينه أو شخص يفهمك و كل مرة تقفين بجانبه تتنهدين كمن عاد لوطنه و تضعين رأسك على وسادة من الراحة...

الآن هما وسط درس مهم...حيث ركنا السيارة على الطريق و سارا سويا ينزلان نحو الصحراء أين حدثها كيف أن بعض ساكني الصحراء قديما و الذين أسماهم هو بالسحرة العظماء كانوا سابقا يحضنون الرمال يسألونها عن الطريق...و لأن الصحراء و رمالها لا تخضع إلا لسيد واحد كل زمن لم تكن تحدثهم لكنها في نهاية المطاف كانت تترك لهم إشارة حتى لا يضيعوا ...

ساحر الصحراءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن