كان صباحاً بهياً ، تسللت أشعة شمسه بهدوء لتتلاعب بثنيات الستائر المسدولة بعذوبة على النافذة ، لتبعث فى الغرفة دفء الصباح الهادئ ، قريباً سيودعنا دفء الشمس هذا ، فبالفعل قد بدأت نسمات باردة تحل ليلاً ، معلنة عن توغل فصل الخريف ،، قد جلست على فراشى و قدماى مشدودتين بانثناء نحو صدرى ، الساعة تقترب من العاشرة ، اليوم بداية لأحداث هامة قد تكون نقلة نوعية فى عملى كله ، فالمشروع الذى نرسم خطواته اليوم من أضخم المشروعات التى تم تنفيذها على مستوى المنطقة ، و أن أكون ضمن إدارته ، فهذا شئ لم أعتد عليه ، أتمنى أن يتم كل شئ على أكمل وجه ..
قمت من فراشى نحو حمام طويل دافئ أهيئ به نفسى لهذا اليوم المتعب .. متمنية أن ينتهى كل شئ بسرعة ..
مر الوقت سريعاً بعد تناول الفطور ، و مثله و أنا أستلم ملف الميزانية من ليوناردوا ملحقاً بالجدول الذى طلبته منه ، و كذلك استلامى ملفات المستثمرين من نوين التى أنهتها سريعاً ، و أيضاً عندما دقت الواحدة و النصف لأنهى كل الأوراق التى علقت بيدى و أرتب الملفات جميعها فوق بعضها البعض متوجهة نحو غرفة الإجتماعات التى استقرت بنفس الممر الواسع الذى احتوى مكتب ليوناردوا و مكتب نوين و كذلك مكتبى الأول ، غرفة تقطن فى أخر الممر بجانب غرفة اجتماعات ثانية ، و ثالثة أيضاً .. لا أستخدمها كثيراً فلم يتعد الأشخاص الذين أقابلهم أنفار معدودة ، أما اليوم فالحال مختلف بعض الشئ ..وضعت الملفات جميعها على رأس الطاولة الطويلة التى من المفترض أن تضم اجتماعنا و حيث من المفترض أن أجلس أنا ،، سحبت ملف الميزانية و الملف الذى يضم فكرة المشروع و تفاصيله من بين باقى الملفات و خرجت نحو مكتب نوين ..
~ * ~
سرت نحو غرفة الإجتماعات و الساعة تدق الثانية ، و قد أمسكت بيدى خمس نسخ مطبوعة من كل ملف من الإثنين ،، كانت خطواتى متمهلة وبذات الوقت لم يكن الممر طويلاً لتلك الدرجة التى استشعرتها ، و لكن استشعارى نفسى أتهادى بين ضباب الماضى هو الذى أيقظ سكونى بشئ من الهدوء ، لم أفزع عندما التقطت نظراتى ملامح أمامى و عيون تحدق بى ،، فقط رفعت نظرى و أنا أحدق به أنا الأخرى ، حاجتى كانت شديدة للحظتين أتبين فيهم اللحظة ..
استندت بيدى اليسرى التى أمسكت بها ملفاتى ، إلى الحائط الذى حد الممر و ابتسمت لتلك الملامح التى ظننت نفسى أقابله منفجرة ، و لكن سكونى الذى سيطر و لم يُفزع قد بات مسيطراً حتى على ملامحى التى لم تضطرب ، بل فقط استشعرت نفسى فى أحد تلك الأحلام التى راودتنى كثيراً ،، و سلمت نفسى لذاك الإحساس الذى أحاط المكان ..
بقى محدقاً بى لبضعة لحظات و هو لم يحرك ساكناً ، و لكن تبينه لملامحى التى بات عليها الإرهاق من الزمن العجيب و الأيام الدائرة ، قد حركت قدماه خطوات نحوى ، اقترب حتى باتت أنفاسه أسمع صوتها عن بُعد بضعة أشبار فصلتنا ، امتدت يده تقطع تلك الأشبار و تمتد نحو يدى اليمنى التى انسابت بجانبى ، التقطها بيده التى لم يفارقها بعض الدفء ، و شد عليها للحظة ، و أنا فى استسلام تام و كأننى قد تخدرت كلياً فلا أشعر إلا بيدى التى شد عليها بين أصابعه ..
أنت تقرأ
القدر الحائر
Romanceالرواية منقولة . . . . . ثمّةَ أحزانٌ تنزِلُ بالقلبِ مَنزلةً حَيرى .. فتتساوى فيها منحنياتُ الحُزنِ و الفَرَح أمامً عُيوننا ..وَ يَحارُ القلبُ أيّ شُعورٍ يَستَدرّ في سبيلِها .. هِيَ _فقط_ أحزانٌ تَرمي بنأَماتِنـا على عَتباتِ الرّوَعْ .. وَ تَذهَبُ...