" يقولون .. عندما يتمكن الخوف الأزلى من روح تائهة بين براكين عدة ، نصفها مشتعل و نصفها خامد ؛ يعود الإنسان لوضع الجنين .. و دائماً ما احترت ما تعنى وضعية الجنين
و لكن بعد ذلك ،. بعد إطلاعى على الكثير من الدراسات النفسية ، وجدت أن أول بوادئ تلك الوضعية .. هى وضعية الجلوس "~
قد جلست بذات وضعيتى التى ألجأ دوماً إليها كلما استشعرتنى محاصرة ، و اليوم قد استشعرتنى جداً منكسرة الأحلام .. ضممت قدمىّ الاثنتين إلى صدرى ، و رأسى تستند فوقهما .. أحطت قدمىّ بذراعىّ الإثنتين ، و تركتنى أبث نجواى لنفسى على أنغام ذات المعزوفة التى اكتنفتنى .. فقد شابهتنى تماماً و ساعدتنى لترتيب خواطرى جميعها ، فأنا على تلك الحال منذ ليلة البارحة..
- " إلى متى سأقف هكذا ؟!!! "
رفعت نظرى ببرود نحو هايلد التى وقفت على باب الغرفة و أطلت برأسها ، لم أبدِ أى إندهاش لرؤيتها و لم أحرك ساكناً عندما لمحتها مستندة إلى طرفه .. عادت تهتف : " يا له من ترحاب ، مضى على وقوفى هكذا ما يقرب من ساعتين و أنتِ فى عالم آخر "
تحركت من مكانها نحو الداخل مغلقة الباب من ورائها و ممسكة بيدها تلك النظارة السوداء التى دائماً ما تحملها ، اقتربت من السرير الذى اتخذته مجلساً لى أنا ، و موضعاً اتعانق فيه مع لحظات البارحة تلك ..ما الذى حدث البارحة ؟!!
و ما تلك الأحاسيس التى تولدت بلحظة واحدة ؟!
ما تلك الحقيقة التى استشعرتها بتلك الحظة ؟!
من هو ؟!
و من أنا ؟!و
ما الذى حدث البارحة ؟!
أكاد أجن ، أكان حلماً ؟!!
أم كانت لحظة من بين لحظات الزمن الذى أعاصره ؟!!
إذن فلماذا أستشعرها بتلك الحرارة التى لم تضطرب و لم تبرد مع مرور تلك الساعات ؟!!- " مرحباااااااااا ، أنا هنااااااااااااااا "
عدت أوجه أنظارى نحو هايلد التى جلست مقابلة لى على السرير هاتفة : " و كأننى شبح غير مرئى !! ، إذن أخبرينى من مات ؟! "
نظرت لها بشئ من الإستفسار دون التفوه بشئ لتهتف : " منظرك لا يوحى إلا بهذا "
رفعت قدميها أمامها لتجلس مثلى مرددة : " ما الذى حدث ؟ "
عدت أنظر بذات نظرات الإستفسار لتهتف هى : " ما تلك النظرات التى ترمقيننى بها ، لولا استشعارى القصر طبيعياً عند قدومى إلى هنا لكنت تأكدت أن أحداً قد مات عند رؤيتك بهذا المنظر، ما الذى حدث ؟ "
رفعت رأسى نحوها بشى من اللاوعى و هتفت : " ما الذى حدث ؟! "
حدقت بوجهى للحظة و قد بدا القلق عليها عند استماعها لنبرة صوتى و هتفت بشئ من الإضطراب : " ريلينا ، ماذا هناك ؟ "
ابتسمت بشئ من السخرية هاتفة : " ماذا هناك برأيك ! لا شئ "
اعتدلت بجلستها و قد أمسكت بذراعى هاتفة بشئ من الرقة : " يبدو شيئاً خطيراً حدث لكِ ، أخبرينى ماذا هناك ؟ "
حاولت تمالك صوتى المبحوح هاتفة : " يكفى يا هايلد ، ليس هناك أى شئ "
اعتدلت بمكانى أنا الأخرى محررة قدماى ، إلتفتّ إليها و قد حاولت تناسى كل شئ و مقاومة ملامح وجهى المرهقة ، هممت بالوقوف هاتفة : " كل شئ على ما يرام "
أنت تقرأ
القدر الحائر
Romanceالرواية منقولة . . . . . ثمّةَ أحزانٌ تنزِلُ بالقلبِ مَنزلةً حَيرى .. فتتساوى فيها منحنياتُ الحُزنِ و الفَرَح أمامً عُيوننا ..وَ يَحارُ القلبُ أيّ شُعورٍ يَستَدرّ في سبيلِها .. هِيَ _فقط_ أحزانٌ تَرمي بنأَماتِنـا على عَتباتِ الرّوَعْ .. وَ تَذهَبُ...