الـفـصـل الـتـاســع أمـيـر سـنـدريـــلا ~

145 2 0
                                    

سافر أخى ، و سافرت نوين برفقته ، و بقيت أنا ، و بقى هيرو لرفقتى .. كان الوقت الذى أملكه قبل توقيع العقد ثلاثة أيام لا غير ، من المفترض أن يعود أخى و نوين اليوم السابق للتوقيع ، لم أدرِ تماماً ما الترتيبات التى يتوجب عليّ إتمامها ،، عشاء عمل يرافقه جلسة تجمع كل المسئولين ببعض الموسيقى ، ليتقدم كل مستثمر و يوقع على العقد ..
من بين كل تلك الترتيبات قفز سؤال واحد إلى ذهنى : " إذن ، ماذا أرتدى ؟؟ "

تنهدت و أنا أتم أخر كلمات فى الملف الذى أجهزه ، لأخطو اسم مندوب شركة ريكلر بالخط العريض ، و كذلك رجل الأعمال الشاب كواتر وينر ، لأعتمدهم بذلك مستثمران فى المشروع ..

كيفين برنارد .. بشعره الأسود و عيونه السوداء و لون بشرته البيضاء .. بدا غريباً لى بأول وهلة ، و أحسست أنه يتكلف تلك الشخصية التى يتعامل بها تكلفاً واضحاً ، نظرات ديو إليه ذكرتنى بنفس النظرات التى وجهها لفيليب فى أول مقابلة لهم بمكتبى ، تلك النظرات التى تعاملت و كأننى لم ألحظها ، من الممكن أن تكون هذه هى طبيعة ديو مع الجميع ،، و لكن لا يبدو كذلك مع هيرو ، و أيضاً مع تروا بارتون ، ثلاثتهم بدوا أصدقاء ، و كذلك ديو و كواتر ، بدا أن علاقتهم قوية ..

أما كواتر وينر ، فهو ودود للغاية ، تقابلنا من قبل أكثر من مرة ، منذ أشهر فى قرية فضائية ، كان هذا فى حفل ختامى لسلسلة أعمال خيرية ساهم بها كواتر ، و كذلك شاركت أنا بها ما إن عدت للانخراط فى العمل بروح لا تحمل سوى ذكرى لأيام معدودات قضيتهم مع تلك الأسرة الصغيرة المُكونة من " أخى و أنا " ، و كذلك نوين ..

لا أتحدث عن تلك الأيام ، و لن أفعل ، فيكفى أن تدركوا معنى أن تفيق من سبات طويل ، لتجد عينين لبنيتين ، بلون السماء الصافى ربما ، و صدر حانى يلفك ، و كلمة تدور فى فراغ عقلك ليتردد صداها ؛

" أختى "

" ريلينا عزيزتى "

" أختى صغيرتى "

أكان يجب أن أسرع لأتشبث به ، و أبادله اللهفة صائحة ؛ " أخى " .. أنادى اسمه الذى لم أكن لأعرفه بوقتها .. أذرف دمعتين اشتياقاً لهذا الصدر ؟!

أنا بالفعل ذرفت دمعتين .. لا .. ذرفت الكثير من الدموع .. لم أفهم سببها ، و لكن أخى فعل ..
أذكر أنه قضى تلك الليلة – أول ليلة لى أستعيد فيها وعيى – بجانبى ، تركنى أنام بصدره ، ضمنى طوال الليل ، أردت أن أسأله عن عمرى ، فقد بقى محتوينى كأنى طفلة لم تتعد الخامسة ..

استيقظت قبل الفجر ، كأننى مللت هذا النوم الذى بقيت فيه ما يقرب من شهرين – كما علمت بعد ذلك – لأحدق بـ " أخى " الذى أخفى دمعتين عنى ، بدا لى أن النعاس لم يعتب عيونه ، كان يتأملنى ربما مستكينة ، دون أن أنطق بكلمة منذ استعدت وعيى ، حتى تلك الكلمات التى يتفوه بها الشخص تلقائياً ؛ " أين أنا " ، " من أنا " ، " من أنتم " .. لم أتفوه بها ..

القدر الحائرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن