6 - صِدامات الماضى.

5.5K 215 32
                                    

" الماضى لم يعاود و لكن نحن من نجعل له أهمية تحت عنوان ' صِدامات الماضي ' "

_________________

كانت تشعر بأنها فى دوامة الأفكار السوداء المحيطة بها من كل مكان، كانت فى قفص أسود تتنقل بين جدرانه الأربعة و لكنها عاجزة عن الخروج، صوتها يختفي تدرجيا و لا يظهر أمامها أحد! تحاول الصراخ و إيجاد أحد و لكن بدون فائدة لتفتح عيناها و تنهى ذاك الكابوس الذى يراودها منذ عدة سنوات، نهضت و هى تشعر بالعطش الشديد لذلك توجهت للأسفل لكي تشرب الماء و سرعان ما شعرت بأحد خلفها لتستدير له و لم يكن سوى مروان الذى طالعها بملل:
- أنتِ ورايا ورايا.
لم يكن ما مرت به منذ قليل يسمح لها بالدخول فى جدال معه لذا التزمت الصمت و الشرود يتملك منها، أفاقت على صوته و هو يردد:
- أنتِ كويسة؟
هزت رأسها بإياب و لا تعلم أتخبره أنها الأن بأسوأ حالتها النفسية أم تلتزم الصمت و لا تبوح ل أحد ؟ و لكنها قررت إلتزام الصمت و المغادرة لتشعر بيد تمسكها، التفتت له و من ثم ردد بشك:
- أنتِ مش كويسة؟ صح؟
حاولت تمالك أعصابها و من ثم ردت بهدوء:
- شوية و هبقى كويسة.
حاولت نزع يداها و لكنه أمسكها بحنان:
- تيجي نتمشى بره فى الجنينة شوية و لو عايزة تتكلمي اتكلمي.
كانت سترفض و لكنه لم يترك لها مجال فقد سحبها من يداها و أخذها لحديقة المنزل ليستقروا على كرسي خشبي فأردف و هو بطالعها بطرف عينه:
- مالك بقا؟
ردت بصوت مبحوح و كأنها كانت تبكي لأعوام:
- تعبانة.
طالعها باهتمام ليهتف:
- شاهدان او بنتها عملوا ليكِ حاجة؟
هزت رأسها بنفى و هى تقول:
- كابوس بس أنا هقوم أنام و أبقى كويسة؟
نهضت لتشعر بيد تسحبها لتقع فى أحضانه ابتعدت عنه سريعا، ليطالعها بهدوء:
- تقدري تقولي بقا فى أي؟
حاولت التخلص من يداه و هى تردد بإنزعاج:
- مروان مش ناقصة استظراف سيبني؟
-لا.
رد عليها بالرفض و من ثم قال:
- ها بردوة مقولتليش مالك؟
هدأت قليلا و هى تشعر بالراحة لتردف:
- كابوس بقاله فترة كبيرة بتكرر معايا من ساعة موت بابا، فى حاجات كتير فى حياتي غلط و وقتها غلط كمان مش عارفة لية؟ الوصية دي حاسة أنها بتدمر حياتي بالبطئ و حاسة كمان أني بتفرض على وضع مش عايزاه.
قاطعها و هو ينظر لعيناها:
- دا إلِ هو أنا؟
هزت رأسها بالرفض لتعقب على حديثه:
- مش أنتَ بالظبط، بس فكرة أن ليلى كانت مخطوبة و بتحب خطيبها اضطرت أنها تسيبه لمجرد تتجوز يوسف إلي مبتحبهوش و سارة و عمر أنتَ شايف حالتهم عاملة ازاي؟ الأتنين ناقص يتفوا فى بعض حرفيا؟
ضحك على أخر كلماتها فأكملت حديثها:
- و أنا و أنت شخصيتين من عالم تاني؟ أنت الشرق و أنا الغرب مبنجتمعش فى نقطة، ممكن اجتمعنا لأول مرة و اتكلمنا بس محدش يعرف ممكن يحصل تاني ولا لا؟ الحياة كلها اتلخبطت و احنا هنا مش عارفين حد، ممكن ليلى هى الوحيدة إلِ تعرف شوية عشان دة مكان كليتها و لكن أنا سارة منعرفش مكان؟
فكر قليلا ثم قال:
- لو على المكان فهتتعودي عليه قدامك سنة و متقلقيش كله هيعدي سنة و هتأخدي ورثك و تمشي.
طالعته فى تلك اللحظة لتجد عيناه بهما بريق غريب، لم تعلم ماذا بهما؟ و لكنها نفضت أفكارها و هى تنهض و تقول ببعض التردد:
- هقوم أنا بقا أنام، عشان الشركة و كدة و أنت كمان أدخل نام عشان ورانا شغل بكرة.
و لكن فى ذاك الوقت استمعوا لصوت صراخ عالي قادم من الداخل، نظرا لبعضهم و من ثم اسرعوا للدخول للداخل ليطالعوا الاثنان بعضعهم بصدمة.

وصية واجبة التنفيذ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن