الفصل الأول

21.1K 498 83
                                    

يتمدد على الفراش يلتقط أنفاسه الأخيرة، حيث اشتد عليه الإعياء على غير العادة، فهو مريض قلب وعلى الرغم من إجرائه لإحدى العمليات، إلا أنها لم تجدي نفعًا .
خيم الحزن على الجميع أو لنقل بعضًا منهم، خشية أن يفقدوا ذلك العامود الذي يرتكزون عليه، فهو روح المنزل وسعادته والرباط الذي يحافظ عليهم جميعًا.

جلست إلى جواره، وأخذت تتطلع يمينًا ويسارًا، وعندما لم تجد أحد هتفت بهمس إلى جوار أذنه :- فرصتك چات لحد عنديك يا سالم .

زفر بعدم ارتياح قائلًا :- وه يا زبيدة وهنعمل إكدة كيف، والعيال فوق راسه ؟

هزت رأسها بنفاذ صبر وقالت بحزم :- بقولك إيه فتّح عنيك معاي، أخوك چاي في الطريق وأنت لازمًا تتصرف قبل ما يطب، وإلا ساعتها مهتقدرش تعمل أيوتها حاچة .

هز رأسه بموافقة، وأردف بمكر الشياطين :- عنديكِ حق، خلاص الليلة هتم كل حاچة قبل ما عامر يعاود .

بالداخل يجلسون الأحفاد حول جدهم، منهم من يبكي بصمت، ومنهم من يتألم من الداخل، فلا يوجد ما بوسعهم فعله لإنقاذه، خرجت شهقة مسموعة منها لم تستطع إخمادها، وعندما علمت بمرضه لم تتوقف عن البكاء، حاوطتها شقيقتها الكبرى بحنان وهي تحاول السيطرة عليها، ولكنها لم تفلح .

دلف "سالم" ونظر للبقية بهدوء، جلس بجوار والده وهتف بحزن متقن :- ربنا يشفيك يا أبوي وترچع لينا من تاني .

بعد وقت كان الفتية يجلسون في أماكن متفرقة، أما هو كان برفقة صديقيه اللذان أتيا لمؤازرته، انخرط معهم في الحديث لعله ينسى بعضًا من سِقمه .

بعد أن خرجت تسللت للخارج كعادتها، وذهبت إلى حيث يتواجد هو، اختفت خلف الشجرة كي يراها ويصب جام غضبه عليها، ذمت شفتيها بحنق منه ومن صياحه المتكرر عليها، اشرأبت بعنقها قليلًا لتظر جزء صغير من رأسها وعينيها، حتى تتمكن من مراقبته .

شرع في اللعب مع رفيقيه بعد أن نسي أمر جده، ولم لا وهو صغير الذي لم يتعدى الخامسة عشرة من عمره، أخذوا يركضون وهم يلعبون الكرة، صرخت على حين غرة عندما اصطدمت الكرة برأسها بقوة، بعد أن ركلها أحدهم بغير قصد وهو يراقب انفجارها في البكاء بقلق، تقدم هو نحوها كالقذيفة وجذبها من يدها الصغيرة قائلًا بحدة أفزعتها :- إيه اللي چابك إهنة ؟ أمشي على الدار طوالي .

وضعت يدها على رأسها بوجع، حينما ارتدت رأسها للخلف واصطدمت بالشجرة، صرخت بفزع عندما رأت يدها ملطخة بالدماء فهتفت بطفولية وذعر :- دم، دم، هموت .

مسك يدها برفق قائلًا بقلق وهو يتفحص رأسها :- بس بطلي بُكا مفيش حاچة دة چرح صغير .

إلا أنها لم تتوقف عن البكاء، فصرخ بوجهها بغضب، فهو الآن موضع إتهام بإصابتها بهذا الشكل من قبل زوجة عمه التي دومًا ما تتهمه بالتقصير في رعايتها، فهي ليست أول مرة تعود برفقته بإصابة كهذه :- قولتلك بزيداكِ نواح، مرايدش اسمع نفسك، سامعة ؟

وجلا الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن