الفصل الخامس

8K 335 63
                                    


على طاولة الطعام، ينغمس الجميع في تناول وجبة إفطاره، ومشاعر جمة تحلق فوق رءوسهم، ورائحة الغل النتنة التي تغطي على المكان .
كانت تلتهم الطعام كعادتها دون أن تلاحظ تلك الأنظار المصوبة نحوها، ساد الصمت قبل أن تقطعه تلك التي هتفت بتوبيخ دون أن تراعي لشعور ابنتها وأنها احرجتها وسط ذلك الجمع :- بزيداكي وكل هتروحي لوين تاني؟

تحول وجهها إلى اللون القرمزي حرجًا وتمنت لو تنشق الأرض وتبتلعها من فرط الخجل، نهضت تتخبط بدون هوادة وخرج صوتها المتألم :- عن أذنكم أنا ماشية يا أبوي.

هز رأسه بدون اكتراث، لتسرع هي راكضة بأقصى استطاعتها وعندما توارت عن الأعين، جلست بإهمال على العشب تتنفس بسرعة، ترثي حالها ككل مرة، ما ذنبها ؟ أكل هذا لأنها بدينة ! سئمت تلقي الإهانة سواء بالداخل أو بالخارج، فأصبحت ترتدي ملابس فضفاضة للغاية حتى لا تظهر سمنتها ولكنها لم تسلم من أذيتهم طوال تلك المدة.
علت شهقاتها وملئت المكان، انتفضت في مكانها عندما لامست كف صغيرة ذراعها علمت لمن صاحبتها، رفعت وجهها نحوها فجلست الصغيرة قبالتها ومدت يديها وأزالت عبراتها قائلة بحنو :- متبكيش تاني يا شمس.

ثم مدت لها بالطعام قائلة بخفوت وهي تهمس لها بجوار أذنها وكأنه سر عظيم :- متقوليش لحد أنا علطول هچبلك الوكل إهنة من غير ما حد يدرى.

ابتسمت لها بحب ومسدت على خصلاتها الناعمة، وربتت على يديها التي تحمل الطعام قائلة :- لاه أنا شبعت يا چنا كُلي أنتِ.

ذمت شفتيها قائلة بعبس طفولي محبب :- لاه أنتِ مكلتيش حاچة أنا شوفتك زين.

نهضت من مكانها تجنبًا للجدال مع تلك الصغيرة التي تنتبه لكل شيء وقالت بتهرب :- هروح المزرعة، يلا أدخلي أنتِ عند چدتك قبل ما أبوكِ يوعالك وتبقى مشكلة . بقلم زكية محمد

قالت ذلك وانصرفت بقلب مفطور، لا تعلم من أين تبدأ مداواته؟ من جانب التنمر الذي تتعرض له من الصغير قبل الكبير، ولا على حديث والدتها الذي يسم بدنها، ولا على ذلك الحبيب الذي كلما ظنت أن طريقهم تقلصت مسافته تجد بلدان بينهما؟
تنهدت بأسى وهي تعنف ذاتها ككل مرة قائلة بتوبيخ :- وه يا شمس ميتا هتفوقي؟ بلاها هم ووچع بزيدانا اللي إحنا فيه.

أنهت كلماتها ورسمت شبح ابتسامة على فيها، وتابعت سيرها نحو المزرعة .

يتناول طعامه بهدوء ظاهريًا، وبداخله يخوض قتالًا عنيفًا كي لا يصرخ بحبها أمام الجميع الآن، تطلع لشقيقه بامتعاض لم اختارها هي من بين كل الفتيات؟ لم يريد أن يحرمه من سعادة يتوق لعيشها معها ؟، هوى قلبه بين قدميه عندما سمع صوت ضحكتها الخافت، تجهم وجهه وهو يتذكر طلب أخيه من والده، لا سيتصرف بسرعة لن يدعها تذهب كالسراب من أمامه، سيحاول فعل المزيد للفوز بها، لا لن يتركها له فهي ملكية خاصة به وانتهى الأمر .

وجلا الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن