الفصل الثاني

12.4K 388 58
                                    


نهضت منتفضة في مكانها إثر صياح والدتها العالي بأن تستيقظ، اعتدلت وردت عليها تحية الصباح، لتردها الأخرى ببرود وأمرتها بأن تنزل لتتناول وجبة الإفطار معهم، أومأت بنعم لها وأنها ستلحق بها، تنفست الصعداء عندما تذكرت أين وضعت أشيائها، فخافت أن تكون قد غفت دون أن تخفيها، والتي إن عثر عليها أحدهم سيبرحها ضربًا، أخفتها سريعًا بين ملابسها، لتخرج بعد دقائق ونزلت لتنضم لهم.

            ★★★★★★★★★★★★★

في مكان آخر فتح عينيه بتأفف إثر دعس الصغيرة بيديها لوجهه، هتفت بضجر :- يا أبا أثحى يلا، بلا كثل .

اعتدل وجلس في موضعه قائلًا بغضب مصطنع :- أعمل فيكِ إيه دلوك ؟

كورت وجهه بين كفيها الصغيرين وأردفت برجاء :- يلا قوم بقى، أنت ناثي إن النهاردة أچازة، وهتفثحني كتير !

ضيق عينيه قائلًا بسخط :- اه منك يا بتاعة مصلحتك أنتِ، ماشي أديني قايم أها .

أخذت تقفز على السرير بفرح بالغ قائلة بصخب :- يعيش يحيى يعيش .

هز رأسه بنفاذ صبر منها، ثم تركها ليدلف للمرحاض ويغتسل، بعد دقائق على مائدة الطعام، كان الصمت هو سيد الموقف قبل أن يقطعه "عامر" وهو يفجر قراره الذي اتخذه بوجوههم، وبصرامة دون رجعة :- إحنا خلاص هنندلى البلد تاني، هنصفي كل حاچة إهنة وهنعاود .

طالعه البقية بصدمة من حديثه الذي كان بمثابة الإعصار، الذي داهمهم بقوة، بينما هتف " يحيى" بإحتدام مكبوت :- كيف دة يا أبوي، نعاود ليه ولمين ؟ أنت نسيت إياك ؟

نظر لابنه العنيد والتي شكلت القسوة خطوطًا بعينيه وتابع بهدوء :- اللي سمعته يا يحيى هنعاود ودة آخر كلام .

تحدث ابنه الثاني في الترتيب بإعتراض، وهو يحاول أن يجعل والده يعزف عن هذا القرار :- ليه بس يا أبا خلينا إهنة، إحنا ملناش قعاد إهناك، وكمان أشغالي إهنة، مقدرش أهمل المطرح .

تحدث بنبرة صارمة، وهو يطالعه بتهكم :- هنرچع يا خالد ودة آخر كلام .

زمجر بغضب مكبوت، وهو يغمغم بسخط بكلمات غير مفهومة، والتي لا شك أنها تعبر عن رفضه القاطع في العودة إلى هناك، بينما حدج الوالد ابنه الثالث قائلًا بسخرية :- وأنت يا مؤمن مسمعتش كلمة ليك يعني !

هتف بهدوء مغاير وهو يلوك الطعام بفمه بغيظ :- اللي تشوفه يا أبا، شوف الصُح وأعمله .

رفع حاجبه بدهشة قائلًا :- وه ! وافقت بسرعة إكدة ؟

أردف بهروب :- عادي يا أبوي كل المطارح واحد مهتفرقش .

هز رأسه بعدم اقتناع، بينما ضغط الأخير على كفه بشدة، يود أن يهرب من هنا بعد أن تم خداعه من قبلها، تلك التي غرزت في صدره إحدى شظايا الحب الزائف فأدمته، يا لها من ماكرة لعبت دورها جيدًا واتقنته، حتى صدقها هو ووقع في مصيدتها ليكتشف أنها تخدعه لتثير غضب الآخر، وتثير غيرته فيتحرك ويأخذ خطوة وفقًا لما ترسمه في أحلامها، وعندما نجحت أخبرته بكل جحود بأن كل ذلك كان مجرد لعبة، ورحلت ببساطة تاركة إياه يتجرع كأس قسوتها الحنظل، كان مجرد لعبة بين يديها، كم يود أن يقتل نفسه لسذاجته تلك، لذا لابد من الفرار لتطييب تلك الندبات، التي تنتشر في أرجاء قلبه حتى يعود لسابق عهده، وليس عند هذا الحد فقط، بل سيعود أقوى وسيقتل قلبه ويدفنه إن تطلب الأمر.
تحدثت أمينة برفق وتعقل :- العيال عنديها حق يا حچ، أدينا مرتاحين البال لكن لما نعاود الله أعلم هيحصل إيه .

وجلا الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن