البارت الاول

107 9 0
                                    

عشرينيات العمر ، أو كما يسميها البعض عمر الزهور ، أفضل مرحلة في العمر حيث على الإنسان أن يستمتع بها حتى آخر رمق . لكن أشك أنه في هذا العالم يوجد من استمتع بفترة شبابه كما ينبغي . كلنا نمضيها وسط كومة من الكتب ، ندرس فنتخرج ثم نبحث عن عمل ، نعمل فنتزوج ثم ننجب أطفالا ، أصبح هذا قاعدة يمشي عليها الجميع و لا يخرقها أحد ، إن العالم حقا قاسي يحملنا مسؤوليات لا نريدها و يجبرنا على الإلتزام بها .
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

كانت تركض بسرعة في الشارع المظلم و هي تحمل طفلا صغيرا و حقيبة ظهر .
تركض كأنها نهاية العالم ، كأن وحشا كبيرا يتبعها يريد التهامها ، تجري بأقصى قوتها كمن حصل على حريته أخيرا .
تعبت و شرعت في المشي دون وجهة .
في هذه المدينة المزدحمة حيث انتشرت الأنانية و اندثرت الإنسانية ، ينام الأغنياء في قصورهم و الفقراء في بيوتهم المتواضعة ، أما مينا فقد نامت تحت الجسر ، اتخذت هي و طفلها الأرض فراشا و السماء غطائا و نور القمر أملا.
إستلقت على الأرض الباردة بينما حضنت ابنها و غطته بكل ما تملك من ثياب لتردف له بصوت يشع منه الأمل
-مينا:"لا تقلق صغيري سوبين ، لقد هربنا من ذلك الجحيم أمك ستحرص على أن توفر لك حياة أفضل"
-سوبين(بٱرتجاف):"أمي .. أنا جائع .."
أخرجت مينا قطعة شكولا من حقيبتها و أعطتها لذلك الصغير الذي فرح لمجرد رؤية قطعة حلوى.
حقا إن براءة الأطفال شيء ما سعادتهم تكمن في مجرد قطعة حلوى .
نظرت إلى السماء الصافية مثل صفاء قلبها ، لتنزل دموعها و هي تتذكر ماضيها الأليم كيف تحولت حياتها بين ليلة و ضحاها ، مسحت الدموع لتقول
-مينا:"كل شيء سيتحسن سأحصل على نصيبي من السعادة أيضا"
استسلمت للنوم صحيح أن الجو و بارد و لا يوجد عندها سقف تحتمي به إلا أنها نامت بأمان ، نفسها مطمئنة و سعادة تكسو محياها لأنها و أخيرا استطاعت الهرب من الكابوس الذي عاشت فيه لست سنوات .
                                 ••••••
في مكان آخر كان دونهي سيجن من البحث عن مينا و سوبين .
-هانا(والدة دونهي):"أين هي تلك العاهرة و ابنها"
-دونهي:"لقد بحثت عنها في كل أرجاء البيت لكن لم أجدها لقد أخذت سوبين معها أيضا"
-هانا:"لو أنك كنت تضربها جيدا لما هربت "
-دونهي:"و اللعنة أمي لقد ضربتها حتى أغمي عليها بعدها أقفلت الباب و رحلت لعملي و عندما عدت لم أجدها ، إن أردت لوم أحد لومي نفسك هل فهمت لأنك لم تحرسيها جيدا"
-هانا:"هل أنت الآن تحاسب أمك من أجل تلك العاهرة ، من يهتم دعها تهرب أنا لا أريد أن أصرف عليها و على ابنها قرشا واحدا"
-دونهي:"معك حق لكن ماذا إن بلغت الشرطة؟"
-هانا:"إنها جبانة لا تستطيع فعلها!"

                     ♪♪♪♪♪♪
أشرقت الشمس لتعلن بداية يوم جديد ، بالنسبة للبعض هو مجرد يوم روتيني آخر ، أما بالنسبة لمينا فهو بداية حياتها  و ولادتها   من جديد .
لأول مرة تستيقظ دون صراخ من أحد ، دون ضرب أو شتم . لازالت خائفة من أن يبحثوا عنها و يعيدوها إلى ذلك الجحيم .
نفت الأفكار السلبية عن  رأسها و تفائلة بالخير ، عليها أن تجد عملا فهي لا تملك و لو قرشا واحدا في جيبها .
-سوبين:"أمي أين سنذهب"
-مينا:"سنذهب للبحث عن عمل"
-سوبين:"أنا أيضا أحب البحث عن العمل (نطق بحماس) هيا نذهب!"
ابتسمت له مينا بهدوء أمسكت يده و بدئو يتجولون ، لمحت إعلان عمل يطلبون عاملا فقط لليوم
-مينا:"هذا ما أحتاجه أنا محظوظة جدا"
دخلت المطعم لتردف
-مينا:"مرحبا"
-العامل في المطعم:"مرحبا ما الذي تريدينه"
-مينا:"لقد أتيت من أجل إعلان العمل ، هل لازال متوفرا"
نظر لها العامل ليلمح سوبين خلفها
-العامل:"أجل هو متوفر لكن لا أعلم إن كنت ستحصلين عليه"
-مينا:"لماذا أنا حقا سأفعل أي شيء ، أنا جيدة في الطبخ و التنظيف فقط أعطيني هذا العمل"
-العامل:"إنه ليس بسبب مهاراتك بل بسبب الطفل الصغير سيشغلك عن أعمالك"
-مينا:"هو حقا لن يصدر أي ضوضاء و لن يشغلني أرجوك أنا حقا بحاجة إلى هذا العمل"
أشفق العامل على حالها لكن ليس في يده شيء ، كانت مينا على وشك المغادرة ليقاطعها صوت سيدة عجوز.
-صاحبة المطعم:"منذ متى أنت تطرد شخصا محتاجا من مطعمي"
-العامل:"آسف سيدتي"
-صاحبة المطعم:"تعالي يا ابنتي انا اوظفك و بالنسبة لطفلك سأعتني به و أنتي اعملي براحتك"
احنت لها مينا مرارا و تكرارا تعبيرا عن امتنانها و شكرها
-مينا:"أنا حقا أشكرك سيدتي لن أنسى معروفك هذا ما حييت ، لكن ألن يزعج سوبين راحتك  أنا سأعتني به لا تقلقي نفسك"
ابتسمت لها السيدة بهدوء
-صاحبة المطعم:"و لو يا ابنتي أنه يوم فقط ، اذهبي أنت إلى عملك"

ميلودراماحيث تعيش القصص. اكتشف الآن