البارت السادس ( تصارُع المشاعر )

185 12 398
                                    

( عند ليفاي وبيترا ).. طبعاً لانزال في الفلاش باك"

وبينما كانا يتبادلان النظرات لبعضما البعض داخل المرآة الجميلة بانسجام وهدوء شاعري.. حتى قُرع جرص المنزل معلناً عودة الطبيب أخيراً.. وقد أفسد الحال اللعين جمال لحظتهما العاطفية.
هرع ليفاي يمشي مسرعاً ليفتح الباب بعد أن تأكد أن الطارق هو الطبيب..نظرَ بخفة إلى ساعة يده ليراها قد أصبحت السادسة والنصف... حقاً لقد مضى الوقت سريعاً برفقة اميرته اللطيفة الجميلة، ولم يلحظ ذلك.
كانت بيترا قد عادت إلى غرفة ليفاي واستلقت في سريره.
دخل الطبيب يرحب بمريضته بابتسامة وهو يراها في تحسن ملحوظ وسألها قائلاً ولاتزال ابتسامته على محياه : كيف حال مريضتي اللطيفة؟؟ مع أنني أرى انكِ افضل بالفعل ههه.
فأجابته بصوت لطيف هادئ مع ابتسامة صغيرة :
نعم حضرة الطبيب.. انا الآن أفضل بكثير.. شكراً لك.
وماهي إلا بضع دقائق من مناقشة الطبيب ومريضته الظريفة حتى أتى ليفاي يحمل ثلاث كؤؤس من شراب الشوكولا البارد( وقد اعدّه بارداً عمداً لأجل بيترا).
وضعه على طاولة الطعام الصغيرة وجلس على الكرسي مقابل الطبيب بعد أن قام بتوزيع الكؤوس على الجميع.
ارتشف الطبيب رشفةً من كأسه وضحك بخفة وخاطب الاكرماني قائلاً : هه.. في الواقع لقد تحدثت مع بيترا للتو واخبرتني أنها لم تعد تعاني الحرارة.. وأيضاً أثناء فحصي لها ارتأيت انها بحال أفضل بكثير من السابق.. لذا لاداعي لحمية المأكولات والمشروبات الساخنة الآن.
فرحت بيترا في سرها من كلام الطبيب ( فمن ذا الذي يحب أن يشرب المشروبات الساخنة مثلجة ويأكل الحساء الساخن اللذيذ بارداً 😞).
ابتسم ليفاي للطبيب وقال : جيد.. هذه أخبار مفرحة بحق.. إذاً سأعدّ الشاي.
فاستوقفه الطبيب بابتسامةٍ قائلاً : لا لاداعي للشاي هه.. لقد اقترب وقت عودتي للمشفى بني.. أيضاً مشروب الشوكولا الباردة في جو حار كهذا ليس سيئاً البته.
جلس الاكرماني شديد الحرص ان كان الأمر يتعلق بفتاته على كرسيه مجدداً.. وأخذ يكمل شرب مابقيَ من كأسه بينما يتحدث الثلاثة سويّةً وكان كلُّ حديثهم حول الأميرة المريضة التي استعادت ثلاث ارباع عافيتها أخيراً بعد أن كانت في حالة يرثى لها.
هم الطبيب بالرحيل وذهب معه ليفاي إلى باب المنزل الخارجي يسأله مستفسراً بقلق على حال والدته المسكينة مريضة القلب😔 وقال : دكتور كيف حال والدتي ألا تزال متعبه كثيراً؟؟
فأجابه الدكتور قائلاً : لا ياعزيزي اطمئن امك في حالة مستقرّة بالفعل.. ولكنني لن ارسلها غداً إلى منزلكم حتى وقت الغروب.. لأنني سأعمل لها بعض التحاليل والفحوصات وأيضاً سنكون بحاجة لمراقبة نبضات قلبها أثناء ذلك.
لاينكر ليفاي السعادة التي دغدغت قلبه لكونه حصل على فرصة إضافية ليبقى مع حبيبته بيترا لوقت أطول
وقد شعر بهذه السعادة رغم القلق والحزن الكبير داخله..لكنه احتفظ بهذا السعادة سراً في داخله وقد استطاع الحفاظ على ملامح وجهه القلقة نفسها ( لطالما كان الأمهر في إخفاء مشاعر فرحه وحزنه 😭💔 )
فأردف قائلاً : امم... حسناً المهم أن تتحسن حالها وتعود للمنزل وهي بأفضل حال.
وضع الطبيب يده على كتف الشاب القلق على والدته وابتسم له كتعاطف معه.. ثمّ رحل أخيراً.
عادت بيترا من الحمام وقد استنهزت لحظة خروج ليفاي من الغرفة.. لكنها تعلم أنه سيعود إلى غرفته في النهاية.
تفكيرها بأنهما سيناما هذه الليلة في نفس الغرفة كان كفيلاً بإشعال الخوف والاحراج الكبيرين داخلها.. وهي لاتعلم ماقد يفعله هذا الشاب الذي ظل طوال النهار يعاملها بلطف وعاطفية شديدة.. إذاً كيف هو الحال في الليل.. حيث يسكن كل شيء ويهدئ إلا قلوب العشاق فتزيد اضطراباً وجنوناً في نبضها والمشاعر داخلها... ولكن من قال لها أنه يحبها.. لعل تصرفاته فقط لاشباع رغبته ليحصل على مايحبه كل شاب من فتاة لاحول لها ولاقوة.. فيستنهز ضعفها وقلة حيلتها ليلعب بها كما يروقه.. ولكن هل ليفاي من ذاك النوع من الشبان.. هكذا كانت تتساءل داخلها وقد وصلت لحالة عارمة من الخجل والقلق.. وقد تعالت نبضات قلبها أكثر وأكثر.
أغلق ليفاي هاتفه المحمول بانزعاج بعد أن اجاب على مجموعة من الرسائل من جان وايرين يطمئنان عليه.. لكنهما لم يفلحا في مسألة الوقت.. لينظر ليفاي على أمر الرسائل الكثيرة على أنها ازعاج بينما هو مشتاق ليغرق بهدوء ولطف لحظاته مع ضيفته السرية والتي اخفى امر تواجدها عنده عنهما.
كانت لاتزال تنتظر عودته بفارغ الصبر بينما هي نائمة في سريره كما أمرها.. تختبئ مثل قطة خائفة تحت ذاك الغطاء المعهود الذي انقذها من عدة مآزق معه بالغعل. تتسائل بحيرة كبيرة لما تأخّر ومالذي يفعله حتى اوقف تساؤلاتها في رأسها عودته المنتَظرة أخيراً.. فهمّت بسرعة تخفي الفتحة الصغيرة التي صنعتها لتمكن عينيها من مراقبته.
دخل الغرفة وأغلق الباب بهدوء يعكس أحوال قلبه المضطرب بين نبضات متسارعة ومشاعر متصارعة مابين عشق وفرح وتردد ورغبة وحيرة.. التفت إلى اميرته التي اوقعته اسير لحظاتها ليُصدم بما رآه رغم توقعه الشبه مؤكد من ردة فعلها في تغطية وجهها كالعادة بالغطاء.. فأخذت تخمد مشاعره المتصارعة فتهدأ نبضات قلبه نتيجةً لذلك.
اما ملامح وجهه السعيد المنتشي.. فقد غرقت في الألم والحزن وهو يرى أن السلبيات في حياته دائماً ماتتغلب على الإيجابيات في كل الأمور...لكنه يكره ان يكتشف الضوء ملامح وجهه الحزينة المحبطة من أمرٍ يجرح كبرياءه وهو الحب.. فهذا هو الشاب الذي يكره الضعف في كل المواقف ويأبى الاستسلام له، وليس ذلك وحسب بل يقاومه بكل السُّبل.. لكنه ابقى على ضوء خافت من أجلها فقد تشعر بالخوف اذا مااستيقظت من نومها وهو لايستطيع معرفة مااذا كانت نائمة ام تتظاهر بذلك فحسب بينما هي قد تغطّت بالكامل .. لم يعد يكترث لشيء كأنما موجةً من البرود أصابت قلبه وتترجمت إلى ملامح الشحوب في وجهه الذي يشبه القمر عند اكتماله ( لم ترفضه فتاة من قبل ودائماً ماكان يعاني جنون الفتيات به.. فحبهنَّ له لم يكن اعجاباً بل كان حباً كاللعنة لايستطعن الهروب منه إلا إلى جحيم حبه في الوهم.. فيصبح السجّان لقلوب هؤلاء النسوة فيرضخن بدورهنّ لمنصبه المتسلط داخل قلوبهن.. إلّا بعضاً من المحظوظات منهن
واللاتي يستطعن الهروب من أسره من خلال تمكنهنّ من قتل مشاعر حبه داخل قلوبهنّ فيعلننّ بذلك خسارتهنّ في الحب ) لكن مابالها هيَ كيف يمكنها الجحود بالنعيم المحيط بها؟؟!! كيف يمكنها تجاهل الرجل الذي أوقع العديد من النساء ضحايا لحبه؟؟!!
لقد أظهر الاكرماني الآن بعضاً من نرجسيته بينما يراقب القمر المكتمل وقد انعكس ذاك القمر في وجهه.. وعانق الضوء ملامحه وجهه شديدة الوسامة رغم التجهّم الذي سكنها.
كانت لاتزال تراقب تحركاته بخوف وقلق لم يفارقاها.. ومازاد من حالتها هو الضوء الخافت في الغرفة وتصرفاته الباردة.. لكنها لم تستطع ترجمة ايّ من ملامحه وهي تراقبه بعينيها من تحت الغطاء وأيضاً في إضاءة سيئة كهذه.
كان لايزال متجهم الوجه بينما يراقب القمر المضيئ بعينيه النصف مفتوحة.. أغلق النافذة نصف إغلاق وردّ الستارة حتى يمنع ضوء القمر الذي أصبح يراه مقيتاً من إضاءةِ ظلمة روحه وقلبه.
خلع قميصه واتجه لخزانة ملابسه... كانت لاتزال تراقبه
بنظرات حذِرة لتفتح اعينها على اوسعها وهي عاجزة عن إدراك ماينويه هذا الشاب العاطفيّ البارد وهي تراه قد أصبح عاري الصدر ويبحث عن شيء داخل الخزانة..
اخرج كنزةً بلا اكمام وسروال رياضي وذهب متجهاً إلى الحمام التابع لغرفته.
حسناً إذاً هو يريد الاستحمام.. لكن هل سيزول قلقي أخيراً الآن؟؟! وكيف يزول وهو لايزال مستيقظاً هكذا... هو لن يبقى طيلة الليل يستحمّ.. سيعود في النهاية إلى... غرفته.
هكذا كانت تتساءل في داخلها لكنها شعرت بنعاس مفاجئ مزعج... لتستنتج ان هذا النعاس هو بلا شك بسبب الأدوية التي تناولتها اليوم كمان انّ الحقنة الطبية لها داخل السيروم والتي اعطاها لها الطبيب من أجل تقوية جسدها قد زادت الطين بلة لديها... لتجعلها عاجزة عن مقاومة موجة النعاس القاتلة التي اصابتها.
بيترا في داخلها : لا لماذ أشعر بالنعاس الآن؟!! أريد مراقبته حتى خروجه من الحمام... أريد أن أعرف مالذي ينويه فعلاً.. انا عليّ ان ابقى مس.. تي.. قظة حت.. ى ذل.. ك الو.......، ولكنها لم تستطع إكمال جملتها وغرقت في النوم بالفعل.
خرج من الحمام بعد محاولات فاشلة في إخماد نيرانه المشتعلة الممزوجة بالغضب والرغبة المجنونة ( كان يريد ولو القليل منها.. حتى لو بضع نظرات اليها.. لكنّ هروبها منه بهذه الطريقة ودفنها لوجهها أيضاً تحت الغطاء.. قد حطّم جميع آلامه... فما كان منه إلا أن احرق نفسه بنيرانه التي لم تخمد رغم استحمامه بالمياه الباردة ).
ارتدى كنزته التي بلا اكمام.. وقطرات المياه الباردة لاتزال عالقة على شعره الجميل المنسدل على وجهه.. وقد تعمّد إبقاءه مُسدلاً مبلّلاً هكذا حتى يستمر بتبليل وجهه المتعرق علّ ذلك يبرّد جسده شديد السخونة والذي كان مشتعلاً بمشاعر الغضب والرغبة... تقدم بعد ذلك إلى سريره حيث تنام هي وقام بسحب الغطاء عن وجهها قليلاً ( فمن ذا يغطي وجهه في جو حار.. إذاً لاشك أنها نامت بالفعل الآن ).. ليجدها نائمة بعمق  وجبهتها متعرقة بشدة... لكنه لم يقم بتجفيفها لها..
وكلمها في داخله قائلاً : اللعنة... ماذا أفعل بكِ؟؟!! وماذا أفعل بنفسي؟؟!! انا احترق الآن بيترا.. كيف سأنام؟؟
الاتستطيعين قراءة مشاعري دون بوح فتبادليني دون مبررات... لمَ يجب ان نعاني القيود والحواجز الكثيرة في كل مرة نحتاج ان نعيش بها لأنفسنا؟؟
كان يكلمها في داخله بينما ينظر لوجهها الذي يعشقه بنظرات بارده من بين خصل شعره الرطبة.. لم يجد أيّة أجوبة على اسئلته فهيَ نائمة بالفعل ولن تستطيع الإجابة عن اي سؤال منه ولو حتى عن طريقِ تبادل النظرات فلطالما تحدثت عيونهما بدلاً منهما عن عشق كل واحد منهما للآخر... ولكنها الآن مغمضة العينين تغرق في نومٍ عميق....فما كان منه إلا الاستسلام لواقع الأمر. ذهب إلى حيث الكنبة المقابلة لها.. وألقى بجسده المتثاقل عليها يرضخه للنوم بعد وقت عصيب قضاه بين إحباط وحزن وغضب نرجسي...قرر عدم التفكير بشيء علّه يقاوم ثورته الداخلية ويستسلم للنوم أخيراً.
( مَن المخطئ؟ الوقت ام هو ام هي ام الاثنان معاً ام انه لايوجد مخطئ...إذاً كيف وُلدت هذه المشكلة بينما لايوجد خطأ.. هذا يعني أن كل شيءٍ كان خاطئاً ومصيباً ولعلّ هذه الإجابة هي الأكثر منطقية الآن.. فهو مخطئ عندما اخفى مشاعر حبه ولم يبح بها على رغم تواجدها معه ليوم كامل فمالذي جعله يظن أنها ستكون كما يريد وستفهمه من خلال معاملته شديدة اللطف لها.. ومع ذلك كان مُصيباً في إخفاء مشاعره.. فهو كان يخشى ألا تصدق مشاعره في أوقات وظروف كهذه وأنه اعترف لها بالحب فقط ليتيح لنفسه فعل مايريد بها.. وقد تظنه متحرشاً متلاعباً قد استغلّ الظروف ليُشبِع نفسه ورغبته الذكورية لاأكثر.. عندها سيفقد ثقتها به وسيسقط من عينها لتراه شاباً قذراً فيخسر حتى رابط صداقتهما... هي أيضاً مخطئة لخوفها المبالغ فيه من هذا الشاب اللطيف الحنون المتفهّم وخجلها منه لهذه الدرجة بينما هو لم يتخطى حدود الأدب وابقى على مسافة بينهما واخذ يعاملها كصديقة.. ومع ذلك كانت على حق بردة فعلها تلك.. فهي لأول مرة تخوض مثل هذه التجربة وتمكث وحيدة مع شاب صحيحٌ ان هذا الشاب من معارفها وصديق لها ظاهرياً وعشيقها في سرها لكن كل هذا ليس كافياً ليجعلها تسترخي وتطمئن وكأنها تعيش حياتها الطبيعية.. ولعلّ شدة حذرها منه هو نتاجٌ لتجربة حية خاضتها في واقعها..فأبوها منفصم الشخصية ( هذا بدل مانقول المرحوم 🤣 )خير مثال على غدر الرجال وانقلابهم وقسوتهم ومزاجيتهم المتقلبة مابين اللطف والعنف...إذاً من يستطيع لومها؟ خاصةً وان عشيقها لم يخبرها اي شيء عن مشاعره نحوها... الوقت أيضاً مخطئاً لأنه لم يمنح لأي منهما الشجاعة في الاعتراف للآخر.. فلا هي تستطيع اخباره بمشاعرها لاختلاف العالم الذي يعيش فيه ولعلمها عن شعبيته بين النساء ولاهو يستطيع... لكن الوقت كان مصيباً في جعلهما يستنهزا فرصةً للبقاء وحدهما دون عوائق وحواجز... وبهذا لن نستطيع إلا لوم المنطق الذي جعل كل الأمور بينهما شديدة التعقيد."قد نشعر أحياناً اننا حصلنا على السعادة لنكتشف بعد ذلك ان هذه السعادة نفسها ماهي إلا امتداد لحزن آخر .. لتصبح هذه السعادة آنذاك سعادة بنكهة الحزن" .. وهذا ماحدث بينهما.. لكن النصيب الأكبر من الحزن هنا كان للاكرمانيّ ).

انتي فقط حيث تعيش القصص. اكتشف الآن