البارت الحادي عشر ( العودة إلى الحاضر )

116 8 81
                                    

"انتهاء الفلاش باك"

غربت الشمس والظلام بدأ بالانتشار في المكان.. ولاتزال والدة بيترا نائمة على كرسيها المتحرك بهدوء لكن خطى الأقدام التي اخذت تقترب نحوها ايقظت نومها لتفتح عيناها وتراها ابنتها الغالية.. تمشي مسرعه بنشاط لتقل لها والدتها بصوت حنون ونظرات مشفِقة : وتركضين أيضاً ياحبيبتي.. الستِ متعبه من العمل في الحقل طوال النهار؟!!.
لتجبها بيترا بينما خلعت حذاءها ودخلت تهرول متجهة للحمام : امي ألم أخبرك ان ليفاي سيقدم اغنية هذا اليوم.. اريد ان أراها مباشرة وكأنني في المسرح هه.
لتدخل للحمام أخيراً حتى تغتسل وتبدل ملابس العمل إلى ثياب منزلية مريحة.. لكنها ارتدت بدل ذلك ثوباً قد اهداه لها ليفاي سابقاً ( كان فستاناً باللون الأبيض وقد تداخلت معه بعض خيوط القصب الذهبية لتضفي عليه بهجةً ورونقاً جذاباً مع بعض الزخرفه على صدره أيضاً باللون الذهبي.. وارتدت معه ذاك السوار المحبب لها وقد تناسب معه لأنه يحوي على ورود بيضاء وذهبية كذلك ) لتخرج أمام والدتها بهذه الثياب فسألتها باستغراب : مالذي ترتدينه ياابنتي؟!
لتجبها بيترا بحماس بعد أن أحضرت لها ادويتها وبعض الماء : أريد أن أشعر وكأني هناك في المسرح هه.. امي الأحلام التي لانستطيع تحقيقها في واقعنا لماذا لانعيشها في احلامنا؟! لتردف بينما ركضت باتجاه المطبخ : سأحضر العشاء بسرعه قبل بدء الأغنية.
لتقل لها والدتها بصوت عالي : على مهلك لاتركضي بهذا الثوب حتى.. لتقل بيأس بهدوء : اوه ياالهي ابنتي جُنّت. لتضحك ضمنياً بينما ترى ابنتها تواصل الابتسام مهما كانت ظروفها صعبه.. لتفكر في داخلها ( حقاً إنّ ابنتي محقة بنظرها للأمور دائماً من الجانب المشرق.. فاليأس والاحباط هم أسوأ الوسائل للتعايش مع الأوضاع الصعبه.. اريد منحها حياة سعيدة.. كأن تعيش مع من تحبه وبالطريقة التي تحبها.. لكني عاجزة عن فعل ذلك ) ليسيطر على ملامحها اليأس والحزن.. حتى أتت ابنتها فغيرت ملامحها إلى البهجه لاتريد نزع فرحة هذه الصبيه المسكينة بينما هي عاجزة عن تحقيق سعادة حقيقية لها لكن ماباليد حيلة فغالباً ماتتحكم الظروف بالمرء وتجبره على العيش بطريقه غير التي يريدها.. إذاً هي ليست الملومة في هذا.
استدارت بيترا ذاهبةً إلى غرفتها بعد أن وضعت الطعام لوالدتها على طاولة صغيره.. لتسألها والدتها باستغراب : الن تأكلي معي؟!
لتجبها باحراج : آسفة امي لكني قد تناولت شطيرة جهزتها بسرعه وانا بالمطبخ.
لتقل لها امها بابتسامه : حسناً.. استمتعي بوقتك.
لتضحك بيترا بخفة وتشكر والدتها ثم تذهب مسرعه إلى غرفتها.
ابقت الباب مغلق نصف إغلاق.. وفتحت التلفاز الصغير في غرفتها.. سرحت شعرها أمام المرآة بينما تنظر لشاشة التلفاز وهي ترى أنّ الأغنية قد شارفت على البدء.. انتهت من تسريح شعرها الجميل لتبدو كالاميرات حقاً بملامحها الفاتنة وهذه الملابس الأنيقة اللطيفة وشعرها البرتقالي اللامع.. أحضرت ورقه صغيره وقلم وقطعة شوكولا مغلفة وجلست على سريرها وقد اسدلت قدميها إلى الأسفل كأنها جالسه على كرسي لتصبح مقابله للتلفاز تماماً لايبعدها عنه إلا بضع أميال
وقد كان موضوعاً على طاولة الدراسة الكبيره خاصتها.
اخذت تغرق نفسها في جو هذا الحفل المنعش لتشعر نفسها حقاً وكأنها في المسرح.. تنظر بعينين برّاقتين إلى تلك الأضواء الملونة الخافتة مع الدخان والتي تخفي داخلها ذاك الشاب الوسيم لتجعل ظهوره مشوقاً ومبهراً اكثر للجمهور ولها فهي أيضاً تراقب ظهوره بشغف كماالجمهور تماماً .. ليتضّح لها أنه ليس من تنتظره.. لتقل بقليل من الإحباط انه ايرين.. لتضحك وتهتف مع الجمهور فلقد كان ظهوره حقاً مُبهر.. تعجز الاضواء مهما كانت ملونه عن إخفاء الزمردي في عينيه الواسعتين بل تزيده لمعاناً وبريقاً يأسر كل من ينظر له.
يرتدي ثياباً انيقه ويمشي باتزان ملوحاً للجماهير الغفيرة التي اخذت تحييه بين هتاف وتصفير ورمي ورود وصراخ فتيات ورمي قبلات من قبل بعضهن.. لكنه لم ينظر إلا لها هي فقط..تجلس بين حشود من المعجبين والمعجبات ويتلألأ اسود عينيها وقد تجمعت في داخله الكثير من النجوم المشعة لرؤية عشيقها الآسر .. ابتسمت له بينما تراه مركّزاً نظره عليها ليبادلها بشبح ابتسامة بعد أن لفظت اسمه بشفاهها الورديه " ايرين"
كانت بيترا تشاهد هذه الحفلة بحماس ولم تلحظ تلك اللحظه الدافئة بين مجنونيّ العشق ايرين وميكاسا.. كما لم يلحظها الكثير من الموجودين كذلك..
لتقل وقد زاد شوقها لرؤية عشيقها : اذاً الآن جان هه. لنرى يبدو كل شيء مشوق.. هذه الحفله حقاً لها رونق مميز.
حتى ظهر جان أخيراً بعد أن اخفاه الدخان الملون بفعل الاضواء.. ينظر يعينيه الثاقبتي النظرات يمنةً ويساراً ويوزع ابتسامته الجذابة على معجبيه الذين اخذو بالتصفيق والهتاف ورش الوردّ عليه.. ولو استطاع لضحك ملوَ ثغره فهو في هذه اللحظات قد غمرته سعادة كبيرة بالفعل لكن ليس من اللائق المبالغه بِردة الفعل هكذا.. ولم يكن أقلّ جمالاً او حضوراً من زميله ايرين الذي وقف وراء البيانو خاصته واخذ يبدأ بالعزف بهدوء وانسجام يغمض عينيه الجميلتين ليتفاعل مع اللحن.. ليقف بجانبه جان يحمل آلة الكمان بيده ويبدأ بالعزف بشكل متناسق مع صوت البيانو.
نفختْ بيترا خديها بتذمر وقالت : لماذا لم يظهر ليفاي بعد.. لتردف باستنفار بعد أن اختفت الأضواء وخيم الظلام في المسرح : ماهذا؟! لا أرى شيئاً!
لتظهر أخيراً أضواء خافته ودخان أحمر بفعل هذه الاضواء والبعض من الفتيات راقصات الفرقة يخفين قمر هذه السهرة بينهن.. لينقشعن أخيراً كالغيوم التي تحجب ضوء القمر.
فظهرَ ذاك الشاب المثير شديد الوسامة والأناقة يجلس على كرسيٍّ ذهبيّ تحت هذه الاضواء الخافتة الحمراء ورغم أنّ القبعه قد اخفت
نصف وجهه إلا أنّه قد أثار جميع معجباته فبدأن بالصراخ ورمي القبلات والصراخ باسمه.. وقد اختلطت هتافاتهن المجنونه مع باقي الهتاف والتصفير.
لتقضم بيترا الشوكولا بيدها بقوّة وبعض الغيظ هي لن تستطع إخفاء غيرتها في هذه اللحظة.. فبالبداية كانت الكثير من الفتيات يلتففن حوله والآن هؤلاء المعجبات يفعلن مايفعلن بينما هي عاجزة عن الاقتراب منه وتشجيعه بصوتٍ يستطيع سماعه.. لتهمس بألم
" ليفاي" فرفع رأسه بعد أن همست باسمه يغني بصوتٍ خافت عذب النبرة " c'est quoi l'amour"
" ماهو الحب " ترجمة
لتستمع دون فهم لكن كلماته الهامسة مع صوته الجذاب قد اخترقت قلبها فاضطربت نبضاته.. اشبكتْ يديها أمام صدرها واخذت تصغي باهتمامٍ بينما خاطبت نفسها في داخلها ( إنه يغني بالفرنسية ).
وصل إلى نهاية الاغنيه ليخلع القبعه أخيراً ويظهر بحر عينيه الأزرق الذي اخذ يغرق كل من ينظر له.. لكن سرعان ماعادت تلك الغيوم المزعجة بإخفاء القمر مجدداً.
لتقل بيترا وقد استشاطت غضباً وغيرة : ابتعدنَ عنه هيا ابتعدن تباً لكنّ انتنَّ تمنعنني من رؤية عشيقي.
ليأتي وقت حصول المعجبين على توقيع أعضاء الفرقه المميزين لكنّ الشخص الأكثر رغبة بينهم كان الاكرماني البارد.. فأخذ يمنحهن توقيعه محافظاً على برود ملامح وجهه الوسيم.. لتحمل بيترا الورقه التي بجانبها والقلم خاصتها حتى تحصل على توقيعه كباقي معجباته.. اخذت تمشي ببطءٍ.. كأنها تريد لقاءه حقاً.. لينقطع التيار فجأة.. فقالت بصدمه : ماذا؟! لمَ الآن؟!! .
لكنها استسلمت لواقع الأمر..لتقف بيأس فهي لم تعد ترى موطئ قدمها مع هذا الظلام الدامس.. ظلمه شديده مقيتة لاتضيؤها سوى دموعها الألماسية التي اخذت تنهمر على خدودها بصمت.. لاتعلم لما سمحتْ للاحباط ان يتغلغل بها بهذا القدر لدرجة ان تبكي.. *لربما ايهام النفس بالأمل بينما هو معدوم في الواقع لهوَ امر سلبيّ على المرء.. فعندَ اول تعثر لكْ تدرك أنك تعيش وهماً لا واقعيةَ له فيخيم الظلام تلقائياً في قلبك فيتسلّل الإحباط بدوره أيضاً.. ليغرقك في حزنك الذي تهرب منه*..هكذا كانت تحلل الوضع بينما لاتزال واقفه بإحباط تحمل بيدها الورقه والقلم لتسقطهما أرضاً بللاشعور.. حتى انها لم تلحظ سقوطهما لشدة غرقها في أفكارها.. تحاول جمع شتات نفسها علّها تستطيع إيقاف دموعها التي تنهمر بسخاء على خدّيها.. شعورها أنها وحيدة تغرق في ظلمة المكان كان يخيفها حقاً حتى تسلّل شعور الأمان في داخلها (وقد كان صوت والدتها العاجزة تناديها) لتدرك أنها ليست وحيدة بل هنالك شخص اكثر منها وحدةً وألماً لتهرع إليها بسرعه تتلمس الأشياء باحثةً عن شمعة تنير طريقها إلى والدتها المسكينة العاجزة .. حتى استطاعت إيجاد شمعه بالفعل اضاءتها بولاعة كانت فوق الطاوله.. وذهبت تمشي إلى حيث والدتها تقول في داخلها بعد أن مسحت دموع ضعفها ( امي تناديني وانا غارقه في أفكاري الأنانية يالي من حمقاء.. كيف اترك امي وحيدةً في الظلام!! )
لتصل أخيراً إلى حيث والدتها وتعانقها بعد أن وضعت الشمعه على الطاوله .. فبادلتها والدتها العناق بدورها
لتقل والدتها بصوت حنون بينما بيترا لاتزال معانِقةً لها : لاعليك ياحبيبتي انا لستُ غاضبة منكِ.. اخبريني هل استمتعتِ بمشاهدة الاغنيه؟
لتفكّ بيترا العناق أخيراً وتبلع غصّة البكاء وتجبها : اجل استمتعتْ. وتبتسم ابتسامة صغيره.
لتقل لها والدتها : جيد.. ارادتْ مواصله الكلام لكنّ الطرق على جرص المنزل اوقفها.. لتفزع بيترا فمن الذي يطرق بابهم في هذا الوقت المتأخر.. لتقلْ لها والدتها : جرّيني إلى حيث الباب انا سأفتح.
اخذت بيترا تجرّ والدتها كما طلبت إليها بينما تحمل بيدها مصباح صغير ( بيل).
فتحتْ والدة بيترا الباب لتظهر لهم صبية أكبر من بيترا ببضع سنوات وتقل : عمتم مساءً سيدة ماريا.. آنسة بيترا..انا ادعى ماي لقد ارسلني السيد ليفاي اكرمان إلى منزلكم من أجل أن اعتني بالسيدة ماري.
لتقلْ بيترا باستغراب ودهشة : ومن اوصلك إلى هنا فالوقت بعد الغروب؟! أيعقل أنك أتيتِ وحدك.
لتقل والدة بيترا : تفضلي يابنتي بالدخول.. وانتِ بيترا كفي عن الكلام واصنعي بعض الشاي.
لتدخلْ ماي وهي تجرّ السيدة لتلحق بيترا بهم بعد أن اغلقت الباب بإحكام.
اخذت بيترا شمعدان يحوي ثلاث شموع واشعلتْ تلك الشموع في غرفة والدتها.. ثم ذهبت حاملة تلك الشمعه الصغيره إلى المطبخ لتصنع الشاي.
وبعد مضي دقائق أتت حاملةً كؤوس الشاي الساخن.. ثمّ جلست بعد أن وزعت الشاي على امها والخادمة الشابة.
احتسيْنَ الشاي بينما يتحدثن..لتقل ماي أخيراً : العفو سيدة ماري.. لقد أتيت لاشرف على امورك الشخصية طبعاً بمساعدة ابنتك.. فإن اردتي استخدام المرحاض سنساعدك.
لتقل ماري وهيَ تشعر ببعض الاحراج بوجه ممتنّ فلقد كانت ابنتها وحدها من تتكفل بمهمة كهذه مع جسدها الناعم الصغير فكثيراً من الخادمات اللاتي ارسلهن ليفاي كنّ يعتزلن العمل في منزل رال : شكراً لك.. وشكراً لليفاي اكرمان أيضاً..
انه شاب طيب يهتم بأدق الأمور. ( ثمّ وضعت يدها على فمها خجلة )
لتشكرها بيترا بدورها كذلك..وتقل في داخلها ( شكراً لك ليفاي انت تفكر بي دائماً رغم بعدنا عن بعضنا.. شكراً )
ساعدت كل من ماي وبيترا والدة بيترا على فعل أمورها الشخصية.. ثمّ حملنها ووضعنها في السرير رغم أنها أصرت على النوم على الكرسي المتحرك فهو له ميزة ان يرجع للوراء قليلاً حتى يمكن مستعمِله من النوم كذلك وليس فقط الجلوس.. لكن ماي أخبرتهم ان السيد اكرمان قد اكّد عليها ان تمنح السيدة كل الاهتمام المُستطاع...لتستسلم كلّ من بيترا ووالدتها لرغبة الاكرماني الملاك.
لكنّ بيترا لم ترتح لتلك الخادمه التي ظهرت فجأه دون سابق إنذار.. تريد معرفة سبب قدومها في وقت متأخر.. تريد معرفة من الذي أوصلها.. لتنتظر حتى دخلت الخادمه إلى الحمام ثمّ رفعت سماعة الهاتف بعد أن نامت والدتها.. واتصلت بمنزل الاكرمان..
رنين رنين لكن مامن اجابه..بقي الهاتف يرنّ لفترة حتى توقف عن الرنين ومامن احدّ يرد على الهاتف.
لتلاحظ بيترا أخيراً أنها لشدّة ارتباكها قد اخطأت بالرقم.. أرادت ان تعيد المحاوله لكن خروج الخادمة متجهة إلى الغرفه اوقفها.. لتأتي لها الخادمه وتسألها باستنفار هل تكلمتِ مع السيد اكرمان؟!
لتفكر بيترا ثم تجبها بابتسامه تخفي قلقها : اجل.. وهو سعيدٌ لأنكِ وصلتِ بالفعل.
لتنفخ الخادمه هواء الزفير وقد ارتاحت لكلامها ثمّ قالت بخجل وتوتر : اذاً انتي لم تخبريه اننا وصلنا متأخرين هذا جيد..انا ممتنة لكِ.. السبب زوجي لقد اوصلني هو إلى منزلكم لكنه كثير النسيان وقد نسي خريطة الطريق التي سلمها لنا السيد اكرمان في المنزل لذا تهنا ولم نستطع إيجاد الطريق بسرعه.. تصوّري خرجنا عصراً ووصلنا بعد الغروب.. ارجو فقط أن يكون قد وصل بأمان إلى شركة السيد.
لقد تكلمت هذه الخادمه بكلام كثير ربما صادقاً وربما كاذباً هكذا كانت تفكّر بيترا.. لتسألها : إذاً انتِ متزوجة.. اه يمكنك الاطمئنان على زوجك لاتقلقي.. اتصلي به. واشارت باصبعها على الهاتف المنزلي ( هي قالت ذلك لتتأكد أنّ هذه الخادمه تقول الصدق ولاتكذب )
لتقل لها الخادمه بلهفه : حقاً يمكنني! انا اشكركِ.
اتصلت على رقم زوجها ليرن المحمول داخل حقيبتها.. فضربت رأسها بخفة وأخذت تخرج الهاتف وتحاول إيقافه عن الرنين حتى لاتزعج السيدة النائمه بعمق.. وقالت بتذمّر : ياالهي ذلك الغبي نسي محموله معي.. انا حقاً قلقة عليه.
كانت بيترا لاتزال غير مرتاحه لهذه الخادمه فقالت لها : أين محمولكِ انتِ؟ ( سألتها لتتأكد أنّ هذا الذي قد رنّ للتو هو محمول زوجها حقاً وليس محمولها )
لتخرج الخادمة محمولها من جيبتها.. ويصبح في يديها هاتفين حتى ارتاحت بيترا أخيراً.. لتقل الخادمه ببرود وقلق : انتِ قلقة صحيح.. خائفه مني.. خائفه ان أؤذيكن انتِ ووالدتك صح؟ وانا قلقة وخائفة على زوجي.. دمعت عينا ماي وانهمرت الدموع بصمت على خدودها لتمسحها بخفة وتقل : معكِ حقّ فصبية مثلك ليس لها حول ولاقوة ليس معها لاأب ولااخ يحميها لاتملك سوى ام عاجزة من الطبيعي جداً ان تقلق كل هذا القدر.. انا لاالومك لكن فكّري انتي لديكِ والدتك وهي بجانبك.. امّا انا فليس لدي احد في هذه الدنيا سوى زوجي.. جميع أفراد عائلتي مرضو بمرض خطير وماتو بعد سنه من زواجي .. أما أنا فكنت مسافرة مع زوجي غيون إلى خارج طوكيو ولم استطع توديعهم.. انا عمري ٢٥ سنه بنفس عمر زوجي لقد تزوجنا قبل سنه من الآن.. لم يمضي على رحيل عائلتي سوى سنه والآن غيون ذهب بهذا الظلام دون هاتفه المحمول ودون خريطة.. لااعرف ماذا سيحلُّ به.. لم يكن زوجي هكذا من قبل لكنه تعرّض لحادث سير اثّر على دماغه فاضطر لاعتزال عمله في الخارج.. كان يعمل في مجال التكنولوجيا وصنع الاجهزه لكنّ نسيانه أثر الحادث سبب له الكثير من المتاعب حتى اضطرّ لاعتزال العمل لينتهي به الأمر يعمل سائق توصيل في شركة الاكرمان اما أنا فأعمل في التنظيف هناك.. كانت الخادمه الشابة تتكلم ودموعها تنهمر على خدودها كلما مسحتها تنهمر دموع أخرى غيرها.
كانت بيترا تستمع لحديث الخادمه المؤثر " هذه القصة ليست مُخترعة وهذه الدموع الكثيرة ليست مزيفه وهذا الوجه المتألم أمامها ليس كاذباً اذاً لقد اساءت الظنّ بها كثيراً.. لتقل باحراج وحزن على حال الخادمة : آسفه لأني شككت بصدقك.. أيضاً اذا اردتِ يمكنك أن تتصلي بالشركة إلى أي رقم تريديه وتسأليهم عن زوجك.
لتقل لها الخادمه : لكن هكذا سيكتشف السيد أننا تأخرنا في الوصول إليكم وقد يطرُد زوجي من العملْ.
بيترا بجديه : لكن الأهم الآن سلامة زوجك صحيح.
حتى رنّ الهاتف لتفزع الخادمه من صوته فتقدمت بيترا واجابت : أهلا. لتسمع شاباً يخاطبها قائلاً : انا ادعى جو من شركة الاكرمان.. لقد ارسل اليوم سيدي ليفاي اكرمان إليكم شابه تُدعى ماي لتساعد السيدة ماري.. آسف لأني لم اخبركم بالأمر مسبقاً.. لقد فاتني هذا.. المهم زوج ماي يريد أن يتكلم معها.. لو سمحتِ.
لترتبك بيترا وهي مدهوشة لمعاملته لها بهذا الاحترام هل ليفاي من طلب إليه ان يعامل عائلة رال باحترام هكذا.. لاشكّ في ذلك.. لتجبه بجدية بعد أن اخفت نبرة الارتباك في صوتها : أهلاً سيد جو.. لابأس.. حسناً سأعطي الهاتف ل ماي. ليُسلِّم جو الهاتف بدوره ل غيوم.
حملت ماي سماعة الهاتف وقالتْ بخوف ولهفه : احمق كيف تقلقني عليك!
ليجبها زوجها باحراج : آسف.. على الاقل تم اعفائي من العقوبه.. كوني ممتنة لهذا.
لتقل بابتسامه : حسناً عزيزي سعيدة أنك بخير.. ابذل جهدك حتى لاتقع بالمتاعب.. انا أيضاً سأبذل جهدي هنا.. اشكر السيد جو عني جزيل الشكر.
غيون : حسناً بالتأكيد سأفعل.. انتبهي لنفسك ماي.
اغلقت ماي الهاتف وتنفست الصعداء وكانت سعيدة حقاً..لتقل لها بيترا بابتسامه ملائكية : انا سعيده لأجلكم.
ماي : شكراً لكِ آنستي.
بيترا : لا لا لاتعامليني برسميه.. يمكنك مناداتي بيترا وحسب هه.
ماي بابتسامه : لن اعتاد على الأمر بسهوله الا بأس أن اناديكي آنسة بيترا...فأنتم أشخاص مقربين من السيد اكرمان.
بيترا بابتسامتها نفسها : لابأس حالياً هه...ايضاً ليفاي اكرمان يقدّر ظروف الأشخاص ويحاول مساعدتهم.. وليس هو وحده بل عائلة الاكرمان امه وابيه الراحل أناس رائعين وطيّبو القلب بحقّ.
لتقل ماي بارتباك : عذراً لكن السيد اكرمان عادةً نادراً مايتسامح مع الأخطاء.. حتى السيد جو كان يعاقبه لو قصّر في امرٍ ما.. لكن الآن لاادري لما تغيّر السيد هكذا.
لترتسم ملامح القلق في وجه بيترا الجميل وتسأل ماي بجدية : ماذا تعنين بأنه تغيّر اهوَ مريض؟
لتقل ماي : هل سأعرف أمراً شخصياً عن سيدي اكثر مما تعرفينه انتِ عنه. لتقاطعها بيترا بينما شعرتْ بخجل شديد من سؤالها الساذج : اجل معك حق انا اتصل به من حين لآخر.. حسناً سأتصل به الآن لأطمئن.
وأخذت سماعة الهاتف واتصلت على منزل الاكرمان بالفعل.. ليرن الهاتف ثلاث رنّات ثم تسمع " من تتصل به ليس موجود حالياً ارجو ترك رساله" لتغلق الهاتف بيأس بينما لاتزال قلقة.
لتستغرب ماي من عدم تسجيل بيترا لرسالة رغم قلقها الكبير لكنها لايحقّ لها التدخل في الأمر.
عادت الكهرباء مجدداً.. لتقل بيترا : أخيراً عاد التيار لااعرف لمَ انقطع فجأة تعالي ماي رافقيني." لتذهب ماي برفقتها " ثم اردفت تقول لها : هنا يمكنك استخدام غرفة والدتي للنوم فيها.. هي منظفة ومغلقة مذْ رحيل ابي.. وعرفتها على الغرفه..كما ارشدتها لمكان الحمام والمطبخ كذلك.
لتشكرها ماي باحراج وتقل : لكن استطيع النوم على تلك الكنبه.. يجب أن ابقى بجانب السيدة.
لتقل بيترا : لاتقلقي حيال الأمر انا أيضاً سأنام في غرفتي في آخر الممر.. ولكن استطيع سماع صوت امي حينما تناديني.
لتقل لها ماي بتوتر : حسناً كما تريدين.. شكراً لكِ..بالتأكيد سأنتبه انا أيضاً اذا مانادتني السيدة ليلاً.
لتقل بيترا بعد أن غطت والدتها جيداً : حسناً.. شكراً لتعاونك..تصبحين على خير.
ماي : وانتي بخير آنسة بيترا.
دخلت بيترا غرفتها واغلقت الباب نصف إغلاق حتى تتمكن من سماع والدتها.. بدلت ملابسها الجميله إلى ثياب مريحه للنوم.. لكنها لم تستطع الهدوء ابداً بعدما سمعته عن عشيقها.. تخشى أنّ مكروهاً أصابه.. ليتها تركت رساله.. لكنها لم تملك الجرأةَ لفعل ذلك.. سقطت دموعها رغماً عنها.. بينما اخذت تتذكر أنّ تلك الاغنيه التي غناها عشيقها للتوّ كان يسودها الحزن والاحباط بالفعل.. اذاً هل هو يعاني وقتاً صعباً حقاً.. لقد اشتاقته تريد رؤيته والاطمئنان عليه وجهاً لوجه لكنه لايزورها لايزورها إلا في أحلامها.. لتغرق في النوم أخيراً بوجه ذابل مبلل بالدموع.

انتي فقط حيث تعيش القصص. اكتشف الآن