كهف جهنم (11)

158 26 2
                                    

"لايمكن"
صرخ بها (تميم) مكملا:
-أنت يا ابى كنت واحدا من الهجانه..

اشاح ابيه بوجهه عنه ناظرا الى الطريق الذى بدأ ظلام الليل يسدل ستائره عليه والتزم الصمت تاركا (تميم) فى حيرة من أمره..
صحيح انه شعر بشىء غريب وتشكك فى معرفة والده لتحركات الهجانه بهذه الدقة لكن اجابة والده كانت اكبر مفاجأة له..
لطالما حذره ابوه من الهجانه وطريق وادى جهنم.. حتى انه فوجىء بنفسه يتوقف ناظرا لابيه فى حيرة قائلا:
-أنت كنت قاتل مثلهم يا أبى؟؟!!

التفت له ابوه فى غضب صارخا بصوت خفيض:
-أصمت يا (تميم) انت لا تعرف شىء..يكفى أن تعرف انى لو كنت قاتل مثلهم لكنت معهم حتى الآن..

نظر (تميم) لوالده هاتفا:
-لا اظن ان ما سأعرفه سيغير فى الحقيقة شىء بعد تلك المفاجآة..

نظر له أبيه هاتفا:
-بل سيغير الكثير  لكن علينا ان نختفى الآن ونبتعد قدر الامكان عن هذا الوادى..

ثم نظر  الى القمر الذى ظهر منه جزء بسيط جدا مكملا:
-لقد أفادنا اختفاء القمر حتى الآن وأعطانا غطاء مظلم للهرب من الهجانه والابتعاد عن كهف جهنم..لكن  غدا سيكون القمر محاقا وسيختفى تماما.. لن يظهر منه شىء وهذا فى شريعة اهل الصحراء نذير سىء يا ولدى.. لطالما كانت المصائب كلها تحدث عند اختفاء القمر بعكس مايعتقده اغلب الناس الذين يدعون أن المصائب تحدث عند إكتمال القمر .. لذلك علينا ان نبتعد قدر الامكان.. فيوم غدا قد يكون يوما عسيرا..

صمت (تميم) واتبع والده سيرا بين طرقات جبلية فى اودية جانبية متسترين بستار الظلام حتى أن أصوات الهجانه المجتمعين حول الكهف بدأت تختفى بعد أن كانوا يسمعونها همسا.. وما أن أطمئن (تميم) ووالده لابتعاجهم بالقدر الكافى حتى جلس الاب يلتقط انفاسه وجلس تميم بعيدا عنه شارد الذهن ينظر الى القمر الذى كاد يختفى نوره تماما وهو يفكر فى كم المفاجآت التى تلقاها فى الفترة الاخيرة وكيف له ان يستوعبها بهذا الشكل..

"أمازلت تظن بأبيك ظن السوء يا (تميم)"
انتزعته كلمات والده من أفكاره وفوجىء بأبيه يقف أمامه لكنه مع شروده لم يلحظ حركته وفضل الصمت على الرد فاقترب منه والده قائلا:
-حسنا يا بنى.. سأحكى لك كل شىء لعلك تجد فيما أحكيه شيئا يطمئن له قلبك

ثم تنهد وكأنه يستعيد ذكريات بعيدة جدا قبل أن يقول:
-الأمر لم يكن إختيار يا (تميم).. كل ما أعرفه أننى فتحت عيونى لأجد نفسى بين الهجانه.. لقد ولدت بينهم وعشت وسطهم.. كان والدى زعيمهم.. والغريب انى كنت الاحظ كره أمى لوالدى والذى ينمو كل يوم رغم حب ابى لها الذى كان يزيد كل يوم فقد كانت نقطة ضعفه الوحيدة فى الحياه..

نظر للقمر مكملا:
-عرفت فيم بعد سبب كره أمى لأبى فيبدو أن أبى تزعم الهجانه فى وقت مبكر.. وأستطاع مد نفوذه على كل قبائل وقرى الصحراء المجاورة لمناطق الهجانه وأخضعهم له بالعنف والبطش والقوة الغاشمة.. حتى جاء اليوم الذى هجم فيه على أحد القرى البعيدة التى قاوم اهلها بكل قوتهم لكن الهجانه كانوا اكثر قوة وسلاحا فقد دربهم والدى جيدا.. لكنه قرر معاقبة اهل هذه القرية ليكونوا عبرة لمن سواهم فأتى بزعيمهم مقيدا وسط ساحة القرية وجمع اهل قريته ليلا على ضوء المشاعل ليشاهدوا زعيم الهجانه وهو ينتقم ممن يقاومه بفصل رأسه عن جسده وسحب سيفه مستعدا ولكنه لم يدرى أن فى إنتظاره مفاجآة ستغير كل شىء فى لحظة..

كهف جهنم (أ. حسام أبوحطب) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن