كهف جهنم (8)

192 35 21
                                    

"(تميم) لاتصدر صوتا يا ولدى" 

نظر (تميم) لوجه والده الذى إمتلأ قلقا وريبة وتراجع فى مكانه بين صخور الوادى هلمسا:
-لماذا نختبىء يا أبى لقد ضللنا الهجانه ودفعناهم نحو الكهف وسلكنا طريقاً آخر بين أودية الجبال.. 

تلفت الأب يمينا ويسارا قائلا:
-الأمر ليس بهذه البساطة يا ولدى.. 

قالها ونظر فى السماء حيث مالت الشمس للمغيب ثم التفت له مكملا:
-الهجانه لن يتجرؤا على مهاجمة الكهف ليلا.. مهما بلغت بهم القوة.. هذا الكهف الملعون يرتجف لسماع إسمه أقوى الرجال.. 

تنهد (تميم) فى ضجر :
-وماذا سنفعل.. هل سنظل مختبئين بهذا الشكل.. 

قطع والده جزء من قماش ملابسه ولف به قدم (تميم) قائلا:
-لنتحمل ونحمد الله أننا لازلنا أحياء يا بنى حتى الآن.. لو أمسكوا بنا فى أرضهم لم نكن لننجوا أبداً.. سننتطر قليلا حتى تهدأ حركتهم بعدها نتسلل بين أودية الجبال.. 

تعجب (تميم) من أمر والده يعرف تحركات الهجانه وخططهم وكل شىء عن كهف جهنم يعرفه.. حتى أنه تسائل فى نفسه:
-كيف لك يا أبى أن تعرف كل هذا؟!! 

ويبدو أن صوته إرتفع فى آخر كلماته حتى أن والده سأله :
-ماذا تقول ياولدى؟؟!! 

فألتفت له (تميم) قائلا:
-كيف لك يا أبى أن تعرف تحركات الهجانه بهذا الشكل الدقيق.. منذ هربنا منهم وانت تعرف تحركاتهم مسبقا حتى أنك متأكد أنهم لن يهاجموا الكهف ليلا.. وها هم يتجمعون حول الكهف ينصبون الخيام ويشعلون النار كأنهم ينفذون كلامك بالحرف.. 

جاوبه صمت والده وهو ينسحب بهدوء متجاهلا كلامه واخرج بعض الطعام قائلا:
-يبدو أنك جائع.. تناول بعض الطعام حتى تهدأ قليلا.. سنضطر للسير بمجرد أن يعم الظلام.. 

تناول الفتى الطعام من يد والده فى صمت قبل ان يهمس له والده:
-هيا بنا إن أول ساعات الليل ستربكهم.. وستمنحنا فرصة جيدة للهرب منهم.. هيا بنا.. 

نزلوا الى الوادى من خلف الجبال وسارالاب بهدوء ساحبا ناقته ومن خلفهم (تميم) الذى وجد صعوبة فى الحركة بسبب قدمه المصابة وأفكاره التى سارت فى عدة اتجاهات قبل ان يقف والده لحظة هاتفا:
-اسرع يا تميم علينا الخروج من هذا الوادى بأسرع مايمكن.. 

توقف (تميم) لحظة قائلا:
-لماذا لم تجيبنى يا ابى؟؟!! 

توقف والده والتفت له متسائلا:
-عن أى شىء تريدنى أن أجيبك يا (تميم)؟؟!! 

أعاد (تميم) سؤاله :
-كيف تعرف تحركات الهجانه بهذه الدقة؟؟!! 

أجابه والده بحزن شديد:
-لأننى يوما ما..

ثم تنهد مكملا:
- كنت واحدا منهم.. 

وكانت إجابته أشبه بصاعقة.. 
ومفاجأة.. 

كهف جهنم (أ. حسام أبوحطب) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن