متلازمة باريس

1.9K 49 20
                                    

في عمق الشتاء البارد ، اكتشفت اخيرا ان
في داخلي صيف لا يقهر ..

ألبير كامو
....

لندن ، صباح احد ايام السبت

لا تعرفين ذلك بعد ولكن في غضون اقل من ثلاث دقائق سوف تواجهين واحدة من اقسى واصعب المحن في حياتكِ

محنة لن تشعرين بحلولها ، لكنها سوف تترك اثرها الاليم مثل حرق جلد رقيق وناعم بحديد حامٍ

في هذه الاثناء تتجولين، هادئة ، في مركز التسوق الذي له شكل فناءٍ قديم ، بعد عشرة ايام ماطرة استعادت السماء لونها الازرق الفيروزي الجميل

تجعلكِ اشعة الشمس، التي تعطي بريقاً على السقف الزجاجي للمتجر الكبير ، في مزاج جيد

وللأحتفال بقدوم الربيع ، تقدمين لنفسكِ هذا الفستان الاحمر القصير الذي يجعلك محط انظار ، ويدفع الرجال الى مغازلتك لخمسة عشر يوما ،

تشعرين بنفسك خفيفة ، بل ومرحة يكون نهارك ممتعاً
إذ تتناولين في البداية غداءً مع جولي ، اعز صديقاتكِ
وجلسة لطلاء الاظافر بين الفتيات ، ثم بلا شك زيارة معرض في تشيلسي

واخيراً ، تحضرين في المساء حفلة للمغنية بيجاي هارفي في حي بريكستون
جولة هادئة في مسارات حياتكِ

ومع ذلك فجأة ترينه
صبي اشقر صغير يرتدي مريولا من الجينز ومعطفا ذا قبعة لونه ازرق داكن ، له عينان واسعتان صافيتان في وجه دائري شبيه بوجه دمية تلمع مثل كومة من القش تحت اشعة شمس الصيف

تنظرين اليه منذ بعض الوقت من بعيد ، لكن كلما تقتربين منه اكثر تنبهرين بوجهه اكثر ، مشرق لم يحظ بعد لا الشر ولا الخوف لان ينالا منه

في هذا الوجه الطفولي ، لا ترين سوى بهجة العيش وسعادة صافية جدا
الان ، هو ايضا ينظر اليكِ وقد ارتسمت ابتسامة بريئة ومشرقة على وجهه

يُريكِ بأفتخار ، الطائرة المعدنية التي يحلقها فوق رأسه بين اصابعه الممتلئة
-فرررر...

وانتِ تبادليه الابتسامة ، يبدأ شعور غريب بالسيطرة عليكِ ويصيب السم البطيء لشعور غير مفهوم كل كيانكِ بحزن غريب  ،

باعد الطفل ذراعيه وشرع يهرول حول النافورة الحجرية خال لكِ لبرهة انه يركض نحوكِ وانه سيرتمي بين ذراعيكِ ولكن . . .

- بابا .. بابا أنظر ، انا العب بالطائرة

رفعتِ عينيك والتقت نظرتكِ بنظرة الرجل الذي التقط الطفل في الهواء ، عبرت جسدك موجة باردة وتجمد قلبك

انتِ تعرفين هذا الرجل قبل خمسة اعوام ، قصة حب استمرت لسنة واحدة ، هو يعتقد انكِ غادرت باريس الى مانهاتن وغيرتِ مهنتكِ

خلال ستة اشهر حاولت ان تنجب طفلاً لم يأت ابدا ،
ثم عاد الرجل يعيش مع زوجته السابقة التي كانت قد انجبت منه طفلا من قبل ، فعلت كل ما بوسعك لأستعادته ،لكن ذلك لم يكن كافياً

شقة في باريس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن