ليلة أمريكية

75 4 0
                                    


ثمة شيء ما في هواء نيويورك
يجعل النوم غير ضروري

بينيلوب:

من كثرة الهروب من شبحك، كدت أنسى كم كنت حساسة بإزاء فنك، يا شون. ولكن منذ أن عرض علي غاسبار كوتانس هذا لوحتك الأخيرة، لم تكف عن مطاردتي.

هل الموت حقا هكذا؟ أبيض، هادئ، مطمئن، مريح، مضيء؟ يا شون، هل أنت موجود اليوم على أرض تلك المملكة التي يبدو أنه لا وجود للخوف فيها؟ وهل ابننا معك؟

منذ البارحة، أتعلق بهذه الفكرة. في تلك الليلة، نمت جيدا لأنني ارتحت بسبب اتخاذي لقراري. لقد أمضيت الصباح، والابتسامة على شفتي، في تجهيز فستاني المزهر.

الفستان الذي كنث ألبسه حينما رأيتني لأول مرو في نيويورك، في يوم الثالث من شهر يونيو ذاك من سنة 1992. أتعرف، يا شون؟ لا يزال يفعل فعله!

عثرت أيضا على سترتي الجلدية القصيرة، لكنني لم أعثر على زوج الأحذية من طراز دوك مارتينز الثقيلة التي كنت أنتعلها في ذلك اليوم.

لقد استبدلتها بزوج من الأحذية طويلة الساق مصنوعة من الجلد المصقول التي كنت تحبها. وخرجت إلى الشارع. استقللت المترو حتى بوابة مونتروي، ثم سرت مشيا لوقت طويل .

خفيفة ومرتدية ثيابا قصيرة، رغم برد شهر ديسمبر. خلف شارع أدولف-ساكس، وصلت إلى المحطة المهجورة بوتيت سنتور القديم.

لم يتغير أي شيء فيها منذ اليوم الذي اصطحبتني فيه إلى هناك في نزهة في منتصف الليل. محاطا بالشجيرات والأحراش، تحول المبنى إلى ركام. الأبواب والنوافذ مغلقة بالشمع،

لكنني أتذكر أننا استطعنا الوصول إلى الأرصفة عبر سلم كان يمتد من غرفة التقنيين. سرت على ضوء مصباح هاتفي المحمول في مسالك خطوط الحديد. في البداية، أخطأت الاتجاه، ومن ثم عدت إلى الوراء ووجدت النفق الذي يؤدي إلى المستودع القديم.

سوف لن تصدقني : لا تزال العربة القديمة موجودة هناك. الشركة الوطنية لسكك الحديد تمتلك كنزة من عدة ملايين يورو مدفونا في محطة للقطارات،

تحولت إلى ركام ولا أحد يدرك ذلك أبدا ! الا الصدأ ولا الغبار مسحا ألوانك المتوهجة. ولا تزال صورتي تشع على الصفيح الخشن والمتسخ لعربة المترو.

شبابي الظافر أقوى من الزمن والليل. وشعري الناعم الذي كان يداعب جسمي الشبيه بجسم الأميرات، ويلتفت حول ساقي وأنا في العشرين من عمري، و أسفل بطني.

هذه هي الصورة التي أود أن أحملها معي. أنا أدخل الآن إلى داخل العربة. كل شيء متسخ هنا، وأسود ومغطى بطبقة سميكة من الغبار، لكنني لا أشعر بالخوف.

أجلس على أحد المقاعد المكشوفة وأفتح حقيبتي. تلك الحقيبة الرائعة من ماركة بولغاري المصنوعة من الجلد المخطط باللونين الأبيض والأزرق والتي أهديتني إياها في الربيع الذي سبق ولادة جوليان.

شقة في باريس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن