بينيلوب

50 5 0
                                    


1.

_جوليان اسرع، من فضلك!

مانهاتن، آبر ويست سايد. 12 ديسمبر من سنة 2014. الساعة العاشرة صباحا .

أدعى بينيلوب كوركوفسكي، زوجة لورينز. إذا كنتِ امرأة، لا بد أنه قد سبق ورأيتني، قبل بضع سنوات، على أغلفة مجلات فوغ، وإيل، وهاربرز بازار. وستكونين قد غرتِ مني،

لأنني كنث أطول، وأنحف، وأكثر شبابا منكِ. لأنني كنت بمكانة أرفع، وأمتلك أموالا أكثر، وأكثر جمالا وأناقة في مظهري. وإن كنت رجلا، ربما تكون قد صادفتني في الشارع، والتفت إلي.

وأيا كان تربيتك، أو الاحترام الذي تؤكد، من الناحية النظرية، أنك تكنه للنساء، فإنك ستكون قد فكرت، في سر دماغك كرجل قذر، بشيء يبدأ من «إنها رائعة» وحتى «اللعنة، لو أني نلت من هذه».

_جوليان، هيا!

تركتنا سيارة الأجرة في زاوية سانترال بارك ويست والشارع رقم 71. لم يكن علي سوى أن أسير لأقل من مئتي متر حتى أصل إلى الفندق الذي ينتظرني فيه فيليب، لكن ابني راوح في مكانه.

التفت إلى الوراء، فرأيت جوليان، مغطى في معطفه، جالسا على الدرجات الحجرية لأحد المنازل الجميلة المبنية بالقرميد الأحمر الواقعة على حافة الشارع.

كان بمنظره الجميل، ينذهل بمشهد البخار الذي ما أن يفتح فمه حتى يتكثف في الهواء البارد كالصقيع. كانت له ابتسامته البريئة والعريضة التي تتيح رؤية أسنانه المتباعدة ويحمل كما الحال دائما الكلب الدمية العجوز.

- هذا يكفي، الآن!

عدت على أعقابي وسحبته من يده لكي أرغمه على النهوض. أجهش بالبكاء ما أن لمسته. كان الفيلم المزعج نفسه يتكرر، وتعاد الأسطوانة نفسها .

- كفى!

هذا الصبي يغيظني! ينذهل الجميع أمامه ولا أحد يلاحظ، على ما يبدو، ما أعانيه يوميا معه. تارة يكون هادئا وحالما، وتارة يكون عدوانيا وكثير البكاء. يكون أنانيا إلى درجة لا تصدق. لا يقدر أبدا ما يُفعل من أجله

بينما كنث على وشك أن أهدده بأخذ كلبه الدمية، تجاوزت سيارة شاحنة صغيرة بيضاء اللون الرصيف وتوقفت خلفنا تماما. اندفع السائق من المركبة،

وجرى كل شيء بسرعة هائلة بحيث لم يكن لدي لا الوقت ولا الحضور الذهني لكي أبدي أدنى مقاومة. انهال ظل علي ووجه لكمة إلى وجهي، وأخرى على بطني،

وثالثة على أضلاعي قبل أن يقذف بي في الصندوق الخلفي للعربة. انقطعت أنفاسي، وأنا متكورة على نفسي، ألوي ألما إلى درجة لم أستطع أن أصرخ.

حينما رفعت رأسي، تلقيت على وجهي كل ثقل جسد ابني الذي تم قذفه إلى العربة. حطَمت مؤخرة جمجمته عظمة أذني، وانبجست نافورة دم على وجهي. أحسست بحرقة في عيني وانسدلت أجفاني .

شقة في باريس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن